مجلس الشيوخ الأميركي مقبرة مشاريع بايدن

وكالات

2021-03-27 04:58

رحب الرئيس الأميركي جو بايدن بإقرار خطة التحفيز الاقتصادي الهائلة في الكونغرس معتبرا أنه "انتصار تاريخي" إلا أن وراء هذا النجاح الديموقراطي، تواجه عدة قوانين أساسية في برنامجه احتمال السقوط في مجلس الشيوخ لعدم نيلها الغالبية المطلوبة، وتحقق النصر الأخير للديموقراطيين عندما صادق مجلس النواب على خطتين تهدفان إلى تقوية إجراءات التحقق في عمليات شراء أسلحة، وإغلاق ثغرة متصلة بعملية إطلاق النار الدامية في كنيسة في تشارلستون العام 2015. بحسب فرانس برس.

وتستجيب الخطتان لرأي شائع في صفوف الناخبين الأميركيين، يتعلق بلزوم التحقق من خلفية المشتري في كل عمليات بيع الأسلحة ومنها تلك في المعارض"، وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الخميس "ما نحتاج له هو تصويت ... وليس صلوات وتعاطف، وأكد أنه مع سيطرة الديموقراطيين "فإن مقبرة المجلس التشريعي انتهت".

لكن القول أسهل من الفعل، فمجلس الشيوخ منقسم بالتساوي، لكن الديموقراطيين يسيطرون عليه كون نائبة الرئيس كامالا هاريس لديها الصوت المرجّح في حال التصويت 50-50، ومع ذلك فإنهم يواجهون عراقيل متزايدة في المجلس الذي عمد إلى منع استخدام إجراء التعطيل الذي يسمح لحزب الأقلية بوقف تمرير قانون ما لم يحصل على أصوات 60 سناتورا، وهذا يعني أن الكثير من مشاريع بايدن السياسية المبكرة، تواجه احتمال عدم الوصول إلى مكتبه، حتى وإن كان مجلسا الكونغرس تحت سيطرة الديموقراطيين.

وصادق مجلس النواب الذي تترأسه نانسي بيلوسي، على مبادرات لمراقبة السياسات، ومنع التمييز القائم على الميول الجنسية أو الهوية الجندرية وتوسيع حقوق النقابات، وستتطلب مشاريع أخرى تنتظر الإقرار مثل إصلاح قانون الهجرة الذي يتضمن مسارا محتملا لحصول ملايين الأشخاص غير المسجلين على الجنسية، اجتياز عتبة الستين صوتا أيضا.

خلاف بشأن إجراء التعطيل

وأقرت حزمة التحفيز البالغة 1,9 تريليون دولار الهادفة لمواجهة تداعيات الجائحة، بغالبية بسيطة لأن الديموقراطيين استخدموا قواعد مجلس الشيوخ في تسوية الميزانية والتي تسمح بأن تتجاوز مشاريع القوانين إجراء التعطيل في حال اعتبرت مهمة للانفاق الفدرالي، ولكن فيما الكثير من باقي أجندة بايدن مهدد، فإن العديد من ديموقراطيي الكونغرس أبدوا تأييدهم لإلغاء إجراء التعطيل برمته.

لكن بايدن الذي كان عضوا في مجلس الشيوخ طيلة 36 عاما ويعتز بأعرافه، يتردد في الضغط على هذا القنبلة السياسية المحتملة، ويفضل بدلا من ذلك السعي لإيجاد أرضية مشتركة مع الخصوم، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أمام الصحافيين هذا الأسبوع إن "الرئيس لا يفضل التخلص من إجراء التعطيل".

وسبق أن تم تقليص نطاق استخدام هذا الإجراء. في 2013 عندما عمد زعيم الغالبية آنذاك إلى المماطلة في إقرار تعيين قضاة مرشحي الرئيس باراك أوباما، تحرك الديموقراطيون، واستندوا في ذلك إلى ما يسمى "الخيار النووي" الذي يخفض العتبة إلى الغالبية البسيطة لكل التعيينات القضائية وتلك المتعلقة بالسلطة التنفيذية، إلا أنهم أبقوا غالبية الستين صوتا للتعيينات في المحكمة العليا.

وغضب الجمهوريون لما وصفوه بانتزاع الديموقراطيين للسلطة، لكن في 2017، عندما انعكست الأدوار وكان دونالد ترامب رئيسا، قام ماكونيل بهندسة إلغاء إجراء التعطيل لمرشحي المحكمة العليا أيضا، ويدور النقاش الآن على إنهاء العمل بهذا الإجراء، وهي خطوة حذر بعض المنتقدين من أنها ستغير دون رجعة الطبيعة النقاشية لمجلس الشيوخ.

ووسط هذه المماطلة وصف شومر مجلس الشيوخ بأنه "حفار قبور"، وعن القانون المتعلق بالتحقق من خلفية مشتري الأسلحة قال "ربما نحصل على الأصوات" اللازمة مضيفا "وإن لم نحصل عليها سنجتمع على مستوى الحزب ونناقش كيفية إقراره".

وينصب التركيز في تلك الأثناء على السناتور جو مانشين الذي يعارض إلغاء تدابير التعطيل، وردا على سؤال بشأن ما إذا بالإمكان تغيير رأيه فقد السناتور عن ولاية فرجينيا الغربية أعصابه وصرخ بوجه أحد الصحافيين "أبدا ... ما الذي لا تفهمه في كلمة +أبدا+؟".

ومانشين أكثر الديموقراطيين تشددا في معسكره، وحذر حزبه مرارا من مغبة إلغاء ذلك الإجراء، وقال "كما تزرع تحصد"، على ما نقل عنه موقع "ذي هيل" الإعلامي، وأضاف "كل ما تفعله هنا، وتظن أن لديك القدرة على القيام به باستخدام القواعد والإجراءات، سيرتد عليك وسوف يؤذيك".

تفويض استخدام القوة العسكرية من الرئيس

قال مشرعون أمريكيون من الحزب الديمقراطي يوم الجمعة إنهم سيبدأون العمل خلال أسابيع على تشريع لتعديل تفويض استخدام القوة العسكرية الذي استخدمه رؤساء من الحزبين على مدار عقود لتبرير هجمات على أهداف خارج البلاد. بحسب رويترز.

وقال النائب جريجوري ميكس إن لجنة الشؤون الخارجية التي يرأسها بمجلس النواب ستبدأ في مناقشة إلغاء “تفويض استخدام القوة العسكرية” الذي سمح بالحرب في العراق عام 2002، وقال ميكس في مؤتمر عبر الفيديو مع مجموعة من النواب الديمقراطيين “أنوي تجهيز تشريع في لجنة الشؤون الخارجية في الأسابيع المقبلة لإلغائه (التفويض)”.

ويسعى أعضاء في مجلس الشيوخ أيضا إلى إعادة سلطة إعلان الحرب إلى الكونجرس من البيت الأبيض، وفي أعقاب ضربات جوية في سوريا أمر بها الرئيس جو بايدن، طرحت مجموعة من الحزبين في الثالث من مارس آذار تشريعا لإلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية في العراق عام 2002 وتفويض آخر أقر في عام 1991.

ووافق مجلس النواب في العام الماضي على إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية 2002 لكن الإجراء لم يحظ بموافقة مجلس الشيوخ الذي كان يهيمن عليه الجمهوريون آنذاك، ويمنح الدستور سلطة إعلان الحرب للكونجرس وليس الرئيس. وتغيرت هذه الصلاحية بعد إقرار الكونجرس تصاريح “استخدام القوة العسكرية” التي لا تنقضي بموعد محدد وذلك في قرارات متعلقة بالعراق وفي تفويض أجاز الحرب على تنظيم القاعدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001، وقالت النائبة باربرا لي في المؤتمر الصحفي إن “تفويض استخدام القوة العسكرية” استخدم أكثر من 40 مرة لتبرير هجمات في 19 بلدا.

وأضافت قائلة “حان الوقت لكي ننهي هذه الحروب التي لا تنتهي”، وقال آدم شيف رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب إنه ينبغي لأي تفويض جديد أن يحمل موعدا محددا وأن ينطبق على دول محددة وينبغي التشاور بشأنه مع الكونجرس، وكان البيت الأبيض قد قال قبل أيام إن الرئيس جو بايدن يرى أنه ينبغي مراجعة تشريع “تفويض استخدام القوة العسكرية”.

بدون تغريدات مشحونة

مع الخطة العملاقة لدعم الاقتصاد وتسارع حملة التلقيح ضد كوفيد-19 بشكل كبير، سجل الرئيس الأميركي جو بايدن نقاطا في تحقيق خططه لكن بأسلوب هادىء ومتكتم، تسير رئاسة بايدن بدون ضجيج مع أداء فعال ومقاربة منهجية. وإذا كان معارضوه يوجهون انتقادات ساخرة لرئيس يجدونه باهتًا او حتى مملًا، فإن هذه الهجمات لا تزعج الرئيس السادس والاربعين للولايات المتحدة بل على العكس.

جو بايدن الذي انتخب على أساس وعد بإحلال الهدوء، يقدم منذ 50 يوما لأميركا والعالم رئاسة "أقل إرهاقًا"، كما توقع باراك أوباما أثناء حملته الانتخابية لنائبه السابق، ومع اعتماد الكونغرس المرتقب الأربعاء خطته البالغة قيمتها 1900 مليار دولار، فانه يحقق بعيد وصوله الى السلطة نجاحا تشريعيا كبيرا سيبقى مهما حصل، علامة فارقة تطبع ولايته.

تناقض صارخ

فرض بايدن الذي لا يذكر تقريبا أبدا سلفه، أسلوبا هادئا في أقل من شهرين، تغريداته تمر بهدوء، والتسريبات حول توترات محتملة في السلطة التنفيذية غير موجودة على الإطلاق. والخلافات التي كانت متوقعة مع الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي لم تحصل حتى الآن، التناقض مع مستهل ولاية ترامب يبدو صارخا. في الفترة نفسها كان الرئيس الجمهوري السابق قد واجه سيلا من الجدل واضطر للانفصال عن مستشاره للأمن القومي مايكل فلين، جو بايدن المتمرس في مجال التواصل، يركز على قربه من الأميركيين ويلقي خطابات قصيرة عموما وبدون مبالغات.

وقال في نهاية الأسبوع الماضي "عندما انتُخبت، قلت إننا سنتوقف عن الشجار على تويتر ونركز على نتائج ملموسة للأميركيين"، لم تحظ خطته العملاقة لانهاض الاقتصاد بدعم الجمهوريين. لم يكن هناك إجماع بين الخبراء الاقتصاديين والبعض منهم قلق بشأن هذه المبالغ الهائلة واحتمال تدهور الاقتصاد.

لكنه يحظى بدعم واضح من الأغلبية الساحقة من الأميركيين. وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث ونشر الثلاثاء أن 70% يؤيدون الخطة، بالنسبة للمتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي فإن الاستنتاج واضح: "الجمهوريون في واشنطن يعيشون في عالم منفصل عن بقية البلاد"، عمليا، سيحصل عشرات ملايين الأميركيين على شيكات في الأسابيع المقبلة، وفي ما يرمز إلى تغيير حقبة، أوضح البيت الأبيض ان اسم جو بايدن لن يرد عليها خلافا لما حصل حين تم اعتماد خطة الانقاذ الاولى في عهد ترامب في آذار/مارس 2020.

معارك مقبلة

بمجرد توقيعه على هذا القانون، يمكن للرئيس أن يزيد حضوره وأن يخرج أكثر من البيت الأبيض للدفاع عنه، لقد أعلن بوضوح أنه يريد اتباع مقاربة مختلفة عن تلك التي اعتمدها باراك اوباما عام 2009 حين تم اقرار خطة انقاذ ضخمة أخرى.

وقال الأسبوع الماضي "كان باراك متواضعا للغاية ولم يكن يريد أن يقوم باستعراض كما قال، (...) ومن المفارقات أننا دفعنا ثمن هذا التواضع"، لكن اذا كان التصويت في الكونغرس على أحد أبرز وعود الحملة الانتخابية قد انتهى فانه يحمل أيضا في طياته تحذيرا.

يعرف جو بايدن ذلك: ليس لديه سوى هامش مبادرة ضعيف في الكونغرس. وكما أظهرت مفاوضات اللحظة الأخيرة مع جو مانشين السناتور الديموقراطي عن فرجينيا الغربية، فإنه ليس بمنأى عن التوترات داخل معسكره.

ومع ذلك، فان بايدن الذي شدد على الدوام على ماضيه الطويل في مجلس الشيوخ لاظهار قدرته على التوصل الى تسويات مع خصومه السياسيين، فانه لم يحصل سوى على صوت جمهوري واحد في مجلس الشيوخ.

وهو يعلم انه في مواضيع البنى التحتية والمناخ والهجرة، سيكون عليه الاستعداد لمعارك حادة في الكابيتول، في الوقت الراهن يمكن أن يكون راضيا عن نتيجة استطلاع رأي هو الاحدث الذي اجرته شبكة اي بي سي ومعهد ايبسوس والذي أظهر ان ثلثي الأميركيين (68%) راضون عن إدارته لازمة الوباء. بحسب فرانس برس.

لا يثير جو بايدن في صفوف الجمهوريين العداء الذي كان باراك أوباما يواجهه في غالب الأحيان خلال ولايتيه. وهو لا يقدم في هذه المرحة مادة لخصومه لمهاجمته، لكن بعض معارضيه يحاولون تصويره على أنه رئيس يحظى بحماية فائقة من فريق عمله خوفا من أن يرتكب هفوات، وتردده في الرد على أسئلة الصحافيين خلال مؤتمر صحافي، يثير انتقادات متزايدة، منذ أن أدى اليمين في 20 كانون الثاني/يناير لم يقم بذلك أبدا نظرا للمخاطر التي تنطوي على هذا الامر خلافا لدونالد ترامب وباراك اوباما في نفس المرحلة من ولايتيهما، وردت المتحدثة باسمه قائلة "لقد شارك في حوالى 40 لقاء أسئلة-أجوبة منذ وصوله" الى السلطة مشيرة الى التبادلات غير الرسمية والسريعة بين الرئيس والصحافيين في المكتب البيضاوي او خلال تنقلاته القليلة، لكن ماذا عن عقد مؤتمر صحافي فعلي؟ وعدت بذلك "قبل نهاية آذار/مارس".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا