طوفان الأقصى لإعادة رسم التحالفات في المنطقة

شبكة النبأ

2023-10-09 05:31

حينما بدأت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجومها المباغت على إسرائيل فإنها استهدفت أيضا الجهود المبذولة لتشكيل تحالفات أمنية إقليمية جديدة من شأنها أن تهدد آمال الفلسطينيين في إقامة دولة وكذلك طموحات إيران الداعم الرئيسي للحركة.

وتزامن الهجوم الذي بدأ يوم السبت، وهو أكبر توغل داخل إسرائيل منذ عقود، مع تحركات تدعمها الولايات المتحدة لدفع السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق دفاعي بين واشنطن والرياض، وهو أمر قد يبطئ وتيرة التقارب السعودي الإيراني في الآونة الأخيرة.

ويقول مسؤولون فلسطينيون ومصدر إقليمي إن المسلحين الذين اقتحموا بلدات إسرائيلية وقتلوا 250 إسرائيليا واحتجزوا رهائن يوجهون أيضا رسالة مفادها أنه لا يمكن تجاهل الفلسطينيين إذا ما أرادت إسرائيل أن تنعم بالأمن، وأن أي اتفاق سعودي من شأنه أن يقوض التقارب مع إيران.

وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تحكم غزة على قناة الجزيرة التلفزيونية "نقول لكل الدول بما فيه الأشقاء العرب... هذا الكيان الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين ما بيقدر يوفرلكم أمن ولا حماية، وكل التطبيع والاعتراف بهذا الكيان... لا يمكن أن تحسم هذا الصراع... الصراع يتم حسمه في أرض الميدان".

وأضاف مصدر إقليمي على اطلاع بتفكير إيران وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران "هذه رسالة للسعودي الزاحف نحو الإسرائيلي غير آبه بالشعب الفلسطيني، وهذه رسالة للأمريكان الداعمين للتطبيع وللإسرائيلي، ما في أمن بكل المنطقة طالما الفلسطينيين خارج معادلاتهم".

وتابع المصدر أن الذي "صار خارج كل التوقعات والتحليلات والسيناريوهات... هذا يوم مفصلي بالصراع".

يأتي هجوم حماس بعد أشهر من تصاعد العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وسط تزايد المداهمات الإسرائيلية وهجمات الفلسطينيين في الشوارع وهجمات المستوطنين اليهود على القرى الفلسطينية. وتدهورت أوضاع الفلسطينيين في ظل الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما أن عملية السلام متوقفة منذ سنوات.

وفي غضون كل ذلك، أشارت السعودية وإسرائيل إلى أنهما تقتربان من اتفاق للتطبيع. إلا أن مصادر سبق أن قالت لرويترز إن تمسك المملكة بالتوصل إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة يعني أنها لن تعطل اتفاق التطبيع من أجل الحصول على تنازلات جوهرية للفلسطينيين.

توقيت الهجوم

قال أسامة حمدان القيادي بحركة حماس لرويترز إن عملية يوم السبت يجب أن تجعل الدول العربية تدرك أن قبول المطالب الأمنية الإسرائيلية لن يحقق السلام.

وأضاف أن "إنهاء الاحتلال" يجب أن يكون نقطة البداية لمن يتطلعون إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وعبر عن الأسف أن بعض الدول العربية بدأت تتصور أن إسرائيل يمكن أن تكون البوابة لواشنطن للدفاع عن أمنها.

وتوعد نتنياهو "بانتقام قوي عن هذا اليوم الأسود" يوم السبت، الذي جاء بعد يوم من الذكرى الخمسين لانطلاق حرب 1973.

وعن تقارب التوقيت والظروف مع حرب 1973، قال علي بركة عضو قيادة حماس في الخارج "كان لابد لقيادة المقاومة أن تأخذ قرارها في الوقت المناسب وهو وقت يكون فيه العدو ملتهيا بحفلاته، يعني العملية شبيهة بحرب 73".

وتابع أن الهجوم الذي بدأ فجأة من البر والبحر والجو كان بمثابة "صدمة للعدو وأثبت إنه الاستخبارات العسكرية الصهيونية فشلت في التنبه لهذه المعركة".

وفي السنوات التي تلت عام 1973، وقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، كما قامت العديد من الدول العربية الأخرى منذ ذلك الحين بتطبيع العلاقات، بما في ذلك بعض دول الخليج العربية المجاورة للسعودية. إلا أن الفلسطينيين لم يقتربوا أكثر من تحقيق تطلعاتهم في إقامة دولة، وهو أمر يبدو أنه صار بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.

وكتب ريتشارد ليبارون الدبلوماسي الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي للأبحاث "على الرغم من أنه من غير المحتمل أن يكون هذا هو الدافع الرئيسي للهجمات، فإن تحركات حماس تبعث رسائل واضحة للسعوديين بأن القضية الفلسطينية لا ينبغي التعامل معها كمجرد موضوع فرعي في مفاوضات التطبيع".

نفوذ إيران

قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للصحفيين إنه "من السابق لأوانه حقا التكهن" بشأن تأثير الصراع بين إسرائيل وحماس على الجهود الرامية إلى التطبيع السعودي-الإسرائيلي.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته "أود أن أقول لحماس، الجماعات الإرهابية مثل حماس، لن تعرقل أي نتيجة من هذا القبيل. لكن هذه العملية أمامها طريق طويل".

وسبق أن قال نتنياهو إنه لا ينبغي السماح للفلسطينيين بعرقلة أي اتفاقات سلام إسرائيلية جديدة مع الدول العربية.

وقال مصدر إقليمي مطلع على المفاوضات السعودية الإسرائيلية الأمريكية بشأن التطبيع والاتفاق الدفاعي للمملكة إن إسرائيل ترتكب خطأ برفضها تقديم تنازلات للفلسطينيين.

وفي تعليقها على هجمات يوم السبت، دعت السعودية إلى "وقف فوري للعنف" بين الجانبين.

وفي الوقت نفسه، لم تُخف إيران دعمها لحماس ولا تمويلها وتسليحها لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ووصفت طهران هجوم السبت بأنه عمل من أعمال الدفاع عن النفس من جانب الفلسطينيين.

وقال يحيى رحيم صفوي مستشار الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن طهران ستقف إلى جانب المقاتلين الفلسطينيين "حتى تحرير فلسطين والقدس".

وقال مسؤول فلسطيني مقرب من الفصائل الإسلامية المسلحة بعد أن بدأ هجوم حماس برشقات من الصواريخ من غزة "لإيران أياد وليس يد واحدة في كل صاروخ يطلق نحو إسرائيل".

وتابع المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "هذا لا يعني أن إيران هي من أمرت بشن الهجوم يوم السبت ولكن من المعروف أن لإيران الفضل في المساعدة في تطوير القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي".

والفصائل الفلسطينية جزء من شبكة أوسع من الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران في أنحاء الشرق الأوسط، بما يمنح طهران نفوذا قويا في لبنان وسوريا والعراق واليمن، فضلا عن غزة.

وقال محللون إن إيران أرسلت على ما يبدو بالفعل إشارة الأسبوع الماضي بأن الاتفاق السعودي سيلحق الضرر بتقارب العلاقات مع الرياض عندما قتلت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران أربعة جنود بحرينيين في ضربة عبر الحدود بالقرب من الحدود السعودية اليمنية. وقد قوض هذا الهجوم محادثات سلام تهدف لإنهاء الصراع اليمني المستمر منذ ثماني سنوات.

وقال دينس روس، المفاوض السابق في الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، عن هجوم السبت "الأمر كله يتعلق بمنع انفراجة أمريكية سعودية إسرائيلية".

ويأتي تفجر الأحداث على خلفية تصاعد العنف بين إسرائيل والمسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية حيث تمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا وهو ما تعارضه حماس التي تريد تدمير إسرائيل.

وشهدت الضفة الغربية عددا متزايدا من المداهمات الإسرائيلية والهجمات على الشوارع الفلسطينية واعتداءات لمستوطنين يهود على القرى الفلسطينية. وتدهورت أوضاع الفلسطينيين في ظل حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة. وتوقفت عملية السلام منذ سنوات.

وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إن الهجوم بدأ في غزة وسيمتد إلى الضفة الغربية والقدس. ويعيش سكان قطاع غزة تحت حصار إسرائيلي منذ 16 عاما.

وسلط هنية في كلمة له الضوء على التهديدات التي يتعرض لها المسجد الأقصى في القدس واستمرار الحصار على غزة والتطبيع الإسرائيلي مع دول في المنطقة.

وأضاف "كم مرة حذرناكم أن شعبنا الفلسطيني يعيش منذ 75 عاما في مخيمات اللجوء وأنتم لا تعترفون بحق شعبنا؟".

بايدن يدعم نتنياهو

نددت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة بالهجوم الفلسطيني وتعهدت بدعم إسرائيل.

وفي البيت الأبيض ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن على شاشة التلفزيون ليقول إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها وأصدر تحذيرا صريحا لإيران والدول الأخرى المعادية لإسرائيل. وقال "هذه ليست اللحظة المناسبة لأي طرف آخر معاد لإسرائيل لاستغلال هذه الهجمات لتحقيق مكاسب. العالم يراقب".

وتحاول واشنطن التوصل إلى اتفاق من شأنه تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية وهو ما يعتبره الإسرائيليون أكبر جائزة حتى الآن في سعيهم المستمر منذ عقود للحصول على الاعتراف العربي. ويخشى الفلسطينيون أن يقضي أي اتفاق من هذا القبيل على أحلامهم المستقبلية في دولة مستقلة.

وقال أسامة حمدان مسؤول حركة حماس في لبنان لرويترز إن عملية السبت يجب أن تجعل الدول العربية تدرك أن قبول المطالب الأمنية الإسرائيلية لن يحقق السلام.

وأضاف أن إنهاء "الاحتلال الإسرائيلي" يجب أن يكون نقطة البداية لمن يتطلعون إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. وتابع أن بعض الدول العربية بدأت "للأسف" تتصور أن إسرائيل يمكن أن تكون البوابة إلى أمريكا للدفاع عن أمنها.

وخرجت احتجاجات دعما لحماس في أنحاء الشرق الأوسط أُحرقت فيها أعلام للولايات المتحدة وإسرائيل ولوح فيها مشاركون بأعلام فلسطينية في العراق ولبنان وسوريا واليمن. وأشادت إيران وجماعة حزب الله بهجوم حماس.

وقال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لقناة الجزيرة إن الجماعة تحتجز عددا كبيرا من الإسرائيليين بينهم مسؤولون كبار. وأضاف أن حماس لديها ما يكفي من الأسرى لحمل إسرائيل على إطلاق سراح جميع الفلسطينيين في سجونها.

وأرجعت حماس الهجوم إلى ما قالت إنه تصعيد الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وعلى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وأعلن قائد هيئة الأركان في كتائب القسام محمد الضيف بدء العملية في بث عبر وسائل إعلام تابعة لحركة حماس، داعيا الفلسطينيين في كل مكان إلى القتال.

حرب طويلة وصعبة

بدوره حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الإسرائيليين الأحد من "أننا دخلنا في حرب طويلة وصعبة"، وذلك بعدما خلّف القتال مع حركة حماس مئات القتلى من الجانبين، غداة هجوم مباغت كبير شنّته الحركة من غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان صدر فجر الأحد بشأن هجوم حماس "المرحلة الأولى على وشك الانتهاء... من خلال القضاء على الغالبية العظمى من قوات العدو التي تسلّلت إلى أراضينا".

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد عزمه إجلاء جميع السكان من محيط قطاع غزة خلال 24 ساعة.

وخلال الليل، تواصلت الغارات الجوية للجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، بينما تواصل إطلاق الصواريخ على إسرائيل من القطاع. كما استمرّت المعارك على الأرض بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حركة حماس في المناطق المحيطة بقطاع غزة بعد تسلّل هؤلاء "بمظلاّت" بحراً وبراً.

بدورها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية في بيان أن حصار مركزها في بلدة سديروت المتاخمة لغزة، حيث كان يتحصّن مسلّحون من حماس، انتهى صباح الأحد. وأوضحت أنّ الشرطة والقوات الخاصة التابعة للجيش قامت بـ"تحييد عشرة إرهابيين مسلّحين كانوا في مركز الشرطة".

وكانت حماس قد شنّت هجوماً مباغتاً على إسرائيل صباح السبت، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من قطاع غزّة وتسلّل مئات من مقاتليها إلى الأراضي الإسرائيلية. كما أسرت عدداً كبيراً من المدنيين والجنود. وقدّر موقع "واي نت" (Ynet) الإخباري الإسرائيلي عدد الأسرى بـ"حوالى مئة شخص... مختطفين"، بينما لم تقدّم السلطات أيّ أرقام رسمية بعد.

وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري للصحافيين إن القتال مستمر "لإنقاذ الرهائن" الذين يحتجزهم مسلحون فلسطينيون في إسرائيل. وأضاف "هناك عشرات آلاف من الجنود المقاتلين، سنصل إلى كل تجمع حتى نقتل كل إرهابي في إسرائيل".

وقال إسرائيليون يبحثون عن أقاربهم، عبر الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلي الأحد، إنّهم شاهدوهم في مقاطع فيديو لرهائن حماس في غزة يتمّ تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي. كما أوردت وسائل إعلام صباح الأحد أسماء إسرائيليين قُتلوا السبت وتمّ التعرف عليهم، ومن بينهم أطفال ومراهقون.

من جهته، نشر الجيش الإسرائيلي على موقع إلكتروني خاص أسماء 26 جندياً وجندية قتلوا منذ يوم السبت.

وبدأت الأعمال القتالية فجر السبت بإطلاق وابل من الصواريخ من قطاع غزة باتجاه بلدات إسرائيلية مجاوِرة وحتى تل أبيب والقدس.

واخترق مقاتلو حماس الذين وصلوا على متن مركبات وقوارب وطائرات شراعية آلية، السياج الحدودي الذي أقامته إسرائيل حول قطاع غزة، وهاجموا المواقع العسكرية والمدنيين في طريقهم.

ويعدّ هذا التصعيد الأكثر دموية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ عقود.

وأسفرت المعارك عن "أكثر من 200 قتيل" و"أكثر من ألف جريح" في الجانب الإسرائيلي، وفق الجيش الذي اتهم حماس "بذبح مدنيين" في منازلهم.

وفي قطاع غزة، حيث نفّذ الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية الانتقامية منذ يوم السبت، أفادت وزارة الصحة بسقوط 313 قتيلا بينهم 20 طفلا ونحو 1990 جريحا.

وأقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في خطاب متلفز بأنّ "ما حدث اليوم غير مسبوق في إسرائيل". وقال "كل الأماكن التي تختبئ فيها حماس... سنحيلها ركاماً".

وقال شلومي وهو إسرائيلي كان واقفاً إلى جانب جثث مغطاة على طريق بالقرب من كيبوتس جيفيم في جنوب إسرائيل لوكالة فرانس برس "رأيت الكثير من الجثث".

ومساء السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ "مئات" المتسلّلين ما زالوا متواجدين على الأراضي الإسرائيلية بعد "هجوم برّي قوي".

وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغري "هناك جنود ومدنيون مختطفون". وأضاف "لا أستطيع تقديم أرقام عنهم في الوقت الحالي، إنها جريمة حرب ارتكبتها حماس وسوف تدفع الثمن".

وبثت كتائب القسام مقطع فيديو يظهر أسر مقاتليها ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية قالت إنهم إسرائيليون.

وظهرت في مطلع الفيديو العبارة التالية: "مشاهد أسر كتائب القسام عددا من جنود العدو ضمن معركة طوفان الأقصى". ويبدو من اللافتات في خلفية الفيديو باللغة العبرية أن اللقطات أُخذت في الجانب الإسرائيلي.

كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو أخرى تظهر فيها جثث جنود بملابسهم العسكرية، إضافة لجثث أشخاص وركاب على الطريق السريع، لم يكن في الإمكان التثبت من صحتها.

وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي احتجازها "عددا من الجنود الإسرائيليين".

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن حركة حماس ارتكبت "خطأ كبيرا عبر شن حرب على دولة إسرائيل".

وقال الجنرال الإسرائيلي راسان إليان الذي يرأس وحدة الشؤون المدنية في الأراضي الإسرائيلية إن حماس "فتحت على نفسها أبواب جهنم".

بالتوازي مع التصعيد في غزة ومحيطها، قُتل خمسة فلسطينيين السبت في صدامات مع القوات الإسرائيلية في أنحاء متفرقة الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية.

كما أصيب 120 فلسطينيا في الصدامات مع الجيش ومستوطنين، وفق الوزارة.

وشهدت عدة نقاط تماس في كل من الخليل وقلقيلية ورام الله في الضفة الغربية مواجهات بين شبان فلسطينيين والقوات الإسرائيلية.

ويأتي هذا التصعيد في اليوم الأخير من عيد العرش (سوكوت) في إسرائيل، وبعد خمسين عاما على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 التي قتل فيها 2600 إسرائيلي وبلغ عدد القتلى والمفقودين في الجانب العربي 9500 خلال ثلاثة اسابيع من القتال.

السيوف" في مواجهة "الطوفان"

أعلنت كتائب عزّ الدين القسام الجناح المسلّح لحركة حماس، في مقطع فيديو أنّها "أسرت عدداً من جنود العدو"، كما أعلنت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي احتجازها "عدداً من الجنود الإسرائيليين".

وأكد الجيش الإسرائيلي أنّ حركة حماس "خطفت عسكريين ومدنيين"، من دون تقديم أرقام محدّدة.

وأعلن قائد الأركان في كتائب عز الدين القسام محمد الضيف بدء عملية "طوفان الأقصى"، "رداً على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى".

من جهته، أحصى الجيش الإسرائيلي إطلاق أكثر من 3000 صاروخ من قطاع غزة. وأطلق عملية "السيوف الحديدية"، حيث نفّذ غارات جوية على القطاع الفلسطيني، مشيراً إلى أنّه دمّر العديد من المباني التي تمّ تقديمها على أنها "مراكز قيادة" لحماس.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إنّ غارة أصابت مستشفى في القطاع، ممّا تسبب في مقتل عدد من الأشخاص.

وأفادت الأمم المتحدة عن 20 ألف فلسطيني نازح في قطاع غزة.

ومع طبيعة الهجوم الذي كان مباغتا بالنسبة لقوات الأمن الإسرائيلية، يعد هذا أحد أسوأ الإخفاقات الاستخباراتية في تاريخ البلاد، كما أنه يمثل صدمة في دولة تفتخر باختراقها المكثف ومراقبتها للجماعات المسلحة.

وتناثرت جثث مدنيين إسرائيليين في شوارع سديروت في جنوب إسرائيل بالقرب من غزة محاطة بشظايا زجاجية. وشوهدت جثتا امرأة ورجل على المقعدين الأماميين لإحدى السيارات.

وروى إسرائيليون مذعورون، متحصنون في غرف آمنة، محنتهم عبر الهاتف في بث تلفزيوني مباشر.

وقال الجيش الإسرائيلي إن ضباطا كبارا في الجيش كانوا من بين القتلى في القتال قرب غزة يوم السبت.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن مجلس الوزراء الأمني وافق على اتخاذ خطوات لتدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس والجهاد الإسلامي "لسنوات عديدة" بما يشمل قطع إمدادات الكهرباء والوقود ودخول البضائع إلى غزة.

وأما في لبنان، فأعلن حزب الله بأنه أطلق "عدداً كبيراً من القذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة" على المنطقة المتنازع عليها في مزارع شبعا فيما أفاد الجيش الإسرائيلي صباح الأحد أنه قصف بطائرة بدون طيار "البنية التحتية الإرهابية لحزب الله" اللبناني في المنطقة الحدودية.

واتسع نطاق الصراع يوم الأحد بعدما شنت جماعة حزب الله اللبنانية هجوما بالصواريخ الموجهة والقذائف المدفعية على ثلاثة مواقع بمنطقة مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 ويطالب لبنان بها باعتبارها قطعة من أراضيه. وقال حزب الله إن القصف الذي شمل "موقع الرادار" يأتي "تضامنا" مع الشعب الفلسطيني.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه رد بضربات مدفعية على لبنان وبهجوم بطائرة مسيرة على موقع لحزب الله بالقرب من الحدود. ولم ترد تقارير عن وقوع اصابات.

وقالت جماعة حزب الله، التي تسيطر فعليا على جنوب لبنان، يوم السبت إنها "على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج"، وإنها ترى أن الهجمات الفلسطينية على إسرائيل هي "رد حاسم على جرائم الاحتلال المتمادية... ‏ورسالة إلى العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي بأسره وخاصة أولئك ‏الساعين إلى التطبيع مع هذا العدو أن قضية فلسطين قضية حية لا تموت حتى ‏النصر والتحرير".

واتسع نطاق الصراع يوم الأحد وتحدث الجيش الإسرائيلي عن إطلاق قذائف مورتر من لبنان على شمال إسرائيل. وردت القوات الإسرائيلية بقصف مدفعي على لبنان.

كيف وقع هجوم حماس على إسرائيل؟

شنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجوما مباغتا على إسرائيل شمل اختراق مسلحين حواجز أمنية وإطلاق وابل من الصواريخ من غزة فجر يوم السبت خلال عطلة عيد "بهجة التوراة" اليهودي.

وجاء الهجوم بعد 50 عاما ويوم واحد من شن القوات المصرية والسورية هجوما خلال عطلة يوم الغفران اليهودي في محاولة لاستعادة الأراضي التي استولت عليها إسرائيل خلال صراع قصير في عام 1967.

هكذا حدث الأمر:

- وابل من الصواريخ

في نحو السادسة والنصف صباحا (0430 بتوقيت جرينتش) أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وابلا من الصواريخ على جنوب إسرائيل لتدوي صفارات الإنذار في مناطق بعيدة مثل تل أبيب وبئر السبع.

وقالت حماس إنها أطلقت 5000 صاروخ في أول دفعة من الصواريخ في حين قال الجيش الإسرائيلي إن 2500 صاروخ أُطلقت.

وتصاعد الدخان فوق المناطق السكنية الإسرائيلية واحتمى الناس خلف المباني مع انطلاق صفارات الإنذار في سماء المنطقة. وذكرت تقارير أن امرأة واحدة على الأقل قتلت جراء الصواريخ.

- التسلل فجرا

كان القصف غطاء لتسلل لم يسبق له مثيل نفذه مسلحون عبر محاور متعددة، وقال الجيش الإسرائيلي في الساعة (0540 بتوقيت جرينتش) إن مسلحين فلسطينيين عبروا الحدود إلى إسرائيل.

وعبر معظم المقاتلين ثغرات في الحواجز الأمنية البرية التي تفصل بين غزة وإسرائيل. وصوّر واحد على الأقل وهو يعبر بمظلة تعمل بالطاقة بينما صوّر زورق متجها إلى زيكيم، وهي بلدة ساحلية إسرائيلية وقاعدة عسكرية.

وأظهرت مقاطع مصورة نشرتها حماس مقاتلين يخترقون السياج الأمني بينما كانت الشمس تشرف على الشروق، مما يشير إلى أن ذلك حدث في وقت إطلاق الصواريخ.

وأظهر أحد مقاطع الفيديو ما لا يقل عن ست دراجات نارية مع مقاتلين يعبرون فجوة في حاجز أمني معدني.

وأظهرت صورة نشرتها حماس جرافة تهدم جزءا من السياج الأمني.

- قتال في القواعد العسكرية الإسرائيلية

قال الجيش الإسرائيلي في العاشرة صباحا إن المقاتلين الفلسطينيين اخترقوا ثلاث منشآت عسكرية على الأقل على الحدود هي معبر إيريز الحدودي وقاعدة زيكيم ومقر فرقة غزة في رعيم. وأضافت أن القتال في إيريز وزيكيم مستمر.

وأظهرت مقاطع مصورة نشرتها حماس مقاتلين يركضون نحو مبنى محترق بالقرب من جدار خرساني شاهق به برج مراقبة واجتياح المقاتلين جزءا من منشأة عسكرية إسرائيلية وإطلاق النار من خلف جدار.

وصوّر عدد من المركبات العسكرية الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها في وقت لاحق في أثناء اقتيادها إلى غزة وعرضها هناك.

- مداهمات على البلدات الحدودية

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن اتصالات هاتفية من سكان أن المقاتلين داهموا بلدة سيدروت الإسرائيلية الواقعة على الحدود ووردت تقارير بوجودهم في تجمع حدودي آخر وهو كيبوتس بيري وفي بلدة أوفاكيم التي تبعد 30 كيلومترا إلى الشرق من غزة.

وأظهر مقطع تحققت رويترز من صحته عدة مسلحين يجوبون سيدروت على ظهر سيارات دفع رباعي بيضاء.

واحتمى كثير من سكان بلدات جنوب إسرائيل في مخابئ بمنازلهم اليوم.

وأمر الجيش الإسرائيلي السكان بالاحتماء في بيوتهم وقالوا عبر الإذاعة "سنصل إليكم".

وقال يعقوب شبتاي قائد شرطة إسرائيل في منتصف الصباح إن القوات تشتبك مع مسلحين في 21 موقعا، وبحلول الساعة الواحدة والنصف مساء قال الجيش إن القوات ما تزال تعمل على إخلاء المجتمعات المحلية التي اجتاحها المسلحون.

- ضحايا

رأى أحد مصوري رويترز جثثا متناثرة في شوارع سيدروت. وأفادت وكالات إخبارية إسرائيلية بأن ما لا يقل عن 100 إسرائيلي قُتلوا وأن 800 أصيبوا.

وأظهرت مقاطع فيديو لحماس وصور لم يتم التحقق من صحتها يجري تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي قتلى من المدنيين والجنود الإسرائيليين والمقاتلين الإسرائيليين.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن مسلحي حماس يتنقلون من منزل إلى آخر لقتل المدنيين.

- احتجاز رهائن

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مسلحين احتجزوا رهائن في أوفاكيم. وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إنها تحتجز عدة جنود إسرائيليين رهائن ونشرت حسابات حماس على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا لما يُقال إنهم رهائن إسرائيليون في أثناء نقلهم إلى غزة.

وأظهر مقطع فيديو ثلاثة شبان في أثناء اقتيادهم إلى منشأة أمنية على جدرانها كتابات باللغة العبرية. وأظهرت مقاطع مصورة أخرى رهائن من الإناث.

وظهر في مقطع مصور آخر مقاتلون يسحبون جنديين إسرائيليين على الأقل من مركبة عسكرية.

- هجمات إسرائيلية

سُمع دوي الانفجارات في الساعة 9.45 صباحا في وسط غزة ومدينة غزة وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في العاشرة صباحا إن القوات الجوية تنفذ ضربات جوية في غزة. وقال مسعفون في غزة إن عشرات الأشخاص قتلوا جراء الهجمات.

الأسواق والمخاطر الجيوسياسية

من جهة اخرى يراقب مستثمرون عن كثب تطورات الأحداث في إسرائيل وما قد تشكله من مخاطر على الأسواق ويتوقع البعض أن تدفع أعمال العنف إلى التحرك صوب الأصول الآمنة.

ويقول محللون إن تصاعد المخاطر الجيوسياسية قد يدفع لموجة شراء لأصول مثل الذهب والدولار وقد يعزز أيضا الطلب على سندات الخزانة الأمريكية.

وقال بيتر كارديللو كبير محللي السوق لدى سبارتان كابيتال سيكيوريتيز "هذا مثال جيد على لماذا يجب على الناس اقتناء الذهب ضمن محافظهم الاستثمارية. إنه وسيلة تحوط مثالية في مواجهة الاضطرابات الدولية" وتوقع أن الدولار سيستفيد أيضا من هذا الوضع.

وتابع قائلا "في كل مرة تحدث فيها اضطرابات دولية يكتسب الدولار قوة".

وكانت الأسواق تتفاعل في الأسابيع القليلة الماضية مع توقعات بأن أسعار الفائدة الأمريكية ستبقى مرتفعة لفترة أطول. وارتفعت عائدات السندات بينما حقق الدولار الأمريكي سلسلة مكاسب. وفي الوقت نفسه، تعرضت الأسهم لخسائر حادة في الربع الثالث لكنها استقرت في الأسبوع الماضي.

قال برايان جاكوبسن كبير الاقتصاديين في أنكس ويلث مانجمينت عن الوضع في إسرائيل "سواء كانت تلك لحظة فارقة بالنسبة للسوق أم لا يعتمد على المدة التي يستغرقها الصراع وما إذا كانت أطراف أخرى منغمسة فيه" وتساءل عن مدى تأثير الوضع على سعر النفط على الرغم من زيادة إيران لإنتاجها.

وقال جاكوبسن "إنتاج النفط الإيراني يتزايد، لكن أي تقدم يحرزونه خلف الكواليس مع الولايات المتحدة سيتأثر كثيرا بسبب احتفاء إيران بأفعال حماس... خسارة الإنتاج المحتملة مهمة، لكنها لن تكون بالغة التأثير".

وأضاف جاكوبسن "من الأهمية بمكان أن نرى رد فعل السعودية". وتسعى واشنطن لإبرام اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والرياض.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

ذات صلة

عدل اللّه تعالىدور مهارات إدارة الأموال في التنمية المستدامةهل نجحت الولايات المتحدة الأميركية في كبح التصعيد بين إيران وإسرائيل؟الحاجة الماسة للوعي المروريصمتُ الباطن بوصفه ثمرةً لصمت اللسان