باندورا يخرج شرور قادة العالم ومشاهيره
وكالات
2021-10-05 09:17
كشف تحقيق نشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الأحد أن الكثير من قادة الدول، بينهم العاهل الأردني ورئيس وزراء تشيكيا ورئيسا كينيا والإكوادور، أخفوا ملايين الدولارات عبر شركات خارجية (اوفشور) في ملاذات ضريبية.
ويستند التحقيق الذي أطلق عليه اسم "وثائق باندورا" وساهم فيه نحو 600 صحافي، إلى حوالى 11,9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية في دول منها قبرص وبيليز والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وسويسرا وجزر فيرجين.
وسلط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.
وورد ذكر نحو 35 من القادة والمسؤولين الحاليين والسابقين في الوثائق التي حللها الاتحاد في إطار ادعاءات تراوح بين الفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي.
وجاء في هذه الوثائق أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أسس سلسلة من شركات الأوفشور ثلاثين منها على الأقل في بلدان أو مناطق تعتمد نظاما ضريبيا متساهلا.
ومن خلال هذه الشركات اشترى 14 عقارا فخما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار.
رفضت سفارة الأردن في واشنطن التعليق فيما نقلت هيئة "بي بي سي" عن محامين للملك عبد الله الثاني قولهم إن كل الممتلكات تم شراؤها من أموال خاصة مشددين على أن الشخصيات البارزة عادة ما تعمد إلى شراء ممتلكات عقارية عبر شركات أوفشور للمحافظة على خصوصيتها ولأسباب أمنية.بحسب فرانس برس.
وأظهرت الوثائق أيضا أن رئيس وزراء تشيكيا اندريه بابيس الذي يخوض انتخابات في وقت لاحق من الأسبوع الحالي، تخلف عن التصريح عن شركة استثمار أوفشور استخدمها لشراء قصر بيغو، وهو دارة شاسعة في موجان جنوب فرنسا بسعر 22 مليون دولار.
وعلق بابيس في تغريدة "لم أقدم يوما على أي فعل غير قانوني. لكن هذا لا يمنعهم من محاولة التشهير بي والتأثير على الانتخابات التشريعية التشيكية" المقررة الجمعة والسبت.
وأودع رئيس الإكوادور غييرمو لاسو أموالا في صندوقين مقرهما في ولاية داكوتا الجنوبية في الولايات المتحدة.
وأقام الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين روابط بين أصول في شركات أوفشور و336 من قادة الدول والمسؤولين السياسيين الكبار ومن بينهم سفراء ووزراء الذين انشؤوا حوالى ألف شركة، أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين البريطانية.
واعتبر مدير الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين جيرارد رايل في مقطع فيديو نُشر الأحد أن التحقيق "يظهر أن الأشخاص الذين يمكنهم وضع حد لسرية الشركات الأوفشور، لوضع حد لما يجري عبرها، يستفيدون منها أيضا". وأضاف "الأمر يتعلق بتريليونات الدولارات".
أما الباحثة في منظمة الشفافية الدولية مايرا مارتيني، فقد رأت أن التحقيق يمثل "دليلا جديدا واضحا على أن أوساط الأوفشور تسهل الفساد والجرائم المالية وتعرقل العدالة". واضافت أن "هذا النموذج الاقتصادي" القائم على السرية المالية "لا يمكن أن يستمر".
ومن بين الشخصيات الواردة أسماؤها المغنية الكولومبية شاكيرا وعارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر ونجم الكريكت الهندي ساشين تندولكار.
وشدد الاتحاد على أنه في غالبية الدول لا تعاقب القوانين على هذه الأفعال. لكن على صعيد القادة السياسيين، أورد الاتحاد خطابات البعض منهم المتعقلة بمكافحة الفساد في مقابل استثماراتهم في ملاذات ضريبية.
ولم يرد ذكر أسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباشرة في الوثائق إلا انه يرتبط عبر شركاء بأصول في موناكو.
وبين الأسماء الواردة رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير الذي اشترى عقارا في لندن عبر شركة في الخارج.
وكشفت الوثائق أن عائلة رئيس أذربيجان الهام علييف وشركاء له ضالعون في صفقات عقارية تبلغ قيمتها مئات الملايين في بريطانيا فيما يملك رئيس كينيا اوهورو كنياتا وستة من أفراد عائلته مجموعة من شركات الأوفشور.
وأظهرت وثائق أوردها التحقيق أن أفرادا من أوساط رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان المقربة بينهم وزراء وعائلاتهم يملكون سرا شركات وصناديق تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.
ووعد عمران خان الأحد بـ"اجراء تحقيق" حول كل الباكستانيين الواردة اسماؤهم في الوثائق وب"اتخاذ الإجراءات المناسبة" في حال ثبوت التهم عليهم.
وأنشأ المركز الأميركي للنزاهة العامة في العام 1997 الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أصبح كيانا مستقلا العام 2017.
وتضم شبكة الاتحاد 280 صحافيا استقصائيا في أكثر من مئة دولة ومنطقة فضلا عن حوالى مئة وسيلة إعلام شريكة.
وبرز الاتحاد مطلع نيسان/أبريل 2016 مع نشره تحقيق "وثائق بنما" الذي استند إلى حوالى 11,5 مليون وثيقة سربت من مكتب محاماة بنمي.
وجاء تفريغ الوثائق التي تجاوز عددها 11.9 مليون وثيقة، ما يعادل نحو 2.94 تيرا بايت، بعد خمس سنوات من كشف التسريب المعروف باسم "أوراق بنما" النقاب عن كيفية إخفاء أثرياء أموالا بطرق لم تتمكن وكالات إنفاذ القانون من اكتشافها.
وقال الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، وهو شبكة من المراسلين والمؤسسات الإعلامية مقرها واشنطن، إن الملفات مرتبطة بنحو 35 زعيما من زعماء الدول الحاليين والسابقين، وأكثر من 330 سياسيا ومسؤولا عاما في 91 دولة وإقليما. ولم يذكر كيف تم الحصول على الملفات ولم تستطع رويترز التحقق بشكل مستقل من المزاعم أو الوثائق التي قدمها الاتحاد.
وذكرت أيضا صحيفة واشنطن بوست، وهي جزء من الاتحاد، أن الروسية سفيتلانا كريفونوجيخ، أصبحت مالكة لشقة في موناكو من خلال شركة خارجية تأسست في جزيرة تورتولا في الكاريبي في أبريل نيسان 2003 بعد أسابيع فقط من إنجابها طفلة. وقالت الصحيفة نقلا عن مؤسسة برويكت الروسية للصحافة الاستقصائية إن هذه المرأة كانت في ذلك الوقت على علاقة سرية بدأت منذ سنوات طويلة مع بوتين.
وقالت الصحيفة إن كريفونوجيخ وابنتها البالغة حاليا من العمر 18 عاما والكرملين لم يردوا على طلبات للتعليق.
كما أظهرت الوثائق أن رجل الأعمال الهندي أنيل أمباني وممثليه امتلكوا 18 شركة خارجية على الأقل في جيرزي وجزر فيرجن البريطانية وقبرص وفقا لصحيفة (إنديان إكسبرس) وهي أيضا ضمن اتحاد الصحفيين الاستقصائيين.
وأضاف التقرير أن سبعة من الشركات التي تأسست بين عامي 2007 و2010 اقترضت واستثمرت ما لا يقل عن 1.3 مليار دولار.
وفي 2020 وبعد نزاع مع ثلاثة بنوك صينية حكومية قال أمباني، رئيس مجموعة ريلاينس الهندية، لمحكمة في لندن إن ثروته أصبحت صفرا.
وقال محام لم يذكر اسمه رد نيابة عن أنيل أمباني للصحيفة "موكلنا مواطن مقيم في الهند ويدفع الضرائب وقدم إفصاحات للسلطات الهندية كما هو مطلوب انصياعا للقانون. كل الاعتبارات المطلوبة تم أخذها في الحسبان لدى تقديم تلك الإفصاحات لمحكمة في لندن".
وتابع قائلا "مجموعة ريلاينس تنفذ الأعمال عالميا وتختص شركاتها بصلاحيات مختلفة من أجل مشروعية الأعمال والمتطلبات التي تفرضها الجهات التنظيمية".
ولم يرد أمباني بعد على طلب من رويترز للتعليق.
بنما قلقة
تخشى بنما أن يشملها مرة أخرى تحقيق جديد في الملاذات الضريبية وقالت الحكومة البنمية في الرسالة التي أرسلتها إلى الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية عن طريق مكتب محاماة "قد تكون الأضرار غير قابلة للاصلاح".
وتحذر الرسالة من أن "أي منشور" يعزز "التصور الخاطئ" للبلاد كملاذ ضريبي محتمل "سيكون له عواقب وخيمة على بنما وشعبها".
أعلن الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية في تغريدة أنه سينشر الأحد عند الساعة 16,30 بتوقيت غرينتش "أشمل تحقيق حول السرية المالية حتى الآن" بناءً على 11,9 مليون وثيقة مسربة "تغطي جميع أنحاء العالم".
والتحقيق الذي أطلق عليه اسم "وثائق باندورا" هو ثمرة عمل أكثر من 600 صحافي في 117 دولة، بحسب الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية.
واشارت رسالة حكومة بنما إلى العديد من الإصلاحات التي نفذتها هذه الدولة الواقعة في أميركا الوسطى خلال السنوات الماضية والتي لا تزال مع ذلك مدرجة على قائمة الملاذات الضريبية في فرنسا والاتحاد الأوروبي.
واوردت أنه منذ 2016، تم تعليق تسجيل أكثر من 395 ألف شركة ومؤسسة، أي ما يعادل نصف تلك التي كانت موجودة حينها.
تخشى الحكومة من أن تواجه بنما مرة أخرى فضيحة جديدة تتعلق بالملاذات المالية بعد تلك التي أثارها نشر تحقيق سابق أجراه الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية في عام 2016 والمعروف باسم "وثائق بنما".
أعلن مكتب المحاماة البنمي موساك فونسيكا في عام 2018 وقف كل نشاطاته، في اعقاب هذه الفضيحة.
وكانت فضيحة "وثائق بنما" بدأت في 03 نيسان/ابريل 2016 مع تسريب 11,5 مليون وثيقة رقمية من مكتب المحاماة موساك فونسيكا. وهذه الوثائق الحساسة التي حللتها المجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين ادت الى سلسلة صدمات في العالم بينها استقالة رئيس الوزراء الايسلندي سيغموندور ديفيد غونلوغسون، ثم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف.
وبعد تسرب الوثائق، فتح 150 تحقيقا على الاقل في 79 بلدا في قضايا تهريب ضريبي او تبييض اموال، حسب المركز الاميركي للنزاهة العامة.
قامت بنما منذ ذلك الحين بسلسلة إصلاحات لتعزيز الرقابة المصرفية ومعاقبة التهرب الضريبي بالسجن وتبادل المعلومات مع منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي.
أكدت الحكومة في رسالتها أن بنما عام 2016 "لا تمت بصلة ببنما اليوم".
قادة من العالم يرفضون الاتهامات
ورفض الكثير من الدول والقادة الإثنين المعلومات التي كشفها تحقيق واسع أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين واتهم مئات السياسيين وأقاربهم بإخفاء أصول في شركات "أوفشور" بهدف التهرب الضريبي خصوصا.
وكشف التحقيق الذي نشرت نتائجه الأحد أن عددا من القادة السياسيين بينهم رئيس الوزراء التشيكي وملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيسا كينيا أوهورو كينياتا والإكوادور غييرمو لاسو، أخفوا أصولا في شركات أوفشور بهدف التهرب من الضرائب خصوصا.
وسمي التحقيق الذي شارك فيه نحو 600 صحافي "وثائق باندورا" في إشارة إلى أسطورة صندوق باندورا الذي يحوي كل الشرور. وهو يستند إلى نحو 11,9 مليون وثيقة من 14 شركة خدمات مالية كشفت وجود أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.
لكن الديوان الملكي في عمان أكد في بيان أن هذه المعلومات "غير دقيقة" و"مغلوطة" معتبرا أن نشر عناوينها يشكّل "تهديدا لسلامة الملك وأسرته". وأوضح البيان أن الملك تحمّل شخصيا كلفة عقاراته في الخارج.
كذلك رفض الكرملين الذي طالته الاتهامات "مزاعم لا أساس لها". وحسب تحقيق الاتحاد الدولي حصلت سفيتلانا كريفونوجيخ التي قدمتها وسائل الإعلام الروسية على أنها عشيقة سابقة للرئيس فلاديمير بوتين، في 2003 على شقةفي مقابل أربعة ملايين دولار في موناكو عبر حسابات أوفشور. كما ورد ذكر مقربين آخرين من الرئيس الروسي في التقرير.
ونفى رئيس وزراء ساحل العاج باتريك أتشي أيضا الذي كان يدير شركة في جزر الباهاماس حتى 2006 على الأقل وفقا للتحقيقات، الإثنين أن يكون قام بأي "عمل غير قانوني".
وكان رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيش نفى الأحد أن يكون أودع 22 مليون دولار في شركات وهمية لتمويل شراء قصر في موجان بجنوب فرنسا.
وكتب على تويتر "لم أفعل على الإطلاق أي شيء غير قانوني أو خاطئ لكن هذا لا يمنعهم من محاولة تشويه سمعتي والتأثير على الانتخابات البرلمانية التشيكية" المقرر إجراؤها الجمعة والسبت المقبلين.
وضع الرئيس الإكوادوري غييرمو لاسو أموالًا في صندوقين ائتمانيين مقرهما الرئيسي في الولايات المتحدة في ولاية داكوتا الجنوبية، حسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي تحدث عن رئيسي تشيلي وجمهورية الدومينيكان أيضا.
وقال لاسو وهو مصرفي سابق، في بيان "صرحت عن كل مداخيلي ودفعت الضرائب المترتبة في الإكوادور، مما جعلني أحد دافعي الضرائب الرئيسيين في البلاد شخصيا". وأضاف أن "جميع الاستثمارات في الإكوادور والخارج جرت في إطار القانون".
ويمتلك الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو منذ حوالى عشرين عاما شركة أوفشور في جزر فيرجين البريطانية، بينما كان الرئيس الغابوني علي بونغو يمتلك شركتين هناك في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حسب صحيفة لوموند الفرنسية اليومية.
في المجموع، ربط الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بين الأصول الخارجية و 336 من كبار المسؤولين التنفيذيين والسياسيين الذين أنشأوا نحو ألف شركة أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين البريطانية.
وتتعلق حوالى مليوني وثيقة من أصل 11,9 مليون حصل عليها الصحافيون في إطار "وثائق باندورا" بـ"ألكوغال"، حسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أكد أن مكتب المحاماة البنمي هذا لعب "دورا رئيسيا في التهرب الضريبي" وشارك في إنشاء حسابات لإخفاء أموال أكثر من 160 شخصية.
ورأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن هذه الممارسة "غير مقبولة إطلاقا" وعلى الاتحاد الأوروبي "العمل أكثر" على هذه المسالة.
شاكيرا ودومينيك ستروس كان
ووردت في التحقيق أيضا أسماء المغنية شاكيرا وعارضة الأزياء كلوديا شيفر وكذلك رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لشرائه عقارات في لندن والوزير الفرنسي السابق دومينيك ستروس كان.
وقال التحقيق إن المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي قام بتحويل ملايين من الدولارات من أتعاب نشاطاته الاستشارية، عبر شركة مغربية معفاة من الضرائب.
وكتب ستروس كان على تويتر "إنني مقيم ضريبيا في المغرب منذ 2013... وأدفع ضرائبي هناك بحدود 23,8% من أرباحي، ما عادل 812 ألف يورو للسنوات 2018 و2019 و2020".
وفي معظم البلدان، لا يعاقب القانون على هذه الأفعال. لكنها محرجة بالنسبة لبعض القادة، إذ يقارن الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بين خطاب مكافحة الفساد لدى البعض واستثماراتهم في الملاذات الضريبية.
وعلى هذا الصعيد، أكد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا مرارًا تصميمه على محاربة الفساد وإلزام المسؤولين الكينيين بالشفافية بشأن ثرواتهم، في حين كشفت "وثائق باندورا" أنه يملك مؤسسة في بنما والعديد من أفراد عائلته المباشرين أكثر من 30 مليون دولار في حسابات خارجية.
وعلق كينياتا على التقرير مرحبا بتحقيق "سيساهم في تحسين الشفافية المالية"، بدون أن يرد على الاتهامات.
وكشف التقرير أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي الذي بنى صورته على مكافحة الفساد، أقام اعتبارا من 2012 شبكة من الشركات أوفشور استخدمها بصورة خاصة لشراء ثلاثة أملاك باهظة في لندن.
غير أن الرئاسة الأوكرانية بررت ذلك بضرور "حماية نفسه" من "الأنشطة العدوانية" لنظام الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا.
وورد اسم وزير الاقتصاد البرازيلي باولو غيديس في هذه الوثائق لإخفائه أصولاً خلف شركات أوفشور. إلا أن الوزير أكد أن كافة نشاطاتها كانت قانونية ومصرّح بها للسلطات الضريبية.
من جانبه، طلب الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور فتح تحقيق يستهدف نحو ثلاثة آلاف مكسيكي يُشتبه في أنهم أخفوا ممتلكات في ملاذات ضريبية للتهرب من الضرائب، بينهم أحد وزرائه. وقد وردت أسماء جميعهم في "وثائق باندورا".
مشكلات اقتصادية
يأتي تفريغ ملايين السجلات التي ربطت زعماء بالعالم بمخازن سرية للثروة بعد خمسة أعوام من تسريب أطلق عليه "أوراق بنما" كشف كيف يخفي الأثرياء أموالا بطرق ليس بمقدور وكالات إنفاذ القانون كشفها.
كما جاءت الوثائق المسربة في وقت يتنامى فيه استياء الأردنيين من حكامهم. وشهدت البلاد احتجاجات في الشوارع على المصاعب الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة بين الشبان والافتقار لتحقيق التقدم في إصلاحات سياسية.
ويقول سياسيون معارضون إن الملك عبد الله لم يقم بما يكفي لمكافحة الفساد في أجهزة الدولة حيث تشيع المحسوبية.
كما اتهموا السلطات العام الماضي باستغلال قوانين طوارئ صارمة فرضت لكبح جائحة فيروس كورونا المستجد لقمع الحريات المدنية والانتقاص من الحريات العامة وهي اتهامات تنفيها الحكومة. وتم رفع أغلب تلك القوانين حاليا.
والأردن من أكبر الدول المتلقية للمساعدات الأمريكية والغربية بالنسبة لعدد سكانها. ومكنتها صورتها كجزيرة من الاستقرار النسبي وسط بحر الاضطرابات في الشرق الأوسط من احتلال مكانة مميزة لدى المانحين الدوليين، كما تتبع المملكة إصلاحات بإرشادات من صندوق النقد الدولي.
وقال بيان الديوان الملكي يوم الاثنين عن الوثائق المسربة "هذه الادعاءات الباطلة تمثل تشهيرا بجلالة الملك وسمعة المملكة ومكانتها بشكل ممنهج وموجه، خاصة في ظل مواقف جلالته ودوره الإقليمي والدولي".
من جهته، أكد الملك عبد الله الإثنين خلال لقائه عدداً من شيوخ البادية الوسطى ووجهائها، أن "محاولات إرباك جبهة الأردن الداخلية لم تتوقف منذ زمن"، مشيرا إلى أن "هنالك حملة على الأردن، ولا يزال هنالك من يريد التخريب ويبني الشكوك".
وأوضح الملك، حسبما نقل عنه بيان صادر عن الديوان الملكي، إنه "لا يوجد ما يتم إخفاؤه"، مؤكداً أن "الأردن سيبقى أقوى، فهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهدافه".
ورأى الملك أن "المملكة تحظى بتقدير ودعم كبيرين من الدول الشقيقة والصديقة، ولها دور قوي ومؤثر على الساحتين الإقليمية والدولية".
وأكد بيان الديوان الملكي أن "ما قامت به بعض وسائل الإعلام من إشهار لعناوين هذه الشقق والبيوت هو خرق أمني صارخ وتهديد لأمن وسلامة جلالة الملك وأفراد أسرته".
وأوضح البيان أن الملك تحمّل شخصيا كلفة عقاراته في الخارج.
وأوضح الديوان الملكي الإثنين أن عدم الإعلان عن العقارات الخاصة بالملك "يأتي من باب الخصوصية وليس من باب السرية أو بقصد إخفائها"، مضيفا أن "إجراءات الحفاظ على الخصوصية أمر أساسي لرأس دولة بموقع جلالة الملك".
واشار الى "اعتبارات أمنية أساسية تحول دون الإعلان عن أماكن إقامة جلالته وأفراد أسرته، خاصة في ضوء تنامي المخاطر الأمنية".
وأكد كذلك أن الملك "يمتلك عددا من الشقق والبيوت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهذا ليس بأمر جديد أو مخفي".
واضاف أنه يستخدم "بعض هذه الشقق أثناء زياراته الرسمية ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة".
وأوضح إنه "تم تسجيل شركات في الخارج لإدارة شؤون هذه الممتلكات وضمان الالتزام التام بجميع المتطلبات القانونية والمالية ذات العلاقة".
واكد البيان أن "كلفة هذه الممتلكات وجميع التبعات المالية المترتبة عليها تمت تغطيتها على نفقة جلالة الملك الخاصة، ولا يترتب على موازنة الدولة أو خزينتها أي كلف مالية".
ورفض الديوان الملكي "أي ادعاء يربط هذه الملكيات الخاصة بالمال العام أو المساعدات".
واكد أن "كل الأموال العامة والمساعدات المالية للمملكة تخضع لتدقيق مهني محترف، كما أن أوجه إنفاقها واستخداماتها موثقة بشكل كامل من قبل الحكومة، ومن قبل الدول والجهات المانحة".
والأردن الذي يعتبر استقراره أساسياً في المنطقة، هو من أبرز الدول التي تستفيد من مساعدات خارجية ولا سيما من الولايات المتحدة.
كذلك تستفيد المملكة منذ فترة طويلة من برامج مساعدات يقدّمها لها صندوق النقد الدولي في مقابل إجراء إصلاحات.
وورد ذكر نحو 35 من القادة والمسؤولين الحاليين والسابقين في الوثائق التي حللها الاتحاد في إطار ادعاءات تراوح بين الفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي.
الكرملين يرفض الاتهامات
رفض الكرملين الاثنين التحقيق الصحافي الواسع النطاق المعروف باسم "وثائق باندورا" والذي تضمن اتهامات لعدد من الشخصيات الروسية المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين بامتلاك ثروات هربوها إلى خارج البلد، معتبرا أنها "اتهامات لا أساس لها".
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف "لا أفهم كيف يمكن اعتبار هذه المعلومات موثوقة... حين تصدر منشورات جدية مبنية على أمور أو تشير إلى أمور جدية، عندها سنطلع عليها باهتمام".
وجاء في التحقيق أن سفيتلانا كريفونوغيخ التي عرفت عنها وسائل إعلام روسية بأنها عشيقة سابقة لبوتين، اشترت العام 2003 شقة بقيمة أربعة ملايين دولار في موناكو من خلال حسابات مصرفية "أوفشور".
وكان موقع Proekt الروسي المتخصص في التحقيقات أورد في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 أن هذه المرأة ارتبطت بعلاقة مع بوتين في التسعينات وحتى أوائل سنوات الألفين، وأنها جمعت في تلك الفترة ثروة هائلة.
وذكر الموقع أنها أنجبت لبوتين طفلة ولدت العام 2003 واسمها إليزافيتا.
وسبق أن نفى الكرملين مزاعم الموقع الروسي ووصفها بيسكوف في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بأنها "استفزازات" وصحافة "وضيعة".
وفي تموز/يوليو الماضي، أعلنت وزارة العدل الموقع جهة "غير مرغوب فيها" وحظرت كل نشاطاته تحت طائلة عقوبات جنائية.
وحظرت السلطات في الأشهر الأخيرة عدة وسائل إعلام استقصائية روسية أجرت تحقيقات حول مقربين من بوتين، وهو موضوع بالغ الحساسية في روسيا، أو صنفتها "عملاء للخارج"، وهو توصيف يعقد عملها.
وبحسب تحقيق الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، فإن بيوتر كولبين الذي أفيد بأنه صديق طفولة لبوتين، على ارتباط بعملية مالية مربحة في الخارج يشارك فيها الثري غينادي تيمتشينكو المقرب هو أيضا من الرئيس.
ويرى معارضو بوتين في هذه الشخصيات واجهات وهمية للرئيس.
ويذكر التحقيق أيضا أن كونستانتين إرنست، الرئيس التنفيذي للقناة التلفزيونية الاولى في روسيا، حصل بشكل مثير للشك على قطعة أرض شاسعة في موسكو عبر شركة أوفشور.
ويعتبر إرنست من الذين ابتكروا صورة الرئيس الروسي في الإعلام، فأخرج ظهوره خلال المراسم الكبرى عبر التلفزيون أو خلال العروض العسكرية.
ونظم أيضا حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في مدينة سوتشي في شباط/فبراير 2014.
وأكد إرنست لوسيلة الإعلام الاستقصائية الروسية "فاجنييه إستوري" أنه على ارتباط بشركة "موسكو دفوريك" الأوفشور، مؤكدا في المقابل أنه لم يخف الأمر يوما.
كذلك أشار إلى ولاية أميركية رابعة هي داكوتا الجنوبية، تستفيد من مناطق معفاة من الضرائب، إضافة إلى ولايات ديلاوير ونيفادا وويومينغ.
ورأى بيسكوف أن التحقيق حقق أمرا إيجابيا إذ كشف "بوضوح أن الحكومة التي تشكل أكبر جنة ضريبية أوفشور في العالم هي حقا الولايات المتحدة".