مركز الإمام الشيرازي ناقش دور الابتكار في احتواء الأزمات وإدارة الموارد
مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث
2023-06-27 07:44
تحرير: حسين علي حسين
عقد مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث جلسته الحوارية الشهرية في ملتقى النبأ الاسبوعي تحت عنوان (دور سياسات الابتكار في احتواء الأزمات وإدارة الموارد)، بحضور عدد من الباحثين والمشاركين عبر المنصات الرقمية.
وقدم الباحث في المركز محمد علاء الصافي ورقة جاء فيها:
"يواجه العالم اليوم تحديات جسيمة تعيق تحقيق الاستدامة، وتشمل الكوارث الطبيعية آثار التغير المناخي، والركود الاقتصادي الكبير، والاستهلاك غير المتوازن للموارد الطبيعية، والصراعات المسلحة التي نشبت في العديد من مناطق العالم، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط حيث عرقلت تلك الأحداث المسار التنموي وأضعفت الأنظمة والنماذج الاقتصادية على نحو غير مسبوق.
وتلك كلها قضايا حاسمة تتطلب المعرفة والموارد التي يمكن أن تقدمها مؤسسات التعليم لدعم التغيير المجتمعي وتعزيز الابتكار الاجتماعي.
أشارت ورقة مناقشة أصدرها المركز العالمي لتميز الخدمة العامة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي أن الابتكارات الاجتماعية "هي حلول جديدة، على هيئة منتجات وخدمات ونماذج وأسواق وعمليّات، تستجيب لاحتياجات المجتمع استجابة أكثر فاعلية مقارنة بالحلول المتوفرة وتؤدي إلى بزوغ قدرات وعلاقات جديدة أو تحسينها واستخدام أفضل للأصول والموارد."
في البدء علينا تعريف "المبتكر" هو الشخص الذي يبتكر شيئا جديدا أو يسجل اختراعا. والابتكار يعني التطوير الخلاق. أي تطوير منتج جديد أو خدمة جديدة للمستهلك من خلال حلول تتجاوب مع متطلبات جديدة للمستهلك أو للزبون؛ أو تقديم متطلبات قديمة للمستهلك أو للسوق ولكن بطريقة جديدة.
انتشرت تجارب الابتكار الاجتماعي في بعض البلدان من خلال تبادل المعرفة عن طريق تشكيل تحالفات بين الأطراف المعنية من الأعمال التجارية في القطاع الخاص والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والتجمعات الشبابية التي تسعى إلى تطوير أدوات وعمليات التبادل المعرفي وتهيئتها لتلبية احتياجات المبتكرين الاجتماعيين.
في معظم الدول التي أصبح فيها مجال الابتكارات متقدماً نجد أنها غيرت وطورت نظامها التعليمي ودخلت مجال الاستثمار في تكنلوجيا المعلومات واستثمار الموارد البشرية والتقنية ونقل ذلك الى الجامعات الحكومية والخاصة والتي تعتبر الحاضنة الأساس لجميع مشاريع الابتكار. وهذه التجارب أظهرت قدرة الجامعات والكليات في التأثير على التغيير الاجتماعي بطريقة مباشرة وذات مغزى، وذلك من خلال استحداث وسائل جديدة لتبادل المعرفة تركز على الابتكار الاجتماعي وتشجيع المشاريع الاجتماعية وتقديم دعم أكثر فعالية للمجتمعات المحلية، خاصة ان هذه الابتكارات لم تأتي صدفة بل نتيجة ما يتطلبه سوق العمل من خلال الشركات الداعمة للمؤسسات التعليمية واصبح الجميع في هذه المعادلة رابحاً، بل أصبحت ميزانية بعض الجامعات في الولايات المتحدة مثلا اكثر من ميزانية دول وشعوب مثل جامعة هارفرد على سبيل المثال.
تقييم الابتكار الاجتماعي
تربط مشاريع الابتكارات أيضا أصحاب المشاريع الاجتماعية والمجموعات المحلية بقاعدة المعلومات في الجامعة وتوفر موارد وخبرات لتقييم قيمة الابتكار الاجتماعي وتوضيحها لصانعي السياسات. وتقديم تحليل عميق حول الاحتياجات، ودعم المبتكرين من خلال توفير البنية التحتية للمشاريع من مختبرات وتدريبات ودروس تعليمية عن المشاريع والابتكارات، وتنمية القدرات باستخدام الأدوات والدورات التدريبية وورش العمل عبر الإنترنت او في الجامعات بشكل مباشر.
"الابتكارات الاجتماعية هي وسيلة فعالة لخلق قيم جديدة لتعزيز الاقتصاد والتنافسية في المجتمع، وهذا ما يجعل المشاريع مميزة وفريدة، في كثير من الأحيان يكون هناك مبتكرون لديهم أفكار ابداعية ولكن بدون معرفة ومهارات لتطوير عمل تجاري، ولهذا تدعم مثل تلك المشاريع هؤلاء المبدعين وتمدهم بالقيمة الحقيقية."
إن الابتكار الاجتماعي أساسي لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وكما أوضح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أنه من المرجح أن الابتكار الاجتماعي يمكن أن يتناول جوانب من أهداف التنمية المستدامة تؤكد على الإدماج وتعزيز المساواة، لا سيما في مجالات مثل التعليم والصحة والعمل والحد من الفقر وذلك نظرا للتركيز بصورة واضحة على معالجة الاحتياجات البشرية غير الملباة من خلال ممارسات اجتماعية جديدة ومؤسسات."
وتشمل هذه التوصيات تحسين الظروف السياسية التي تؤثر على المناخ الاقتصادي والاجتماعي، وإعادة بناء منظومة العلوم والتكنولوجيا والابتكار أو ترميمها، وبناء القدرات، وإيجاد بيئة ملائمة للاستثمار العام والخاص في رأس المال البشري وفي الهياكل الأساسية العامة، وضمان وصول الجميع إلى شبكة الإنترنت بجودة عالية، ووضع الأطر التنظيمية التي تسهم في بناء الثقة، وتعزيز المهارات الرقمية للسكان.
الأهم من فكرة المشاريع الاقتصادية والابتكارات هو توفير رؤية واستراتيجية وعملية لإدارة الابتكار في جميع مؤسسات الدولة ترتكز على استشراف المستقبل وتقديم الحلول المبتكرة للتحديات التي تواجه قطاع التأمين في الدولة، وتدعم استدامة التحسين وتطوير القوانين والتشريعات والخدمات والمنتجات والعمليات ذات العلاقة بقطاع التأمين والاستثمار وغيرها.
الطموح والتنوع والانفتاح
البلدان التي لا تملك سوى القليل من الطموح والتنوع والانفتاح تجاه التعلم والتكيف تكون عرضة للدخول في دورة سلبية قد تؤدي إلى انحلالها وتدهورها، وبالتالي، ينبغي على كل محاولة تبذل بهدف تخطي ذاك التحدي أن تبدأ بتحديد معيار النجاح أو الفشل الوطني. وقد تبدو مقاييس النمو الاقتصادي أو مؤشرات الابتكارية التكنولوجية كأنها إجابات واضحة. في المقابل تشكل تلك الأمور عوامل تداخلية، بمعنى أن النمو الاقتصادي يشكل مصدر قوة وطنية بالتأكيد، لكنه أيضاً ينتج من عوامل أكثر جوهرية تولد النمو الاقتصادي. ويمكن قول الأمر ذاته بالنسبة إلى الابتكارية والتطور العسكري والإنتاجية ومعايير إنتاج مشتركة كثيرة غيرها تتعلق بالقوة الوطنية.
يحظى العراق بموارد هائلة، طبيعية وبشرية؛ وإدارة اقتصادية سيئة جعلت منه اقتصاداً فاشلاً ريعياً تابعاً ومتذبذباً وفاقداً للقوة والمتانة في مواجهة الأزمات.
كما يعد العراق غني بالموارد البشرية، حيث يبلغ عدد سكان العراق أكثر من 41 مليون نسمة حسب تقديرات وزارة التخطيط عام 2022، وتشكل فئة الشباب نسبة كبيرة منه، مما يعني إن العراق يتمتع بقوة عاملة جيدة تمثل حجر الأساس في البناء والتقدم لو تم استثمارها وتوظيفها بالاتجاه الصحيح. ان المجتمع الذي يتمتع بعمر متوسط أقل من 20 سنة يُعد مجتمعاً "يافعاً" فيما يُعد المجتمع "متوسطاً" إذا كان متوسط العمر يقع بين 20-29 سنة، وإذا بلغ المتوسط 30 سنة فأكثر يعتبر مجتمعاً "كهلاً".
وبهذا الصدد تشير التقديرات المتاحة ان متوسط العمر يجعل المجتمع العراقي مجتمعاً "يافعاً" ليصبح في السنوات القادمة مجتمعاً ذو عمر "متوسط" نتيجة زيادة نسبة السكان في عمر الشباب وبالتالي فإن العراق غني بالموارد البشرية على نحو استثنائي فالسكان اغلبهم في سن العمل مما يجعله يملك قوة بشرية هائلة.
هذه الموارد خلقت فرصا استثمارية كبيرة وعديدة في مختلف القطاعات، تسهم وبشكل فاعل في تحقيق التقدم الاقتصادي وخلال مدة وجيزة لو تم استثمارها وفق الأسس الصحيحة كالكفاءة والنزاهة وتكافؤ الفرص بعيداً عن الفساد، ولكن واقع الحال، خاصة بعد عام 2003، يشير لفشل الاقتصاد وعدم استثمار تلك الفرص نتيجة لشيوع الفساد وانتشاره في مفاصل الدولة.
وتجب الإشارة إلى إن الفساد كان نتيجة في بداية الأمر نتيجة للحرمان ولغياب الإدارة السليمة للشأن العام بشكل عام والشأن الاقتصادي بشكل خاص لكنه أصبح فيما بعد سبباً لمشاكل أخرى ومنها عدم استثمار تلك الفرص وفق الأسس الصحيحة، مما أسس لثقافة هدر بالموارد والكفاءات بشكل كبير جدا بدل أن يستثمرها في إعادة الاعمار والتنمية بعد سقوط النظام الديكتاتوري السابق، وهذا ما يعني إن العراق لم يعاني من أزمة موارد وإنما يعاني من أزمة إدارة البلد بشكل عام والاقتصاد بشكل خاص.
وما زاد الطين بلة، والإدارة سوءاً، هو تصلب ثقافة المجتمع وعدم مرونتها في التعاطي مع سرعة الأحداث والتحولات من نظام ديكتاتوري وحزب واحد ونظام اقتصادي اشتراكي الى نظام ديمقراطي وتعددية حزبية واقتصاد السوق، إن عمليتي التخلي والتبني وبشكل مفاجئ يوضح مدى سوء إدارة البلد بشكل عام والملف الاقتصادي بشكل خاص.
إن استمرار سوء إدارة البلد بشكل عام والملف الاقتصادي بشكل خاص بالتزامن مع تصلب ثقافة المجتمع، يعني إن العراق يعاني من أزمة إدارة وليس أزمة موارد لان الأخيرة متوفرة في العراق وبشكل هائل خاصة موارد الطاقة والزراعة والمياه.
يمكن القول، إن الطريقة المُثلى لتلافي أزمة الإدارة واستثمار الموارد والفرص الاستثمارية وتعزيز سياسات الابتكار لتحسين الأداء الاقتصادي هو تخلي الدولة عن سيطرتها التامة على الاقتصاد ليتم تقليص حجم الإقصاء والتهميش لان اغلب الإقصاء والتهميش كان بسبب الامتيازات التي يحصلون عليها بفعل هيمنة الدولة على الاقتصاد هذا من جانب، ومن جانب آخر إن فتح الباب أمام اقتصاد السوق سيحصد الجميع آثاره الايجابية المتمثلة في انخفاض الأسعار وارتفاع جودة الإنتاج، لان اقتصاد السوق قائم على المنافسة ومنع الاحتكار، ويقوم بتوزيع الأدوار والمكافآت بناءً على الكفاءة والجدارة لا المحسوبية والمنسوبية.
كذلك تعديل القوانين والتشريعات اللازمة في مجال التعليم والتعليم العالي وزيادة التخصيص المالي في الموازنات الاتحادية والمحلية لدعم مجال الابتكارات والمبدعين.
خلاصة القول، العراق لم يعاني من أزمة موارد بل هو غني بالموارد الطبيعية والبشرية ولكنه يعاني من أزمة إدارة انعكست بشكل سلبي على البلد بشكل عام والاقتصاد بشكل خاص، مما يتطلب العمل إلى إعادة النظر في إدارة الموارد واحتواء الازمات دون إقصاء وتهميش وبما يحقق التقدم الاقتصادي.
للاستزادة من الأفكار واثراء الموضوع نفتح باب النقاش من خلال طرح السؤالين الآتيين:
السؤال الاول: ما هي سياسات الابتكار ممكنة التحقق في العراق؟
السؤال الثاني: كيف نشجع ثقافة الابتكار وننميها في المجتمع؟
المداخلات
الشيخ مرتضى معاش، باحث في الفكر الإسلامي المعاصر:
لابد أولا أن نحدد مفهوم الابتكار، وما هي علاقة الابتكار بالعلم والمعرفة، والعلاقة بين الابتكار والإبداع.. والفرق بين العلم والمعرفة هو أن العلم نظري وهو مجرد معلومات يكتسبها المتعلم، بينما المعرفة هي إدراك ووعي لعلم وتحويله إلى مخرجات على أرض الواقع، لذلك فان المعرفة هي الاابتكار والقدرة على إيجاد الحلول، فمعنى الابتكار هو ايجاد الحلول، وخلق الأشياء الجديدة التي تلبي حاجات الإنسان.
ان العلوم موجودة في كل الأزمان والامكنة، في الجامعات والمدارس ولكن هل هي كلها معرفة ام مجرد علوم؟، فالأمم تتقدم بالمعرفة وليس بالعلم فقط.
فقد كانت أمريكا تستقطب الكفاءات العلمية من مختلف دول العالم وتحولها إلى ابتكارات في السوق، لذلك دائما ما كانت متميزة في الصناعة والاقتصاد والتكنولوجيا والتكنولوجيا الرقمية، في مختلف العلوم الاخرى، فأمريكا هي أم الابتكارات، فمعظم المخترعات والابتكارات خرجت من أمريكا، لذلك أصبحت هي القوة المهيمنة في العالم، وليست بالقوة العسكرية والاقتصادية فقط، فعندما تقرأ الاحصائيات والارقام عن براءات الاختراع سوف تجد أن أمريكا كانت متقدمة دائما، وبهذا استطاعت أن تتغلب على الاتحاد السوفيتي سابقا.
لكن أمريكا انشغلت اليوم بالدولار الريعي وبعالم الاستهلاك الصاخب وخرجت عن اطوار الانتاج فانخفضت عندها قيمة الابتكار، وفي نفس الوقت فان الصين صعدت في قائمة الابتكار ليس في الاقتصاد فحسب وإنما أيضا في براءات الاختراع التي جعلتها متقدمة واصبحت منافسة حقيقية للولايات المتحدة.
بالنسبة الى العراق يمكن أن نلاحظ عدة أسباب في غياب الابتكار:
أولا- هيمنة النظام القمعي: سواء كان القمع السياسي أو الاجتماعي أو التربوي، وخصوصا القمع الخفي الذي يتجلى في عملية رمزية موجودة في بنية المجتمع، فنلاحظ أن الإنسان منذ نعومة أظفاره وهو طفل صغير لا يستطيع أن يفكر، ولا يخلق ولا يبتكر لأنه يخاف من أبيه أو يخاف من المعلم أو يخاف من الحاكم، أو من النظام السياسي والأجهزة الامنية، لذلك فهو يتجنب التفكير وبالتالي تأفل عنده حالة الابتكار أو أنه بالنتيجة لا يستطيع أن يعبر ويصل إلى حالة الابتكار.
ثانيا- الدولة البيروقراطية الجامدة: إن مشكلتنا تكمن في أننا نحتمي بالدولة، لكن الدول سيف ذو حدين، فإذا اصبحت الدولة متمكنة وخارج سيطرة الشعب سوف تصبح جامدة بيروقراطية وأركانها مؤذية للمجتمع، وتمنع الشعب من التقدم، وخصوصا ما يتجلى في البيروقراطية الجامدة، فبعض الدول تسن قوانينها حتى تحمي نفسها وسلطتها ومصالحها عبر استعباد الناس حتى تزيد من هيمنتها، وهذه العقلية الجامدة يصعب تغييرها بسبب تحجرها، فالدولة البيروقراطية كائن متحجر يمنع أي تطور حركي أو ديناميكي يحتاجه المجتمع لحل أزماته.
ثالثا- ريع الدولة: فالدولة الريعية تمنع الابتكار، لأن الأموال المجانية تجعل الانسان متطبعا مع الاستهلاك ومعاديا للإنتاج لذلك يموت الابتكار، في حين ان الابتكار ينمو في بيئة الانتاج، فالاقتصاد الريعي غير تنافسي فيمنع الابتكار، وبالنتيجة سوف يضمحل القطاع الخاص الانتاجي الذي يشجع على الابتكار.
رابعا: التعليم التقليدي: وهو تعليم عقيم ليس فيه أية فائدة تذكر، ولا يربي على التفكير، بل تلقيني يشجع على عدم التفكير وعدم الابتكار، بل يقمع الابتكار والتفكير.
خامسا: هيمنة ثقافة الاستهلاك والاستيراد: فمع استفحال الاستهلاك المستورد تغيب الحاجة الى الإنتاج والابتكار، بينما من أسباب وجود ثقافة الابتكار هو التوجه نحو الاكتفاء الذاتي، الذي يترسخ في الحاضنات الاجتماعية والتخطيط الاقتصادي السليم.
أزمات شبكية متراكمة
يمتلئ العراق بالأزمات التي تتسبب بهدر الموارد، فتتراكم الأزمات وتصبح متشعبة وشبكية ومتزايدة، وذلك لان مواردنا تُهدَر باستمرار بسبب غياب الحلول الاستراتيجية التي تعتمد على الابتكار، فتحصل عملية الترقيع وتستمر في بناء تراكمها السيء، لأننا لا نعتمد على التفكير المستقبلي والتخطيط الاستراتيجي وعلى وجود عقول مبتكرة تحل الأزمات عبر استكشاف الحلول لاستدامة الموارد واستثمارها العميق.
فالنفط في العراق لا يكفي لوحده في حل مشكلة المياه والجفاف والكهرباء، بل بالاستفادة من العقول، فالعراق وإن كان يغص بالمشكلات الكثيرة ولكنه ممتلئ بالعقول والشباب والأفكار الجيدة، ولكن بالنتيجة لا أحد يهتم بهذه العقول وهذا هو الهدر الأكبر من هدر الموارد الطبيعية، ونعني به هدر الموارد البشرية، فكم هناك من الشباب الذين يمتلكون العقول الجيدة المبدعة المبتكرة التي نستطيع من خلالها خلق وديمومة عملية البناء؟.
ان القدرة على استثمار الابتكار هو بحد ثروة فكيف نشجع ثقافة الابتكار؟
أولا: إن التحول الاقتصادي مهم جدا في عملية الاستفادة من الابتكار كثروة في عملية إحلالها محل الموارد الأخرى.
ثانيا: المبادرة المجتمعية: حيث لا يوجد لدينا حل غير المبادرة المجتمعية النابعة من المؤسسات المستقلة، لأن الدولة غير مستعدة للقيام بهذا الدور كونها متآكلة ومضمحلة وغير قادرة على المبادرة، لذلك فإن المبادرة المجتمعية لاحتضان أفكار الابتكار سوف تشجع ثقافة الابداع والانتاج، وبالنتيجة القدرة على إيجاد الحلول، ومن ذلك تأسيس مؤسسات خاصة بالابتكار أو معاهد خاصة للتربية على الابتكار والابداع، ومدارس خاصة تحتوي وتحتضن الطلبة المتفوقين على أن يكون نظامها متميز ديناميكي وغير قائم على النظام التعليمي التقليدي.
ثالثا: ومن تشجيع المجتمع على الابتكار هو إقامة مسابقات تقدم فيها جوائز مالية مجزية للمبتكرين، وإذا نجحت هذه المبادرات فسوف تنتشر، فنحن نحتاج إلى نموذج واحد ناجح في المجتمع فنلاحظ أن الآخرين يحاولون أيضا أن يقلدوا ذلك، فالابتكار يؤدي إلى الابتكار، وهذه نقطة مهمة جدا لابد لنا أن نسعى إليها حتى لو كانت إمكانيتنا قليلة، فيجب أن نبدأ الخطوة الأولى من أجل الخطوات اللاحقة.
رابعا: ان الحل يكمن في الأفكار المتجددة، فإذا أردنا أن نقرأ المستقبل العراقي فلا يوجد لدينا حل غير الأفكار والابتكارات المتجددة، وهذه من مصادر القوة الناعمة الأساسية التي نحتاجها، فالشرق الأوسط مقبل على أزمات خطيرة جدا، والصراع الذي يحدث بين هذه الدول لا يعتمد فقط على الموارد الطبيعية، فالموارد الطبيعية موارد خطرة ان تركت لوحدها دون استثمارات حقيقية، والا فان العراق سيبقى تابعا ومحتاجا للآخرين وخصوصا في ملفات الماء والكهرباء والغاز. فالعراق إذا أراد أن يتخلص من الهيمنة والتبعية لابد أن تكون عنده حركة ابتكارية وحلول جديدة يستفيد من خلالها في بناء استقلاليته وحل مشكلاته.
خامسا: حماية الملكية الفكرية والتي هي أساس حماية الابتكار، لأنه إذا لم توجد حماية للملكية الفكرية فبإمكان أي شخص يأتي ويصادر الابتكار، وبالنتيجة تصبح هذه الابتكارات غير مجدية وغير مفيدة.
سادسا: ان أهم خطوة في حل الازمات واستثمار الموارد هو أن نتخلص من ثقافة الكسل والجمود وانتظار الحلول، فهذه ثقافة غير مجدية ولا تصل بنا إلى أية نتيجة، وعندما يأتي الوقت المحدد سوف نواجه المخاطر الكبيرة التي نقع فيها بسبب نزف الموارد وإهمال الابتكار من الدولة والشعب.
الدكتور حميد مسلم الطرفي، كاتب وباحث:
منذ خلق البشرية على هذه الأرض والانسان يكد ويكدح لسد حاجاته وتطوير أدواته في الحياة والانتاج، والابتكار او الاختراع لهذه الأدوات ظل مرافقاً لحياته وامتازت العصور القديمة بأن تكون الحاجة هي الدافع الاساس لكل تلك الابتكارات فاكتشاف النار وابتكار العجلة مروراً بالمكوك والمحرك البخاري ووصولاً الى توربينات التوليد الكهربائي كانت نتيجة حاجة ملحة في حياة الانسان.
لكن ما يلاحظ في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين انتقال الابتكار من الحاجة (الحاجة ام الاختراع) الى التخطيط ورسم السياسات فبدأت الدول تفكر في ايجاد ابتكارات ليس لدى البشر حاجة اليها اليوم ولكن ستحتاجها غداً، فانتقل العقل البشري الى التخطيط المستقبلي ودراسة الحاجات المتوقعة بعد قرن او نصف قرن فظهرت الابتكارات في مجال الهندسة الوراثية وعملية تكثير النباتات والدورات المركبة في انتاج الطاقة والمفاعلات النووية السلمية وغيرها.
الابتكار المخطط هو الاجدى والانفع وتقع مسؤولية ذلك على الجامعات والمعاهد الفنية والعلمية في توجيه طاقات الطلبة نحو الابتكار واستثمار القدرات المالية والبشرية المتاحة في ايجاد حوافز ملموسة لهذه الابتكارات.
اذا كانت براءات الاختراع قد خصت بها دول بعينها فالمطلوب في بلداننا النامية الاحاطة العلمية والفنية بتلك الابتكارات لاتخاذها كأساس في تحقيق المزيد، وهذا لا يتحقق الا باستقرار النظام السياسي واستتباب الامن في المجتمع، فان الفوضى أفة العلم وقبر الابتكار وان كان المجتمع سيضطر الى ابتكار ما يحمي به نفسه.
الدكتور علاء الحسيني، باحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
الابتكار مسألة مطلوبة جدا في مختلف المستويات، على المختلف الوظيفي الرسمي، أو على المستوى الشعبي، المشكلة في المستوى الوظيفي أو المستوى الرسمي، أن الابتكار عندنا متخلف جدا إلى حد كبير، فالموظفون في عموم الدولة في العراق يخشون من الابتكار والتجدد ويحبذون عادة اتباع الروتين، أو البيروقراطية والاجراءات المعقدة والمطولة، خشية الوقوع في أخطاء معينة وخشية إتهام الموظف بأنه ارتكب أخطاء يؤاخذ عليها من قبل هيئة النزاهة أو من قبل الرقابة المالية.
لذلك نلاحظ أن الموظف العراقي لا يبتكر نهائيا، إلا في حالة وجود إلزام أو إجبار على نوع من الابتكار، وهنا تكون الإدارة هي التي أجبرته على أن يغيّر في إجراءاته، على سبيل المثال، اتباع النمط الورقي أو المعاملات الورقية، فهذا الأسلوب الإداري متبع لدينا منذ العهد العثماني ولا يزال إلى الآن، في حين أن الأتمتة التي نحن بعيدين عنها، مثل المعاملات الإلكترونية والطلبات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني غير موجودة، فقد أقر قانون التوقيع الإلكتروني في عام 2012، ولا يزال موضوع على الرفوف.
لذلك فإن الابتكار لدينا على المستوى الوظيفي خجول جدا، سواء على مستوى الوظيفة أو الموظف، على مستوى الوظيفة حتى تجعل هذه الوظيفة مبتكرة والمرفق أو الدائرة مبتكرة لأساليب الخدمة العامة، فهذا المرفق أو هذه الدائرة سواء كانت زراعة أو صناعة أو تجارة أو بلدية أو سواها، يُفترَض أن تكون مبتكرة للوسائل أو الأدوات التي تقدم من خلالها الخدمات العامة، لكن نلاحظ أن هذا الأمر غير موجود أيضا لسبب بسيط جدا وهو تخلف الأداة ونعني بها القوانين وكذلك الموظف.
تخلف الأداة على مستوى الموظف العام، حيث لم يتم زج هذا الموظف في دورات تدريبية وتطويرية، وإن أغلب الموظفين اعتادوا واعتاشوا على معلومات قديمة وغير منتجة، ولا تلزمهم دوائرهم ولا تجبرهم على الدخول في دورات تطويرية، على سبيل المثال قانون مجلس الخدمة الاتحادي 4 سنة 2009، لم يتم تفعيله إلا في عام 2019، أو فُعِل جزء بسيط منه لأن مجلس الخدمة الاتحادي أسندت إليه مهمة التعيين وإعادته للقيام بمهمة التعيين في العراق، ولكن في جزء كبير من القانون أن هذا المجلس يفترض أن يقوم بأمر مهم وخطير وهو التأسيس لمعهد الخدمة العامة الاتحادي في العراق وهو المعهد الذي يختص بالتطوير أي التشجيع على الابتكار وكيفية تطوير وسائل تقديم الخدمات العامة، ولكن مجلس الخدمة الاتحادي لم يفتتح هذا المعهد إلى اليوم، وكل همه اليوم هو كيف يزج بأكبر عدد ممكن في الوظيفة العامة دون أن يرد في باله ما هي نوعية هؤلاء الموظفين وما هي الفائدة المرجوة من ورائهم وزجهم في دوائر الدولة.
ولو أخذنا الابتكار على المستوى الأكاديمي الذي أشارت له الورقة الملقاة في هذه الجلسة، سنكتشف تخلف كبير أيضا على المستوى المؤسسي وعلى المستوى الفردي، أما على المستوى الفردي فهناك عشوائية كبيرة جدا في الأبحاث العلمية التي تُكتب في الجامعات العراقية، لماذا؟، لأن المسألة ليست مسألة مؤسسية أو مخطط لها، وإنما هي مسألة اختيار شخصي بحيث أننا مثلا لا نخلق فرَق بحثية على مستوى الجامعات أو على مستوى الكليات أو على مستوى العراق، حتى تعالج مشكلة ما، قد تكون مشكلة تقنية، أو طبية، أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، وإنما يتصدى الباحث لهذا البحث من وحي ذهنه فيكتب في موضوع معين وقد يصل إلى نتائج معينة، لكن تبقى هذه القضية عشوائية، وانتقائية وهذا لا يوصلنا إلى الابتكار، ولا يصل بنا إلى وسائل مبتكرة أو حلول مبتكرة، من الممكن لها أن تتصدى لحل المشاكل.
على المستوى المؤسسي لا يوجد هناك تحالف حقيقي بين الجامعات، على مستوى الجامعات الأهلية أو الحكومية، وإنما كل جامعة (تغني على ليلاها)، وكل همها هو الدخول في التصنيفات العالمية الوهمية، والناتج منها وهمي لا أكثر ولا أقل، وبدأت الوزارة تضغط على الجامعات للدخول في هذه التصنيفات الوهمية التي هي غير منتجة وبدأت الجامعة تستهلك مواردها من أجل الوصول إلى هذه الأشياء دون أن تبتكر وسائل تعليمية حديثة، أو طرق تعليمية حديثة، أو مناهج علمية حديثة من الممكن أن تطور قابليات المتعلمين وما شاكل ذلك.
ولو أننا جئنا إلى مستوى القطاع الخاص، فربما يكون أكثر قربا من الابتكار لكنه لا يزال خجولا أيضا، أتصور لو أننا دققنا في القطاع الخاص نجد هناك ابتكار علاجي وابتكار وقائي، ابتكار علاجي نعالج به الاخفاقات التي رافقت القطاع الخاص في العراق، ومحاولة القضاء على أسس مشاكل القطاع الخاص في العراق غير معتمدين على الدولة والحكومة والمؤسسات الرسمية التي تعجز عن حل مشاكلها الذاتية وهي عقبة في تطوير القطاع الخاص دون أن تكون لها يد في ذلك.
الابتكار الوقائي يفترض بالقطاع الخاص أن يبني سياسات وقائية تقيه من أن يقع في مشاكل القطاع العام، بسبب البيروقراطية والقوانين الضعيفة والفساد المالي المستشري أصبح عالة على الدولة وعالة على القطاع الخاص، فلابد أن تكون هناك سياسات انتقائية وقائية تقي القطاع الخاص من أن يقع في المشاكل التي وقع فيها القطاع العام، لاسيما أن القطاع الخاص اليوم عندما يريد أن يتحرك على القطاعات الاقتصادية يمكن أن تحقق له عائدا وفي نفس الوقت تحقق له إمكانية تحريك الاقتصاد الوطني في العراق.
هناك قطاعات ممتازة ممكن أن يتحرك عليها مثل قطاع السكن والنقل والسكن والنفط ومشتقاته وقطاع التجارة بشكل عام، لكن هذا الأمر يعتمد على كيفية استطاعة هذا القطاع أن يعمل على تأسيس مشاريع معينة، شركات عابرة للمحافظات وعابرة للمشاكل التي عانى منها القطاع الخاص في الماضي، لكي يتمكن من أن يعالج المشاكل السابقة ويبدأ بالذهاب نحو الابتكار، واليوم نلاحظ أن غالب المشاريع التي يقوم بها القطاع الخاص، مثلا افتتاح سلسلة مطاعم ليست مشاريع اقتصادية حقيقية في قطاعات استراتيجية يمكن أن تحقق طفرة في الاقتصاد العراقي، وإنما هي في الغالب مشاريع استهلاكية لتحقيق الدخل السريع فقط لا أكثر ولا أقل، وهي ليست مشاريع حقيقية يمكنها معالجة مشاكل اقتصادية معينة.
الباحث حامد عبد الحسين الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
أثارت الورقة مجموعة من الأفكار ومنها النقطة التي تتعلق بالابتكار والثقافة، وكذلك الابتكار والديمقراطية، والابتكار واقتصاد السوق، وكذلك الابتكار والبحث والتطوير.
هناك علاقة قوية ومترابطة بين الابتكار والثقافة، تُرى هل أن ثقافة المجتمع داعمة للابتكار أم هي ثقافة ضد الابتكار، وهذه المسألة سوف ترتبط بمسألة تتعلق بعالم الأفكار وعالم الأشياء التي أشار لها بشكل مفصل المفكر الجزائري مالك بن نبي.
فمجتمعنا عنده ثقافة دائما تدعم مسألة الأشياء، فينطلق من الإبرة إلى الطائرة، أو إذا تدعم مسألة الأشخاص فسوف نبتعد كثيرا عن عالم الأفكار الذي يعتمد دائما على مسألة الخيار، والابتكار كذلك يعتمد على مسألة الخيار. فحين تكون هناك خيارات في المجتمع وفي كل مؤسساته سوف يكون هناك إيجاد ابتكار متطور أو خلق خيار جديد، أو خيال وحرية، والأشياء قائمة على الحرية.
المسألة الثانية هي مسألة الابتكار والديمقراطية: وهنا لا نتكلم عن الديمقراطيات الناشئة بل عن الديمقراطيات الراسخة، نلاحظ أن الابتكار يأخذ مداه وينمو بشكل متسارع لماذا؟، لأن الديمقراطية قائمة على مسألة الحرية التي تتيح نوع من التنافس بين الأحزاب السياسية وهذه تنطلق من ثقافة المجتمع، يعني وجود ثقافة مجتمع تقوم على الحرية وتشجع الابتكار، وقائمة على الرأي والرأي الآخر، حتى مسألة اختيار الأشخاص يتم بشكل انسيابي ومن دون أي تدخل وإجبار كما هو حاصل في مجتمعنا. فمسألة الابتكار تعد قضية ديمقراطية، إذا كان المجتمع ديمقراطي ونظام ديمقراطي ثقافة وحكما فهنا سوف يكون للابتكار دور قوي وواضح المعالم.
مسألة الابتكار واقتصاد السوق: هذه المسألة شبيهة بمسألة الابتكار والديمقراطية، اقتصاد السوق القائم على مسألة الكلفة والتنافس ومنع الاحتكار، لأنه وجود الاحتكار يعني عدو وجود منافسة باتجاه رفع النوعية وتخفيض الكلفة، فوجود تنافس بين منتج أ ومنتج ص وتنافسهم على انتاج سلعة معينة سوف يتوحدان كلاهما في السعر، بعيدا عن النوعية فكل منهما يريد أن يحقق أرباح تؤدي إلى إلغاء مسألة النوعية، ولذلك فإن مسألة الكلفة والسوق تسمح بتطوير مسألة الابتكار، فتكون الأرباح داعم ومشجع وحافز للابتكار.
مسألة البحث والتطوير: إن مسألة البحث والتطوير خصوصا الذي يتعلق بالمؤسسات الرسمية كالتربية والتعليم أو تخصيص محفزات معينة لمسألة البحث والتطوير، أو الدولة وتخصيص الاستثمارات لتطوير المجتمع باتجاه الابتكار، لا توجد في العراق تخصيصات لتشجيع البحث والتطوير ونسبتها قليلة جدا، وقد تكون نسبتها صفر.
مقترحات لتطوير الابتكار: إنشاء مراكز متخصصة للابتكار، وتولي هذه المسألة بحث مستفيض من حيث الابتكار مفهوما وأسباب ودوافع، ويقع على عاتقها دراسة الابتكار، والهدف من الوصول إليه.
كذلك وضع خطط شاملة للابتكار، بعد أن نؤسس مراكز متخصص بالابتكار بشكل جيد يتم وضع خطة لدور الدولة.
إيجاد الدعم المادي والمعنوي، لكل المؤسسات من القطاع العام والخاص وهذا يتعلق بقضية الحافز والدافع.
الإعلام ودوره في التشجيع على ثقافة الابتكار، للإعلام دور كبير في تشجيع المجتمع للتوجه نحو الابتكار، بعد إيجاد المحتوى للابتكار.
الحقوقي أحمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
الابتكار والاختراع أحدهما يختلف عن الآخر، الاختراع يخص الصناعة وشهادات وبراءات الاختراع التي نسمع بها بين فترة وأخرى تُعطى لأحد المفكرين في مجالات عدة من ضمنها البحوث في الجامعات، وقد سمعت في 2012 إن إحدى الجامعات اتفقت مع طلاب من كلية العلوم على شراء بحوثهم من قبل شركات في القطاع الخاص وصناعة مادة جيلاتينية تمتص الصدمات، وكان هذا بحث تخرج لدراسة جامعية أولية وفعلا أنجزوا بحوثهم وأكملوها وسلموها للشركة التي وعدتهم بأن يتم توظيفهم من ضمن كادرها، ونجحوا بالفعل في هذا الشيء وهذا من باب التحفيز.
يحدث الابتكار دائما في البيئة المأزومة التي توجد فيها مشاكل كثيرة، لأنه إذا توفرت الحلول وانعدمت الأزمات فلا يوجد داع للابتكار، أتذكر في يوم من الأيام أحد الأعمال الدرامية يحتاجون إلى وزة أو بطة لكي تمثل معهم فاضطروا إلى الذهاب لإحدى النساء واستأجروا وزة منها مقابل مبلغ معين فأحصوا عدد المشاهد التي تشارك فيها هذه الوزة فوجدوا أن المبلغ الذي يجب أن تتقاضاه كثير جدا، فاقترح أحدهم أو ابتكر الحل وهو أن يشتروا وزة ويكون ثمنها خمس ثمن إيجار الوزة من المرأة، وبعدما أنجزوا مشاهد المسلسل فإن الوزة تعود للقطاع العام ويجب أن يأتوا بوصل قبض، وبعد إكمال المسلسل يجب أن تُرسل الوزة إلى مخزن، والمسؤول عن المخزن أجرى لها إدخال مخزني، وعينوا لها موظفا مسؤول عن إعطائها العلف والماء يوميا ويرعاها، وأردوا أن يبيعوها في مزاد علني لكن تم إيقاف البيع كون ذلك يخالف أحد بنود نظام البيع، ثم أخذ الموظف المسؤول عنها إجازة ولم يعطها ماء وطعاما فماتت الوزة وتم تحويل الموظف إلى النزاهة وألزموه بدفع قيمة الوزة مضاعفة، وتم ذلك بعملية طويلة وإجراءات معقدة اشتركت بها لجان تحقيقية وتدخلت أكثر من دائرة في هذا الموضوع من أجل وزة أو بطة اشتركت في المسلسل.
هناك شخص من الامارات قام بتحويل ملكية سيارة من شخص إلى آخر وتم انجاز المعاملة إلكترونيا في خمس دقائق، في حين أننا في العراق نحتاج إلى دائرة بكامل الموظفين ووقت طويل لإنجاز تحويل الملكية، فالسياسة العامة للبلد تهدف إلى إغراقك وإلهاءك، فتشغل دوائر رسمية كثيرة واستهلاك للأموال، كذلك يوجد في هذه الإجراءات إذلال للمواطن.
وقد لاحظت الكثير من أساتذة الجامعات يهدر نصف وقته ليس في البحث العلمي وإنما لكي ينجز معاملة ترقية حيث يوجد فيها تعقيد وإضاعة وقت طويل، لكن يجب ابتكار الوسائل التي تحفظ كرامة الإنسان، لكن يبدو أن السياسة العامة للدولة ضد الابتكار، وكذلك ثقافة الناس تثبط من عزيمة أي شخص يمكنه ابتكار شيء معين، فيتم الاستهزاء به، كأن يقوم بعمل ورشة وصناعة طائرة صغيرة مثلا، وبعض الأشخاص تمت محاسبتهم لأنهم اخترقوا المجال المرسوم، فكثير من الابتكارات تعيقها سياسات الدولة.
العراق في ظل المشاكل التي يعاني منها هو مهيّأ لنجاح الابتكارات فيه، بينما الدول التي لا توجد فيها أزمات لا أعتقد تحتاج إلى الابتكار، بينما في العراق يمكن أن نقوم بالابتكار في كل المجالات مثلا في إدارة الموارد المائية أو في إنجاز المعاملات، وفي تقديم الخدمات، ففي كل شيء يمكنك أن تقدم الابتكار وكما تفضل المشاركون في هذه الحلقة العقول موجودة فعلا، وإذا وضعتها في بيئة أخرى سوف تقدم عطاء جيد.
الكاتب باسم الزيدي، باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:
إن الابتكار الأول الممكن في العراق هو الابتكار في الفساد، وأساليبه، ونلاحظ حاليا الابتكارات التي تحدث في السرقة وغيرها، لا أريد أن أكون متشائما ولكن يجب أن نتكلم بشكل واقعي، في العراق إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة سنة 2022 وضعت العراق في المرتبة ما قبل الأخيرة في سياسات الابتكار وهذا هو الواقع، أما الأسباب فهي معروفة، وقد ذكرها الأخوة في مداخلاتهم وبعضها يتعلق بقطاعات مهمة وهي الأساس في تنشيط عملية الابتكار، ونعني بها قطاع تكنولوجيا المعلومات، هذا القطاع حيوي وداعم وفاعل.
صحيح إن الابتكار قائم على الفرد، ولكن الابتكار يعتمد على مجموعة قيم وفواعل تنشط هذا الابتكار، ومن ضمنها هذا القطاع، طبعا دخل العراق في هذا القطاع من قبل القطاع الحكومي وحتى القطاع الخاص، ولكن مازال يحبو، أي أن هذا القطاع لا يزال في بداياته رغم وجود مشاريع متطورة لكن العراق لم يتمكن من تحصيل القطاعات الرئيسية في مجال التكنولوجيا، ومنها في مجال أمن المعلومة وتخزينها وسهولة نقل المعلومة وقطاع الاتصالات والقطاع المصرفي، والعديد من القطاعات التي توفر أساسيات الابتكار.
وقد ذكر المتداخلون أسباب أخرى، أما الحلول لكي نقوم بتنشيط الابتكار فهناك مشكلة في بنية الدولة العراقية قائمة على الريع في كل الاختصاصات خصوصا في الاقتصاد، والريع هو عكس ونقيض تام للابتكار لأنه يخدر العقول وينتج الكسل والخمول وعدم الابتكار، لأن الأموال تصل إلى الأفراد سواء كان مبتكرا أو لم يبتكر، وهذا يحتاج إلى إدارة كاملة وتخطيط مفهوم لإدارة الدولة حتى يكون الابتكار هدفا ممكنا.
الابتكار أيضا قائم على مسألتين أساسيتين:
أولا: من الخطأ أن نقول إن الابتكار يقوم على القطاع الخاص، إذ يجب أن تكون هناك شراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، فيجب تشجيع الابتكار بالشراكة مع القطاع الخاص، ولا يمكن أن ينهض قطاع دون آخر في سياسة الابتكار.
ثانيا: أصلا أن سياسة الابتكار قائمة على المخاطرة، يعني في أي مجال يمكن أن يكون فيه ابتكار يكون قائم على المخاطرة، ولا يمكن أن نعرف النتائج إلا بعد تطبيقها على أرض الواقع، وبعد صرف الأموال ربما يتحقق النجاح وهذه المخاطرة يجب أن تتصدى لها الدولة وتقوم بها، لذلك فإن العراق حاليا بعيد كل البعد عن سياسة الابتكار وهو بلد ريعي يعتمد على الثروات الموجودة عنه في تسيير أمور بصورة بدائية.
الدكتور حسين السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
ببساطة الابتكار في رأي بسيط هو اكتشاف لسلع معينة نتيجة لحاجة معينة، أو إيجاد حل لمشكلة معينة، كل المجتمعات وكل الدول تعاني من مشاكل وأزمات، وأن يتم إلقاء اللوم على الدولة ومؤسساتها في موضوع الابتكار فنحن سنجد حتى في الدول المتقدمة لا يكتشفون شيئا مثلا الموظفون في الولايات المتحدة، بل الدولة هي التي تطلب الابتكار أو الاختراع لأنها يوجد لديها مشكلة، ولديها حاجة لهذا الاختراع، فمن يلبي أو يحفز الابتكار هو الحالة التنافسية المرنة القادرة على أن تستجيب لحاجات السوق وحاجات المجتمع وحاجات المؤسسات أو الشركات، هذه التنافسية هي الأهم.
من يخلق هذه التنافسية؟
الموضوع هو موضوع اقتصادي، فإذا جئنا إلى العراق، في رؤية بسيطة هو قائم على نظام اقتصادي من وجهة نظري المتواضعة هو نظام اقتصادي هجين، لا زال يعتمد على التوزيع المركزي، أو التخزين المركزي، ولا زال يعتمد في جزء من نفقاته على اقتصاد ريعي، بمعنى أن الدولة أصبحت مؤسسة رعاية اجتماعية، فتمنح كذا مليون راتب، فنحن نبذل جهدا حتى نتعين في الدولة، وعندما نتعين سوف نبذل جهدا حتى نحصل على إجازات، ونتملص من الدوام الرسمي.
فالدول بشكل عام بيروقراطية لا ترعى الاختراع، ممكن تدعو للاختراع لكن مؤسسات الدول لا يمكنها النجاح في موضوع الاختراع، في العراق القطاع العام هو الذي يستوعب أكثر النشاطات والأيدي العاملة، وهو الذي يستوعب أكبر دور بالناتج الاجمالي، مع أن الريع النفطي قد يكون مثبط لأي اختراع والأموال هي القادرة على جذب الاختراعات لكن تبقى المشاكل قائمة، حاليا دولة الامارات تستوعب كثيرا من الكفاءات الهندسية والعلمية على مستوى العالم، لكن هل استطاعت أن توجد اختراعات؟، كلا، لأن حاجة السوق منعدمة لهكذا اختراعات، لأنها ليست دولة صناعية، ولا زراعية بشكل كامل لكي تحتاج إلى اختراعات في تكنولوجيا المعلومات وغيرها.
عادة تكون الأزمات والمشاكل بيئة خصبة للابتكار وبيئة خصبة للانتشار، رؤية الدول وفلسفة التنمية ما عادت قائمة على التعزيز الاقتصادي وأن الناتج المحلي للدولة 200 مليار أو كذا مليار، حاليا الناتج المحلي في السعودية وفي الامارات عال جدا، وحتى العراق أيضا عال جدا، لكن هذا الناتج المرتفع غير متأتي من مشاركات قطاعات اقتصادية بسبب عدم وجود ابتكار أو اكتشاف أو عدم وجود قدرة للقطاع الخاص على منافسة القطاع العام.
من الممكن أن يكون قطاع النفط قائدا للقطاعات الأخرى، لكن حتى هذا المؤشر ما عاد مجديا لتلبية الحاجات، فظهرت لدينا التنمية البشرية وقد قالوا إننا لا يمكن أن نهتم بهذه التنمية ونترك الأجيال القادمة فظهرت لدينا التنمية المستدامة، ففلسفة العالم وفلسفة التنمية اختلفت على المستوى العالمي، والابتكارات الاجتماعية تتناسب مع فلسفة جديدة تتفق مع الأهداف الـ (17) هدف، حددتها الأمم المتحدة وبرامجها ومؤسساتها.
عندما نقول ابتكار فيجب أن يكون من القطاع الخاص كالجامعات أو الشركات والمصانع والمعامل والورش ومراكز بحثية وعلمية، التعويل على الدولة في مهمة الاكتشاف هذا أمر غير ممكن، لأنه في الاقتصاد الحقيقي يكون دور الدولة تنظيمي أمني، حماية الاقتصاد من التأثيرات الخارجية، وتشريعات وقوانين لتنظيم النظام الاقتصادي في البلد، اقتصاد السوق هو الذي يقوم على العرض والطلب، أما أن تحدد الدولة عدد الموظفين في القطاع العام، وسعر الصرف المالي فهذا لا يسمى اقتصاد سوق، بل هو اقتصاد هجين.
فلا يمكن للدولة أن تكتشف أو ترعى الاكتشاف بالإضافة إلى ما تفضل به المشاركون في النقاش، وكلها آراء صحيحة حول موضوع البيروقراطية والفساد، وفي ظل المشاكل الموجودة في البلد فإن كل القطاعات مهيّأة للابتكار، حتى العلوم الاسلامية، لدينا مشاكل قانونية وتنظيمية واقتصادية واجتماعية وفي التنشئة وفي التربية.
ما هي مقومات الابتكار؟
هل لدينا مقومات لهذا الابتكار في كل هذه القطاعات؟، الجواب نعم موجودة، فهناك اليوم أطاريح ماجستير ودكتوراه، كليات الطب تعالج مشاكل صحية معينة يتم نشرها في مجلات عالمية وتعتبر انجاز عالمي لكن كلية الطب لا ترسل هذا الاكتشاف إلى وزارة الصحة فلا يوجد تواصل بين دائرة الصحة والجامعة ولا يوجد تواصل بين وزارة الخارجية والجامعة، ولا بين التخطيط والجامعة والعدل والجامعة.
فهناك قطيعة بين كل الوزرات وحتى داخل مؤسسات الدولة، فلا ننتظر من الدولة أن ترعى الاكتشاف في القطاع الخاص، أهمية هذا الموضوع هو أن يتم تحييد دور القطاع العام في الاقتصاد، لأن أساس الابتكار والاكتشاف الاقتصادي والأرضية القوية لهذا المجال هو النشاط الانتاجي للبلد، وهذه الثقافة الاتكالية الموجودة لدينا على القطاع العام في التشغيل وتوزيع الموارد والتخصيص والتنمية والرعاية الاجتماعية والصحية.
هذا لا يمكن أن يخلق اكتشاف، فلسفة الدولة وإدارة المورد هي جزء من قطاع اقتصادي عام، واذا عدلت في الموارد لم تعد على القطاع العام، الساحة الأساسية القطاع الاقتصادي، فلسفة الدولة يجب أن تكون في اتجاه جديد ينمي القطاع الخاص، ولا يمكن أن يكون هناك ابتكار بدون قطاع خاص، ولا يمكن أن يكون هناك ابتكار إذا لم توجد حاجة لهذا الابتكار.
مثلا ما ذكر حول ابتكار طائرة، أين نذهب بالطائرة وما الفائدة منها، لكن مثلا مشروع عن إرواء النخيل أو المرشات أو غيرها، لذلك من دون حاجة فإن الابتكار لا يساوي شيئا، وبدون حالة تنافسية لا يمكن أن يتعزز الابتكار.
الباحث حيدر الأجودي، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
دائما ما تكون للبيئات المحيطة دور فعال وهام في التأثير على قوة المهارات الإبداعية وتغيير طريقة تفكيره التقليدية، فالابتكار هو صاحب الشرارة الأولى لتغيير طريقة التفكير التقليدية والخروج من عنق الزجاجة، من الأفكار المعتاد عليها، يجب أن يكون هناك أفكار إبداعية تختلف عن التقليدية، تحتاج المجتمعات دائما إلى من لديهم القدرة على إطلاق فكرة إبداعية تساعدهم على تطوير حياتهم.
فالعراق مهد الحضارات ومنذ الحضارة الأولى لديهم طريقة إبداعية، جاؤوا بابتكار وأفكار حداثوية منها مثلا المحرار، في اختصار الزمن وتقليل الجهد البدني لديهم، وأيضا ابتكروا العجلة الدوارة، كل هذه الوسائل جاءت كمرحلة أولى وكابتكار أولي في مراحل تلتها اختصارا للزمن وتقليل الجهد البدني في ذلك الوقت.
هناك حكمة تقول إذا كان الجميع يفكر بطريقة واحدة، فهذا يعني ليس هناك تفكير أصلا، قوة الابداع تأتي من مكافحة الروتين، فإذا كانت هناك أساليب لمكافحة الروتين الممل فهناك طرق إبداعية ومبتكرة، لذلك فإن تعميم ثقافة الابتكار تأتي من الفرد أولا ومن البيئة الداخلية وتعليم الأبناء بطريقة تعلّم تختلف عن الأساليب التقليدية.
بالنسبة للتدريس والتعليم في المدارس، كثير من علماء النفس أشاروا إلى أن طريقة المشاركة أفضل من طريقة التعليم بالتلقين، وجلستنا هذه واحدة من الجلسات الإبداعية، الابتكارية، وهي المشاركة بالآراء، في الشأن الزراعي التخصصي عانينا كيف نوصل للفلاحين فكرة تقول إن هذا العمل خاطئ أو غير صحيح، باعتبار هم أصحاب مهن ورثوها من آبائهم، واجدادهم، فمن الصعب أن يقتنع بفكرة جديدة، فقال علماء النفس إن إيصال الفكرة للمقابل ليس بالتلقين أو بالتعليم وإنما بالمشاركة، أي تشاركه مشكله ومن ثم نقوم بكيفية وضع الحلول وأترك الفلاح نفسه هو الذي يحل المشكلة، ولكن بطريقة غير مباشرة وهي طريقة المشاركة، وهذه هي إحدى الطرق الابتكارية التي وضعها علماء النفس وجاءت بنتائج جيدة ولمسنا نتائجها ومنها طريقة الري بالتنقيط، وبالمرشات وغادرو الطريقة المعتاد عليها بالسقي، وهدر الكثير من المياه.
الأستاذ عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
الإنسان يميل إلى الجديد دائما، ومنذ العصر الحجري كان الإنسان يميل إلى البحث عن الأفضل، فما هو الابتكار، إنه إيجاد الوسائل الأفضل لتطوير حياة الفرد والانتقال إلى تطوير المعيشة اليومية، فكان الإنسان يسكن الكهوف ثم ارتقى إلى البيوت واليوم يبحث عن مكان آخر في الفضاء.
لكن المشكلة في قضية الابتكار توجد هناك أساسيات عند الإنسان حتى ينطلق في ضوئها:
الأساس الأول: يجب أن تكون لديه حياة يطمئن لها، حتى لو كانت بسيطة أو عالية المستوى، فالإنسان الذي لا يمتلك قوت يومه لا أعتقد أنه سوف يفكر باتجاه الابتكار، فيلزم أن يكون عنده اطمئنان في قضية قوت يومه، أو على أقل تقدير استمرارية كسب رزقه.
فهو يفكر يوميا في إيجاد حلول لمشاكل المعيشة فكيف يفكر باتجاه الابتكار، هذه نقطة مهمة جدا وأنا باعتقادي لو كان هناك ابتكار لما حدث ما حدث، أن إحساس الإنسان بالاطمئنان من الممكن أن تولد عنده أفكار للابتكار، أما إذا كان يعيش حياة قلقة فلا يمكن أن يتجه نحو الابتكار.
الأساس الثاني: طبيعة الدولة التي ترعى الفرد، ما هو نوع هذه الدولة، هل تنمي الفرد وتحثه على التجديد أم لا، وهي دولة تريد أن تجعل من الفرد رقما في مجتمعها، فتستخدمه في القضايا السياسية وإدارة الدولة وأهداف أخرى، أم لا، هي تريد أن تبني إنسانا يوجد حلولا ويطور حياته، وهذه النقطة مهمة جدا أيضا.
الأساس الثالث: على مستوى العراق باعتقادي أن كل الحكومات التي حكمت العراق جاءت بالطريقة العسكرية، وهذه نقطة تنافي الابتكار أساسا، وهي نقطة قاتلة للابتكار، الدولة التي تفكر بطريقة العسكر دائما ترى كل ابتكار قد يرقى إلى مخالفة أو جريمة أو مؤامرة، بعض الأخوة يتحدثون عن إن أحد الأشخاص مرتكب لجريمة في مدينة الصدر في بغداد بعد أن ابتكر تصفية مواد بطريقة مبتكرة وبنسبة عالية جدا، فتم اعتقاله واعتبر ما قام به جريمة، قد تكون هناك مخالفة للقوانين صحيح، ولكن العقلية التي يحملها والقدرة الموجودة لديه من المفترض توفير فرص أخرى من الممكن أن ينجح فيها.
فالدولة التي تنظر إلى كل شيء هو حالة من الغموض ويشكل لها تهديدا أمنيا، وكل عقلها عقل عسكري، أنا باعتقادي أن هذه الدولة ضربت أساس الابتكار، فوجهة نظري يجب توفير استقرار نفسي في حياة الإنسان، وضمان معيشته اليومية وضمان مستلزماته اليومية في قضية الاستقرار ووجود الدولة التي لا تنظر إلى الابتكارات على أنها حالة من التهديد لها.