عشية توقيع الاتفاق النووي.. هل تبدأ إسرائيل حرب جوية؟

وكالات

2022-09-05 08:00

مع قرب التوصل الى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وايران تبرز مخاوف من استهداف الطائرات الإسرائيلية للمنشئات الحيوية في داخل ايران، مع استمرار استهدافها للمطارات السورية بزعم ايقافها لإمدادات السلاح الإيرانية التي قد تستهدف إسرائيل في حال نشوب حرب. كما ان ايران تبدو انها تستعد لهذه الحرب من خلال تعزيز مختلف المدن والمواقع الحيوية بأنظمة دفاع لإحباط أي هجوم أجنبي محتمل.

فقد قال مسؤولون عسكريون إن إيران جهزت 51 من مدنها وبلداتها بأنظمة دفاع مدني ورفعت مستوى تأهب قوات الدفاع الجوي لإحباط أي هجوم أجنبي محتمل، وسط تصاعد للتوتر مع إسرائيل والولايات المتحدة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن البريجادير جنرال مهدي فرحي نائب وزير الدفاع قوله إن معدات الدفاع المدني ستمكن إيران من “تحديد ومراقبة التهديدات باستخدام برامج تعمل على مدار الساعة وفقا لنوع التهديد والخطر”.

وقال فرحي “في هذه الأيام، بناء على قوة الدول، أصبح شكل المعارك أكثر تعقيدا“، مضيفا أن الأشكال الهجينة للحرب، مثل الهجمات الإلكترونية والبيولوجية والإشعاعية، حلت مكان الحروب الكلاسيكية. ولم يشر إلى أسماء الدول التي يمكن أن تهدد إيران.

في غضون ذلك، قال البريجادير جنرال قادر رحيم زادة، قائد مقر الدفاع الجوي الإيراني، إن جاهزية قواته في أعلى مستوياتها.

ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية للأنباء عن رحيم زادة قوله “المجال الجوي للبلاد اليوم هو الأكثر أمانا للرحلات المرخصة والأقل أمانا للمعتدين المحتملين”.

تتهم إيران إسرائيل والولايات المتحدة منذ سنوات بشن هجمات إلكترونية أضرت بالبنية التحتية للبلاد. كما تتهم إسرائيل بتخريب منشآتها النووية، وهو ما لم تؤكده إسرائيل أو تنفه.

ويعصف التوتر العسكري بين الولايات المتحدة وإيران أيضا بالمنطقة منذ وقت طويل. وفي أحدث واقعة، احتجزت إيران زورقين مسيرين للجيش الأمريكي في البحر الأحمر، حتى في الوقت الذي يواصل فيه البلدان المحادثات النووية.

وقالت البحرية الأمريكية إنها أحبطت محاولة للقوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني لاحتجاز زورق مسير تابع للأسطول الخامس الأمريكي في الخليج. وقالت إيران إن الزورق كان يشكل خطرا على حركة الملاحة.

مواجهة تهديدات بيولوجية وكيميائية

كما أكد مسؤول عسكري إيراني أن الجمهورية الإسلامية جاهزة لمواجهة أي تهديدات بيولوجية أو كيميائية، وفق ما نقل عنه التلفزيون الرسمي.

وقال نائب وزير الدفاع العميد مهدي فرحي إن الوزارة "جهّزت 51 مدينة في البلاد بمنشآت وتجهيزات ضرورية للدفاع السلبي"، وفق ما نقل عنه الموقع الالكتروني للتلفزيون.

وأشار الى أنه "تم تأسيس مقر للدفاع السلبي لتنفيذ مهام مثل تحديد التهديدات ومراقبتها، وتزويد وتنسيق البنى التحتية المادية بهدف الرد على هذه التهديدات".

وشدد فرحي على أن الوزارة "باتت في موقع يتيح لها تحديد التهديدات بفضل بنى تحتية تم تنفيذها من أجل مواجهة كل أنواع التهديدات البيولوجية، الاشعاعية والكيميائية".

وكان وزير الدفاع الإيراني السابق أمير حاتمي شدد العام الماضي على أهمية الاستعداد لمواجهة أي تهديدات نووية أو بيولوجية أو كيميائية.

وقال "علينا أن نكون جاهزين للدفاع عن أمتنا في مواجهة كل التهديدات التي قد يستخدمها العدو ضدنا يوما ما، بما يشمل الأسلحة الكيميائية، النووية، والبيولوجية"، وذلك في تصريحات أوردتها وكالة "فارس".

وخلال الحرب بين العراق وإيران (1980-1988)، تعرضت مدينة سردشت في شمال غرب الجمهورية الإسلامية لهجوم بسلاح كيميائي نفذته قوات الرئيس صدام حسين. وبلغت الحصيلة الرسمية للقصف الذي نفّذ في 28 حزيران/يونيو، 119 قتيلا و1518 جريحا، علما بأن العديد من سكان المدينة لا يزالون يعانون من آثار الهجوم حتى اليوم.

ويعد هذا القصف أول استخدام لسلاح كيميائي ضد تجمع مديني.

تعطيل نقل الأسلحة الإيرانية جوا لسوريا

وفي سياق متصل قالت مصادر دبلوماسية ومخابراتية في المنطقة لرويترز إن إسرائيل كثفت ضرباتها على المطارات السورية بهدف تعطيل خطوط الإمداد الجوي التي تستخدمها طهران على نحو متزايد لتوصيل الأسلحة لحلفائها في سوريا ولبنان، ومن بينهم جماعة حزب الله.

وتستخدم طهران النقل الجوي باعتباره وسيلة يمكن الاعتماد عليها بقدر أكبر من الثقة في نقل المعدات العسكرية لقواتها والمقاتلين المتحالفين معها في سوريا، بعد اضطراب حركة النقل بطريق البر.

وقالت المصادر الدبلوماسية والمخابراتية إن إسرائيل ترى منذ زمن طويل في ترسيخ عدوتها اللدود إيران لأقدامها في سوريا تهديدا لأمنها القومي، وإنها توسع نطاق ضرباتها لتعطيل الوسيلة الجديدة لنقل الأسلحة.

وفي تصريحات لرويترز، أشار قائد عسكري مطلع على الأمر في تحالف إقليمي مدعوم من إيران إلى أن أحدث الضربات ليل الأربعاء الماضي ألحقت أضرارا بمطار حلب قبل قليل من وصول طائرة قادمة من إيران.

وقالت الحكومة إن إسرائيل شنت أيضا هجوما على مطار دمشق مما ألحق أضرارا بالمعدات في ثاني هجوم من نوعه منذ يونيو حزيران عندما تسببت ضربات إسرائيلية للممر في خروجه من الخدمة لمدة أسبوعين.

وقال مصدر مخابراتي غربي إن الضربة استهدفت أيضا منع وصول طائرة شحن.

ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على التقارير.

وتشن إسرائيل هجمات على سوريا منذ سنوات تستهدف ما تصفه بأنه قوات إيرانية وقوات مدعومة من إيران نُشرت في البلاد خلال الحرب المستمرة منذ 11 عاما.

وقال رام بن باراك رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست إن هدف إسرائيل في سوريا هو منع تنفيذ خطة إيران الرامية إلى "إقامة جبهة أخرى ضد إسرائيل في سوريا وتعزيز قدرات حزب الله في لبنان".

وأضاف في مقابلة مع إذاعة 102 إف.إم في تل أبيب أن إسرائيل "تمكنت من إحباط هذه الخطة بطرق مختلفة".

في رد فعل على الضربات الجوية الإسرائيلية، قال وزير الخارجية السوري إن إسرائيل "تلعب بالنار" وتهدد الأمن في المنطقة.

وقال مصدر دبلوماسي في المنطقة لرويترز إن هذه الضربات علامة ومؤشر على تحول في الأهداف الإسرائيلية. وأضاف "بدأوا في ضرب البنية التحتية التي يستخدمها الإيرانيون في إمدادات الذخائر للبنان".

ومضى المصدر قائلا "في السابق كان (الهدف يتمثل في) الإمدادات فحسب وليس المطار. والآن يقصفون الممر".

وقال مصدر مخابراتي غربي يعمل في المنطقة ومنشق عن الجيش السوري على دراية بأهداف الضربات إن الدافع وراء هذا التحول هو استخدام إيران المتزايد لشركات الطيران التجارية في نقل الأسلحة إلى المطارين السوريين الرئيسيين بدلا من النقل البري.

وقال المصدر المخابراتي إن معلومات المخابرات الإسرائيلية أشارت إلى "استخدام المزيد من الرحلات" في نقل الأسلحة ونقل (قطع) العتاد العسكري الصغيرة التي "يمكن تهريبها في الرحلات الجوية المنتظمة من طهران".

وفي عام 2019 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة ماهان إير بسبب نقل أسلحة وأفراد للقوات الإيرانية في سوريا.

وقال المصدر المنشق عن الجيش السوري إن مثل هذا العتاد يشتمل في العادة على المكونات الصغيرة للطائرات المسيرة، وأجزاء الصواريخ دقيقة التوجيه، ومعدات الرؤية الليلية التي من السهل "وضعها في صندوق من الورق المقوى في طائرة مدنية".

وأضاف أن عمليات النقل البري عبر العراق وسوريا إلى لبنان صارت أقل جاذبية منذ ظهور الشقاقات الداخلية والصراعات على النفوذ على طول الحدود العراقية السورية التي تتمركز فيها فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران، في ما يعطل النقل عبر الحدود.

ومضى قائلا إن إيران وحلفاءها بدأوا في الاعتماد بصورة متزايدة على مطار حلب لنقل الأسلحة بعدما قصفت إسرائيل مطار دمشق في يونيو حزيران.

وقال نوار شعبان، وهو محلل في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الذي يركز أبحاثه على سوريا، إن الضربات تقدم أدلة على الأماكن التي تعمق فيها إيران الآن تمركزها في سوريا.

وأضاف أن الضربات التي كانت تتركز قبل سنوات على مناطق حول دمشق ومناطق عسكرية في شمال غرب سوريا امتدت الآن إلى حلب، بل والمناطق الساحلية، مما يسلط الضور على المناطق التي ترى فيها إسرائيل تهديدا استراتيجيا لها.

وأوضح شعبان "الشيء الخطير يتمثل في أننا عندما ننظر إلى هذه المناطق التي تتعرض للقصف فإننا نستنتج أن (وجود) إيران تمدد بشكل أكبر".

وقال "في كل مرة نرى ضربة في منطقة جديدة يكون رد الفعل يا إلهي إسرائيل ضربت هناك

لكن ما يجب أن نقوله هو يا إلهي، إيران وصلت إلى هناك.

إسرائيل تشتري 4 طائرات بوينج للتزود بالوقود لسلاحها الجوي

وفي سياق متصل وقعت إسرائيل أمر شراء قيمته 927 مليون دولار لحيازة أربع طائرات بوينج كي.سي-46إيه للتزود بالوقود لسلاحها الجوي، ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم في عام 2025.

وستحل الطائرات محل طائرات بوينج 707 المتعددة الاستخدامات التي يعود عمرها لعشرات السنين وتستخدمها إسرائيل حاليا للتزود بالوقود في الجو. ومن شأن الطائرات الجديدة أن تساعد إسرائيل في إظهار جديتها بشأن احتمال توجيه ضربة تهدد بها منذ فترة طويلة للمنشآت النووية الإيرانية.

وشكر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) على ما وصفه بموافقتها السريعة على صفقة شراء الطائرات كي.سي-46إيه والتي قال إنها "ستمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من مواجهة التحديات الأمنية القريبة منها والبعيدة".

وفي عام 2020، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع محتملة لما يصل إلى ثماني طائرات بوينج كي.سي-46إيه والمعدات ذات الصلة لإسرائيل بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 2.4 مليار دولار. ودعت إسرائيل إلى تقديم مواعيد التسليم إن أمكن.

وكانت إسرائيل قد رحبت بانسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 والذي اعتبرته غير كاف لحرمان خصمها اللدود من وسائل صنع قنبلة نووية.

ومع محاولة الإدارة الأمريكية الحالية والقوى العالمية الأخرى إعادة إحياء الاتفاق، أشارت إسرائيل إلى أنها قد تلجأ في النهاية إلى عمل استباقي.

ومع ذلك، يعتقد خبراء مستقلون بأن المواقع النووية الإيرانية بعيدة جدا عن متناول المقاتلات الإسرائيلية وتقع في مناطق متفرقة ومتناثرة كما أنها محصنة على نحو يصعب على إسرائيل معه إلحاق أضرار دائمة بها.

وتنفي إيران أنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية.

وقال سلاح الجو الإسرائيلي إن طائراته من طراز بوينج 707 يزيد عمرها عن 45 عاما وتعاني من ندرة قطع غيارها.

وجاء في مقال نشر في دورية تابعة لسلاح الجو في مارس آذار 2021 أن الطائرات كي.سي-46إيه ستكون قادرة على حمل وقود أكثر 30 بالمئة مع استهلاك وقود أقل بالنسبة لنفسها. ونقل المقال عن ضابط في سلاح الجو قوله "هذا سيمكننا من تعزيز مدى رحلاتنا بشكل كبير".

وأضاف "أيضا، يمكن لهذه الطائرات تزويد طائرات أخرى بالوقود في أثناء إعادة تزويدها هي بالوقود في آن واحد بواسطة طائرة كي.سي-46إيه أخرى، وهي قدرة لا تمتلكها (طائرة التزود بالوقود بوينج 707). وهذا يوسع نظريا مداها إلى ما لا نهاية".

لن يكون لديكم برنامج نووي

من جهته قال نائب إسرائيلي بارز إن إسرائيل ترى أن القوى الغربية يمكنها التوصل إلى اتفاق نووي أفضل مع إيران، في الوقت الذي تبدو فيه محاولات إحياء اتفاق عام 2015 على وشك الانتهاء.

وقال رام بن براك، رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية والدفاع، في مقابلة إذاعية على محطة 102 إف.إم الإسرائيلية "لا بد أن نصوغ اتفاقا أفضل بكثير يحمل عصا أطول كثيرا. وهذا ما لا نراه".

كان الاتفاق النووي قد بدا على وشك الإحياء في مارس آذار، لكن المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن انهارت بعد ذلك بسبب عدة مشاكل منها إصرار إيران على أن تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقاتها حول آثار يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة.

وبعد المحادثات غير المباشرة التي دامت 16 شهرا بين طهران وواشنطن، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في الثامن من أغسطس آب إن الاتحاد قدم عرضا أخيرا لتجاوز عقبة أمام إحياء الاتفاق.

وقال بن براك إن التحقيقات المفتوحة وعمليات التفتيش المستقبلية هي مصادر القلق الرئيسية لإسرائيل في الاتفاق الحالي.

وأضاف "لا بد أن نحصل على إجابات صادقة وحقيقية حول ما فعلوه هناك".

وقالت إيران إن التحقيقات وراءها دافع سياسي.

وقال بن براك، الذي شغل من قبل منصب نائب مدير المخابرات الإسرائيلية، إن إيران ليست بالقوة التي قد يظنها البعض وإنها تعاني وطأة العقوبات. وأضاف أن هذا يمكن أن يدفعها إلى التخلي عن طموحاتها النووية تماما، سواء عبر الدبلوماسية أو القوة العسكرية.

ومضى قائلا "تريد إسرائيل شيئا أفضل يحل محل هذا الاتفاق. شيء أفضل يعني إبلاغ الإيرانيين: اسمعوا.. لن يكون لديكم برنامج نووي".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي