الاتفاق النووي الإيراني والاشتراطات المعقدة

شبكة النبأ

2023-06-13 07:10

هناك مؤشرات على بدء مفاوضات جديدة حول الاتفاق النووي الإيراني، من تلميحات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية حول إمكانية التوصل الى اتفاق مع الغرب ولكن بشروط إيرانية، الى ما نقله موقع ميدل إيست آي بأن إيران والولايات المتحدة قد توصلتا إلى توافق على اتفاق مؤقت لإحالته لقادة البلدين.

وتواصل إيران محادثاتها غير المباشرة مع الولايات المتحدة بوساطة سلطنة عمان لا سيّما بشأن الأميركيين المحتجزين لديها، وتسعى طهران إلى رفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها منذ العام 2018 والتي أثرت بشدة على اقتصادها.

لكن الاتفاق النووي لازال يصطدم مع الاشتراطات الإسرائيلية والخليجية التي تطالب بكبح الطموحات الإيرانية النووية والصاروخية، وخصوصا المخاوف التي برزت مع تصاعد قدرات البرنامج النووي الإيراني على التخصيب، فقد جمعت طهران مخزونا من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 60 بالمئة ووجدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية آثارا لتخصيب بلغ 83.7 بالمئة أي بالقرب من درجة 90 بالمئة التي من الممكن استخدامها في إنتاج قنابل.

وقال مسؤولو إدارة بايدن منذ شهور إن الوقت الذي ستحتاجه إيران لإنتاج ما يكفي من المواد المستخدمة في صنع قنبلة نووية واحدة قد تضاءل إلى أسابيع، حيث صرح مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في فبراير/ شباط إن المدة يمكن أن تكون أقصر من 12 يوما.

لا ضير في الاتفاق

نقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن الزعيم الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي قوله إن من الممكن التوصل إلى اتفاق مع الغرب حول أنشطة طهران النووية إذا ظلت البنية التحتية النووية للبلاد دون مساس.

وأضاف "لا ضير في الاتفاق (مع الغرب) لكن البنية التحتية لأنشطتنا النووية لا ينبغي المساس بها"، وتابع أنه يتعين على طهران مواصلة العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في إطار من الضمانات.

وقال خامنئي إن الغرب لا يمكنه منع إيران من صنع أسلحة نووية إذا أرادت مواصلة برنامجها للأسلحة النووية، وذلك وسط تصاعد التوترات بشأن الأنشطة النووية المتقدمة للبلاد.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن خامنئي قوله "الحديث عن أسلحة طهران النووية كذبة وهم (الغرب) يعرفون ذلك. لا نريد صنع أسلحة نووية بسبب عقيدتنا الدينية وإلا لما تمكنوا من عرقلة ذلك".

وقال خلال لقاءٍ مع المسؤولين عن البرنامج النووي "أحثّكم على البقاء على اتصال مع الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)، يجب الحفاظ على التعاون" معها.

وتأتي تصريحات خامنئي في وقت استأنفت الجمهورية الإسلامية اتصالاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأشهر الأخيرة، بعدما كانت قد قيّدت تبادلاتها معها بشدّة، وفصلت كاميرات المراقبة عن منشآتها النووية العام الماضي.

وأفادت الهيئة الأممية في نهاية أيار/مايو عن "تقدّم" في التعاون مع إيران، منبهة في الوقت نفسه الى أنّ الجمهورية الإسلامية زادت بشكل كبير مخزونها من اليورانيوم المخصّب في الأشهر الأخيرة.

إضافة إلى ذلك، قرّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إغلاق الملف بشأن وجود مواد نووية في واحد من المواقع الثلاثة غير المعلن عنها، بعدما أدّى ذلك إلى توتير العلاقات بين الطرفين لفترة طويلة.

وحثّ خامنئي الأحد المسؤولين عن البرنامج النووي على "عدم الخضوع لضغوط... المزاعم التي لا أساس لها"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني وردًا على سؤال حول تقارير إعلامية تتحدث عن تقدّم في المفاوضات بين طهران وواشنطن، قال كنعاني إن المحادثات الجارية في مسقط "ليست سرّية".

وقال خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي "رحّبنا بجهود جميلة لسلطنة عمان وكبار المسؤولين في هذا البلد، والتي طرحت قبل عدة أسابيع، لتفعيل المفاوضات الرامیة إلی إلغاء الحظر عن ایران، وتبادلنا الرسائل مع الجانب الآخر".

وأضاف أن "تبادل الرسائل هذا مستمر".

والعلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن مقطوعة منذ العام 1980 عقب الثورة الإسلامية في إيران.

بالإضافة إلى ذلك، نفى كنعاني إعلان البيت الأبيض بأن إيران كانت تقدم معدات لروسيا "لبناء مصنع للطائرات المسيّرة".

وقال "ننفي أي اتهامات بشأن تصدير أسلحة إلى روسيا لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا".

نفي مشترك

وتأتي هذه التصريحات في وقت أفادت تقارير صحافية عن اتصالات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي أُبرم في العام 2015، وانسحبت منه الولايات المتحدة خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في العام 2018.

فقد نفت الولايات المتحدة وإيران تقريرا أفاد بأنهما تقتربان من التوصل لاتفاق مؤقت تقلص طهران بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات عنها.

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض "التقرير غير صحيح ومضلل" وذلك في إشارة إلى مقال بموقع ميدل إيست آي الإلكتروني، ومقره لندن.

وأضاف "أي تقارير عن اتفاق مؤقت كاذبة".

وكرّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ إدارة الرئيس جو بايدن لن تسمح لإيران بالحصول على قنبلة نووية، وهو ما تنفي إيران سعيها اليه.

وألقت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أيضا بظلال من الشك على التقرير قائلة "تعليقنا مماثل لتعليق البيت الأبيض".

ونقل موقع ميدل إيست آي عن مصدرين لم يكشف عن هويتيهما قولهما إن إيران والولايات المتحدة "توصلتا إلى توافق على اتفاق مؤقت" لإحالته لقادة البلدين.

وقال التقرير إن إيران ستلتزم بوقف تخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 60 بالمئة أو أكثر وستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة مقابل السماح لها بتصدير ما يصل إلى مليون برميل من النفط يوميا والحصول على "دخلها وأموال أخرى مجمدة في الخارج".

وتراجعت أسعار النفط أكثر من ثلاثة دولارات للبرميل في أعقاب تقرير ميدل إيست آي، ثم قلصت خسائرها بعد نفي البيت الأبيض.

وقال الموقع إن المحادثات قادها المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روب مالي والسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني في تراجع فيما يبدو لرفض طهران التعامل مباشرة مع المسؤولين الأمريكيين.

ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على أي محادثات من هذا القبيل، واكتفى بالقول إن هناك وسائل لنقل رسائل إلى إيران لكنه لم يذكر بالتفصيل محتواها أو كيفية نقلها.

وقال مسؤولان إيرانيان لرويترز إنه تم إحراز تقدم لكن لا يوجد اتفاق وشيك. وذكر ثالث أن مالي وإيرواني التقيا ثلاث مرات على الأقل في الأسابيع الماضية لكنه لم يذكر تفاصيل.

وقال مسؤول إيراني كبير "حدث بعض التقدم وتبادلنا مقترحات ورسائل مع الأميركيين... لكن ما زال هناك تفاصيل كثيرة يتعين علينا مناقشتها".

وكان هذا الاتفاق يهدف إلى تقييد نشاطات إيران النووية في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

ووصلت المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع ست قوى كبرى إلى طريق مسدود في سبتمبر أيلول وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين بتقديم مطالب غير منطقية.

وفي عام 2019، بدأت إيران في انتهاك بنود الاتفاق ردا على انسحاب الولايات المتحدة منه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018.

وحد الاتفاق من نشاط إيران في مجال تخصيب اليورانيوم وجعل من الصعب على طهران تطوير أسلحة نووية، وذلك مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

ونفت طهران وواشنطن يوم الخميس تقريرا أفاد بأنهما يقتربان من إبرام اتفاق مؤقت تكبح طهران بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات عنها.

ويبحث مسؤولون أمريكيون وأوروبيون عن طرق لتقييد برنامج طهران النووي منذ انهيار المحادثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة.

وكان هذا الاتفاق الذي استهدف منع إيران من تطوير سلاح نووي، يقتضي من طهران قبول قيود على برنامجها النووي ومزيد من عمليات التفتيش المكثفة من الأمم المتحدة مقابل إنهاء عقوبات المنظمة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وكان أحد الحلول الممكنة هو التوصل إلى اتفاق مؤقت تقبل إيران بموجبه قيودا أقل على برنامجها النووي مقابل تخفيف أكثر تواضعا للعقوبات مقارنة باتفاق 2015.

وانسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من اتفاق 2015 الذي وضع حدا أقصى لإيران في تخصيب اليورانيوم عند 3.67 بالمئة. وأعاد ترامب فرض العقوبات الأمريكية لعرقلة صادرات النفط الإيرانية.

وجمعت طهران منذ ذلك الحين مخزونا من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 60 بالمئة ووجدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية آثارا لتخصيب بلغ 83.7 بالمئة أي بالقرب من درجة 90 بالمئة التي من الممكن استخدامها في إنتاج قنابل.

دبلوماسية الردع

بدوره قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة "تفضل النهج الدبلوماسي لتقييد القدرات النووية الإيرانية"، لكنه شدد على أنه إذا فشل ذلك "ستكون جميع الخيارات مطروحة على الطاولة لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي".

وأضاف بلينكن، في تصريحات أمام مجموعة الضغط المؤيدة لإسرائيل (إيباك): "ما زلنا نعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة يمكن التحقق منها بشكل فعال ومستدام لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وفي موازاة ذلك، فإن الضغط الاقتصادي والردع يعززان دبلوماسيتنا".

وحذر مسؤولو إدارة جو بايدن مرارا وتكرارا من أنه في حالة عدم وجود حل دبلوماسي، فسوف يفكرون في أساليب أكثر عدوانية من أجل منع طهران من الحصول على مثل هذا السلاح.

دبلوماسية تبادل للسجناء

وفي سياق متصل قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في مؤتمر صحفي أسبوعي إن بلاده قد تجري تبادلا للسجناء مع الولايات المتحدة قريبا إذا أبدت واشنطن حسن النية.

جاء ذلك بعد يوم من تلميح الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى إمكانية التوصل لاتفاق نووي مع الغرب.

وقال كنعاني "بالنسبة لمسألة تبادل السجناء مع الولايات المتحدة.. المفاوضات جارية عبر وسطاء... إذا أظهر الطرف الآخر نفس الجدية وحسن النية فيمكن لذلك أن يحدث في المستقبل القريب".

وشدد كنعاني على أن وساطة عُمان تشمل أيضا عملية تبادل الأسرى التي "تستمر المفاوضات بشأنها"، مضيفًا "يمكننا أن نعبر عن ارتياحنا لأن هذا سيحدث إذا كان الجانب الآخر جادًا أيضًا، لذلك كل شيء يعتمد على إرادة الجانب الآخر".

وتحدثت إيران في العام 2022 عن احتجاز "عشرات" المواطنين في الولايات المتحدة اتهم بعضهم بـ"الالتفاف حول العقوبات الأميركية" المفروضة على طهران.

وفي الأسابيع القليلة الأخيرة، أفرجت إيران عن ستة أسرى أوروبيين واستعادت دبلوماسيًا إيرانيًا أُدين بالإرهاب وسُجن في بلجيكا.

ومن بين الأمريكيين المحتجزين لدى إيران سياماك نمازي وهو رجل أعمال إيراني يحمل الجنسية الأمريكية وصدر بحقه حكم في 2016 بالسجن عشر سنوات بتهمتي التجسس والتعاون مع الحكومة الأمريكية.

كما ناقش الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تعزيز العلاقات الثنائية في محادثة هاتفية، وفق ما أفاد مسؤول إيراني.

وقال نائب رئيس ديوان رئيسي محمد جمشيدي عبر تويتر إن الزعيمين "ناقشا سبل تعزيز العلاقات، ولا سيما المفاوضات الجارية (حول الملف النووي) والتطورات الإقليمية".

وتأتي المكالمة الهاتفية التي استمرت ساعة ونصف ساعة بعد نحو شهر من الإفراج عن الفرنسي بنجامان بريير (37 عاما) الذي سجن في أيار/مايو 2020، والفرنسي الإيرلندي برنار فيلان (64 عاما) الذي اعتقل في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2022.

وأفرج عن الفرنسيين بعد إطلاق سراح الباحثة الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه في 10 شباط/فبراير، رغم استمرار منعها من مغادرة الأراضي الإيرانية.

وأضاف المسؤول الإيراني أن رئيسي وماكرون "اتفقا على خارطة طريق"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

لا يزال أربعة فرنسيين محتجزين في إيران، من بينهم الأستاذة سيسيل كولر ورفيقها جاك باريس اللذان اعتُقلا في 7 أيار/مايو 2022، والاستشاري في القطاع المصرفي لويس أرنو (35 عاما) الذي اعتقل في أيلول/سبتمبر.

لا تزال هوية وظروف اعتقال الفرنسي الرابع غير معلنة.

وطالبت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في 16 أيار/مايو "بالإفراج الفوري وغير المشروط" عنهم.

وقالت كولونا حينها إن "35 شخصا" من "نحو 12 من الدول الأعضاء" في الاتحاد الأوروبي ما زالوا وراء القضبان في إيران.

تأتي المكالمة بين الرئيسين أيضا مع تعثر المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وكان الاتفاق قد حدّ من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع عقوبات على طهران.

بطء إيران في إعادة تركيب كاميرات المراقبة

من جهته اعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أن التعاون مع إيران "بطيء" جدا، داعيا طهران إلى تسريع وتيرة إعادة تركيب الكاميرات في المواقع النووية.

وكان غروسي قد رحّب لدى عودته من زيارة إلى الجمهورية الإسلامية أجراها في آذار/مارس، بتعهّد طهران إعادة تركيب أجهزة المراقبة التي تم تفكيكها في حزيران/يونيو 2022 في سياق تدهور العلاقات مع القوى الغربية.

بعد ثلاثة أشهر، اعتبر غروسي في افتتاح اجتماع لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقر الهيئة الأممية في العاصمة النمسوية فيينا أن "التقدّم أقل بكثير مما كان متوقّعا".

وشدّد في مؤتمر صحافي عقده لاحقا على أن "هذا الأمر يسير ببطء كبير".

وتابع "في الحقيقة ركّبنا كاميرات، أنظمة مراقبة في مواقع عدة لكن يتعين القيام بأكثر من ذلك بكثير"، خصوصا وأن إيران تواصل تصعيدها النووي على الرغم من نفيها السعي لحيازة قنبلة ذرية، وأضاف "علينا أن نسير بشكل أسرع".

وشدّد غروسي على أن ما تحقق ليس إلا "جزءا ضئيلا مما كنا نتطلّع إليه".

وتابع "حتى وإن أعيد تركيب كل الكاميرات، سيتعين على إيران أن توفر شتى أنواع المعلومات لسد الفراغ و"تجميع" كل قطع الأحجية لإكمال الصورة.

ولدى سؤاله بشأن انتقادات وجّهتها إسرائيل، العدو اللدود لإيران، بعد قرار الوكالة وضع بعض النزاعات جانبا، ولو مؤقتا، وفق تقريرين تم تقديهما إلى الدول الأعضاء، قال غروسي "نحن لا نخفّض معاييرنا إطلاقا ... لقد كنا صارمين ونزيهين من الناحية التقنية وعادلين، لكن حازمين".

وفي ما يتعلّق بموقع مريوان غير المصرّح عنه والواقع على مقربة من منطقة آباده جنوب إيران، قال غروسي إنه تلقّى "تفسيرات معقولة من جانب إيران" التي عزت وجود مادة نووية إلى "أنشطة تعدين نفّذت إبان الحقبة السوفياتية".

ونظرا إلى تعذّر "إثبات أو نفي" هذه المعلومات، بات يعتبر أن هذا الملف الذي بقي سنوات عالقا "قد تمت تسويته في هذه المرحلة".

لكن الوكالة تتمسك بتقييمها السابق والذي تعتبر فيه أن "اختبارات تفجيرية أجريت في الماضي".

ويعد هذا الملف إحدى المسائل الخلافية التي أعاقت مفاوضات فيينا العام الماضي الهادفة لإحياء الاتفاق التاريخي المبرم في العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى (بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة)، والمعروف رسمياً بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة".

إيران تواصل الكذب

بدوره انتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهما إياها بالتقصير في مراقبة أنشطة إيران النووية. جاءت الانتقادات غير المألوفة في أعقاب تقرير أصدرته الوكالة الأسبوع الماضي، أشار إلى أن إيران قدمت إجابة مرضية فيما يتعلق باكتشاف جزيئات يورانيوم مشتبه بها. وبعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، زادت طهران تخصيب اليورانيوم. ويقول مسؤولون إسرائيليون وغربيون إن طهران يمكن أن تنتقل من درجة التخصيب 60% إلى 90% اللازمة لصنع أسلحة نووية في غضون أسابيع قليلة.

وقال نتانياهو أمام اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي، في تصريحات نقلها التلفزيون: "إيران تواصل الكذب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية. رضوخ الوكالة للضغط الإيراني وصمة في سجلها".

وأضاف: "إذا أصبحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية منظمة سياسية، فإن نشاطها الرقابي في إيران وتقاريرها عن النشاط النووي الإيراني سيكونان بلا أهمية".

وكانت الوكالة قد ذكرت، أنه بعد التحقيق وعدم إحراز تقدم على مدى السنوات السابقة، قدمت إيران إجابة مرضية فيما يتعلق بالعثور على جزيئات يورانيوم في أحد المواقع الثلاثة المشمولة بالتحقيق.

وقال دبلوماسي كبير في فيينا، إن هذه الجسيمات يمكن تفسيرها بوجود مختبر ومنجم يعودان للحقبة السوفيتية هناك، مشيرا إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس لديها أسئلة أخرى.

وفي إشارة واضحة إلى ذلك، قال نتانياهو: "ذرائع إيران ... فيما يتعلق بالعثور على مواد نووية في مواقع محظورة، لا يمكن الوثوق بها فحسب، كما أنها مستحيلة أيضا من الناحية الفنية".

لكن الدبلوماسي الكبير أضاف في مقابلة مع رويترز، أن تقييم الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يزال قائما على أن إيران أجرت تجارب متفجرات هناك قبل عقود كانت ذات صلة بالأسلحة النووية.

وفي خطاب للأمم المتحدة عام 2012، اعتبر نتانياهو أن تخصيب إيران لليورانيوم بدرجة نقاء 90% "خط أحمر" يمكن أن يؤدي إلى ضربات استباقية.

ومع ذلك، ينقسم الخبراء حول ما إذا كانت إسرائيل التي لديها جيش متطور يعتقد أنه مسلح نوويا، يمكن أن تلحق أضرارا دائمة بمنشآت إيران مترامية الأطراف والبعيدة والمحمية جيدا.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس: "في حالة وصولنا إلى نقطة القرار، حيث يكون الخياران هما إما امتلاك إيران لقنبلة، أو قيامنا بعمل ما، فسيكون قرارنا هو اتخاذ إجراء".

وقال كاتس، عضو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، في تصريحات إذاعية: "نأخذ جميع الاستعدادات في هذه اللحظة بالذات".

أول صاروخ بالستي فرط صوتي

وفي سياق متصل كشف الحرس الثوري الإيراني عن أول صاروخ بالستي فرط صوتي محلي الصنع، بحضور الرئيس إبراهيم رئيسي الذي اشاد بالسلاح الجديد الذي "سيجعل البلاد أقوى".

ونشرت وسائل الاعلام المحلية صوراً للصاروخ الذي انتجته قوة الجو فضائية في الحرس الثوري الإيراني.

تم الكشف عن الصاروخ الذي أطلق عليه اسم الفتاح على منصة خلال حفل نُظم في مكان لم يتم تحديده بحضور الرئيس ومسؤولين عسكريين بينهم رئيس الحرس اللواء حسين سلامي، بحسب التلفزيون الرسمي ووكالة الانباء الرسمية (إرنا).

وقال رئيسي في كلمته "نشكر الله على هذا الإنجاز العظيم" لأنه "سيجعل البلاد أقوى".

وأضاف أن هذا الصاروخ سيعزز "قوة الردع" الإيرانية مما "يجلب الأمن والسلام المستقر لدول المنطقة".

واوضحت الوكالة أن الصاروخ "يبلغ مداه 1400 كلم کما تبلغ سرعته قبل إصابة الهدف 13-15 ماخ".

أعلنت الجمهورية الإسلامية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أنها صنعت هذا الصاروخ، مما أثار قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي قد اشار إلى أن هذا الإعلان "يجب ألا يؤثر" على المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران حول برنامجها النووي. والمفاوضات في طريق مسدود منذ صيف 2022.

خلافا للصواريخ البالستية التقليدية تحلّق الصواريخ الفرط صوتية على علو منخفض في الغلاف الجوي ويمكن التحكّم بها، ما يصعّب عمليّة توقّع مسارها واعتراضها.

سيعزز تطوير صاروخ الفاتح ترسانة إيران العسكرية وبالتالي مخاوف العديد من الدول، في مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل، وتخشى الأخيرة أن تبلغ الأسلحة الإيرانية أراضيها.

وتؤكد طهران أن هذا الصاروخ يمكنه اختراق أنظمة الدفاع الجوي لأي دولة في المنطقة.

أعلنت كل من روسيا وكوريا الشمالية والولايات المتحدة في 2021 أنها أجرت اختبارات لصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، ما أثار المخاوف من سباق تسلح جديد.

لكن روسيا تبدو متقدّمة في هذا المجال، وأعلنت في آذار/مارس 2022، أنها استخدمت صواريخ "كينجال" الفرط صوتية في الأسابيع الأولى من غزو أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير.

يأتي الكشف عن الصاروخ الجديد في حين تسعى إيران إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية، ومن ضمنها السعودية حيث من المقرر أن تعيد فتح سفارتها في الرياض الثلاثاء بعد قطيعة استمرّت سبع سنوات.

وأفادت تقارير اعلامية عن اتصالات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإحياء اتفاق 2015 واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، والذي يقيد الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية.

أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الاثنين أن ادارة الرئيس جو بايدن ترى أن ايران هي التهديد الرئيسي لأمن الدولة العبرية وأنه لن يُسمح لها أبدًا بحيازة سلاح نووي.

مجلس التعاون الخليجي يريد المشاركة في المفاوضات

من أكد مجلس التعاون الخليجي ضرورة مشاركة دول الخليج في جميع المفاوضات والاجتماعات الدولية حول البرنامج النووي الإيراني.

وشدد بيان للمجلس، صدر عقب اجتماع وزراء الخارجية الخليجيين، على "ضرورة" مشاركة دول المجلس "في جميع المفاوضات والمباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية بهذا الشأن".

ودعا البيان إلى "التزام إيران بعدم تجاوز نسبة تخصيب اليورانيوم التي تتطلبها الاستخدامات السلمية، وضرورة الوفاء بالتزاماتها والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

إلى جانب "أن تشمل المفاوضات، بالإضافة للبرنامج النووي الإيراني كافة القضايا والشواغل الأمنية لدول الخليج العربية، بما يسهم في تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة في إطار احترام السيادة وسياسات حسن الجوار والالتزام بالقرارات الأممية والشرعية الدولية لضمان تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس+سي ان ان

ذات صلة

الرحمة تصنع المدينة الفاضلةمركز الفرات ناقش دور الإصلاح الاداري في مكافحة الفساد الماليعلوم الإمام الصادق (ع) في نظر علماء الغربحكومات جديدة ونتائج قديمةغزة والحرب الأكاديمية