التغيير المفاجئ في القيادة التركية: هل سيمثل نقطة ارتكاز للاقتصاد؟
وكالات
2020-11-17 04:05
قال محللون إن الرحيل المفاجئ لأكبر اثنين من صانعي السياسات الاقتصادية في تركيا في مطلع الأسبوع يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة وإجراءات أخرى لوقف نزول غير مسبوق لليرة، حتى مع وجود تساؤلات سياسية بشأن التغيير في القيادة، وبدون تفسير من حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، قال صهره براءت ألبيرق على إنستجرام في وقت متأخر يوم الأحد إنه يتنحى عن منصبه كوزير للمالية بعد أن قضى فيه عامين، لأسباب صحية.
جاء ذلك بعد يوم واحد من إخطار رسمي في الساعات الأولى من يوم السبت بأن أردوغان استبدل محافظ البنك المركزي مراد أويسال بوزير مالية سابق. ولم يتم الإعلان عن سبب هذه الخطوة، غير أن مسؤولين قالوا إن نزول قيمة العملة هو الدافع. بحسب رويترز.
وقفزت الليرة بما يصل إلى 6 بالمئة يوم الاثنين في أكبر صعود لها في أكثر من عامين. وكانت يوم الجمعة قد لامست مستوى قياسيا منخفضا جديدا بعد أن هوت 30 بالمئة هذا العام، لتكون الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة.
وهذا التراجع ناجم عن مخاوف بشأن نضوب الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي وتدخلات باهظة التكلفة من الدولة في أسواق العملة وأسعار فائدة حقيقية سلبية، وهي سياسات يمكن إلغاؤها في ظل النظام الجديد، وكذلك خطر عقوبات غربية بسبب سياسات خارجية ودفاعية تركية، وحث كل من أردوغان وألبيرق علنا أيضا على خفض أسعار الفائدة، وهو ما أثار مزيدا من المخاوف بشأن استقلالية سياسات البنك المركزي. وفي الشهر الماضي خالف البنك توقعات واسعة لتشديد كبير للسياسة وأبقى على سعر الفائدة الرئيسي مستقرا عند 10.25 بالمئة، وقال المحافظ الجديد ناجي إقبال يوم الاثنين إن البنك سيركز على خفض التضخم المرتفع واستخدام جميع أدوات السياسة بشكل حاسم في تصريح وصفه أحد المتعاملين في العملات بأنه "لاقى استحسانا من السوق".
وقال مسؤول كبير بحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له أردوغان "إقبال لديه السلطة والقرب لأن يذهب إلى الرئيس مباشرة وينقل إليه الوضع... إنه منصب صعب، لكن يجب اتخاذ خطوات لوقف الزيادة السريعة في سعر الصرف"، وفي إشارة إلى بيان استقالة ألبيرق، قال وين ثين الرئيس العالمي لأبحاث العملات لدى براون برازرز هاريمان "الخطر السياسي التركي قفز خلال عطلة نهاية الأسبوع"، وقال المحلل المقيم في نيويورك "السبب المعلن هو الصحة، لكن من الواضح أن هناك أكثر مما تراه العين".
ضغوط اقتصادية
لا يزال من غير الواضح من سيحل محل ألبيرق وامتنعت وزارة المالية عن التعقيب، ولم تؤكد مصادر بالرئاسة بيان ألبيرق إلا في وقت مبكر يوم الاثنين، بعد حوالي 15 ساعة من اتخاذه الخطوة غير المسبوقة بإعلان رحيله على إنستجرام. وفي وقت لاحق، لم يذكر أردوغان، الذي يجب أن يوافق على الاستقالة، ألبيرق في كلمة إلى سفراء أتراك.
وقال كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو الحزب الرئيسي في المعارضة، إن الاستقالة ترقى إلى أن تكون "أزمة للدولة" وانتقد أردوغان لإدارته البلاد كما لو أنها "شركة عائلية"، وعانت تركيا، أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، من انكماشين حادين في عامين وفقدت عملتها نحو 45 بالمئة منذ تولي ألبيرق المنصب في منتصف 2018، ورغم أن النمو الاقتصادي يتعافى من تداعيات فيروس كورونا، فإن التضخم عالق حول 12 بالمئة والبطالة مرتفعة، لاسيما بين الشباب، ومن المتوقع أن تقفز مجددا عند رفع حظر على تسريح العاملين، وباعت البنوك التركية التابعة للدولة هذا العام احتياطيات أجنبية تقدر بمئة مليار دولار لدعم الليرة المنكوبة، لكن بيانات حكومية تظهر أن مثل تلك التدخلات انحسرت في الشهور الأخيرة، فيما يتوقع محللون أن تزداد انحسارا في ظل القيادة الجديدة.
وانتقد اقتصاديون وسياسيون معارضون التدخلات كونها تفاقم تراجعا حادا في صافي احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي، والتي نزلت بأكثر من النصف هذا العام، وعلى خلفية التسبب في زيادة غير مسبوقة في حيازات الأتراك من العملة الصعبة، ويتوقع محللون في جولدمان ساكس (NYSE:GS) وتي.دي بنك أن يرفع إقبال، وهو صديق مقرب لأردوغان، سعر الفائدة الرئيسي بما لا يقل عن 600 نقطة أساس في وقت مبكر قد يكون اجتماع السياسية النقدية في 19 نوفمبر تشرين الثاني.
وقال ثين من براون برازرز هاريمان "كثيرون الآن يتوقعون أن يسارع إقبال إلى رفع الفائدة بشكل كبير لتحقيق الاستقرار لليرة، إذ أنه ربما لم يكن ليتولى المنصب بدون الحرية في انتهاج سياسات تقليدية".