مدينة ملاهي مهملة في أنقرة تعبر عن مشكلات تركيا

وكالات

2021-09-07 09:07

مع تماثيل الديناصورات العملاقة و17 أفعوانية، كان يفترض أن تكون "ووندرلاند اوراسيا" في أنقرة أكبر مدينة ملاهي في أوروبا و"مصدر فخر" بحسب تعبير الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، لكنها بدلا من ذلك باتت دليلا على سوء الإدارة والإهمال.

غطى بعض الألعاب الصدأ منذ إغلاق المتنزه بعد أقل من سنة على افتتاحه في آذار/مارس 2019، ما يعد شاهدًا على الهدر وعجرفة بعض مسؤولي الحزب الرئاسي "حزب العدالة والتنمية".

ساهم السخط الذي أثاره بناء هذا المشروع الضخم باعتباره غير ضروري ومكلفًا في إنهاء الحكم الطويل للمحافظين الإسلاميين على أنقرة، المدينة التي فازت بها المعارضة في الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2019. بحسب فرانس برس.

هذه النكسة، غير المسبوقة لاردوغان، شكلت أيضا تحذيرا للرئي التركي الذي يتجه نحو انتخابات مزدوجة رئاسية وتشريعية حساسة في 2023 على خلفية صعوبات اقتصادية، مشاكل مدينة الملاهي هذه بدأت مبكرا، فبعد يومين من افتتاحها بقي قطار عالقا في أعلى أفعوانية (لعبة الجبل الروسي) ما أجبر الركاب على النزول سيرا.

كما لقي الزوار مفاجأة غير سارة عندما اكتشفوا مراحيض في حالة سيئة وألعابًا غير مكتملة البناء ومناطق من المتنزه يحظر الوصول اليها بسبب الورشة القائمة فيها، في عام 2020، أغلقت مدينة الملاهي تاركة في المكان مجسمات وألعابًا يأكلها الصدأ وشعورًا قويًا بالمرارة، قالت تزجان جاندان رئيسة غرفة المهندسين المعماريين في أنقره "ما كانت تحتاجه أنقرة، ليس متنزها ترفيهيا انما تحسين وسائل النقل"، واضافة "لقد كان مشروعا باهظا" مؤكدة انه كان هناك متنزه آخر كبير في العاصمة التركية.

نزوة

رفعت البلدية دعوى قضائية ضد الشركة المسؤولة عن ووندرلاند اوراسيا على أمل السيطرة عليها ووضع الأرض الشاسعة التي بنيت عليها في استخدام مثمر. وينتظر صدور قرار في 13 أيلول/سبتمبر، بحسب رئيس البلدية الحالي الذي ينتمي الى المعارضة منصور ياواش فإن هذا المشروع الموروث من أحد أسلافه مليح جوكتشك، كلف أكثر من 680 مليون يورو، يعترض جوكتشك الذي تولى رئاسة بلدية أنقرة من 1994 إلى 2017، على هذا الرقم مشيرا إلى أن الكلفةبلغت 420 مليون يورو.

لكن رئيس البلدية السابق الذي أعفاه اردوغان من مهامه قبل نهاية ولايته الأخيرة، يبقى مرتبطا بعدة مشاريع بناء مثيرة للجدل، كان يفترض أن يؤدي مشروع "ووندرلاند اوراسيا" الذي عرف أولا باسم "انكابارك"، الى تطوير السياحة في أنقرة، وهي مدينة إدارية عموما، بعيدة عن سحر اسطنبول أو المنتجعات البحرية في جنوب البلاد، كان جوكتشك أعلن سابقا ان مدينة الملاهي ستجتذب عشرة ملايين زائر سنويا الى العاصمة. وقد استقبلت نصف هذا العدد في 2019، بالنسبة لغوفين عارف سارغان أستاذ الهندسة المعمارية في الجامعة التقنية للشرق الأوسط في أنقرة، فإن رغبته في جعل العاصمة مركزا سياحيا كانت بمثابة "نزوة طفولية".

إرث اتاتورك

بالنسبة لمعارضي اردوغان، أصبح هذا المشروع أيضا رمزا للهوة القائمة بحسب قولهم بين الطبقة الحاكمة ومشاغل السكان، تقول جاندان إن "مليح جوكتشك يظهر الطريقة التي تخون بها الإدارات المحلية لحزب العدالة والتنمية المدن والطريقة التي تعمل بها من أجل ترتيب عملية نهب" للأموال العامة.

لكن بالنسبة للعديد من سكان أنقرة ، فإن الخطأ الرئيسي مصدره جوكتشك ليس لأنه انخرط في مشروع ضخم ومكلف وانما لانه دمر مساحة طبيعية مرتبطة بمؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك وتحمل اسمه أيضا.

تضم "مزرعة غابة أتاتورك" التي أقيمت عام 1925، حديقة حيوانات وبساتين. كان مؤسس الجمهورية أنشأها لكي تلبي الاحتياجات المستقبلية للعاصمة من المنتجات الزراعية، بالنسبة لمعارضي اردوغان فان بناء مدينة ملاهٍ في هذا المكان الرمزي هو جزء من مشروع محو إرث أتاتورك الذي يتهمون السلطة به، بالنسبة لجاندان فان حلا "جذريا" فقط يمكن أن يتيح طي الصفحة.

وأوضحت "يجب إعطاء الألعاب الى مناطق قد تحتاجها، طلب تعويضات من مليح جوكتشك عن المال الذي أهدر واستخدام ذلك المال في إعادة تشجير المنطقة. ... مع مثل هذه القرارات، يمكن أن يعود المتنزه الى وضعه الأساسي".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا