لماذا يتصاعد سباق التسلح العالمي رغم جائحة كورونا؟

عبد الامير رويح

2020-12-13 08:03

جائحة كورونا التي ضربت العالم وسببت صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي، اثرت ايضاً على الصناعات العسكرية وقضايا الإنفاق العسكري عالميا الذي بلغ ذروته في عام 2019 حيث وصل إلى 1.73 تريليون دولار أمريكي مقابل 1.67 تريليون دولار أمريكي في عام 2018. فقد سعت العديد من الدول وكما نقلت بعض المصادر، الى تقليص خططها الخاصة بالتسليح واعداد خطط طوارئ وتخصيص الكثير من الاموال الى القطاع الصحي او لمعالجة المشكلات الاقتصادية، كما دفع العديد من الشركات الى تعطيل عملها بسبب الإغلاق والحجر الصحي والإجازات الاجبارية من اجل حماية الموظفين وبيئة العمل التي اعتمدتها بعض الدول. وهو ما دفع بعض الدول العظمى الى اعتماد خطط وحزم تحفيز كبيرة من اجل دعم هذا القطاع المهم، خصوصاً مع استمرار والتوترات العالمية ووجود دول منافسة تسعى الى السيطرة على الاسواق العالمية.

ويرى بعض الخبراء، سباق التسليح العالمي وفي ظل تفاقم التوترات والصراعات العالمية، سيستمر ويتسع بشكل كبير، خصوصاً مع دخول دول وشركات جديدة تسعى الى تعزيز مكانتها وتوسيع نفوذها. وبحسب بعض التقارير الخاصة فقد هيمنت الشركات الأميركيّة والصينيّة على سوق الأسلحة العالمي عام 2019، في حين ظهر الشرق الأوسط للمرّة الأولى بين أكبر 25 مُصنّعًا للأسلحة، حسب ما جاء في تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). واستحوذت صناعة الأسلحة الأميركيّة السنة الماضية على 61 بالمئة من مبيعات "أكبر 25 مُصنّعًا" في العالم، متقدّمةً على الصين (15,7 بالمئة)، وفق بيانات المعهد.

وارتفع إجمالي مبيعات "المُصنّعين الـ25 الكبار" بنسبة 8,5 بالمئة إلى 361 مليار دولار، أو ما يعادل 50 مرة الميزانيّة السنويّة لعمليّات حفظ السلام التابعة للأمم المتّحدة. وحلّت ستّ شركات أميركيّة وثلاث شركات صينيّة ضمن ترتيب أكبر 10 شركات أسلحة. وصُنّفت شركة أوروبية واحدة فقط ضمن هذا الترتيب، هي شركة "بي إيه إي سيستمز" البريطانيّة التي حلّت في المركز السابع.

وقالت مديرة برنامج الإنفاق العسكري والتسليح في المعهد لوسي بيرود-سودرو برس إنّ "هذا الترتيب يعكس حقيقة أنّ الصين والولايات المتحدة هما أكبر دولتين من حيث الإنفاق العالمي على الأسلحة". وتُعتبر الهيمنة الأميركية على السوق غير جديدة، لكن بالنسبة للصين التي ارتفعت مبيعات شركاتها بنحو خمسة بالمئة عام 2019 فإنّ "هذه الزيادة تتوافق مع تنفيذ الإصلاحات لتحديث جيش التحرير الشعبي، المستمرة منذ عام 2015"، على حدّ قول الباحثة.

وأشارت بيرود-سودرو إلى أنّ "أوروبا لا تزال في ترتيب مُشتّت... لكن إذا جُمعت الشركات الأوروبية معًا، يمكن أن تكون هناك شركات أوروبية بنفس المستوى" مثل الشركات المصنّعة الأميركيّة والصينيّة.

لأول مرة

لأول مرة، أدرجت شركة من الشرق الأوسط وكما نقلت بعض المصادر، ضمن أكبر 25 مصنعا للأسلحة في عام 2019، وهي شركة "إيدج" التي تتّخذ الإمارات مقرًّا، بينما هيمنت الشركات الأميركيّة والصينيّة على سوق الأسلحة العالمي، حسبما أفاد تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). وشركة "إيدج" أسستها حكومة أبوظبي في 5 نوفمبر 2019، في محاولة لتوطين التكنولوجيا المتقدمة، خاصة تلك المرتبطة بالصناعات الدفاعية، وفقا لبوابة العين الإخبارية.

وبحسب موقع الشركة فقد ولدت باندماج 25 شركة متخصصة بالتكنولوجيا في قطاع الدفاع، يعمل بها نحو 12 ألف موظف ممن يمتلكون خبرات نوعية وفنية في الصناعات الدفاعية، وتتكون من خمسة قطاعات رئيسية هي: المنصات والأنظمة، الصواريخ والأسلحة، الدفاع الإلكتروني، الحرب والاستخبارات الإلكترونية ودعم المهام. ومنذ تأسيسها، بلغت مبيعات الشركة نحو 5 مليارات دولار، وفقا لموقع الشركة.

وبحسب الموقع، تعتزم إيدج تطبيق تقنيات متقدمة مثل القدرات ذاتية التحكم والأنظمة المادية والسيبرانية وإنترنت الأشياء وأنظمة الدفع المتطورة، وعلم الروبوتات والمواد الذكية، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي في مختلف منتجاتها وخدماتها. وقال فيصل البناي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في إيدج: "ستستثمر إيدج بشكل موسع في مختلف مناحي البحث والتطوير، وستتعاون بشكل وثيق مع العاملين في الخطوط الأمامية على تصميم وتطبيق الحلول الناجعة التي تعالج التحديات العالمية الحقيقية".

وأضاف قائلاً: "يكمن الحل في مواجهة تحديات الحرب الهجينة في الجمع بين الابتكارات الصادرة عن القطاع التجاري والقطاع العسكري. وبناءً على تأسيسها وفق رسالة جوهرية تقضي بتطوير القطاع العسكري العتيق الذي يعيقه الروتين الرسمي عموماً، فإن إيدج تسعى إلى جلب المنتجات إلى السوق بسرعة أكبر وبأسعار أقل".

والبناي حاصل على ماجستير في الشحن والتجارة والتمويل عام 1997 من جامعة سيتي لندن، وبكالوريوس غدارة الأعمال في العلوم المالية من جامعة بوسطن عام 1995، وتولى منصب المدير التنفيذي لعدد من الشركات مثل أكسيوم ودارك ماتر، وهي شركة للأمن السيبراني تأسست في 2014. ومطلع ديسمبر، أعلنت شركة كاراكال، إحدى الشركات التابعة لمجموعة إيدج، عن تعاقدها مع الحكومة الهندية لإنتاج أكثر من 93 ألف بندقية بعد فوزها في مناقصة، في أول دخول للمجموعة في السوق الهندي.

واستحوذت صناعة الأسلحة الأميركيّة السنة الماضية على 61 بالمئة من مبيعات "أكبر 25 مُصنّعًا" في العالم، متقدّمةً على الصين (15,7 بالمئة)، وفقًا للمعهد. وارتفع إجمالي مبيعات "المُصنّعين الـ25 الكبار" بنسبة 8,5 بالمئة إلى 361 مليار دولار، أو ما يعادل 50 مرة الميزانيّة السنويّة لعمليّات حفظ السلام التابعة للأمم المتّحدة. وحلّت ستّ شركات أميركيّة وثلاث شركات صينيّة ضمن ترتيب أكبر 10 شركات أسلحة.

وصُنّفت شركة أوروبية واحدة فقط ضمن هذا الترتيب، هي شركة "بي إيه إي سيستمز" البريطانيّة التي حلّت في المركز السابع. واحتلّت شركات "لوكهيد مارتن" و"بوينغ" و"نورثروب غرومان" و"رايثيون" و"جنرال دايناميكس" الأميركيّة المراكز الخمسة الأولى، فيما حلّت شركات "أفيك" و"سي إي تي سي" و"نورينكو" الصينيّة سادسةً وثامنة وتاسعة، واحتلّت مجموعة "إل 3 هاريس تكنولوجيز" المركز العاشر.

اتهامات متبادلة

على صعيد متصل انتقد سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، لجوء الولايات المتحدة إلى لغة التهديدات في تعاملها مع دول تشتري أسلحة روسية. وقال ريابكوف: "أولئك الذين يدلون بهذه التصريحات يفضحون أنفسهم بأنهم أولا، يدافعون عن منافسة غير مشروعة في هذه السوق أيضا، وثانيا، يظهرون أنهم انغمسوا تماما في أوهام تصور العالم المعاصر على أنه ميدان للتنافس بين القوى الكبرى فحسب، ولا يجب فيه حل مشكلات مشتركة بل إملاء إرادتك على الآخرين وترهيبهم".

وتابع الدبلوماسي الروسي: "عسى أن ينتهي عصر هؤلاء الناس، وسوف نعمل على تقريب نهايته". وفي وقت سابق، أعلن كلارك كوبر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون السياسة العسكرية، أن الدول التي تقتني أسلحة من روسيا والصين تجازف بخطر التعرض لعقوبات أمريكية. كما أفادت بعض المصادر بأن الولايات المتحدة بصدد الإعلان عن فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها أنظمة "إس-400" الروسية للدفاع الجوي، وأن "ذلك قد يحدث في أي يوم". وأشارت المصادر إلى أن العقوبات ستستهدف مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير.

ومن المقرر فرض العقوبات تحت "قانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات" (CAATSA) الصادر في عام 2017، والذي تم فرض عقوبات بموجبه على روسيا وإيران وكوريا الشمالية. يذكر أن شراء تركيا لأنظمة "إس-400" الصاروخية الروسية للدفاع الجوي تسببت بالتوتر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، حيث أعلنت الأخيرة عن إنهاء مشاركة تركيا في البرنامج الخاص بمقاتلات "إف-35" الأمريكية المتطورة.

من جانب اخر رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الولايات المتحدة تتبع سياسة خارجية "أنانية" تقلل من قيمة الاتفاقيات الدولية لضبط انتشار الأسلحة. وقال لافروف في وقت سابق إنه من الضروري "وقف تقليل احترام ضبط الأسلحة دوليا"، داعيا واشنطن لاستئناف المحادثات بشأن وقف انتشار الأسلحة النووية ومنع الأسلحة في الفضاء. وأضاف "نرى عودة للاتجاهات المدمرة التي تتسبب بها إعادة إحياء سياسة دولة واحدة أنانية".

وقال لافروف إن لدى واشنطن "طموحا متزايدا للهيمنة في كل مكان وفرض أحكامها على المجتمع الدولي لإلحاق الضرر بالدول الأخرى". وأفاد أن الوقت حان "ليعود الزملاء الأميركيون إلى الحوار الدولي وبين الحكومات" وتجديد اتفاقيات نزع الأسلحة التي "تضمن الاستقرار على هذا الكوكب". وتخلّت روسيا والولايات المتحدة -- الخصمان على مدى أربعة عقود من الحرب الباردة -- عن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية متوسطة المدى التي أبرمت عام 1987، وتبادلتا التهم بالتسبب بانهيارها.

واعتُبرت الاتفاقية أساسية بالنسبة للأمن العالمي ويثير انهيارها مخاوف من احتمال انطلاق سباق تسلّح جديد. وأفاد لافروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح تمديد "نيو ستارت" بلا شروط، مضيفا أنه لا يزال بانتظار رد واشنطن على ذلك. وينظر إلى "نيو ستارت" التي تجبر روسيا والولايات المتحدة على خفض عدد قاذفات الصواريخ إلى النصف ووضع نظام تحقق جديد، على أنها آخر اتفاق رئيسي يبقي ترساناتها إلى ما دون مستواها خلال الحرب الباردة. بحسب فرانس برس.

وشدد لافروف كذلك على أن هناك حاجة ملحة للتوصل إلى معاهدة جديدة تمنع نشر الأسلحة في الفضاء، بعد جمود استمر لأكثر من عقد في هذا المجال. وأكد أن موسكو "مقتنعة" بأن الوقت لم يتأخر لمنع اندلاع نزاع في الفضاء ودعا إلى "مفاوضات شاملة" على معاهدة لمنع نشر بعض المعدات العسكرية في الفضاء. لكن لطالما أصرّت الولايات المتحدة على أنه سيكون من الصعب للغاية التحقق من عمليات نشر الأسلحة في الفضاء، مفضلة لغة تركّز على حظر السلوكيات العدائية.

تطوير الأسلحة

من جانب اخر أعطت حكومات دول الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لبدء 13 مشروعا دفاعيا جديدا في خطوة لتطوير المزيد من الأسلحة بمنأى عن الولايات المتحدة. ووفقا لخطط وافق عليها وزراء الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، سيبدأ العمل على بناء سفينة دورية جديدة وسلاح تشويش إلكتروني للطائرات وتقنية لتتبع الصواريخ الباليستية. واستغرق التفاوض حول هذه المشروعات عدة أشهر لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد الرغبة في تعميق التعاون الدفاعي بين دول الاتحاد الأوروبي حين قال إن حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة يحتضر.

ويجري حاليا العمل على نحو 47 مشروعا دفاعيا مشتركا بين دول الاتحاد الأوروبي بعد التوقيع على اتفاق بين فرنسا وألمانيا و23 من حكومات دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في أواخر عام 2017 بشأن تمويل وتطوير ونشر قوات مسلحة بعد قرار بريطانيا الانسحاب من هذا التكتل. ويمكن وضع أي أسلحة برية أو بحرية أو جوية جديدة، وكذلك تلك المتعلقة بالفضاء الإلكتروني، تحت تصرف حلف شمال الأطلسي لكن تشكيك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أهمية الحلف أعطى قوة دفع لجهود الدفاع الأوروبية.

ورغم أن 22 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي شركاء في حلف الأطلسي، فإن الاتحاد الأوروبي يأمل في إنشاء صندوق لتمويل الأسلحة بقيمة عدة مليارات من اليورو بدءا من عام 2021 وهو ما يتطلب تكاتف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتصميم وبناء دبابات وسفن وتقنيات جديدة. وبحسب الخطط والعمليات الدفاعية الأوروبية، وتلك المتعلقة بتطوير الأسلحة، فستضطلع فرنسا بدور كبير ربما تصل نسبته إلى 60 في المئة في المشروعات البالغ عددها 47 والتي يتم معظمها بالتعاون مع ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. بحسب رويترز.

وبموجب المشروعات الأحدث، تقود فرنسا خطط تطوير سبل تتبع الصواريخ الباليستية في الفضاء وتطوير سلاح تشويش إلكتروني بالتعاون مع إسبانيا والسويد لصالح طائرات مقاتلة أوروبية. وبالتعاون مع إيطاليا ستطور فرنسا نموذجا لسفينة عسكرية من طراز جديد. وتسعى فرنسا والبرتغال وإسبانيا والسويد أيضا لإنتاج نظام جديد مضاد للغواصات لحماية الممرات والاتصالات البحرية. وتقود فرنسا بالفعل العمل بشأن طائرات هليكوبتر أوروبية جديدة.

كما شددت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارنباور لدى إقرار ميزانية بلادها لعام 2021 في البوندستاغ، على ضرورة تنظيف الاستثمارات العسكرية في ظل "برنامج التسلح الروسي". وقالت: "لا يجوز أن ننخدع بأنه من الممكن الفصل بين التسلح ونزع الأسلحة والمفاوضات الدبلوماسية والقوة العسكرية. هذه قضايا موحدة. يمكنني أن أقتبس كلمات الرئيس السابق للجنة القوات المسلحة في البوندستاغ، الذي أعلن أن السياسة المتوالية لوزراء الخارجية والمستشارين من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني منذ عهد ويلي براند، تؤكد أنهم يؤيدون نزع السلاح الشامل والمفاوضات الدبلوماسية، ولكن دائما من موقع القوة". وأضافت: "أي شخص تعامل بجدية مع برنامج التسلح الروسي يعرف ما يتحدث عنه المفوض السابق هانز بيتر بارتلز، لذلك يجب أن نستثمر في مستقبل قدراتنا الدفاعية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا