التهجير القسري من قطاع غزة.. نكبة فلسطينية متجددة

شبكة النبأ

2023-10-15 04:50

قال الجيش الإسرائيلي يوم السبت إنه رصد "تحركا ضخما" لمدنيين فلسطينيين صوب جنوب قطاع غزة وذلك بعد يوم من إصدار أمر لسكان مدينة غزة بتركها بينما تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالانتقام من هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأسبوع الماضي.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بسبب الهجوم الذي وقع قبل أسبوع وقتل خلاله مقاتلوها 1300 إسرائيلي.

ومنذ ذلك الحين، فرضت إسرائيل حصارا كاملا على قطاع غزة الذي تديره حماس، والذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني، وقصفته بضربات جوية غير مسبوقة. وتقول سلطات غزة إن 1900 شخص قتلوا.

وتلقى أكثر من مليون من سكان شمال غزة يوم الجمعة إشعارا من إسرائيل بالفرار جنوبا في غضون 24 ساعة، وهي مهلة انقضت في الساعة الخامسة صباحا (0200 بتوقيت جرينتش).

وقال اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في إفادة مصورة في وقت مبكر يوم السبت "شهدنا تحركا ضخما لمدنيين فلسطينيين صوب الجنوب". ولم يذكر المهلة ولم يفسح المجال لتلقي أسئلة.

وأضاف "في محيط قطاع غزة، يستعد جنود الاحتياط الإسرائيليون في التشكيلات العسكرية للمرحلة المقبلة من العمليات. كلهم حول قطاع غزة، في الجنوب وفي الوسط وفي الشمال، ويعدون أنفسهم لأي هدف أمامهم ولأي مهمة".

وتابع "النتيجة النهائية لهذه الحرب هي أننا سنفكك حماس وقدرتها العسكرية وسنغير الموقف تغييرا جذريا كي لا يتسنى لحماس مجددا إلحاق أي أذى بالمدنيين أو الجنود الإسرائيليين".

وتعهدت حماس بالقتال حتى آخر قطرة دم وطالبت السكان بالبقاء.

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات المدعومة بالدبابات نفذت ضربات لقصف أطقم الصواريخ الفلسطينية وجمع معلومات عن موقع الرهائن، وهو أول تقرير رسمي للقوات البرية في غزة منذ بدء الأزمة.

وذكر نتنياهو في بيان مقتضب بثه التلفزيون على غير العادة بعد دخول عطلة السبت المقدسة لدى اليهود "نهاجم أعداءنا بقوة غير مسبوقة.. أؤكد أن هذا ليس سوى بداية".

وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين توجهوا جنوبا من شمال غزة في أعقاب الأمر الإسرائيلي، وذلك وفقا للأمم المتحدة التي قالت إن أكثر من 400 ألف فلسطيني نزحوا داخليا بسبب الأعمال القتالية قبل هذا التوجيه.

لكن كثيرين آخرين قالوا إنهم سيبقون. وقال محمد (20 عاما) خارج مبنى دمرته ضربة جوية إسرائيلية قرب وسط غزة "الموت أفضل من الرحيل".

وتطلق المساجد نداءات تقول "تمسكوا ببيوتكم، تشبثوا بأرضكم".

وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى من وقوع كارثة إذا اضطر هذا العدد الكبير من الناس إلى الفرار، وقالت إنه ينبغي رفع الحصار للسماح بدخول المساعدات.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "نحن بحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع أنحاء غزة حتى نتمكن من إيصال الوقود والغذاء والماء إلى كل من يحتاج إليه. حتى الحروب لها قواعد".

وقال بايدن، في كلمة ألقاها في محطة شحن في فيلادلفيا، إن معالجة الأزمة الإنسانية تمثل أولوية قصوى. وأضاف أن الفرق الأمريكية في المنطقة تعمل مع إسرائيل ومصر والأردن وحكومات عربية أخرى والأمم المتحدة.

وأضاف "الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين لا علاقة لها بحماس وهجمات حماس المروعة، وهم يعانون نتيجة لذلك أيضا".

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنه من المستحيل على سكان غزة الاستجابة لأوامر إسرائيل بالتحرك جنوبا دون "عواقب إنسانية مدمرة"، مما دفع إسرائيل إلى انتقاده قائلة إن الأمم المتحدة ينبغي أن تدين حماس وتدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

وكتب منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيث على مواقع التواصل الاجتماعي "الخناق يضيق على السكان المدنيين في غزة. كيف من المفترض أن يتحرك 1.1 مليون شخص عبر منطقة حرب مكتظة بالسكان في أقل من 24 ساعة"؟

وأخبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الأردن أن التهجير القسري سيشكل تكرارا لما حدث في عام 1948، عندما فر مئات الآلاف من الفلسطينيين أو طُردوا مما يُعرف الآن بإسرائيل. ومعظم سكان غزة هم من نسل هؤلاء اللاجئين.

وقطاع غزة أحد أكثر الأماكن ازدحاما على وجه الأرض، وفي الوقت الراهن لا يوجد مخرج. وبالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي، قاومت مصر الدعوات لفتح حدودها مع غزة. والتقى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يوم الجمعة بنظيره الإسرائيلي يوآف جالانت. وقال أوستن إن المساعدات العسكرية تتدفق إلى إسرائيل، لكن هذا هو وقت الحزم وليس الانتقام.

وقال جالانت "الطريق سيكون طويلا، لكني أعدكم في النهاية بأننا سننتصر".

والتقى بلينكن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الأردن يوم الجمعة ومع عباس الذي تتمتع سلطته الفلسطينية بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربية المحتلة، لكنها فقدت السيطرة على غزة لصالح حماس في عام 2007. وسافر بلينكن في وقت لاحق إلى قطر، حليفة الولايات المتحدة التي تتمتع بنفوذ بين الجماعات الإسلامية.

وقالت الأمم المتحدة في وقت متأخر يوم الخميس إن الجيش الإسرائيلي أبلغها بأن نحو 1.1 مليون فلسطيني في غزة يجب أن ينتقلوا إلى جنوب القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة.

وأفاد المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك في بيان "ترى الأمم المتحدة أنه من المستحيل تنفيذ مثل هذا الأمر دون عواقب إنسانية مدمرة".

وقال "إن الأمم المتحدة تناشد بقوة إلغاء أي أمر من هذا القبيل، إذا تم تأكيده، لتجنب ما يمكن أن يحول ما هو بالفعل مأساة إلى وضع كارثي".

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش إسرائيل يوم الخميس باستخدام ذخائر الفسفور الأبيض في عملياتها العسكرية في غزة ولبنان قائلة إن استخدام مثل هذه الأسلحة يهدد بتعرض المدنيين لإصابات خطيرة وطويلة الأمد.

ويعاني سكان غزة، ومعظمهم من نسل اللاجئين الذين فروا أو طردوا من منازلهم عندما تأسست دولة إسرائيل عام 1948، من انهيار اقتصادي وقصف إسرائيلي متكرر في ظل حصار مفروض منذ سيطرة حماس على السلطة هناك قبل 16 عاما.

وتصاعد الغضب الفلسطيني في الأشهر الماضية إذ تنفذ إسرائيل حملة مداهمات هي الأكثر دموية منذ سنوات في الضفة الغربية، وتحدثت حكومتها اليمينية عن الاستيلاء على المزيد من الأراضي.

لن نغادر

ترددت مناشدات عبر مكبرات المساجد وعلى لسان مسؤولين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة تطلب من السكان البقاء في منازلهم يوم الجمعة في تحد لطلب من الجيش الإسرائيلي بتوجه أكثر من مليون مدني للجنوب وإخلاء مدينة غزة خلال 24 ساعة في إطار الاستعدادات لاجتياح بري متوقع.

ومن شأن أي اجتياح بري لقطاع غزة أن يشكل لحظة محورية في القتال بين الجيش الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي شنت يوم السبت الهجوم الأعنف على إسرائيل منذ حرب 1973.

وشنت إسرائيل بالفعل أعنف غاراتها الجوية على غزة على الإطلاق، وحشدت نحو 300 ألف من جنود الاحتياط ودبابات على الحدود مع القطاع.

وأعادت التهديدات بغزو بري إلى الأذهان صور النكبة عام 1948 عندما تم تهجير الفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم بشكل جماعي مع قيام دولة إسرائيل.

ووصف المحلل في غزة طلال عوكل أمر الإخلاء الإسرائيلي بأنه محاولة لدفع الشعب الفلسطيني في غزة إلى "نكبة".

وأضاف في مقابلة أجرتها معه رويترز أنه مثلما فعل الإسرائيليون عام 1948، عندما طردوا الناس من فلسطين التاريخية بإلقاء براميل متفجرة على رؤوسهم، تكرر إسرائيل ذلك اليوم أمام أعين العالم وفي بث مباشر عبر محطات التلفزيون.

وبثت مكبرات المساجد في قطاع غزة نداءات تدعو المواطنين لالتزام منازلهم والتمسك بالأرض.

وبينما يبدو الغزو البري وشيكا، ينخرط الجانبان في حرب نفسية.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "يا سكان غزة، عليكم التوجه جنوبا حفاظا على أمنكم الشخصي وأمن عائلاتكم، وأبعدوا أنفسكم عن مخربي حماس الذين يستخدمونكم دروعا بشرية".

وأضاف "يختبئ مخربو حماس في مدينة غزة داخل أنفاق تحت المنازل وداخل المباني المأهولة بالمدنيين الأبرياء في غزة".

وحثت حركة حماس الفلسطينيين على تجاهل الطلب ووصفوه بأنه تضليل يهدف إلى بث الذعر وتسهيل خطة إسرائيل لغزو القطاع وتدمير الحركة.

وصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الجمعة طلب إسرائيل نقل أكثر من مليون مدني من شمال غزة خلال 24 ساعة بأنه "مروع" وقالت إن غزة تتحول بسرعة إلى "حفرة من الجحيم وهي على شفا الانهيار".

وقال كلايف بولدوين كبير المستشارين القانونيين لدى منظمة هيومن رايتس ووتش "الأمر بإخلاء مليون شخص في غزة لمنازلهم، عندما لا يكون هناك مكان آمن يذهبون إليه، ليس تحذيرا فعالا. الطرق مدمرة والوقود شحيح والمستشفى الرئيسي يقع في منطقة الإخلاء".

وأضاف "هذا الأمر لا يغير التزامات إسرائيل في العمليات العسكرية بعدم استهداف المدنيين مطلقا، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بهم. وينبغي على زعماء العالم الآن أن يعلنوا ذلك صراحة قبل فوات الأوان".

ووصل رجل إلى مستشفى الشفاء، أكبر المستشفيات العامة في غزة وعددها 13، للاطمئنان على العشرات من أقاربه وأصدقائه الذين تم إحضارهم من موقع مبنى سكني قصفته إسرائيل في مخيم الشاطئ للاجئين.

وقال "لقد نجوت، لا أعرف لماذا نجوت. لكي أقول للعدو وأمريكا وأوروبا والعالم إن الشعب الفلسطيني لن يهزم".

وأضاف "يعتقدون أن نزوحا آخر سيحدث، أو أننا قد نذهب إلى مصر. هذا هراء"، ثم توجه إلى المشرحة ليحاول التعرف على أقارب من بين القتلى.

وحث إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية في حماس، خلال مؤتمر صحفي في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، العرب في كل مكان وخاصة في الدول التي لها حدود مع إسرائيل على دعم سكان قطاع غزة.

وطالب البزم سكان شمال القطاع ومدينة غزة بالبقاء في منازلهم قائلا "اثبتوا في منازلكم وأماكنكم فإن الاحتلال بارتكاب المجازر بحق المدنيين يريد أن يهجرنا مرة أخرى عن أرضنا ولن تتكرر هجرة عام 1948 مرة أخرى بل سنعود لأرضنا مجددا".

ردود فعل الدول العربية

أثارت الدعوات لإنشاء ممر إنساني أو طريق فرار للفلسطينيين من غزة، مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ردود فعل حادة من الدول العربية المجاورة.

وحذرت مصر، الدولة العربية الوحيدة التي لها حدود مشتركة مع غزة، والأردن، المتاخمة للضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، من إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم.

ويعكس هذا المخاوف العربية العميقة الجذور من أن الحرب الدائرة في الوقت الراهن بين إسرائيل وحماس في غزة قد تؤدي إلى موجة جديدة من النزوح الدائم من الأراضي التي يريد الفلسطينيون بناء دولتهم المستقبلية عليها.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الخميس "هذه قضية القضايا وقضية العرب كلها"، وأضاف "من المهم أن يبقى الشعب (الفلسطيني) صامدا وحاضرا على أرضه".

وبالنسبة للفلسطينيين فإن فكرة الرحيل أو إجبارهم على الخروج من الأرض التي يريدون إقامة دولتهم عليها تحمل أصداء "النكبة" عندما فر الكثير من الفلسطينيين من منازلهم خلال حرب عام 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل.

وفر نحو 700 ألف فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت تحت الحكم البريطاني، أو طُردوا من منازلهم، ونزح الكثير منهم إلى الدول العربية المجاورة حيث يقيمون هم أو العديد من أحفادهم. ولا يزال العديد منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين.

وترفض إسرائيل الاعتراف بحقيقة أنها طردت الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها تعرضت لهجوم من قبل خمس دول عربية في اليوم التالي لإنشائها.

وحذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني "من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم، مشددا على عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين".

وناشد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة على نحو عاجل، إدانة هذه المحاولة الإسرائيلية غير العقلانية لنقل السكان.

وقالت الولايات المتحدة هذا الأسبوع إنها تجري محادثات مع إسرائيل ومصر بخصوص فكرة الممر الآمن للمدنيين من غزة.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة "المدنيون بحاجة إلى الحماية. لا نريد أن نرى نزوحا جماعيا لسكان غزة".

وقال مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إن التحذير بالإخلاء يهدف إلى "نقل (الناس) جنوبا مؤقتا... للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين". وكان يتحدث خلال فعالية في الأمم المتحدة مع عائلات الإسرائيليين الذين اختطفتهم حماس.

وقال إردان لدبلوماسيي الأمم المتحدة في الحدث الذي استضافته إسرائيل "يتعين على الأمم المتحدة أن تشيد بإسرائيل لاتخاذ هذه الإجراءات الاحترازية".

وأضاف "على مدى سنوات، وضعت الأمم المتحدة رأسها في الرمال في مواجهة حشد حماس للإرهاب في غزة".

ويشكل مصير اللاجئين الفلسطينيين أحد القضايا الشائكة في عملية السلام المتداعية. ويقول الفلسطينيون والدول العربية إن الاتفاق يجب أن يشمل حق هؤلاء اللاجئين وأحفادهم في العودة، وهو أمر ترفضه إسرائيل دائما.

وفي خان يونس بجنوب غزة، قالت مريم الفرا، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 36 عاما، إن النازحين داخل القطاع يتكدسون دون ماء أو كهرباء أو وصلات إنترنت.

وأضافت "الناس يقولون فقط إننا سنذهب جميعنا إلى سيناء، وإننا سنُهجَّر قسرا. لا علاقة لنا بأي من هذا. نريد فقط أن نعيش في سلام."

وأثارت بعض التصريحات الإسرائيلية مخاوف عربية.

وقال متحدث عسكري اسرائيلي انه سينصح الفلسطينيين "بالخروج" عبر معبر رفح على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر. وأصدر الجيش الإسرائيلي توضيحا يفيد بأن المعبر كان مغلقا في ذلك الوقت.

ويعتبر معبر رفح البوابة الرئيسية بين سكان غزة والعالم الخارجي. وتؤدي جميع المعابر الأخرى إلى إسرائيل.

منذ أن سيطرت حركة حماس الإسلامية على غزة في عام 2007، ساعدت مصر في الحفاظ على حصار القطاع، وأغلقت حدودها إلى حد كبير وفرضت ضوابط مشددة على مرور البضائع والأشخاص عبر رفح.

وواجهت مصر تمردا إسلاميا في شمال سيناء بلغ ذروته بعد عام 2013 قبل أن تستعيد قوات الأمن سيطرتها، وتقول مصادر أمنية ومحللون إنها تريد منع تسلل مسلحين من حماس، التي تشترك في أيديولوجيتها مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة محظورة في مصر.

وتقول مصر إن معبر رفح مفتوح وإنها تحاول تأمين توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، على الرغم من أن القصف الإسرائيلي بالقرب من الحدود يعرقل ذلك. كما أشارت القاهرة إلى أن حل القضية من خلال أي نزوح جماعي للفلسطينيين أمر غير مقبول.

وتضرب معارضة التهجير الجديد للفلسطينيين بجذورها العميقة في مصر، إذ تضمنت معاهدة السلام مع إسرائيل قبل أكثر من أربعة عقود انسحابا إسرائيليا من شبه جزيرة سيناء، لكنها لم تؤد أبدا إلى المصالحة على المستوى الشعبي.

وقال إتش إيه هيلير، وهو زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "سيرى الرأي العام المصري بأغلبية ساحقة أن هذا مقدمة للتطهير العرقي، والتهجير القسري، والطرد بشكل أساسي، حيث من المتوقع حينها أنهم لن يعودوا أبدا".

كما أثار الصراع حول غزة مخاوف طويلة الأمد في الأردن، موطن عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، من أن اندلاع صراع أوسع نطاقا من شأنه أن يمنح الإسرائيليين الفرصة لتنفيذ سياسة نقل لطرد الفلسطينيين بشكل جماعي من الضفة الغربية.

وبعد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية يوم الأربعاء، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن جميع الدول العربية اتفقت على مواجهة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من وطنهم.

ردود فعل دولية

وقالت تركيا يوم الجمعة إن مطالبة إسرائيل لسكان غزة بالتحرك جنوبا خلال 24 ساعة قبل عملية برية تخطط لها "غير مقبولة على الإطلاق" وغير إنسانية وتنتهك القانون الدولي.

وقالت الخارجية التركية إن "إجبار سكان غزة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة، والذين تعرضوا لقصف عشوائي على مدار أيام وحرموا من إمدادات الكهرباء والماء والغذاء، على النزوح في منطقة محدودة للغاية هو انتهاك واضح للقانون الدولي ولا علاقة بينه وبين الإنسانية".

وتابعت في بيان "نتوقع من إسرائيل أن تتراجع على الفور عن هذا الخطأ الفادح وأن توقف بشكل عاجل أعمالها... الوحشية ضد المدنيين في غزة".

وقال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي يوم الجمعة إن دعوة إسرائيل لتحرك ما يربو على مليون مدني في شمال قطاع غزة خلال 24 ساعة ستكون "أمرا صعبا".

وأضاف كيربي في مقابلة مع (إم.إس.إن.بي.سي) "هذا يعني انتقال عدد كبير من الأفراد في فترة زمنية قصيرة جدا".

ومضى يقول "نفهم ما يحاولون القيام به ولماذا يحاولون القيام بذلك. إنها محاولة لعزل السكان المدنيين عن حماس التي هي هدفهم الحقيقي".

وقال كيربي إن المسؤولين الأمريكيين يعملون مع إسرائيل ومصر لتوفير ممر آمن للمدنيين الذين يعيشون في غزة التي يسكنها 2.3 مليون شخص في منطقة من أكثر الأماكن اكتظاظا على وجه الأرض.

وتابع لاحقا لشبكة سي.إن.إن "بالتأكيد، إننا لا نريد رؤية إصابة أي مدني... وندعم السماح بخروج آمن من غزة، وبالتأكيد يشمل ذلك قدرة الناس على التحرك بأمان داخل غزة".

وقال "هؤلاء الفلسطينيون هم ضحايا أيضا. لم يرغبوا في ذلك. لم يقولوا لحماس اذهبوا واضربوا إسرائيل".

وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي يوم الجمعة إن دعوة إسرائيل لأكثر من مليون فلسطيني في غزة للانتقال إلى جنوب القطاع خلال 24 ساعة "غير واقعية".

وأضاف بوريل في مؤتمر صحفي في بكين بعد محادثات مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي "بالتأكيد يجب تحذير المدنيين من العمليات العسكرية المقبلة، لكن من غير الواقعي على الإطلاق أن يتمكن مليون شخص من التحرك خلال 24 ساعة".

فيما وصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يوم الجمعة طلب إسرائيل نقل أكثر من مليون مدني من شمال غزة خلال 24 ساعة بأنه "مروع" وقالت إن القطاع يتحول بسرعة إلى "حفرة من الجحيم".

وقال فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا في بيان "طلب القوات الإسرائيلية بنقل أكثر من مليون مدني يعيشون في شمال القطاع خلال 24 ساعة مروع".

وأضاف "هذا لن يؤدي إلا لمستويات غير مسبوقة من البؤس ويدفع الناس في غزة أكثر نحو الهاوية".

وذكر لازاريني أن أكثر من 423 ألف شخص نزحوا بالفعل، ولاذ أكثر من 270 ألفا بملاجئ الأونروا.

وتابع قائلا "نطاق وسرعة الأزمة الإنسانية التي تتكشف تقشعر له الأبدان. غزة تتحول سريعا لحفرة من الجحيم وعلى شفا الانهيار".

وقالت الأونروا في وقت سابق يوم الجمعة إنها نقلت مركز عملياتها المركزي وموظفيها الدوليين إلى جنوب غزة لمواصلة عملياتها الإنسانية.

تأسست الوكالة عام 1949 في أعقاب الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل، وتقدم خدمات عامة مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية والمساعدات الإنسانية في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.

وتتهم السلطات الإسرائيلية الأونروا بإدامة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وقالت إن المشاعر المعادية لإسرائيل منتشرة في مؤسساتها، وهي اتهامات تنفيها الوكالة.

* المصدر: وكالات+رويترز

ذات صلة

مستقبل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وآثارهاالتعليم العالي: المشهد المحذوفضرورة الشراكة العراقية التركيةالخواطر النفسانية والوساوس الشيطانيةالسياسية الامريكية في المنطقة فقاعة ضارة