نتائج الانتخابات ومستقبل سياسات تركيا في العراق
وكالات
2023-05-18 07:11
كان احتمال فوز رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية أخرى في تركيا من شأنه أن يدق ناقوس الخطر في فترة من الفترات في أنحاء الشرق الأوسط، لكن بعد اتخاذه مواقف أكثر تصالحية في السنوات القليلة الماضية، لم يثر أداؤه القوي في الانتخابات يوم الأحد قلقا يذكر.
فقد أثبت أردوغان خطأ توقعات بأنه سيُمنى بخسارة فادحة، وحصل على أقل من نصف الأصوات بقليل تجعله في وضع جيد على ما يبدو في جولة إعادة في 28 مايو أيار أمام منافسه زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.
وعلى امتداد 20 عاما، تبنى أردوغان سياسة إقليمية قوية، فأرسل قوات لمحاربة الأكراد في العراق والاستيلاء على جيوب حدودية في سوريا، ودعم القوات الحكومية في ليبيا وتحدى قوى أخرى في الشرق الأوسط.
لكن مع تعثر الاقتصاد التركي، عدل أردوغان نهجه وتوصل إلى تسويات مع منافسين مثل الإمارات، لكن دون سحب القوات التركية على الأرض.
وفي حين أن بعض الجماعات الكردية مازالت تعتبر أردوغان عدوا، بات معظم حكومات الشرق الأوسط تعتبر الزعيم التركي جزءا من واقع وضع راهن مقبول في منطقة مضطربة.
وقال المعلق السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله "دول الخليج تفضل الاستمرارية على التغيير.. فالشخص الذي نعرفه أفضل من الذي لا نعرفه".
واختلف أردوغان مع الإمارات والسعودية ومصر بشأن دعمه للإسلاميين بعد الربيع العربي. لكن مع انتهاء معظم الانتفاضات وضعف جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء المنطقة، ضاقت شقة الخلاف بين تركيا والدول الثلاث إلى حد بعيد.
وأصلح أردوغان العلاقات مع الإمارات في 2021 ومع الرياض العام الماضي في مقابل الحصول على الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية.
وساعد هذا النهج التصالحي أيضا على تهدئة الصراع في ليبيا، حيث دعمت الإمارات ومصر القوى المهيمنة على شرق البلاد في مواجهة حكومة طرابلس المدعومة من تركيا. وفي ظل السلام غير المستقر منذ أن أنهت القوات التركية هجومها في الشرق عام 2020، أصبح لدى أنقرة الآن علاقات عبر خطوط المواجهة القديمة.
وقال طارق المجريسي، الخبير في شؤون ليبيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "الأمور تسير كالمعتاد (بعد الانتخابات) وستظل تركيا القوة المؤثرة التي يتطلع الجميع للعمل معها".
سوريا والعراق
حين بدأت الحرب الأهلية في سوريا، دعم أردوغان الثوار ضد الرئيس بشار الأسد. لكن مع عبور ملايين اللاجئين السوريين إلى تركيا وبعد أن أصبح للمقاتلين الأكراد وجود على الحدود، غير الرئيس التركي محور تركيزه.
وعمل مع داعمتي الأسد الرئيسيتين، روسيا وإيران، لاحتواء الصراع في بعض الأحيان، بينما كان يرسل قوات إلى سوريا إلى جانب قوات المعارضة المسلحة لانتزاع السيطرة على الأراضي من الجماعات الكردية.
وفي مناطق المعارضة، حيث ساعد الدعم التركي في صد هجمات الحكومة السورية، أعرب البعض عن دعمهم لأردوغان خوفا من أن ينهي كليتشدار أوغلو دعم أنقرة العسكري ويعيد اللاجئين إلى سوريا.
لكن في المناطق ذات الأغلبية الكردية، ما زال البعض يأمل في فوز المعارضة في الجولة الثانية.
وقال عزيز سليمان، السياسي الكردي في شمال سوريا، "نتمنى أن يكون الرئيس المقبل هو كليتشدار أوغلو، ليس لأنه أفضل من أردوغان، لكن لأن هناك سيء وأسوأ". ووصف الرئيس التركي بأنه "بلاء".
تكرر هذا الرأي في شمال العراق، حيث أرسلت تركيا قوات لقتال المسلحين الأكراد مع الحفاظ على علاقة مع السلطات الكردية في أربيل.
وقال ربيع محمود أحمد (30 عاما) وهو سائق في أربيل إن أردوغان "يقصف دائما المنطقة الأوسع. إذا رحل، فربما يتغير الوضع".
وقال كمران عثمان الذي يوثق ضحايا العمليات التركية في العراق، إنه لم يكن لديه أمل كبير في أن يغير فوز المعارضة في تركيا الأمور على المدى الطويل، لكنه يخشى أن يؤدي فوز أردوغان إلى مزيد من الصراع.
وأضاف "إذا أعيد انتخاب أردوغان، فسيعود أكثر قوة وأشد وطأة فيما يتعلق بالأمن في المنطقة. سيكون الأمر سيئا للغاية".
لكن بلال وهاب من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قال إن بعض السياسيين في بغداد "يفضلون التعامل مع الشيطان الذي يعرفونه".
وأحد تأثيرات فوز أردوغان على العراق هو صادرات النفط. وكانت تركيا قد أغلقت خط أنابيب في مارس آذار بسبب نزاع على النفط الذي تصدره المنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق، الأمر الذي أثار استياء بغداد.
وقال وهاب "إذا فاز أردوغان فقد يشعر بثقة أكبر في تعاملاته مع العراق... ويطالب بمزيد من التنازلات من بغداد وأربيل" من أجل فتح خط الأنابيب.
أكراد العراق يراقبون عن كثب
يراقب أكراد العراق عن كثب الانتخابات الرئاسية التركية، ويتطلّع الإقليم المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق والمتضرر من الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، إلى تهدئة، لكنه يتمسّك أيضا بالحفاظ على شراكة استراتيجية مع أنقرة.
رسمياً، لم يعلّق قادة الإقليم على التنافس المحتدم بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو المدعوم من تحالف من ستة أحزاب. لكن المحلّل السياسي العراقي الكردي عادل بكوان يلفت الى أنه في "وسائل الإعلام وفي المجال السياسي، الجميع منشغلون للغاية في الانتخابات التركية"، مذكراً بالدور الجيوسياسي "الأساسي" الذي تلعبه أنقرة في المنطقة.
على المستوى الأمني أولاً، يشكّل الصراع بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي امتدّ منذ سنوات طويلة إلى أراضي الإقليم العراقي، أحد أبرز التحديات.
وتنفّذ القوات التركية بانتظام ضربات جوية وعمليات برية ضد عشرات المواقع العسكرية في الإقليم لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة والغرب منظمة "إرهابية".
ويضيف بكوان، مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق، لوكالة فرانس برس أن "نتيجة هذه الانتخابات ستؤثر بشكل مباشر على اتجاه هذه الحرب على الأراضي الكردية في العراق".
وفي حال انتصار المعارضة، فهو لا يستبعد "إمكانية حصول تهدئة"، بعد أن مدّ كليتشدار أوغلو يده للأقلية الكردية.
الأكراد في طريق مسدود
وفي إشارة إلى التعطش لـ "الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي" في الشرق الأوسط، يعتقد الباحث في الشؤون التركية بوتان تحسين أنه حتى في حال فوز أردوغان، "ستكون تركيا بحاجة إلى مبادرة لتطبيع الأوضاع مع جيرانها، وخصوصا مع كردستان" العراق.
ويرى أن "مستقبل العملية الديموقراطية في تركيا مرهون بالتحالف مع الأكراد وإنصاف حقوقهم".
ويعتبر الباحث كذلك أن المعارضة التركية "تراهن على التهدئة وتريد فتح صفحة جديدة" مع الأكراد.
وخلال عقدين من الزمن، تحوّلت تركيا خلال فترة حكم أردوغان إلى قوة إقليمية أساسية في المنطقة، تتفاوض مع موسكو بشأن الحرب في سوريا، وتتحدّى واشنطن والأوروبيين.
باستثناء بيانات تدين انتهاك السيادة العراقية والعواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للمدنيين، لم تصعّد حكومة إقليم كردستان لهجتها قطّ ضد جارتها التي تظلّ قبل كل شيء شريكاً اقتصادياً استراتيجياً.
وهناك ثلاثة معابر حدودية برية بين الإقليم وتركيا، افتتح آخرها وهو معبر زيت الحدودي، في 10 أيار/مايو.
ولسنوات عديدة، اعتمد إقليم كردستان العراق على تركيا في تصدير حوالى 450 ألف برميل من النفط يوميا، دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.
وفي حين توقّف التصدير في آذار/مارس بسبب نزاع قانوني بين أنقرة وبغداد، يفترض أن يستأنف في نهاية المطاف، بمجرد تسوية قضايا فنية ومالية بين الطرفين.
ويقول بكوان "من الواضح أن من يحكم في أنقرة سيكون له تأثير في هذه القضية".
ويحذّر الباحث من أن الانتخابات قد تكون نقطة تحوّل بالنسبة لكردستان، إذ بنى القادة في أربيل علاقة شخصية مع إردوغان الذي أصبح "حليفاً مهماً للغاية".
ويوضح "بمجرد أن يتغيّر الرئيس، ستتغيّر مجمل العلاقات بين أربيل وأنقرة".
ويضيف "عندها ينبغي إعادة تكوين العلاقة والرابط مع شخص لا تعرفه"، مشيراً إلى أن "العالم الدبلوماسي يكره المجهول".
وفي انعكاس للعلاقات الجيدة التي تربط الإقليم بأنقرة، منعت سلطات مطار أربيل النائب التركي من حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد حسن أوزغونيش من دخول الإقليم وأعادته الى بلاده، مبرّرة ذلك بأنه جاء "بناء على طلب الأجهزة الأمنية الاتحادية" في بغداد.
في أواخر نيسان/أبريل، دعا حزب الشعوب الديموقراطي، وهو ثالث أكبر أحزاب تركيا، حلفاءه إلى التصويت لكمال كيليتشدار أوغلو.
وفي حين لم يقدّم تحالف المعارضة رؤيةً لكيفية حلّ القضية الكردية، إلّا أن كيليتشدار أوغلو اتهم في مقطع فيديو قصير نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي منافسه أردوغان بـ"إلحاق وصمة" بملايين الأكراد عبر ربطهم بالإرهاب.
وأكّد كليتشدار أوغلو أنّه في حال انتخابه سيفرج على الفور عن صلاح الدين ديميرتاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديموقراطي المسجون منذ 2016 بتهمة "الدعاية الإرهابية".
وعلى الرغم من أن كليتشدار أوغلو يتمتع بأسبقية حقيقية بين الأكراد، لكن الحذر يسود كردستان العراق، ممزوجا بشعور من التضامن القومي، فأكراد العراق يحلمون كذلك بحلّ لـ"القضية الكردية" في تركيا حيث يسجن زعماء المعارضة وتعاني الأقلية من التمييز.
في مقهى مام خليل في وسط أربيل والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى العام 1952، يتمنّى نزار سلطان (60 عاماً) وهو موظف حكومي في جامعة صلاح الدين في أربيل "أن تجلس الحكومة التركية المقبلة والأكراد على طاولة حوار".
ويضيف "في المرّات السابقة كلها، استخدموا الأكراد للوصول إلى غاياتهم للأسف ثم يقومون بعدها بتهميش الأكراد والتحايل عليهم".
بعدما أدلى بصوته في القنصلية التركية في أربيل، قال المواطن الكردي التركي قدري شمزينو (60 عاما) لوكالة فرانس برس، مرتدياً الزي الكردي التقليدي، "نحن لا نطلب شيئاً إضافياً للشعب الكردي".
وأضاف، وهو واحد من 3834 مواطناً تركياً مقيمين في كردستان العراق، "نريد المساواة مع المواطنين الأتراك في الحقوق وأن نعيش بكرامة على هذه الأرض لأننا أيضاً أبناؤها".
ودعا سيروان نجم (50 عاما) من مكتبته في وسط أربيل، الأكراد في تركيا إلى التصويت "للمرشح الذي سيعالج القضية الكردية بشكل دبلوماسي".
وشدّد على أن "المشاكل الكردية يجب أن توضع على طاولة الحوار وأن يتم حلها والاعتراف بحقوقهم الأساسية".
انتظار استئناف تصدير النفط
لا يزال العراق ينتظر "اتفاقاً نهائياً" مع تركيا من أجل استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، كما أعلنت حكومة الإقليم المتمتع بحكم ذاتي، بعد أكثر من شهر على توقفه.
ويأتي الإعلان بعد أيام من التكهنات إذ أعلن وزير النفط العراقي حيان عبد الغني الأسبوع الماضي أن إعادة التصدير ستنطلق في 13 أيار/مايو، قبل أن يشير مسؤولون في أربيل إلى أن العراق لا يزال بانتظار ردّ من تركيا بشأن طلب استئناف التصدير.
وقال رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني إن "حكومة إقليم كردستان أوفت بجميع التزاماتها استناداً إلى الاتفاق، وهي بانتظار التوصل إلى اتفاق نهائي بين الحكومة الاتحادية والحكومة التركية لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان".
وبعدما كان إقليم كردستان يصدّر نفطه عبر تركيا دون العودة لحكومة بغداد، لجأت الحكومة الاتحادية لإجراءات تحكيم مع تركيا المجاورة عام 2014 لدى غرفة التجارة الدولية في باريس.
وأصدرت هيئة التحكيم هذا العام قرارها لصالح بغداد. وأدى هذا الحكم إلى تعليق الصادرات منذ نهاية آذار/مارس. كما ألزم أربيل، عاصمة إقليم كردستان على التفاوض مع الحكومة في بغداد.
وتوصّل الطرفان لاتفاق للعمل سويا على هذا الملف. ووفق بنود الاتفاق بين بغداد وأربيل، يتعيّن على مبيعات النفط من كردستان أن تمر عبر شركة النفط الحكومية العراقية (سومو)، وليس حصرياً عبر السلطات الكردية المحلية. كما ينصّ الاتفاق على إيداع عائدات الصادرات الكردية في حساب تديره السلطات المحلية في كردستان وتشرف عليه بغداد.
وتسبب توقف الصادرات طوال تلك المدة بخسائر بنحو "مليار دولار" وفق ما قال الخبير النفطي كوفند شيرواني لفرانس برس، إذ يمثل النفط منذ أكثر من عقد الرئة الاقتصادية للإقليم الذي كان يصدر يوميا 475 ألف برميل عبر ميناء جيهان التركي.
مطلع أيار/مايو، تحدّث وزير النفط العراقي عن أسباب تأخر استئناف التصدير، مشيراً خصوصاً إلى "الفحوصات التي أجراها الجانب التركي للأنابيب" لتلافي التسربات النفطية المحتملة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في شباط/فبراير.
من جهة ثانية، لا يزال هناك "الغرامات" التي ينبغي على أنقرة أن تسددها إلى السلطات العراقية، وفق وزير النفط.
وحدد اتفاق موقّع في العام 1973 بين أنقرة وبغداد لتنظيم استخدام أنابيب النفط والصادرات، بـ1,19 دولاراً مبلغ أجور النقل لكلّ برميل عبر جيهان. لكن إقليم كردستان كان يدفع "أكثر من هذا المبلغ بكثير"، وفق الوزير، مضيفاً "لذلك نحن نعتقد أن هذه المبالغ الزائدة ترجع إلى الحكومة العراقية".
في حديث لفرانس برس، قال مسؤول كبير في وزارة النفط فضّل عدم الكشف عن هويته، إن مبلغ الغرامات التي ينبغي على تركيا دفعها قد يتخطى 1,8 مليار دولار.
وأواخر آذار/مارس، نفى وزير الطاقة التركي فاتح دونميز أن يكون على بلاده دفع تعويضات بقيمة 1,4 مليار دولار للعراق، وفق تصريح نقلته وكالة الأنباء التركية الرسمية الأناضول.
من جانبه، قال الخبير السياسي لاوك غفوري "لا أعتقد أن العراق سيكون صارما جدا على صعيد التعويضات".
ويضيف الخبير الذي كان مسؤولا سابقا في حكومة اقليم كردستان أن أحد العوائق الرئيسية هو الانتخابات الرئاسية في تركيا، التي تتجه نحو جولة ثانية غير مسبوقة بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو، بحسب مؤشرات أولية. وقال إن "تركيا تريد تسوية الاقتراع أولا".
كما أشار إلى دعوى ثانية رفعها العراق عام 2018 أمام نفس هيئة التحكيم، وهو إجراء تريد تركيا إلغاءه، على حد قوله. واكد هذا الخبير بأن هذه الدعوى "مرتبطة بالنفط كذلك، إنها القضية ذاتها، لكن على فترتين مختلفتين"، موضحاً أن هذا الاجراء الذي ما زال قيد النظر يتعلق بالصادرات من كردستان بعد عام 2018.
ازمة المياه المستحيلة
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد تعهد سابقا زيادة دفق المياه في نهر دجلة الذي ينبع من تركيا، لمساعدة العراق المجاور في مكافحة الجفاف.
وقال إردوغان بعد لقاء في أنقرة مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني "قررنا زيادة كمية المياه المتدفقة في نهر دجلة لمدة شهر وبقدر الإمكان للتخفيف من محنة العراق".
وأضاف الرئيس التركي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني "ستُحل مشكلة المياه (...) نحن على دراية بحاجات العراق الملحة من المياه" لافتا إلى أن تركيا نفسها تشهد أدنى معدلات من المتساقطات منذ أكثر من ستة عقود.
ويعاني العراق انخفاضا مقلقا في منسوب نهرَي دجلة والفرات وكلاهما ينبع من تركيا.
وتتّهم بغداد كلا من تركيا وإيران بخفض تدفق مياه النهرين إلى العراق بشكل كبير بسبب تشييد سدود في المنبع.
وتتفاقم هذه الظاهرة بالمعدلات المتدنية للمتساقطات في السنوات الأخيرة وسوء ممارسات الري في العراق مع الاستغلال المفرط لمياه الأنهار.
وتعليقا على تصريحات الرئيس التركي، قال رئيس الوزراء العراقي إنه "ممتن نيابة عن الشعب العراقي".
كما تطرق الجانبان إلى قضية مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين لديهم قواعد خلفية في شمال العراق.
وتشن تركيا بانتظام عمليات عسكرية برية وجوية في هذه المنطقة ضد حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره هي وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية".
وقال الرئيس التركي "نتوقع من أشقائنا العراقيين تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية وتخليص أراضيهم من هذه المنظمة الإرهابية الدموية".
بدوره، رفض رئيس الوزراء العراقي "استخدام أراضيه للاعتداء على دول الجوار، أو أي مساس بالسيادة العراقية" وفق ما نقلت عنه وكالة الانباء العراقية.
وكتب السوداني في جريدة "ديلي صباح" التركية قبيل زيارته إلى تركيا أنه سيبحث هناك "كيفية التعاون والتنسيق لضمان حصول العراق على احتياجاته من المياه شريان حياة للتنمية والتوسع الزراعي".
كذلك سيناقش الطرفان "ضبط الحدود...والتعاون المشترك بين العراق وتركيا خاصة في الجانب الاستخباري وتبادل المعلومات".
بالإضافة إلى ذلك، سوف تركز المباحثات على تعزيز العلاقات العراقية – التركية في كافة المجالات خاصة المجال الاقتصادي".
وكان السفير التركي في العراق علي رضا غوناي ردّ الصيف الماضي على الاتهامات العراقية في تغريدة كتب فيها أن "الجفاف ليس مشكلة العراق فقط إنما مشكلة تركيا ومنطقتنا بأكملها"، مضيفاً أنه "نتيجة للاحتباس الحراري، سيكون هناك مزيد من حالات الجفاف في السنوات القادمة".
واعتبر أن "المياه تُهدر بشكل كبير في العراق، ويجب اتخاذ تدابير فورية للحد من هذا الإهدار"، مشيراً إلى أنه "يجب تحديث أنظمة الري".
وتشنّ تركيا مراراً في تلك المنطقة عمليات برية وغارات ضدّ حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "إرهابياً".
وتملك أنقرة منذ 25 عاماً كذلك عشرات القواعد العسكرية في شمال العراق.
في تموز/يوليو 2022، قتل تسعة مدنيين بقصف في إقليم كردستان العراق، حمّلت بغداد أنقرة مسؤوليته، فيما نفت تركيا علاقتها بالأمر.
ويبدو ان الكثير من الأمور المعلقة في العراق بالخصوص ملفات النفط والمياه ترتبط بما يتمخض عن نتائج الانتخابات في الجولة الثانية، ومع فوز اردوغان المتوقع، فانه سيزداد قوة وتحديا في معالجة هذه الملفات.