طالبو لجوء يشعرون بالذعر من خطة الحكومة البريطانية نقلهم إلى رواندا
وكالات
2023-01-16 06:30
بعد مغادرتهم الشرق الأوسط أو إفريقيا وعبورهم أوروبا ثم بحر المانش، يواجه طالبو اللجوء في المملكة المتحدة احتمال ترحيلهم إلى رواندا، في مشروع "مرعب" يثير قلقهم لكنه لن يحقق هدفه وهو ثنيهم عن التوجه إلى بريطانيا على حد قولهم، يقع الفندق على بعد بضع مئات من الأمتار من الأبراج الحديثة لحي المال في لندن، لكنه لا يضم رجال أن سيدات أعمال بل طالبي لجوء فقط من أفراد وعائلات. بحسب فرانس برس.
وصل هؤلاء إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني بعضهم مختبئا في شاحنات وآخرون على قوارب. ويُقدر أن في 2022 عبر أكثر من 45 ألف مهاجر بحر المانش على هذه القوارب الهشة، وهو عدد قياسي/ كثيرون لا يتحدثون الإنكليزية لكن كلمة واحدة تكفي لإثارة ردود فعل: رواندا/ قال السوداني محمد (24 عامًا) الذي وصل على متن زورق قبل عامين "لم أعد أستطيع النوم"/ وأكد كردي عراقي كان يدخن سيكارة أمام باب الفندق "رواندا؟ لا. هل ترغب أنت في العيش هناك؟".
أبرمت حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون في نيسان الماضي اتفاقا مع رواندا لترحيل المهاجرين الذين دخلوا بشكل غير قانوني إلى الأراضي البريطانية أيا كانت نقطة انطلاقهم وحتى قبل فحص طلبات لجوئهم، وتهدف هذه السياسة المثيرة للجدل إلى ردع المهاجرين عن المجازفة بعبور البحر، ووافق القضاء البريطاني الإثنين على المشروع الذي تريد الحكومة تنفيذه في أسرع وقت ممكن.
وقال الكردي الإيراني أمير (24 عاما) "إنه أمر مخيف فعلا ويسبب ضغطا كبير على الناس في الفندق". وصل هذا الشاب إلى المملكة المتحدة قبل أربع سنوات مختبئًا في شاحنة، وهو يعتقد أن الخطة لن تشمله. ويأمل في الحصول على وضع لاجئ قريبًا، ولا يشك أمير إطلاقا بعد سنوات عديدة أمضاها محاطًا بمهاجرين فروا من حروب أو اضطهاد في أن التهديد بإرسالهم إلى رواندا "لن يردعهم وسيواصلون القدوم" إلى بريطانيا.
البقاء على قيد الحياة
قال عبد الحكيم (24 عامًا) الاثيوبي الذي وصل إلى المملكة المتحدة على قارب إن "هذا المشروع مرعب". وأضاف أنه عندما أعلن عن المشروع في نيسان "كنا نتحدث عنه كثيرًا كان الجميع مرعوبين".
ثم في حزيران/يونيو ألغيت الرحلة الأولى على أثر قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من حكم القضاء الإثنين يأمل عبد الحكيم ألا يتم تنفيذ الخطة. وقال "سيكون أمرا فظيعا. مثل البدء من الصفر"، مشيرا إلى أن "رواندا ليست مكانًا آمنًا وحدثت إبادة جماعية في هذا البلد!".
أما الإيرانية ماري (23 عامًا) فتفضل ترحيلها إلى رواندا بدلاً من إعادتها إلى بلدها. وقالت "إذا عدت إلى إيران فسيتم اعتقالي ... على الأقل في رواندا يمكن أن أبقى على قيد الحياة"، غادرت ماري إيران مع زوجها قبل عامين. استقلا قاربًا إلى إنكلترا بعدما رُفض طلب لجوئهما في هولندا. واعتنق كلاهما المسيحية، كما قالت، مؤكدة "لا أعرف أي شيء عن رواندا باستثناء أنها في إفريقيا. ولكن إذا لم يكن لدي خيار آخر فسأذهب"، وفي مواجهة الانتقادات تصر الحكومة على أن هناك طرقًا آمنة وقانونية للمهاجرين.
لكن في إحدى اللجان البرلمانية، واجهت وزيرة الداخلية اليمينية المتطرفة سويلا برافرمان صعوبة في الرد على نائب في مجلس العموم سألها كيف يمكن لطفلة يتيمة تبلغ من العمر 16 عامًا وتريد الهرب من الحرب في دولة في شرق إفريقيا أن تصل بشكل قانوني إلى المملكة المتحدة، حاول مستشار الرد قائلا "بناء على البلد الذي تنتمي إليه، يمكن الاتصال بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، وتشدد وزارة الداخلية على مسألة لم شمل العائلات بين هذه "الطرق الآمنة"، لكن رد المهاجرين خارج الفندق جاء بالإجماع: لم يكن بإمكانهم الوصول إلى المملكة المتحدة بشكل قانوني.
وقال الإثيوبي عبد الحكيم "من المستحيل الوصول بشكل قانوني. ربما بتأشيرة طالب؟ لكن لم يكن لدي الوسائل الكافية للدراسة"، أما أمير الكردي القادم من إيران فيقول إنه مهدد في بلده، و"طلب اللجوء من إيران لا وجود له! هل تعتقدين حقًا أن إيران كانت ستمنحني جواز سفر؟".
وصول أكثر من 45 ألف مهاجر غير شرعي إلى السواحل البريطانية
شهدت السواحل الإنكليزية في العام 2022 وصول أكثر من 45 ألف مهاجر غير قانوني عبر قناة المانش على متن قوارب غير آمنة، ما يعتبر عددا قياسيا تم تسجيله رغم الخطط المتعاقبة للحكومات البريطانية المحافظة لمكافحة هذه الظاهرة الحساسة سياسيا. وعلى الرغم من أن الجزء الأكبر من عمليات العبور الناجحة يحدث في فصل الصيف، فقد تم تسجيل وصول 1745 مهاجرا شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي. بحسب فرانس برس.
استنادا إلى حسابات وكالة الأنباء الفرنسية المستمدة من أرقام وزارة الدفاع البريطانية، في العام 2022، قام 45756 مهاجرا بعبور خطير لأحد أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، مقابل 28526 عملية عبور مماثلة في العام 2021، وهو ما مثل حينها رقما قياسيا.
وعلى الرغم من أن الجزء الأكبر من عمليات العبور الناجحة كان يحدث في الصيف، في 22 آب/أغسطس الماضي تم تسجيل عدد عبور يومي قياسي من المهاجرين بلغ 1295، فقد شهد شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي وصول 1745 مهاجرا.
هذا، وفي 14 كانون الأول/ديسمبر، غرق قارب صغير كان يقل عشرات المهاجرين من فرنسا. لقي أربعة منهم حتفهم، وهم من أفغانستان والسنغال كما أظهرت العناصر الأولى للتحقيق، وكان يمكن أن يكون عدد القتلى أكبر بكثير، فقد تم إنقاذ 39 آخرين بفضل قارب صيد كان بالقرب من مكان الحادثة، وفي ليل 23-24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، لقي 27 مهاجرا تتراوح أعمارهم بين 7 سنوات و46 عاما حتفهم عندما غرق قاربهم المطاطي.
ويبقى هذا الملف حساسا للغاية بالنسبة للمحافظين البريطانيين الذين وعدوا منذ بريكست "باستعادة السيطرة" على الحدود، رغبة أكدها خصوصا ريشي سوناك ووزيرة الداخلية سويلا برايفرمان. لكن لم يكن آنذاك عدد أولئك الذين يحاولون عبور القناة مرتفعا إلى هذا الحد، الأمر الذي جعل نظام اللجوء يتجاوز قدراته في المملكة المتحدة، ويفسر الإغلاق المتزايد لميناء كاليه من الجانب الفرنسي ونفق المانش الارتفاع الكبير منذ عام 2018 لمحاولات العبور في قوارب صغيرة.
وكانت لندن قد أبرمت اتفاقا مع رواندا هذا العام انتقدته الأمم المتحدة والكنيسة الأنغليكانية والعديد من المنظمات. وكان الهدف منه إعادة المهاجرين الذين وصلوا بشكل غير شرعي بغض النظر عن أصلهم وبدون انتظار أن تُدرس طلبات اللجوء.
وبعد قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تم تعليق الخطة قبل الصيف الماضي، لكن الحكومة تريد إعادة إطلاقه بعد قرار إيجابي أصدره القضاء البريطاني، ويذكر أن الهدف من خطة كهذه، هو وقف محاولات العبور والنموذج الاقتصادي للمهربين، لكن ذلك لم ينجح حتى الآن، أما بالنسبة للجمعيات التي تساعد المهاجرين، فإن الطريقة الوحيدة لمحاربة المهربين هي فتح قنوات قانونية للوصول إلى المملكة المتحدة وطلب اللجوء، وهو أمر شبه مستحيل حاليا، وكانت قد وقعت باريس ولندن اتفاقا منتصف تشرين الثاني، ينص على تخصيص مبلغ بقيمة 72,2 مليون يورو يتعين على البريطانيين دفعه في 2022-2023 لفرنسا من أجل زيادة عدد عناصر الشرطة والدرك من 800 إلى 900، على الشواطئ الفرنسية من حيث يغادر العديد من المهاجرين.
وتمثلت المحاولة الأخيرة في خطة قدمها رئيس الوزراء البريطاني في كانون الأول/ديسمبر الماضي تتضمن اتفاقا مع تيرانا لطرد جماعي للألبان الذين وصلوا بأعداد كبيرة هذا العام (ثلث الوافدين) حيث تعتبر لندن هذا البلد الذي لا يشهد حربا، آمنا.
وإلى ذلك، أعلن ريشي سوناك عن "قيادة موحدة" جديدة ضد المهربين والزوارق الصغيرة. وستستخدم الحكومة أيضا مراكز العطلات السابقة أو مساكن الطلاب أو المباني العسكرية لخفض إلى النصف فاتورة تأمين مسكن لطالبي اللجوء وهم حاليا موزعون على فنادق مختلفة بالبلد، وعلى الأمد الطويل سيحدد النواب عددا سنويا من طالبي اللجوء وسيمنع قانون من يصلون بشكل غير قانوني إلى المملكة المتحدة من الإقامة بها.