الصراع السعودي الإيراني يؤجج الفتنة الطائفية في الشرق الاوسط

كمال عبيد

2015-07-14 01:25

حرب مفتوحة، تهديدات مستمرة، توتر دبلوماسي، سباق تسلح، خلاف نفطي ساحته أوبك، تصريحات نارية، نزاع طائفي، طموحات من أجل النفوذ والمصالح، جل هذه الامور واكثر تختزل صراع البقاء الجيوسياسي على مستقبل الشرق الاوسط بين اعتى غريمين في هذه المنطقة هما السعودية وايران.

ففي الآونة الاخيرة تصاعدت حدة التوتر بين طهران والرياض بخصوص اليمن وكذلك حول الاوضاع في سوريا والعراق واليمن والبحرين، في اطار الصراع على النفوذ وهو ما أدى إلى تفاقم حدة التوتر السياسي والطائفي في الشرق الأوسط.

في صراع النفوذ على اليمن استخدم مختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة من لدن السعودية وايران لبيان طرف احق من الاخر في ورؤيته وجهته ومواقفه تجله ما يحدث في اليمن، إذ يرى الكثير من المحللين انه بعدما انقطعت الوشائج بين إيران وحلفائها باليمن بسبب الحملة العسكرية التي تقودها السعودية هناك، عكفت طهران على تكثيف حملة إعلامية مضادة تتهم فيها الرياض بالتسبب في معاناة شعب وتصور فيها نفسها كصانع سلام لا تشوبه شائبة، وتقدم وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية تغطية شاملة بالعربية والفارسية والإنجليزية للحرب التي اندلعت قبل ثلاثة أشهر في اليمن حيث تقصف السعودية ودول عربية متحالفة معها جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.

أما السعوديون فيحاولون من جانبهم تصوير حملة اليمن على أنها حملة مشروعة تخدم الصالح اليمني ونقطة تحول فيما تراه الرياض توسعا إيرانيا بلا كابح في الدول العربية، وهذا ما اظهر ان ما بين السعودية وايران حرب ذرائع دعائية.

في حين يرى من أغلب المحللين المتخصصين بشؤون الشرق الاوسط أن الرياض شعرت بأنها محاصرة بالنفوذ الإيراني المتنامي في دول عربية منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وهي تعتبر إمكانية حصول إيران على سلاح نووي أكبر كوابيسها، وكذلك يبدو أن السعودية قلقة أيضا من أن يتيح الاتفاق ورفع الضغط الدولي عن إيران -بما في ذلك العقوبات- مجالا أرحب لها لتسليح وتمويل وكلائها الذين تعارضهم الرياض في المنطقة.

في حين يرى محللون آخرون ان مشكلة السعودية مع ايران لا تقتصر على الاتفاق النووي، بل في مدى تمدد ايران في الشرق الاوسط وهو نفس غاية السعودية، كما اذكى التقارب السطحي الأمريكي الإيراني غير المسبوق، مخاوف عميقة لدى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، فقد نشأت مخاوف السعودية نتيجة إجراء مفاوضات سرية على مدى شهور بين إيران وإدارة أوباما في 2013 على نحو جعل الرياض تجهل جوانب المسألة.

وأسهم ذلك في تعميق مخاوف السعودية من أن واشنطن ترفع أيديها تدريجيا من الشرق الأوسط مع تقلص وارداتها النفطية من المنطقة ولم يعد يعول عليها في مساندة حلفائها القدامى ومراقبة أنشطة الخصوم المشتركين، وتطرق أوباما لتلك المخاوف حين طمأن دول الخليج العربية إلى أن الاتفاق لن يؤثر على معارضة واشنطن لسلوك إيران في المنطقة ووعد بدعوة قادتها قريبا إلى واشنطن.

وبالتزامن مع وصول العلاقة بين الرياض وطهران إلى مرحلة تأزم شديدة، اشدت الخلاف بينهما على قضايا اخر على غرار قضية التحرش تعرض لها مراهقان إيرانيان في مطار الملك عبد العزيز بجدة، وحادثة التسمم التي أودت بحياة 4 أطفال سعوديين وإصابة 33 آخرين، جراء استنشاق مبيد حشري سام بأحد الفنادق الايرانية، مما يعني ان الصراع بين ايران والسعودية شمل كل المستويات حتى بات اشبه بـ صراع حياة أو موت على مستقبل الشرق الأوسط، وتشعر السعودية التي تتنافس مع إيران على النفوذ في المنطقة بالقلق من أن يتيح تخفيف العقوبات لطهران مجالا أوسع لتدعم وكلاء ترفضهم الرياض في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط.

ويرى المحللون ان حالة عدم الاستقرار السياسي والانتكاس الامني الذي تشهده بلدان الشرق الاوسط هو نتيجة الصراع السعودي الايراني المتفاقم وذلك بدعم أطراف متنافسة في حروب وصراعات سياسية في المنطقة كثير منها يرجع لأسباب طائفية، فضلا عن التدخل في الشؤون الداخلية بصورة مباشرة وغير مباشرة في الكثير من الدول ابرزها سوريا والعراق ولبنان واليمن.

فيما يرى محللون آخرون أن تصاعد حدة الصراع بين الغريمين الاقليميين في اليمن قد ادى إلى حرب بالوكالة بين السعودية وإيران اللتين تتنافسان على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، حيث يرى هؤلاء المحللون ان المشكلة مع ايران لا تتحدد في قضية معينة، فهي تشمل اثارة النعرات الطائفية، ودعم الازمات في المنطقة فضلا عن المناطق المتنازع عليها في اشارة الى الجزر الثلاث، فضلا عن الحرب في سوريا والعراق التي باتت مصدرا لصراع حاد بينهما وصل حد الحرب بالوكالة، وهذا يكشف دوافع الهيمنة والتغلغل للحصول على عرش الشرق الاوسط.

الرياض عازمة على مواجهة التوسع الإيراني

في سياق متصل قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن بلاده عازمة على مواجهة ما وصفه بتدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية وقال إن الرياض تصدت من قبل لجهود طهران لتوسيع نفوذها.

وقال الجبير في مؤتمر صحفي في العاصمة الأردنية عمان حيث اجتمع مع كبار المسؤولين الأردنيين "المملكة تعمل على التصدي لأعمال إيران المشاغبة في المنطقة. وأضاف مصررون ألا يكون لإيران تدخل سلبي في المنطقة أو في الدول العربية"، وأضاف أن التحركات السعودية ساعدت في تقليص تدخل إيران ونفوذها الإقليمي في اليمن ودول أخرى.

وقال دون الخوض في التفاصيل "العمل الذي نعمله للتصدي للنفوذ الإيراني حقق نجاحات ونرى التواجد الإيراني في المنطقة بدأ يتقلص في بعض الاماكن في افريقيا واليمن"، وأضاف أن السعودية سعت لإقامة علاقات طيبة مع إيران لكن معظم الأعمال العدوانية التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة كانت من جانب إيران. وحث الإيرانيين على احترام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. بحسب رويترز.

وتنفي الجمهورية الإسلامية تلك الاتهامات. وكثفت إيران هجومها الإعلامي على السعودية بعد أن عزلتها العمليات العسكرية التي تقودها الرياض عن اليمن وحلفائها هناك. وتتهم إيران السعودية بالتسبب في معاناة مأساوية للسكان المدنيين، وأيضا دعا الجبير الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق إلى الإسراع بالإصلاح السياسي من أجل إعطاء السنة دورا أكبر في إدارة البلاد وإنهاء ما وصفه بالهيمنة الإيرانية هناك.

قضايا حقوقية

على صعيد مختلف قضت المحكمة الجزائية في مدينة جدة السعودية (غرب)، بالسجن لمدة أربع سنوات وألف جلدة بحق شرطيين أدينا في قضية تحرش جنسي تعرض لها مراهقان إيرانيان في مطار الملك عبد العزيز. وكانت الحادثة قد أثارت احتجاجات في إيران التي قررت في مطلع نيسان/أبريل تعليق رحلات معتمريها إلى المملكة. بحسب فرانس برس.

وكانت السلطات السعودية باشرت الملاحقات القضائية بحق شرطيين اتهما ب"التحرش الجنسي" بمراهقين إيرانيين في مطار جدة. وأثارت الحادثة احتجاجات حادة من قبل السلطات الإيرانية التي قررت مطلع نيسان/أبريل تعليق رحلات معتمريها إلى العربية السعودية "حتى معاقبة المسؤولين عن هذا الحادث"، ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية أن الحادثة وقعت بينما كان المراهقان يستعدان للعودة إلى إيران بعد إنهاء عمرة في نهاية آذار/مارس الماضي.

من جهتها دعت السعودية السلطات الإيرانية إلى الإسراع بإظهار نتائج التحقيقات في حادثة التسمم التي أودت بحياة 4 أطفال سعوديين وإصابة 33 آخرين، جراء استنشاق مبيد حشري سام بأحد الفنادق، وقال القنصل السعودي بالإنابة بمدينة مشهد عبدالله الحمراني إن القنصلية لا تزال تنتظر الملف المتكامل من وزارة الخارجية الإيرانية للتعرف على القضايا الغامضة في ملف التسمم، وفق ما نقلته، الأربعاء، صحيفة "اليوم" السعودية.

وانتقد الحمراني عدم تزويد القنصلية بملف القضية رغم مرور 3 أسابيع على الحادث، وقال إن تأخر الجهات الإيرانية في تسليم التقارير الرسمية أخرنا في رفع الدعاوى القانونية ضد مسؤولي الفندق أمام القضاء الإيراني، وأضاف أن القنصلية لا تتدخل في التحقيقات التي تقوم بها الشرطة والبحث الجنائي. بحسب السي ان ان.

وأشار إلى أن القنصلية مستعدة للتحرك لتقديم الدعاوى أمام القضاء الإيراني، بعد الاجتماع مع مكاتب المحاماة لتدارس القضية من كل جوانبها، وكان 4 أطفال قد توفوا منذ حوالي3 أسابيع وأصيب 33 أخرون بعد استنشاقهم لمبيد حشري داخل أحد الفنادق بمدينة مشهد الإيرانية، وقالت وزارة الداخلية في إيران إن الحادث لم يكن متعمدا مبررة أنه حصل نتيجة الإهمال، وأعربت الخارجية الإيرانية عن أسفها للحادث.

تطوير برنامج نووي

الى ذلك قال السفير السعودي في بريطانيا، الأمير محمد بن نواف، إن المملكة على استعداد لتطوير برنامج نووي، لافتا إلى أن برنامج طهران النووي يمثل تهديدا للمنطقة بشكل كامل ومباشر. بحسب السي ان ان.

وتابع الأمير السعودي في مقابلة أجراها مع صحيفة الغارديان البريطانية ونشرها على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، إن بلاده ومنذ عهد الملك السابق، فهد بن عبدالعزيز، أيدت سياسة تتمحور حول أن الرياض لن تسعى لاقتناء سلاح نووي، مشيرا إلى أنه وفي وقت لاحق "أصبح من المعروف أن إيران انتهجت سياسة يمكن لها من خلالها المضي في برنامج لأسلحة دمار شامل.. وهذا غير النظرة بأكملها في المنطقة".

وأضاف الأمير السعودي: "البرنامج النووي الإيراني يشكل مصدرا رئيسيا وحافزا للانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل"، وتابع قائلا: "نأمل أننا حصلنا على التأكيدات التي تضمن بأن إيران لن تسعى للحصول على هذا النوع من الأسلحة، ولكن إن لم يحصل ذلك فإن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة للمملكة العربية السعودية".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي