مخاوف متصاعدة لدى مديري الطوارئ من فوضى موقع تويتر

وما يمكن أن تُمثِّله من تهديدٍ للسلامة العامة

موقع للعلم

2022-12-08 05:53

بقلم: أندريا تومسون

صورة مأخوذة من مقطع فيديو نُشر على حساب الملياردير إيلون ماسك رئيس شركة «تسلا» على موقع «تويتر» في السادس والعشرين من أكتوبر 2022، يظهر فيها حاملًا لحوض وقت دخوله إلى مقر الموقع في سان فرانسيسكو. Credit: AFP/Getty Images

كان اسم المستخدم الذي ظهر على أحد حسابات موقع «تويتر» هو National Weather Service (ويعني بالعربية مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية)، أما المُعرِّف [الذي يظهر على محدد موقع الموارد الموحدURL ] فكان @NWSGOV، وهو شعار مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية، والأهم أن المُعرِّف كان متبوعًا بعلامة التحقق الزرقاء التي استُخدمت قبلًا لتأكيد أن الحساب يُديره الشخص أو المؤسسة المُشار إليها، ولكن بمجرد النقر على الملف الكامل للاسم التعريفي @NWSGOV، يمكن للمرء أن يكتشف أن الحساب قد انضم توًّا إلى موقع «تويتر»، وأن حقل النبذة التعريفية نوَّه بأن هذا الحساب ما هو إلا محاكاة هزلية لمصلحة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية، وحسابها الحقيقي هو @NWS.

ظهور هذا الحساب وغيره من الحسابات الهزلية المزيفة -التي تبدو حقيقيةً في ظاهرها- للشركات والساسة والمشاهير كان نتيجةً قابلةً للتنبؤ ومتوقعة بعد تغيير خاصية "التحقق" التي طالما كانت من الخصائص المميزة لموقع «تويتر»، وهو التغيير الذي سارع بإدخاله الشهر الجاري الملياردير إيلون ماسك، المالك الجديد للشركة، فبموجب البرنامج الجديد، أصبح بمقدور أي مستخدم الحصول على علامة "التحقق" الزرقاء لأي حساب بمجرد سداد الرسوم الشهرية وقدرها ثمانية دولاراتٍ أمريكية.

أثار الحساب المزيف لهيئة الأرصاد الجوية الوطنية -جنبًا إلى جنب مع التغييرات المتلاحقة الأخرى وحالة اللايقين الجامح التي تُحيط بمستقبل موقع «تويتر» باعتباره واحدًا من مواقع التواصل الاجتماعي- موجةً من القلق في أوساط خبراء الأرصاد الجوية، ومديري الطوارئ، ودارسي الاتصالات في أوقات الأزمات، وقد أعرب كثيرٌ من هؤلاء عن قلقهم إذ يرون أن أداةً فعالةً كموقع «تويتر» لنشر معلومات عامة دقيقة ومحدثة بسرعة في أثناء أحداث الطقس وحالات الطوارئ الأخرى يمكن أن تتضمن كثيرًا من المعلومات المضلِّلة التي قد تعرِّض الناس للخطر، ويخشى كثيرٌ أن تصبح هذه المنصة التي تُسهم في إنقاذ الأرواح غير قابلة للاستخدام، أو أن تختفي في نهاية المطاف.

تقول سامانثا مونتانو، الأستاذ المساعد في إدارة الطوارئ بأكاديمية ماساتشوستس البحرية: "أسهم هذا، بدرجةٍ ما أو بأخرى، في بَلْورة الفكرة التي خطرت لي وللعديد غيري عندما طُرحت خطة نظام التحقق الجديد: ماذا يحدث عندما يتظاهر شخصٌ ما بأنه هيئة حكومية أو حساب يقدم معلوماتٍ حيويةً للجمهور؟ تُرى ما العواقب التي يمكن أن تترتب على ذلك؟".

عند اندلاع الفيضانات والأعاصير، يصبح الوقت عاملًا جوهريًّا في الحصول على معلومات دقيقة لمَن يجدون أنفسهم عُرضةً للضرر، ويتفرد موقع «تويتر» بين مواقع التواصل الاجتماعي بتلبية تلك الاحتياجات، وفق ما يقول خبراء إدارة الطوارئ؛ فواجِهته بسيطة نسبيًّا، ويقدم كل منشور جديد في تسلسلٍ زمني خطي يجري تحديثه لحظيًّا، على هذا تعلق كيت هاتون، مديرة الطوارئ في سياتل، والتي تستخدم موقع «تويتر» في الاتصالات الرسمية منذ عام 2015: "يُعد موقع «تويتر» -في جميع الأحوال- من أفضل السُّبُل التي نحصل من خلالها على معلوماتٍ في أوقات الطوارئ، إنه بمنزلة البوق الذي يمكننا استخدامه".

صحيحٌ أن التقديرات تُشير إلى أن نسبةً لا تتجاوز 22% من البالغين في الولايات المتحدة هم مَن يستخدمون موقع «تويتر»، لكن تأثيره يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير؛ فالمستخدمون غالبًا ما يُشاركون لقطاتِ شاشة للتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، كما يرسل البعض تغريداتٍ إلى معارفهم عبر الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني، يقول روبرت بريستلي، أحد علماء المركز الوطني الأمريكي لأبحاث الغلاف الجوي، والذي يدرس الكيفية التي تستعين بها مصادر معلومات الطقس بوسائل التواصل الاجتماعي: "لقد وجدنا أن موقع «تويتر» يمكن أن يكون بحقٍّ منصةً مفيدةً للغاية، لا سيما خلال الأحداث الكارثية؛ فهو موقعٌ يمكنك الدخول إليه والحصول منه على معلوماتٍ يجري تحديثها على نحوٍ دائم بدرجةٍ ما أو بأخرى"، وهذا شيءٌ على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية في المواقف التي تشهد ظروفًا سريعة التغير.

إن مديري الطوارئ وخبراء الأرصاد الجوية ليس أمامهم سوى بدائل محدودة لنشر المعلومات سريعًا وعلى نطاقٍ واسع، صحيحٌ أن التنبيهات تظهر على قنوات التلفاز المحلية، لكن الأمر يتطلب أشخاصًا يشاهدون التلفاز أساسًا حينها، يمكن أيضًا إرسال تنبيهات الطوارئ إلى الهواتف المحمولة، لكن الضوضاء العالية المصاحبة لها تُوصف بأنها مشتِّتة ومزعجة؛ ولهذا السبب يقتصد المسؤولون عادةً في استخدامها لتجنُّب تعطيل المتلقين لها، تقول مونتانو: "ثمة نوعٌ من الإفراط في الكيفية التي نُرسل بها الرسائل التحذيرية إلى الجمهور وفي الأماكن التي ننشر فيها المعلومات، أما موقع «تويتر» فيمتاز بوضعٍ فريدٍ يؤهله لنشر المعلومات بسرعة".

إضافةً إلى ذلك، فإن موقع «تويتر» يؤدي دورًا مفيدًا بطريقةٍ أو بأخرى في تزويد السُّلطات بمعلوماتٍ مُحدَّثة لما يجري على الأرض في أوقات الطوارئ، فمثلًا يمكن الاستعانة به في الحصول على معلوماتٍ من مرتاديه بشأن الشوارع التي غمرتها المياه عند هبوب عاصفة؛ فخلال إعصار هارفي في عام 2017، عندما انهالت الاتصالات على رقم هاتف الطوارئ 911 على نحوٍ يتعذر التعامل معه، لم يكن أمام بعض الذين تقطَّعت بهم السُّبُل بسبب مياه الفيضانات سوى كتابة تغريداتٍ لخدمات الطوارئ على موقع «تويتر».

تجدر الإشارة إلى أن موقع «تويتر» يُروِّج هو نفسه لفائدته ويُعرِب عن جهوده الحثيثة لتحقيق المزيد من التحسُّن في هذا الجانب؛ ففي منشور مدونةٍ بتاريخ الثالث عشر من أكتوبر (قبل أسبوعين من تولِّي ماسك زمام الأمور)، أعلنت الشركة أنها "أصبحت أداة اتصال حيوية فيما يتعلق بالاستجابة للكوارث الطبيعية"، وأنها قطعت على نفسها "التزامًا طويل الأمد بالعمل جنبًا إلى جنبٍ مع شركاء ومطورين عالميين بهدف مشاركة المعلومات المهمة، وإتاحة التحديثات اللحظية، وتنسيق جهود الإغاثة"، ومكافحة المعلومات المضلِّلة.

وبطبيعة الحال، لم يخلُ الأمر من المتاعب، تستشهد هاتون بحالة حريق توماس الذي اندلع عام 2017 في جنوب ولاية كاليفورنيا، والذي عُدَّ آنذاك أكبر حريق للغابات في تاريخ الولاية المُسجَّل، تقول إن أحد هاشتاجات موقع «تويتر» المستخدمة خلال تلك الكارثة غمرته التغريدات العشوائية، التي لم يكن لها علاقة بالموضوع في كثيرٍ من الأحيان، على نحوٍ طغى على المصادر الرسمية، مثل هذه المشكلات دفعت موقع «تويتر» إلى توثيق الحسابات الحكومية الرسمية، والتأكد من أن خوارزميات الموقع ترفع تلك الحسابات وتعطيها الأولوية، يقول توم تارانتينو، الموظف السابق لدى موقع «تويتر»، والذي عمل مع مديري الطوارئ خلال فترة عمله هناك: إن الشركة كذلك لجأت إلى الانتقاء اليدوي للتنبيهات الإخبارية وخصائص التجميع الأخرى في حالات الطوارئ، كما أدخل الموقع سياساتٍ متنوعةً للحد من انتشار المعلومات المضلِّلة والتصدي للانتهاكات، وقد تراوحت هذه الإجراءات في شدتها من رسالة تحذيرية ملحقة بتغريدةٍ وصولًا إلى تعليق الحساب.

مثَّلت علامة التحقق الزرقاء ركيزةً جوهريةً في جهود موقع «تويتر» الرامية إلى ضمان نشر المعلومات الصحيحة في أوقات الأزمات، التي تتضمن جائحة «كوفيد-19»؛ فبعد أن تولى ماسك زمام الأمور، أدى الطرح المفاجئ لبرنامج «بلو فيريفايد» Blue Verified باشتراكٍ شهري قدره ثمانية دولاراتٍ أمريكية إلى إثارة حالة من الارتباك الفوري بظهور حساباتٍ مزيفة.

ما حدث أن بعض الحسابات القديمة الموثقة على أدنى تقديرٍ حصلت في البداية على تصنيفٍ ثانٍ: علامة تحقق وكلمة "رسمي" Official مكتوبة باللون الرمادي تحت اسم الحساب، ولكن هذه الخاصية عُطِّلت في اليوم ذاته الذي طُرحت فيه وهو التاسع من نوفمبر، ثم عاودت الظهور من جديد، رغم أنها تُطبَّق فيما يبدو على نحوٍ غير متساوٍ، إذ تظهر لدى كلٍّ من قناة الطقس The Weather Channel ووزارة الأمن الداخلي الأمريكية، ولكن اعتبارًا من وقت النشر، في حين لا تظهر تحت اسم حساب مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية، يقول موظف حالي لدى موقع «تويتر» طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من تعرُّضه للأذى: "إذا كنت تبحث عن الاتساق، فإنه لم يتحقق تمامًا بعد، كل ما هنالك أننا نكرر ما نفعله بشكلٍ مباشر وحي"، لم يصدر أي رد من جانب موقع «تويتر» أو "ماسك" على ما تضمنته رسائل البريد الإلكتروني والتغريدات من طلباتٍ للتعليق على المعايير المستخدمة في هذا التصنيف أو على الأسئلة المتعلقة بالكيفية التي تُخطِّط بها الشركة لتجنُّب حالات انتحال الهوية ونشر المعلومات المضلِّلة، وفي تغريدةٍ لها قبل الإطلاق المبدئي لشارة "الرسمي"، قالت إستر كروفورد، مديرة إدارة المنتجات لدى موقع «تويتر»: إنها ستنطبق على "الحسابات الحكومية، والشركات التجارية، وشركاء الأعمال، ووسائل الإعلام الرئيسية، ودور النشر، وبعض الشخصيات العامة"، أفاد موقع أخبار التكنولوجيا «ذا فيرج» The Verge أن موقع «تويتر» يُخطط لفرض فترات انتظار للتسجيل في «تويتر بلو» Twitter Blue (وهي باقة اشتراك تشتمل على برنامج «بلو فيريفايد»)، كما أوضح التقرير أنه في حال تغيير اسم الحساب، ستُزال علامة التحقق من عليه إلى أن يوافق موقع «تويتر» على الاسم الجديد، لكن هذه الإجراءات لا تزال تترك المجال مفتوحًا أمام حالات انتحال الهوية.

حذف موقع «تويتر» الحسابات المزيفة التي ظهرت بعد إطلاق برنامج «بلو فيريفايد» على نحوٍ سريعٍ نسبيًّا، لكن العديد من تلك الحسابات كان قد أُخذ لها لقطات شاشة وجرت مشاركتها بالفعل على نطاقٍ واسع، كما اضطُرت الشركات، بما في ذلك شركة «إيلاي لِيلي»Eli Lilly ، إحدى شركات صناعة الأدوية، إلى إرسال تغريداتٍ تفنيدًا للمعلومات التي نُشرت عبر حساباتٍ مزيفة، تقول هاتون: "أعتقد أن الساعة التي استغرقها تصحيح شركة «إيلاي لِيلِي» لتلك التغريدة وتصريحها قائلةً: "لسنا مسؤولين عما نُشر"، هي ساعة لا تتوافر لنا عمومًا في إدارة الطوارئ".

إذا لم يُميز أي إصدار مُحدَّث من برنامج «بلو فيريفايد» المصادر الموثوقة تمييزًا ملائمًا، فيمكن لمتصفحي موقع «تويتر» رؤية معلوماتٍ من حساب بعلامة تحقُّقٍ زرقاء يقدم إجراءً غير دقيق أو حتى إجراءً مؤذيًا على غرار إبلاغ الناس بأن يُخلوا أماكنهم في وقتٍ يتعين عليهم فيه أن يحتموا بها، تقول هاتون: "هذا من شأنه أن يُكلف الناس وقتًا، وهو ما سيُكبِّدهم في نهاية المطاف أرواحًا وإصاباتٍ وممتلكاتٍ في حالات الطوارئ"، من جانبه يُفيد بريستلي بأن الأبحاث أظهرت أن الناس غالبًا ما يتفقدون مصادر أخرى للتأكد، لكن الحاجة إلى أي خطواتٍ إضافية للتحقق من المعلومات يمكن أن تكون سببًا في تأخُّرهم في التحرُّك وقت الطوارئ؛ إذ يقول: "من البدهي أنه كلما أسرع الناس في التحرك، كان ذلك أفضل".

ويبدو أن الحسابات المزيفة التي ظهرت بعد إطلاق برنامج «بلو فيريفايد» قد أُنشئت في معظمها على سبيل المزاح المتعمد أو لفضح مشكلاتٍ متأصلة في البرنامج الجديد، لكن الموظف الحالي لدى موقع «تويتر» يقول: "لا يهم إذا كان الضرر متعمدًا أم لا، الأهم أن ثمة ضررًا ينجم عن هذه الأفعال لأنك تثير حالةً من الارتباك في وقتٍ يشيع فيه الارتباك على نطاقٍ واسعٍ بالفعل، وقد عبَّرت هاتون وآخرون عن مخاوفهم من أنه بمجرد أن تبدأ تقليعة إنشاء الحسابات المزيفة في الانحسار -ويصبح الأشخاص أقل حيطةً بشأن التحقق من المصادر- يمكن أن تتعمد أطرافٌ متربصةٌ الأذى في نهاية المطاف فتستغل تلك الثغرة إذا لم تكن ثمة طريقة للتمييز بين حسابات «بلو فيريفايد» ومصادر المعلومات الموثوقة.

وبالعودة إلى موظف «تويتر» الحالي، فإنه يقول إن الناس داخل شركة «تويتر» "كانوا يحاولون التواصل مع [ماسك] وعرض مخاوفهم عليه، لكنه لم يُبدِ في واقع الأمر استعدادًا كبيرًا للتعامل مع هؤلاء الأشخاص وأخذ مخاوفهم على محمل الجد والتصرف حيالها"، أما هاتون فتقول: إن الأثرياء أمثال ماسك لديهم موارد أكبر بكثير من غيرهم يتسنى لهم من خلالها حماية أنفسهم وقت الشدائد، "عندما تكون بمعزلٍ عن العواقب، كما هي الحال بالنسبة للعديد من المليارديرات، أعتقد أنه يكون من السهل على المرء أن يستهين بالكثير من هذه المخاوف" وأن يغيب عن ذهنه مدى "الخطورة بل وحتى القدرة التدميرية" لبعض هذه المشكلات بالنسبة للفئات الأكثر ضعفًا في أوقات الطوارئ.

كذلك من مخاوف مديري الطوارئ وخبراء الأرصاد الجوية التأثيرات المترتبة على عمليات التسريح الضخم للموظفين في شركة «تويتر» بعد تولي ماسك زمام الأمور، ففي السابق، كانت الفرق المتخصصة قد أنشأت تنبيهاتٍ إخباريةً ومنتجاتٍ منسقةً أخرى تؤكد المصادر الموثوقة، يقول تارانتينو، الموظف السابق لدى «تويتر»: "لم تعد تلك الفِرق موجودة" بعد تسريح الموظفين، كما جرى الاستغناء عن أجزاءٍ كبيرة من فِرق الثقة والسلامة، والتخلي عن أشخاص آخرين كانوا مسؤولين عن الإشراف على المحتوى، فضلًا عن العديد من المهندسين القائمين على استمرارية عمل الموقع بسلاسة، تجدر الإشارة إلى أن المشكلات ذات الصلة بخاصية التوثيق التي تستند إلى عاملين (والتي تساعد على الحد من سرقة الهوية) قد منعت بعض المستخدمين من تسجيل الدخول إلى حساباتهم في الرابع عشر من نوفمبر، ومثل هذا الخلل يمكن أن يتسبب في منع مديري الطوارئ من الدخول إلى حساباتهم في أوقات الأزمات وفق ما تقول هاتون، التي تضيف: "أرى أنه من المؤسف حقًّا أن نجد المنصة التي أضحت جزءًا أصيلًا مما نفعله كمجتمعٍ هذه الأيام، تسحب البساط من تحت أقدامنا بسرعة كبيرة للغاية فيما يتعلق بمستوى الموثوقية".

ويتعدى تأثير هذه الحالة من عدم الاستقرار مجرد إثارة المخاوف المتعلقة بالأمان والوضوح، فقد يؤدي أيضًا إلى انصراف الناس بالكُلية عن استخدام موقع «تويتر»، وفي حال تخلى عددٌ كافٍ من المستخدمين عن استخدام الموقع، فستقل فاعليته لدى مديري الطوارئ، ومن ثم ستتضاءل رغبتهم في الاحتفاظ بحضورهم على موقع «تويتر»، يقول بريستلي إنه إذا توقفت أعدادٌ كبيرة من الناس عن استخدام موقع «تويتر» أو إذا توقف الموقع عن العمل بطريقةٍ ما أو بأخرى، "فإن ذلك سيُؤثر سلبًا في قدرتنا على التواصل خلال هذه النوعية من الأحداث".

وتُشير مونتانو وآخرون إلى أن مديري الطوارئ لا يملكون سوى بدائل محدودة في عالم وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن الأمر سيتطلب عدة تطبيقات أخرى لمحاكاة ما يفعله موقع «تويتر»، تقول مونتانو إن هذا النهج من شأنه أن "يوسِّع نطاق الأماكن التي يحصل منها الأشخاص على المعلومات، كما يوسِّع نطاق الأماكن التي يتعين علينا نشر المعلومات فيها، مما يجعل كل شيء أكثر تعقيدًا في وقتٍ لا تحتاج فيه بالضرورة إلى مزيدٍ من التعقيد"، ومن جانبها تضيف هاتون أن مكاتب إدارة الطوارئ المحلية لديها كذلك قدرٌ محدودٌ من الموظفين ومن الوقت على نحوٍ يجعلها غير قادرة على الاحتفاظ بحضورها على وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، تقول مونتانو: "وفقًا للاتجاه الذي يسير فيه موقع «تويتر» هنا، ثمة احتمالٌ لظهور بعض الفجوات الضخمة في الكيفية التي تتطور بها إدارة الطوارئ".

وينصح تارانتينو المستخدمين، لا سيما أولئك الذين يمثلون مصادر موثوقة، بأن يستمروا في الاحتفاظ بحساباتهم على موقع «تويتر» من أجل ملء الموقع بأكبر قدرٍ ممكن من المعلومات الموثوقة، إذ يقول إن التخلي عن الحسابات يترك حيزًا يمكن أن تستغله أطراف شريرة، أما هاتون فتنصح الناس باستخدام خاصية قائمة موقع «تويتر» لجمع الحسابات التي يعرفونها ويثقون بها في الوقت الحالي، إذ إن هذا سيُسهِّل عليهم فرز المعلومات لتمييز ما هو جيدٌ منها مما هو سيئ، أيضًا تشجع هاتون الناس على الاشتراك في تنبيهات الطوارئ التي تصدر عن المنطقة المحلية التي يقطنون فيها.

تقول هاتون: "الشيء المؤسف أن الكوارث حتميةُ الحدوث نسبيًّا"، وتضيف أنه "في المرة القادمة التي يقع فيها حدثٌ جلل، خاصةً دون سابق إنذار" مثل الزلازل أو الأعاصير، فإنه "إذا استمرت وسائل التواصل الاجتماعي في المنحى الذي تأخذه حاليًّا، فأعتقد أن الوضع سيبلُغ مبلغًا لا يُحتمَل من الإرباك والفوضى".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي