الانتفاضة الثالثة وعرين الأسود
وكالات
2022-10-27 03:53
تحلّق طائرات إسرائيلية بدون طيار في سماء نابلس بدون انقطاع منذ أسابيع، فيما يغلق جنود إسرائيليون منافذ المدينة. فمنذ أشهر، يتصاعد التوتر في شمال الضفة الغربية المحتلة، ما جعل البعض يتحدث عن مؤشرات "انتفاضة جديدة".
في البلدة القديمة لمدينة نابلس، بين دكاكين تجار صابون زيت الزيتون وبائعي الملابس الداخلية، يتنقل شبان فلسطينيون على دراجات نارية بألوان أبطالهم الجدد: "عرين الاسود" وصور قائد هذه المجموعة إبراهيم النابلسي الذي قتلته اسرائيل خلال مواجهة عنيفة في آب/أغسطس.
كان النابلسي الملقب بـ "أسد نابلس" وهو من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، يحمّس الشباب المحلي منذ شهور بخطابه القوي ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك ضد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس التي يتهمها بـ "التعاون" مع إسرائيل.
وبعد مقتله، شكّل مقاتلون شباب كانوا ينتمون الى فصائل مختلفة مثل حركة فتح والجهاد الإسلامي أو حركة حماس مجموعة "عرين الأسود" التي انتشرت شعبيتها بسرعة من خلال رسائل تلغرام المشفرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويقول شاب يطلق على نفسه اسم أبو عدي لوكالة فرانس برس إنه انضم الى "عرين الأسود" لأنها "المجموعة التي اختارت مقاومة الاحتلال بالسلاح بعيدا عن كل الفصائل، والانتماء لله والوطن هو أهم أولوياتها".
ويضيف أن هدفها "واحد: مقاومة الاحتلال المسلح في كل مناطق تواجده"، متابعا "نحن مجموعة عدد أفرادها قليل نسبيا، ومدرجون على لائحة الاغتيال الإسرائيلي. الاستمرار مرهون بمن ينضم إلينا وطريقة إدارة الأمور في الأيام القادمة".
هذا الأسبوع، دعت مجموعة "عرين الأسود" إلى تظاهرات ليلية في جميع أنحاء الضفة الغربية عبر قناتها على تلغرام التي يتبعها ما يقرب من 180 ألف حساب. وتجمّع فلسطينيون في مناطق متفرقة للتظاهر، ما أدى إلى اشتباكات جديدة مع الجيش الإسرائيلي.
"توحيد المقاومة"
تصاعد التوتر في الأشهر الأخيرة في شمال الضفة الغربية، لا سيما في منطقتي نابلس وجنين، وهما معقلان للفصائل الفلسطينية المسلحة. وكثّفت قوات الدولة العبرية مداهماتها في أعقاب اعتداءات دامية ضد إسرائيليين في آذار/مارس ونيسان/أبريل نفذها فلسطينيون بعضهم من سكان إسرائيل.
وأسفرت المداهمات والاشتباكات عن مقتل أكثر من 115 فلسطينيا، وهو أكبر عدد من القتلى في الضفة الغربية منذ سبع سنوات، وثاني أعلى نسبة منذ نهاية "الانتفاضة الثانية" التي اندلعت في 28 أيلول/سبتمبر 2000 بعد انتفاضة 1987-1993 التي اعقبتها اتفاقات أوسلو.
ويقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في شمال الضفة الغربية خضر عدنان (44 عاما) الذي اعتقلته إسرائيل مرارا، لفرانس برس "قد تكون هذه بداية انتفاضة، فعرين الأسود يوحّد المقاومة. هؤلاء الشباب ليسوا تحت رعاية تنظيم معين. بالنسبة لهم المقاومة أهم من أي حركة معينة".
ويقول ابو مصطفى، وهو مناضل من الانتفاضة الأولى "بالتأكيد جيل الشباب ليس لديه أمل ولا عمل ولا أفق ويعيش تحت الاحتلال". وأضاف "لكن أن يكون هناك انتفاضة ثالثة فهذا يتطلب اتفاقا بين الفصائل".
وتابع "ليس هذا هو الحال.. حماس تبحث عن الشرعية الدولية واليسار ضعيف وفتح تتشبث بالسلطة والجهاد الاسلامي (...) كان جاهزا امس واليوم وسيكون غدا".
ويرى خضر عدنان أنه "اذا تركزت الاحتجاجات في شمال الضفة الغربية، فقد تنتشر في جميع أنحاء المنطقة"، موضحا أنه "على سبيل المثال في حال اغتالت القوات الإسرائيلية فتحي خازم الذي هو أكثر من بطل وهو رمز حقيقي، ستكون هناك انتفاضة كاملة".
"هادئة نسبيا"
أصبح فتحي خازم أحد أهم المطلوبين الفلسطينيين من قبل إسرائيل. وهو والد رعد خازم المتهم بتنفيذ هجوم باطلاق النار في حي ديزنغوف في تل ابيب أدى الى مقتل ثلاثة إسرائيليين في نيسان/أبريل الماضي.
وقُتل رعد برصاص الشرطة الإسرائيلية بعد مطاردة قصيرة. وذكرت مصادر لفرانس برس أن الرجل فقد ابنا ثانيا هو عبد خازم خلال غارة في مخيم جنين الفلسطيني أطلق خلالها صاروخ باتجاه منزله أدى إلى هدمه.
ويخرج فتحي خازم من حين لآخر محاطًا بعشرات المقاتلين الملثمين والمسلحين برشاشات "ام 16".
وقبل اربعة ايام قام رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الذي تواجه حكومته انتقادات ، بزيارة نادرة إلى المخيم في جنين حيث ظهر إلى جانب فتحي خازم ومسلحين فلسطينيين كانوا أكثر من الشرطة الفلسطينية.
وقال اشتية "من مخيم التضحيات مخيم جنين نقول إن دماء الشهداء لن تذهب سدى، وعتمة السجون التي يدفع ثمنها أسرانا لن تذهب سدى، وهذا النضال عملية تراكمية. جيل يسطر خلف جيل وتضحيات خلف تضحيات".
وأكد أن "جنين سطرت الوحدة الوطنية على الأرض"، متهماً إسرائيل ب"عدم الرغبة في السلام" وبتكثيف احتلالها منذ 1967.
في الوقت نفسه، زار وسيط الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينسلاند نابلس وجنين لمحاولة تخفيف التوتر في هذه المنطقة التي بقيت في السنوات الأخيرة، في ظل غزة الجيب المنفصل جغرافيًا والخاضع لسيطرة إسلاميي حماس.
وقال وينسلاند لفرانس برس إن حماس ومنذ حربها الأخيرة مع إسرائيل في 2021 ، "تريد أن تظل غزة هادئة نسبيًا مع السماح لديناميكية ما بالظهور في الضفة الغربية"، مشددًا على أن مجموعات محلية "تستطيع على الأرجح الوصول إلى تمويل خارجي".
واضاف "لست قادرا على التنبؤ بالاتجاه الذي ستتخذه التعبئة ورواية نابلس، لكن الأولوية يجب أن تكون لتهدئة الوضع وكبح أنشطة مستوطنين متطرفين" يضاعفون هجماتهم على الفلسطينيين وحتى على الجيش الاسرائيلي في بعض الأحيان.
ماهي عرين الأسود؟
قتلت القوات الإسرائيلية أحد قياديي ما يسمى "عرين الأسود"، وهي جماعة فلسطينية مسلحة ناشئة في مدينة نابلس، في عملية محددة الهدف أشعلت واحدة من أكبر المعارك التي شهدتها الضفة الغربية منذ أسابيع.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته داهمت منزلا في منطقة السوق بالبلدة القديمة كان يُستخدم موقعا لتصنيع المتفجرات، مما أدى لمقتل وديع الحوح البالغ من العمر 31 عاما والذي يقول الجيش إنه كان مسؤولا عن صنع القنابل الأنبوبية وتوفير أسلحة للجماعة.
وظهرت جماعة "عرين الأسود" منذ حوالي عام في نابلس حيث يتم وضع ملصقات لمقاتليها ممن لقوا حتفهم في جميع الشوارع الضيقة للبلدة القديمة وسوقها، وجميعهم تقريبا شبان يحملون أسلحتهم الآلية ومعداتهم القتالية.
ورغم أن أعضاء هذه الجماعة يتمتعون بمكانة كبيرة في البلدة القديمة، لم يسع أي من قادتها للتوسع خارج مسقط رأسهم.
واكتسبت الجماعة أهمية أكبر في جميع أنحاء الضفة الغربية بعد مقتل ناشط يبلغ من العمر 19 عاما يُدعى إبراهيم النابلسي في أغسطس آب، والذي استُخدمت وفاته كقضية حشد للشبان الساخطين في البلدة القديمة ومخيمات اللاجئين.
ووفقا لمسؤولين فلسطينيين محليين، فإن الدافع الأساسي للجماعة التي تألفت في البداية من أربعة مقاتلين شبان هو الغضب من تعديات المستوطنين الإسرائيليين والمواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
وجماعة "عرين الأسود" ليست مرتبطة بالفصائل الفلسطينية الرئيسية أو السلطة الفلسطينية التي لا تحظى بشعبية كبيرة، ولا يبدو أن لدى الجماعة أي أهداف سياسية واضحة تماما بخلاف محاربة الاحتلال الإسرائيلي. لكن مسؤولين فلسطينيين يقولون إنها ربما تتلقى دعما ماليا أو لوجستيا من جماعات أخرى.
واعتبر أعضاء الجماعة الاشتباكات مع المستوطنين عند قبر يوسف، الذي يزوره اليهود في نابلس، بمثابة تحد خاص.
ولا توجد معلومات موثوقة عن عدد أفراد هذه الجماعة، لكن مسؤولا فلسطينيا له صلات جيدة في البلدة القديمة في نابلس قال إنها ربما تضم 25 ناشطا مسلحا، مع وجود عدد أكبر من المؤيدين من خارج الجماعة.
وحاولت السلطة الفلسطينية، التي تبذل جهودا للتحرك في ظل الدعم الشعبي الواسع لهذه لجماعة في نابلس، شراء أسلحتها منها أو دمجها في قواتها الأمنية، لكن دون أن تحقق نجاحا يذكر، وفقا لما ذكره محافظ نابلس إبراهيم رمضان.
اعتقالات
من جهته أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال ثلاثة فلسطينيين يتهمهم بالانتماء إلى مجموعة عرين الأسود التي أُعلن عن تشكيلها مؤخرا في الضفة الغربية المحتلة بينهم شقيق ناشط فلسطيني بارز قتل قبل نحو شهرين.
واعتقل الجيش غداة مقتل خمسة فلسطينيين في عملية عسكرية في مدينة نابلس (شمال)، محمد النابلسي شقيق الناشط السابق في المجموعة إبراهيم النابلسي الذي قتلته إسرائيل في آب/أغسطس الماضي.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل إثنين آخرين يشتبه بنشاطهم في المجموعة.
من جهته، أكد نادي الأسير الفلسطيني في بيان اعتقال 20 فلسطينيا الليلة الماضية من أنحاء متفرقة من مدن الضفة الغربية.
وأضاف الجيش في بيان أنه "يشتبه في حيازة محمد النابلسي لأسلحة وتصنيعه عبوات ناسفة وتورطه في مجموعة عرين الأسود الإرهابية".
وقُتل زعيم المجموعة إبراهيم النابلسي الملقّب بـ"أسد نابلس" في آب/أغسطس في عملية للقوات الإسرائيلية، وبات النابلسي رمزا لشريحة واسعة من الفلسطينيين الذين ألفوا أغاني باسمه ويرددوها طوال الوقت ويبثوها عبر مكبرات الصوت.
وشكّل مقاتلون شباب كانوا ينتمون الى فصائل مختلفة مثل حركة فتح والجهاد الإسلامي أو حركة حماس قبل مدة مجموعة "عرين الأسود" التي انتشرت شعبيتها بسرعة من خلال رسائل تلغرام المشفرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث يتابعهم أكثر من 220 ألف شخص.
وتبنّت المجموعة في 11 تشرين الأول/أكتوبر هجومًا أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي وسبقه هجوم منفصل قتلت خلاله شرطية في القدس الشرقية المحتلة.
وأصيب في العملية العسكرية الإسرائيلية 20 فلسطينيا على ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
وفرض الجيش الإسرائيلي منذ نحو أسبوعين إغلاقا على مدينة نابلس مما أعاق بشكل كبير حياة سكانها الذين وصفوه بـ "الحصار".
ووفقًا لتعداد لوكالة فرانس برس، قُتل هذا الشهر حتى الآن 25 فلسطينيًا وجنديان إسرائيليان.
تصاعد التوتر في الأشهر الأخيرة في شمال الضفة الغربية المحتلة، لا سيما في منطقتي نابلس وجنين، وهما معقلان للفصائل الفلسطينية المسلحة، حيث كثّفت القوات الإسرائيلية مداهماتها في أعقاب اعتداءات دامية ضد إسرائيليين في آذار/مارس ونيسان/أبريل.
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من مئة فلسطيني في أكبر حصيلة قتلى في الضفة الغربية منذ ما يقرب من سبع سنوات.
وعقب العملية العسكرية في نابلس، جرت مسيرات تضامنية ومواجهات في مناطق أخرى أسفرت عن مقتل الشاب قصي التميمي بعد إصابته برصاصة في الصدر في قرية النبي صالح، بحسب الوزارة.
جريمة حرب
من جهته أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لبيد عبر إذاعة "كان" الإسرائيلية مقتل أحد قياديي مجموعة "عرين الأسود" وديع الحوح. وقال "يجب أن يعرفوا أننا سنصل إليهم أينما كانوا، إسرائيل لن تتوقف أبدًا عن العمل من أجل أمنها وسنفعل ما يجب القيام به، والهدف هو الحد من الإرهاب والتأكد من أنه لا يؤثر على المواطنين الإسرائيليين".
ووصفت الرئاسة الفلسطينية العملية العسكرية الاسرائيلية في نابلس بأنها "جريمة حرب". وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان إن الرئيس محمود عباس "يجري اتصالات عاجلة لوقف عدوان الاحتلال على أبناء شعبنا في نابلس".
وأفادت حركة الجهاد الإسلامية في بيان أن مقاتليها يخوضون اشتباكات مع القوات الإسرائيلية في نابلس وهدّدت إسرائيل بالردّ على ما وصفته بـ"الجرائم".
أكدت مصادر محلية لوكالة فرانس برس أن الجيش الاسرائيلي حاصر ليلًا عدة أماكن في المدينة حيث كانت تُسمع انفجارات بين الحين والآخر وأقام نقاط تفتيش للتعرّف على الأشخاص الذين يغادرون المدينة في حين كانت تحلّق طائرات مسيّرة بشكل متواصل.
وليل السبت الأحد، قُتل الناشط في مجموعة "عرين الأسود" تامر الكيلاني في انفجار عبوة ناسفة في البلدة القديمة في مدينة نابلس، في هجوم نسبته مجموعته والصحافة الإسرائيلية إلى الجيش الإسرائيلي الذي لم يعلّق على الحادثة.
اضراب شامل
وعم إضراب شامل مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة للمرة الاولى منذ سنوات، احتجاجا على قتل فلسطيني مساء الأربعاء بعد إطلاقه النار على حراس إسرائيليين عند مدخل مستوطنة.
ودعت حركة فتح في بيان الفلسطينيين الى هذا الاضراب الشامل "من أجل فارس القدس ومقاتلها" عدي التميمي (20 عاما) الذي قتل خلال تنفيذه هجوما عند مدخل مستوطنة معالي ادوميم الواقعة بين القدس والبحر الميت في الضفة الغربية.
وظهر التميمي في تسجيل فيديو وهو يطلق الرصاص من مسدسه على حراس المستوطنة بالرغم من كثافة النيران التي كانوا يطلقونها عليه.
كما دعت حركة فتح في بيانها إلى "الخروج بمسيرات تليق ببطلنا المقدام الشهيد البطل".
وتوقفت المواصلات العامة بين المدن، فيما اغلقت المحال التجارية أبوابها حتى في القرى والمخيمات.
وقال مراسلو ومصورو وكالة فرانس برس إن الاضراب شمل مختلف نواحي الحياة في مدينة القدس ورام الله والخليل وبيت لحم وطولكرم وجنين. وقد عطلت المدارس والجامعات وحتى مؤسسات السلطة الفلسطينية ووزاراتها وكذلك مكاتب المنظمات الاهلية.
من جهته، هنأ رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لبيد قوات الأمن "بقتلها الإرهابي عدي التميمي فيما كان يحاول ارتكاب اعتداء آخر بعد اعتداء شعفاط" الذي اسفر عن مقتل الجندية نوعا لازار (18 عاما) عند حاجز على مدخل المخيم الذي يحمل الاسم نفسه في القدس الشرقية.
للمرة الأولى منذ سنوات
قال مراسلو ومصورو فرانس برس إن مواجهات بين شبان والجيش الاسرائيلي وقعت في مدن الخليل وبيت لحم ورام الله والبيرة وشمال نابلس.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) نقلا عن مصادر طبية أن فتى يبلغ من العمر 16 عاما من بلدة سعير شمال شرق مدينة الخليل، جرح برصاص الجيش الاسرائيلي خلال مواجهات وإصابته في بطنه خطيرة. وقد نقل الى مستشفى في مدينة الخليل.
كما أغلقت القوات الاسرائيلية البوابة الحديد التي أقامتها منذ سنوات على المدخل الرئيسي لبلدة بيت أمر شمال مدينة الخليل ومنعت سكانها ومركباتهم من الخروج منها أو الدخول إليها.
وقالت جمعية الهلال الاحمر إن "طواقمها تتعامل مع اصابات عديدة في مواقع مختلفة بالضفة معظمها حالات اختناق بالغاز المسيل للدموع".
وأشار الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب إلى أن "الإضراب الذي نفذ اليوم يحدث للمرة الاولى منذ سنوات عديدة، من حيث الانضباط العام من كافة المؤسسات الفلسطينية".
وقال لوكالة فرانس برس إن "الحالة العامة من الاحتقان الشعبي وغياب الافق لحل سياسي يجعل الناس اكثر قبولا بقيادات ميدانية جديدة تجسد فيها عنوانا حقيقيا بدل الفصائل القائمة".
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الخميس وفاة الفتى محمد نوري (16 عاما) متاثرا بجروح أصيب بها برصاص الجيش الاسرائيلي خلال مواجهات وقعت عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة في الضفة الغربية المحتلة في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي.
وشارك مئات الفلسطينيين في تشييع الفتى محمد نوري قبل بدء مواجهات مع الجيش الاسرائيلي شمال مدينة البيرة في الضفة الغربية.
واعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن "الزيادة المقلقة في أعمال العنف والقيود المفروضة على الحركة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية"
وقال في بيان الثلاثاء إن 2022 هو "أكثر الأعوام دموية منذ 2006"، مشيرا إلى مقتل "ما لا يقل عن 105 فلسطينيين بينهم 26 طفلاً بأيدي القوات الإسرائيلية".
واضاف البيان أن "المعدل الشهري للقتلى الفلسطينيين ارتفع بنسبة 57 بالمئة مقارنة بالعام الماضي في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية".
وقُتل عشرة مدنيين إسرائيليين وثلاثة أجانب وأربعة جنود إسرائيليين على أيدي فلسطينيين من الضفة الغربية في عام 2022، حسب البيان نفسه.
واحتلّت إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية عام 1967التي ضمتها اليها واعلنتها عاصمتها الدولة في خطوة لايعترف معظم المجتمع الدولي بها.
عنف المستوطنين
وفي سياق متصل وثّق مقطع مصوّر قيام جندي إسرائيلي ومستوطن يهودي بالعمل جنباً إلى جنب ضد مزارعين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، حيث ألقى المستوطن باتجاههم قنبلتي غاز بعدما تلقى من الجندي إرشادات بكيفية استخدامهما.
المقطع المصوّر الذي نشرته منظمة "ييش دين" لحقوق الانسان في إسرائيل، أظهر ما بدا أنه تراشق بالحجارة بين مستوطنين يهود ملثمين وبين فلسطينيين قرب قرية بورين جنوب نابلس، وهي منطقة شهدت مواجهات في الأشهر الأخيرة جراء عمليات الاقتحام التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والهجمات التي ينفذها فلسطينيون.
ولطالما اتهمت المنظمات الحقوقية والإنسانية الجيشَ والمؤسسة الأمنية في إسرائيل بإقامة علاقات وثيقة ومريبة مع المستوطنين في الضفة الغربية والذين يزيد عددهم على الـ490 ألفاً، يعيشون في نحو 130 مستوطنة.
وفي المقطع المصوّر الذي نشرته "ييش دين"، شوهد مستوطن يهبط من أعلى قمة تل حاملاً بيديه ما بدا أنهما قنبلتا صوت، وأعطى واحدة منهما للجندي الذي أشار له على المكان الذي يجب أن يتم فيه إلقاء القنبلة، وبعد أن تم إلقاؤها عاد المستوطن إلى الجندي واستعاد منه القنبلة الثانية ثم سار باتجاه الفلسطينيين، الذين هم خارج إطار التصوير، وألقى القنبلة باتجاههم.
وأظهر مقطع مصوّر آخر، نشرته المنظمة الحقوقية الإسرائيلية المذكورة، جنوداً يقفون إلى جانب مستوطنين ملثمين يرشقون الحجارة، لكن لم ترصد الكاميرا الجانب الفلسطيني في هذه المواجهة.
الجيش الإسرائيلي، من جهته، أكد على أن الشخص الذي قام بالتعاون مع المستوطن هو أحد حرّاس المستوطنات وليس جندياً، وقال: إن الشخص الذي ظهر في المقطع المصور مرتدياً زياً عسكرياً ليس جندياً وإنما هو حارس أمن تدفع وزارة الدفاع راتبه، بينما يتم ترشيحه من قبل مكتب عسكري إقليمي، مضيفاً أن الحادث وسلوك الحارس هما قيد المراجعة.
وفي سياق متصل، تؤكد درور سادوت، المتحدثة باسم منظمة بتسليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان على أن "عنف المستوطنين أصبح جزءاً من الحياة اليومية للفلسطينيين كما نرى في تلك الهجمات الشديدة، التي حدثت في الأسابيع القليلة الماضية"، مشددة على أن "بإمكان إٍسرائيل أن تمنع عنف المستوطنين لكنها ليست راغبة في ذلك والعكس صحيح. إسرائيل تمول تلك البؤر الاستيطانية والمستوطنات".
وتضيف سادوت: "إن بتسيلم وثقت مئات الحالات التي قام فيها المستوطنون بإلقاء الحجارة باتجاه السيارات والممتلكات والفلسطينيين، حيث شاهدنا حرائق وإتلاف أشجار الزيتون خلال موسم الحصاد". ويتهم منتقدو إسرائيل حكومتها بغض الطرف عن تلك الهجمات، في وقت تواجه فيه المتظاهرين الفلسطينيين بعنف.