مركز الفرات ناقش مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية
مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
2022-07-02 07:15
عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته الشهرية التي حملت عنوان (مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية... اشكالات المضمون ومخاوف التنفيذ)، وذلك في يوم السبت الموافق 14/5/2022 الساعة الرابعة والنصف في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام.
توطئة:
"ادت الانتخابات النيابية المبكرة في تشرين الاول 2021، وتأخر تشكيل الحكومة لأكثر من ستة أشهر نتيجة اتساع فجوة الخلافات بين الكتل والأحزاب السياسية، الى تجميد قانون الموازنة الاتحادية لعام 2022 لحين تشكيل حكومة جديدة او الغائه بالكامل كما حدث عام 2014 وعام 2020، إذا ما استمر الانسداد السياسي في استمرار عمل حكومة تصريف الاعمال.
ونتيجة للظروف الاقتصادية الاستثنائية التي يشهدها العالم، والوفرة النفطية المتحققة جراء ارتفاع اسعار النفط والايرادات في العراق، أقرت حكومة تصريف الاعمال "مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية" وأرسل إلى مجلس النواب لإقراره بغية تحقيق جملة من الاهداف اهمها تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف الفقر واستمرار تقديم الخدمات والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين.
مع ذلك، يعاني مشروع القانون من العديد من الثغرات القانونية والاقتصادية، ويتناقض مع بعض مواد قانون الادارة المالية رقم 6 لعام 2019، ويخشى ان يؤسس اقرار هذا القانون لعرف مالي جديد في ادارة الثروة النفطية كبديل عن الموازنة العامة وما تتضمنه من قواعد وقوانين تؤمن الرقابة على تخصيص وصرف الايرادات المالية الاتحادية.
المضامين الاساسية لمشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية
1- تتولى وزارة المالية إنشاء حساب باسم (دعم الأمن الغذائي والتنمية والتحوط المالي وتخفيف الفقر)
2- يمول الحساب من الأموال الموجودة في حسابات وزارة المالية والزائدة عن اجمالي النفقات وبما لا يزيد عن (25) ترليون دينار
3- عند الحاجة يعزز الحساب بالقروض الداخلية والخارجية وبما لا يزيد عن (10) ترليون دينار باقتراح من وزير المالية وبموافقة مجلس الوزراء.
4- تقبل المنح والاعانات والمساعدات والهبات المالية والعينية لتعزيز الحساب.
5- يتم تخصيص المبالغ الموجودة في الحساب وفقا للنسب الاتية:
- (35%) لتحقيق الامن الغذائي وتخفيف حد الفقر ويشمل ذلك البطاقة التموينية ودفع مستحقات الفلاحين.
- (35%) لتمويل المشاريع المتلكئة بسبب عدم التمويل. والمشاريع الخدمية التي لا تزيد كلفها عن (20) مليار دينار عراقي.
- (10%) لتعزيز السيولة الوقائية للخزينة العامة.
- (10%) تسديد المديونية الخارجية وديون استيراد الغاز
- (5%) تسديد كلف استيراد الغاز وشراء الطاقة.
- (5%) مصروفات طارئة باقتراح وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء.
6- يجري الصرف من الحساب استثناءا من احكام المادة (13) من قانون الادارة المالية الاتحادية رقم (6) لسنة 2019.
ملاحظات حول مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية
1- سهولة الطعن بقانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية في المحكمة الاتحادية، نظرا لعدم جواز تشريع القوانين من قبل حكومة تصريف الاعمال الى حين انتخاب حكومة جديدة بصلاحيات كاملة، كما لا يستطيع البرلمان تقديم مقترحات قوانين فيها جنبة مالية بحسب قرار المحكمة الاتحادية.
2- يرى بعض النواب وجود خرق قانوني يتمثل بعدم السماح لمجلس النواب بتشريع القوانين أو تمريرها ما لم ترسل إلى مجلس شورى الدولة لتدقيقها، وهذا القانون لم يرسل إلى المجلس حتى الآن، ما يمثل خرقا كبيرا، وهناك أخطاء رئيسة فيه يجب أخذها بنظر الاعتبار.
3- لا توجد موجبات ملحة لإقرار القانون المذكور نظرا لعدم خطورة الامن الغذائي بالشكل الذي تم تصويره سياسيا واعلاميا لتمرير القانون. كما ان الصرف جاري ومؤمن بنسبة (1/12) من المصروفات الفعلية للنفقات الجارية مما يُمكن الحكومة من تامين احتياجات البلد من القمح وبعض المواد الغذائية لسنوات قادمة بشكل مريح.
4- تنص المادة (2) من قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية على انشاء حساب بمقدار (25 ترليون دينار) ومنح صلاحية الاقتراض الحكومي بمقدار (10 ترليون دينار) لدعم الحساب. وبذلك يكون اجمالي رصيد الحساب قرابة (35 ترليون دينار). ووفقا للمادة (3/اولا) من القانون تخصص نسبة (35%) من الحساب المزمع انشاءه لتمويل البطاقة التموينية وشراء محصولي الحنطة والشلب من الفلاحين. أي أكثر من (10 ترليون دينار)، وهو مبلغ يعادل (5) اضعاف تخصيصات البطاقة التموينية ومستحقات الفلاحين في الموازنات السابقة.
5- تشير المادة (2/ثالثا) الى امكانية تمويل حساب دعم الامن الغذائي والتنمية والتحوط المالي وتخفيف الفقر عن طريق القروض الداخلية والخارجية وبما لا يزيد عن (10) ترليون دينار باقتراح من وزير المالية وموافقة مجلس النواب. في حين يفترض ان توجه الوفرة المالية المتحققة نتيجة تحسن الاسعار والايرادات النفطية في تسديد الدين العام الداخلي المقارب لـ (70) ترليون دينار والدين العام الخارجي المقارب لـ (26) مليار دولار، خصوصا مع استمرار تحسن الايرادات النفطية بما يفوق مصروفات الحكومة وفق قاعدة (1/12) من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات المالية للسنة السابقة.
6- تفصح حسابات وزارة المالية النهائية للمصروفات الفعلية عن صرف قرابة (12) ترليون دينار فقط من التخصيصات الاستثمارية البالغة (29) ترليون دينار في موازنة 2021. مما يعني ضعف قدرة المحافظات والمؤسسات الحكومية على تنفيذ الخطط والمشاريع الاستثمارية رغم توفر التخصيصات المالية اللازمة خلال العام 2021. في حين يخصص مشروع الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية نسبة (35%) من رصيد الحساب المزمع اقراره، أي ما يقارب (10 ترليون دينار) لدعم المشروعات المتلكئة، وهو مبلغ ضخم لا حاجة له في ظل استمرار عمل المشروعات الحكومية وفقا المادة (13/ ثانيا) من قانون الادارة المالية رقم (6) لعام 2019 والموضح في الفقرة اللاحقة.
7- لا داعي لتشريع قانون بديل للموازنة الاتحادية نظرا لما تنظمه المادة (13) من قانون الادارة المالية رقم (6) لسنة 2019 من عمليات صرف في حال تأخر اقرار الموازنة والتي تشير الى اتخاذ الاجراءات الاتية:
اولا: الصرف بنسبة (1/12) فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة، على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة الاتحادية.
ثانياً: الصرف من إجمالي التخصيص السنوي للمشاريع الاستثمارية المستمرة والمدرجة تخصيصاتها خلال السنة المالية السابقة واللاحقةً حسب الذرعات المنجزة او التجهيز الفعلي للمشروع.
ثالثاً: في حال عدم اقرار مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لسنة مالية معينة تُعد البيانات المالية النهائية للسنة السابقة اساسا للبيانات المالية لهذه السنة وتقدم الى مجلس النواب لغرض اقرارها.
8- يعرقل هذا القانون فرص استغلال الفائض المالي المتوقع في انشاء صندوق سيادي متعدد الاهداف (استقرار، استثمار، اجيال، اطفاء ديون). بدلا من ذلك، يراد تبديد الفائض المتوقع تحققه نتيجة تحسن الايرادات النفطية ضمن قنوات صرف جديدة خارج اطر الرقابة والتدقيق التي ينظمها قانون الموازنة وقانون الادارة المالية رقم (6) لعام 2019، مما يزيد من مخاطر الهدر والفساد للمال العام، خاصة في ظل اضطراب عمل مجلس النواب والحكومة ودخول البلد في فراغ دستوري ومستقبل مجهول.
9- يرجح ان يكون اقرار قانون الامن الغذائي والتنمية بديلا مقصودا لمشروع الموازنة الاتحادية 2022، مما يعطل المصالح الاقتصادية والمالية للدولة والجمهور ويبطء من حركة البناء والاعمار وتنفيذ الخطط الاستثمارية الكبرى.
الاسئلة النقاشية:
س1// هل يمثل قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية" ضرورة ملحة كما تم تصويره من قبل الحكومة وبعض الاطراف السياسية؟
س2//ما فرص تحقيق قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية" لأهدافه المتعددة والمتنوعة في ظل المعطيات السياسية والاقتصادية الراهنة؟
المداخلات:
مشاكل فنية وقانونية
الدكتور علاء الحسيني، تدريسي في جامعة كربلاء:
لا يخلو هذا المشروع من حاجة ماسه لأغراض مالية واقتصادية وتنظيمية لكنه من الناحية الدستورية والتشريعية يعاني من إشكالية.
حيث دخلت الحكومة رسمياً بوصفها حكومة تصريف أعمال في يوم 7/10/2022 حين انحل مجلس النواب الماضي وتم تشكيل مجلس النواب الجديد ولم يتم تشكيل حكومة جديدة لذلك الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال.
اشار النظام الداخلي رقم 2 لسنة 2019 لمسألة تصريف الأعمال اليومية، أي تقوم الحكومة بتسيير الأعمال اليومية التي لا تقبل التأخير على ألا يترتب على ذلك لا إبرام معاهدات ولا إقرار قرارات لها جانب مالي وإنفاق نفقات سيادية وما شاكل ذلك.
لقانون بهذه الصيغة قد جاء من الحكومة وهي حكومة تصريف أعمال وبالتالي فالقانون محل إشكال وبالتالي من الممكن أن توجه له سهام الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا وقد يؤدي ذلك إلى نقضه.
فكر البرلمان في أكثر من بديل واحد منها تخويل الحكومة بإرسال مشروع قانون الموازنة الاتحادية بتخويل من البرلمان لتجاوز النظام الداخلي لمجلس الوزراء لكن كل المؤشرات القانونية تشير بأنه لا يمكن تجاوز هذه الفقرة لان هذه الفقرة فقرة دستورية، لا يمكن تجاوزها. نعم هي وردت في التنظيم في النظام الداخلي ولكن النص ورد في المادة 61 وكذلك المادة 68 من ان الحكومة في هذه الاحوال تتحول إلى حكومة تصريف أعمال وبالتالي لا يمكن أن نتعامل معها ونأخذ منها مشاريع القوانين المالية.
ان يأتي المقترح من رئاسة الجمهورية باعتبار أنه لا توجد لدينا تصريف أعمال يومية بالنسبة لرئاسة الجمهورية وبالتالي من الممكن أن تقترح ارسال مشروع قانون الموازنة ولكنه ايضاً تم الاصطدام بنفس العقبة وهي المادة 62 من الدستور تشير إلى ان قانون الموازنة يأتي من الحكومة حصراً ويذهب إلى البرلمان لغاية اقراره من البرلمان.
لذلك كان هناك نوع من الضيق في حقيقة الأمر، لا الامور السياسية قادرة على الحلحلة حتى يتم تشكيل حكومة جديدة وترسل مشروع قانون الموازنة ولا الجانب القانوني يسعف في هذا الأمر (أي أن يسمح لحكومة تصريف الأعمال أو مقترح من رئاسة الجمهورية) بإرسال مشروع قانون الموازنة.
لذلك ذهبوا إلى اعتبار هذا المشروع طارئ كواقع حال، أي جاء من الحكومة وتم مناقشته مرتين في مجلس النواب وهو على وشك أن يتم التصويت عليه لغرض اقراره، ولو تم اقراره سيذهب إلى التنفيذ ما لم يتم الطعن به أمام المحكمة الاتحادية العليا. فهذا القانون هو مشروع لغاية الآن ومشكوك في أمر دستوريته بشكل كبير جداً وتحوطه كثير من المشاكل الفنية والقانونية.
استثمار الوفرة المالية
الدكتور خالد العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
طالما إن هناك طعن في دستورية هذا المشروع، أعتقد؛ ان هذا المشروع هو مسلك غير صحيح من صاحب القرار العراقي التنفيذي او التشريعي، وهذا ما يؤثر على بناء الدولة مؤسساتياً بشكل سليم.
الضرورة الملحة هو قانون الموازنة وليس قانون استثنائي لإدارة مالية الدولة، وإذا ما لاحظنا تخصيصات هذا المشروع سنجد ان هناك امكانية لتضمين هذه التخصيصات في قانون الموازنة وما الداعي لإفرادها في قانون مستقل؟!
المفروض من صاحب القرار التنفيذي أو التشريعي أن يستثمر الوفرة المالية بطريقة جيدة تخدم الاقتصاد الوطني بعيداً عن تبديدها بقوانين استثنائية للإنفاق، خصوصاً اذا ما علمنا إن هذه الوفرة ناجمة عن ظرف استثنائي (ارتفاع اسعار النفط على خلفية الازمة الروسية-الاوكرانية) وهذا الظرف الاستثنائي لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية، أي ممكن أن ينتهي ويزول هذا الظرف الاستثنائي وترجع اسعار النفط إلى وضعها الطبيعي، لذلك لا داعي لإقرار هذا القانون.
قانون مرحلة
الدكتور اسعد كاظم شبيب، تدريسي في جامعة الكوفة:
علينا ان نعرف أولا ان هناك ازمة ضربت القوة الشرائية للمواطن العراقي جراء الارتفاع العالمي لأسعار المواد، وكذلك تخفيض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، ومن المعلوم أيضا ان العراق دولة ريعية تعتمد على أكثر من 90% على الاستيراد بالعملة الصعبة، من هنا وبعد تضرر شرائح عديدة وفي ظل عدم الاستقرار السياسي وجدت الحاجة لتشريع قانون الامن الغذائي لذا فهو قانون مرحلة اذا ما شرع يعالج الوضع الاقتصادي والغذائي لشرائح الهشة والطبقات الفقيرة.
أتصور هذا القانون فيه العديد من المواد الإيجابية كما ورد فيها بعض المواد التي من الممكن ان تكون عبئ على الجانب المالي مثل مسالة الاقتراض الخارجي.
التوزيع المنصف والعادل للثروة
الدكتور محمد مسلم الحسيني، باحث وأكاديمي عراقي:
بالنظر للظروف الاستثنائية الخاصة التي يمر بها البلد بسبب الشلل السياسي والفشل في إنجاب حكومة وطنية كما افرزتها نتائج الانتخابات وامتدادا للحالة الاستثنائية العامة التي يمر بها العالم بأسره والمتخلصة بالحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من معضلات تجارية وارتفاعات بأسعار الطاقة وشحة في بعض المواد الغذائية الضرورية، مضافا لها تبعات ومضاعفات وباء كورونا الذي ضرب العالم وأثر فيه اقتصاديا وصحيا ونفسيا.
كل هذه الأمور وغيرها خلقت هشاشة في الوضع العام وحالة قلق مستمر وعدم استقرار نفسي واجتماعي وسياسي واقتصادي. ربما للعراق حصة الأسد في حالة عدم الاستقرار هذه نظرا لوضعه السياسي المتأزم الذي يزيد الطين بله.
تأخر انطلاق قانون الموازنة الاتحادية لعام ٢٠٢٢ جمد وتوقف لعدم وجود حكومة منتخبة فعالة تلبي متطلبات المرحلة بسبب عدم توافق الكتل السياسية على تشكيل حكومة أغلبية أو توافقية تتطلبها المرحلة. هذا الانسداد السياسي يحتم إجراءات استثنائية غير مرغوب فيها لكنها ضرورية من أجل تلبية حاجات المجتمع الضرورية والواجبة.
اهم هذه الإجراءات هو تقديم حكومة تصريف الأعمال مشروعا لقانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية. هذا القانون سيسمح لحكومة تصريف الأعمال بتوزيع وصرف الاستحقاقات المالية اللازمة لمؤسسات الدولة ووزاراتها التي تمس بشكل مباشر احتياجات المواطن الملحة مثل وزارات الصحة والتجارة والكهرباء وغيرها من المؤسسات الحيوية الفاعلة في احتياجات المواطنين الماسة.
هذا القانون الطارئ سيكون بديلا مؤقتا للموازنة هذا العام لحين تشكيل حكومة مستقرة منتخبة. هذا القانون الطارئ يجب أن يتحلى بصفات وقيم وشروط أهمها:
اولا: هذا القانون الصادر عن حكومة تصريف أعمال يجب أن يكون تحت إشراف لجان متخصصة منبثقة من البرلمان وخارجه تراقب وتحلل وتدرس تصرفات الحكومة بهذا الشأن فلا إفراط ولا تفريط ولا تجاوز للحدود المرسومة.
ثانيا: التوزيع المنصف والعادل للثروة المخصصة لهذا الغرض بين مواطني المجتمع العراقي دون تفريق وامتيازات خاصة إذ لابد من الحياد التام أمام هذه المهام الحساسة.
ثالثا: سحب صلاحية طلب القروض المالية الخارجية والداخلية خلال هذه الفترة المؤقتة تجنبا لتعرض المال العام للفساد والهدر وفي ظروف ترتفع فيه أسعار الصادرات النفطية.
رابعا: أن يكون هذا القانون مؤقتا لا يتجاوز العمل فيه فترة محددة وإلا توقع خلال هذه الفترة اتفاقيات طويلة الأمد مهما كان نوعها.
التخطيط المسبق للأزمات
السيد علي الطالقاني، كاتب وصحفي:
من المعروف هناك منظمة تسمى منظمة الفاو جزء من اعمالها أنها تهتم بقضايا الجوع والقضاء على الجوع وترسم خطط مع الحكومات.
فالحكومة العراقية اليوم أن لم تكن قادرة على تحقيق الامن الغذائي فالمنظمات الدولية اليوم تبادر بمبادرات من شانها تحقيق هذا الهدف ومن بين هذه المنظمات منظمة ال un التي تحتاج الدعم الشعبي لدعم هذه المبادرات وغيرها.
يعتمد العراق على الاموال النفطية خصوصاً مع امتلاكه لوزارة زراعة ووزارة صناعة وهو يفتقد للأمن الغذائي!
كما تم تشكيل مجلس اقتصادي وكانت صلاحياته فوق صلاحية الوزارات ولا بد من إعطاء الوزارات صلاحياتها الكافية لممارسة أعمالها وتحقيق اهدافها، حيث تمتلك هذه الوزارات بيانات واحصاءات من شأنها ان تسهم في التخطيط لتحقيق الأمن الغذائي ولكن الالتفاف على هذه الوزارات من خلال زيادة الهيئات والقوانين والروتين جعلها غير قادرة على تحقيق الامن الغذائي سيما وان العراق معروف عنه أنه بلد زراعي وليس صناعي.
باختصار، ان العمل على تحقيق الأمن الغذائي هو التخطيط المسبق للأزمات من أجل تلافي وقوعها خصوصاً وإن العراق عاش مدة طويلة في حالة الطوارئ من 1980 وحتى اليوم، استمرار المجاعة من العقوبات الاقتصادية إلى اليوم، ويتبع ذلك التخطيط تنفيذ المشاريع مع تقليل القوانين المعرقلة ويكون ذلك التنفيذ من قبل وزارة الزراعة عندها سنحقق الامن الغذائي.
مؤسسات رقابية فاعلة
السيد أحمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:
موضوع الأمن الغذائي له تاريخ قديم تناوله القران الكريم في سورة يوسف من خلال ذكر الاحتفاظ بالحنطة المتحققة في سنوات الوفرة لتأمين سنوات القحط، ويمكن هناك تجارب في دول العالم كالصين وغيرها.
قضية الأمن الغذائي تتعلق بشكل أكبر بأزمات المياه والتغيرات المناخية، شحة المياه، انخفاض هطول الامطار في سنوات معينة، حيث يكون تأثيرها مباشر على المحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير والرز وغيرها.
حين كان العراق يتمتع بالاستقرار استطاع تحقيق الامن الغذائي واسناده باستثمارات زراعية خارج العراق كما هو الحال بالنسبة للدول الخليجية كالسعودية والامارات حيث تمتلك اراضي خصبة في السودان لضمان استدامة الأمن الغذائي.
التخطيط الجيد هو استثمار الوفرة المالية لتحقيق الأمن الغذائي من خلال الاستثمارات الزراعية في الاراضي الخصبة سواء داخل أو خارج البلد.
وفي ظل انعدام الثقة بالنظام السياسية والحكومات والاحزاب أصبحت هكذا قوانين هي بوابة للفساد وهدر المال العام خصوصاً مع ضعف مؤسسات المسائلة والمراقبة لمسيرة الاموال العامة.
كذلك ضعف البنية التحتية في العراق، إذ إن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب توفر بنية تحتية جيدة قادرة على خزن المحاصيل الزراعية لمدة طويلة، والمناشئ التي يتم الاستيراد منها لابد أن تكون جيدة والتي يشوبها الفساد ايضاً.
بدايةً يُفترض أن تكون هناك حكومة مستقرة تكون مسؤولة أمام البرلمان مع وجود مؤسسات رقابية فاعلة وبعدها يتم تشريع مثل هكذا قوانين.
مشاريع سياسية
السيد محمد علاء الصافي، باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:
تعود مشكلة الأمن الغذائي إلى الادارة، إذ كانت الادارة سيئة، حيث كانت الحكومة تمتلك موارده جيدة في سنوات سابقة 2008-2012 وتم فتح باب القروض ولكنها لم تترجم على ارض الواقع.
ان فشل القطاع الزراعي والصناعي مع عدم وجود ايادي ماهرة في الوقت الحاضر كلها دلالة على ان تلك المشاريع هي مشاريع سياسية أكثر مما هي مشاريع تنموية وهذا يرجع لسوء الادارة.
ان الطبقة السياسة الحالية لا تهتم لمسألة الحكومة الحالية؛ إذ قد تبقى وقد تذهب وذلك حسب المصالح السياسة بعيداً عن مصالح الشعب، وإلا لو كانت هذه الطبقة حريصة مصالح الشعب لعملت على إدراج فقرات قانون الأمن الغذائي في قانون الموازنة ويتم مناقشة مشروع قانون الموازنة وإقراره.
مشروع قانون الامن الغذائي ليس له علاقة بالأمن الغذائي، وذلك بفعل وجود مصالح سياسية لدى أطراف الطبقة السياسية يسعون لتحقيقها من خلال هذا القانون.
قائمة من الخروقات
السيد حيدر الجراح، باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:
أكدت الورقة على كلمة "خرق" أكثر من مرة، علماً أن الحكومة خرقت القوانين والدستور باستمرار منذ 2005 ولحد الآن، وبإمكان المتخصصين في القانون تقديم قائمة من الخروقات، حيث نعيش حالة الخرق والاستثنائية والطوارئ باستمرار في حياتنا.
لا نمتلك قضاء بمعنى القضاء المستقل الذي يكون بعيد عن تأثيرات السياسة، ولو أراد البرلمانيين اقرار هذا القانون سيقرون ولا تستطيع المحكمة الاتحادية الوقوف أمامه لان المحكمة الاتحادية مجيرة لخدمتهم وخدمة الطبقة السياسية.
قضية الايرادات
السيد حيدر آل حيدر الاجودي، باحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية:
قانون الأمن الغذائي ظاهره تحقيق الامن الغذائي وتحسين المعيشة ولكن باطنه ماذا؟ ماذا يحمل في طياته؟ خصوصاً مع خرق السياق الاداري لاعتبار انه لم يُعرض على مجلس شورى الدولة وهذا خلاف للقانون.
ذكر القانون مسألة دعم الفلاحين علماً إنها مذكورة في كل الموازنات السابقة، فلماذا تم ادراجها في قانون مستقل؟! مع العلم أن دعم الفلاحين في السنة السابقة تم تسديده قبل أسبوع!
لماذا التأخير في الخزن؟ إن التأخير سينعكس سلباً على الموطنين خصوصاً وإن هذه المحاصيل ذات نوعية غير جيدة فحتى لو تم خزنها لن يستفاد منها المواطنون.
قضية الايرادات التي تأتي من خلال هذا القانون إلى مَن ستذهب؟ ومن الذي سيتحكم بها؟ ومن المخول بالتصرف في هذه الاموال؟!
لماذا لا يتم استثمار الاراضي الزراعية خصوصاً وان العراق يمتلك اراضي خصبة صالحة للزراعة؟!
الامن الاخضر
الشيخ مرتضى معاش:
مشروع قانون الامن الغذائي يشرع لأجل مصالح فئوية بعيدة عن مصلحة الشعب، يبتعد عن الحلول الأساسية.
قبل الأمن الغذائي لا بد من التركيز على الأمن البيئي لأنه قضية اساسية في حياتنا.
إن الزراعة ستدمر العراق بحكم شحة المياه من جانب وان الزراعة تستهلك المياه من جانب ثانٍ، وان استهلاك المياه تدمير البيئة والمساحات الخضراء وانتشار التصحر في العراق.
ان زراعة المحاصيل الزراعية تحتاج لكميات كبيرة ونظراً لشحة المياه السطحية يتم اعتماد المياه الجوفية، وهذا ما يعني انخفاض المياه الجوفية وزيادة الجفاف والتصحر وزيادة العواصف الترابية.
ان الاساس في عملية البيئة الخضراء هو زراعة الاشجار، التشجير السليم؛ صديق البيئة كالنخيل مثلاً، حتى يتم الحفاظ على قوة التربة إضافة إلى ميزة الاشجار في الحفاظ على المياه ومنع الهدر.
هناك هوس كبير في العراق في تجريف البساتين وتقليص الاشجار، ان الأمن البيئي يؤدي إلى الامن الزراعي والأمن الزراعي يؤدي إلى الأمن الغذائي.
الأمن المائي مهم جداً في بناء الامن الاستراتيجي، لا تقتصر شحة المياه في العراق على الدول المجاورة (ايران، تركيا)، إذ نعاني من هدر كبير في المياه، حيث لا توجد إدارة جيدة في استغلال المياه بشكل جيد مع الحفاظ على البيئة وتقليص التصحر الناجم عن التجريف، فكلما ازداد التجريف ازداد التصحر مما يؤدي الى الاحتباس الحراري وعدم هطول الامطار.
النقطة الأخرى، لابد من التركيز على الجانب الانتاجي لا الاستهلاكي، إذ يفترض توجيه الاستثمار نحو المجالات المربوطة بالتنمية وتوليد فرص العمل بالمجالات الانتاجية، كالاستثمار في التعليم في الصحة في البنية التحتية كالنقل والكهرباء، وكذلك الحماية من الفساد كل هذه تؤدي إلى توفير الأمن سواء كان أمن بيئي أو أمن غذائي أو أمن تعليمي أو أمن صحي.