ما الأهداف الكامنة وراء ديمومة الصراع على سد النهضة؟
عبد الامير رويح
2020-07-26 04:25
ما تزال قضية سد النهضة الإثيوبي، الذي يقع على نهر النيل ويبلغ ارتفاعه 145 متراً، احدى اهم القضايا خصوصاً مع استمرار الخلافات والتوترات بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، والتي قد تتحول الى صراع جديد خصوصا أعلنت إثيوبيا أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان. فالمحادثات التي جرت في الفترة الاخيرة وكما نقلت بعض المصادر، بين الدول الثلاث عبر الإنترنت برعاية الاتحاد الأفريقي، وبحضور مراقبين دوليين، وصلت إلى طريق مسدود.
لكن جهود الوساطة الأفريقية لم تتوقف، إذ يحاول الاتحاد الأفريقي التدخل لرأب الصدع، وبلورة اتفاق قانوني، لطي صفحة التوتر بين الدول الثلاث. المحاولة الجديدة من الاتحاد لاستئناف الحوار، استبقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بتأكيد رفض بلاده، الإجراءات الأحادية بشأن سد النهضة، التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوق مصر في مياه النيل.
وجدد السيسي خلال تلقيه اتصالا هاتفيا من رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ضرورة التوصل لاتفاق قانوني شامل بين الأطراف، بشأن قواعد ملء السد وتشغيله. أما الخرطوم فأبدت استعدادها للمشاركة في القمة المصغرة، معربة عن أملها في التوصل إلى اتفاق، بما يؤمن لإثيوبيا تحقيق أهدافها التنموية، مع الحد من الآثار السلبية للسد على دولتي المصب، السودان ومصر.
ويأتي انعقاد القمة المصغرة وسط هواجس من لجوء إثيوبيا باتخاذ إجراء أحادي بملء سد النهضة دون اتفاق، وهو ما سيزيد من تصعيد الأزمة، ويدفع بالذهاب إلى خيارات لا ترضي أي طرف. وكانت إثيوبيا قد نفت مؤخرا ما تردد من أنباء بشأن شروعها في ملء سد النهضة، بعد تصريحات نسبت لوزير الري الإثيوبي وأكدت أنها لم تغلق بوابات السد، وأن التجمع المائي خلف السد، تكون بشكل طبيعي بسبب موسم الأمطار.
والسد الذي تبلغ كلفته أكثر من أربعة مليارات دولار، يقع في غرب إثيوبيا على النيل الأزرق الذي يلتقي مع النيل الأبيض في العاصمة السودانية الخرطوم قبل مواصلة جريانه باتجاه مصر ليصب في البحر المتوسط. وتخشى مصر والسودان من أنّ يؤثر تشييده بشكل سلبي على حصتهما من مياه النيل. وبينما يتمحور القلق حول سيناريو حدوث جفاف، تواصل إثيوبيا ملء الخزان في عملية ستستغرق سنوات.
وتعتمد مصر التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، على مياه النيل في قطاعي الري ومياه الشرب بنحو 97%، وتؤكد أن لها "حقوقاً تاريخية" في مياه النهر بموجب اتفاقيتين موقعتين في 1929 و1959، لم توقعهما إثيوبيا التي تعتبرهما باطلتين. في يحين وقعت أديس أبابا اتفاقاً منفصلاً قاطعه السودان ومصر، في 2010 مع دول حوض النيل، يتيح لتلك الدول إقامة مشاريع للري وتشييد سدود كهرمائية. ويعيش أكثر من نصف سكان إثيوبيا البالغ عددهم 110 ملايين نسمة بدون كهرباء. وتأمل إثيوبيا أن تبدأ توليد الكهرباء من السد بحلول نهاية العام أو بداية العام المقبل على أبعد تقدير. وتبلغ قدرة السد المتوقعة أكثر من خمسة آلاف ميغاواط، حسب تقديرات خبراء.
فشل المحادثات
قال وزير المياه الإثيوبي إن بلاده بدأت ملء خزان سد النهضة على النيل الأزرق بعد يوم من فشل محادثات مع السودان ومصر بشأن بناء السد وقواعد تشغيله. وقال الوزير سيليشي بيكيلي في تصريحات بثها التلفزيون ”بناء السد وملء الخزان يسيران جنبا إلى جنب... ملء خزان السد لا يحتاج الانتظار لحين اكتمال بنائه“. وأضاف ”منسوب المياه ارتفع من 525 مترا إلى 560 مترا“.
ولم تحدد تصريحات سيليشي ما إذا كانت إثيوبيا قد أغلقت بالفعل بوابات السد. وشهدت المنطقة هطول أمطار غزيرة مؤخرا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي ”ما وصلني من تصريحه هو أنهم لم يغلقوا البوابات“. وكتب سيليشي في وقت سابق على تويتر قائلا ”تدفق (المياه) صوب الخزان جاء بسبب الأمطار الغزيرة والجريان فاق التدفق الخارجي ليحدث تخزين طبيعي...“. ولم يرد الوزير والمتحدث باسمه ومتحدثة باسم رئيس الوزراء على اتصالات تطلب إيضاحات للموقف.
وأجج المشروع القلق في القاهرة من تراجع إمدادات المياه الشحيحة أصلا من النيل، التي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون نسمة بشكل شبه كامل. وتحصل مصر على نحو 90 في المئة من احتياجاتها المائية من النيل. والنيل الأزرق هو الرافد الأساسي لنهر النيل. وقالت وزارة الخارجية المصرية إن مصر طلبت إيضاحا رسميا عاجلا من إثيوبيا بشأن مدى صحة بدء ملء خزان سد النهضة على النيل الأزرق. وهذا هو أول رد رسمي من القاهرة بعد تصريحات وزير المياه الإثيوبي.
وفشلت المحادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان في التوصل لاتفاق بشأن تنظيم تدفق المياه من السد. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة للصحفيين إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش حث الدول الثلاث على ”انتهاز الفرصة في الأيام المقبلة لتخطي الخلافات المتبقية والتوصل لاتفاق مفيد لكل الأطراف ولشعوبها“. ويمثل السد الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار وستبلغ طاقته الإنتاجية من الكهرباء 6450 ميجاوات، حجر الأساس الذي تبني عليه إثيوبيا طموحها في أن تصبح أكبر دولة مصدرة للكهرباء في أفريقيا. بحسب رويترز.
ويقام السد على بعد نحو 15 كيلومترا فقط من الحدود مع السودان على النيل الأزرق مصدر أغلب مياه النيل. وكانت مصر والسودان تسعيان للتوصل إلى اتفاق ملزم قانونيا قبل البدء في ملء خزان السد. وقالت وزارة الري والموارد المائية في السودان أن صورا التقطتها الأقمار الصناعية دفعتها للتحقق من ملء خزان السد. وأضافت الوزارة في بيان ”اتضح جليا من خلال مقاييس تدفق المياه في محطة الديم الحدودية مع إثيوبيا أن هناك تراجعا في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا ما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة“.
وأضافت الوزارة في البيان أن السودان يرفض أي ”إجراءات أحادية الجانب يتخذها أي طرف خصوصا مع استمرار جهود“ التفاوض بين الدولتين ومصر. وكان الاتحاد الأفريقي بدأ جهود وساطته والتي تضمنت إحدى عشرة جلسة عبر الإنترنت لكسر الجمود حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي. وكان من المنتظر أن توقع الدول الثلاث على اتفاق في واشنطن في فبراير شباط لكن إثيوبيا تغيبت عن الاجتماع ولم توقع سوى مصر على الاتفاق.
حرب في مواقع التواصل
الى جانب ذلك وفي موازاة المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، تشتعل منصات التواصل الاجتماعي بحملات متبادلة بين مواطني الدول الثلاث الذين يدافع كل منهم عن موقف بلاده في القضية. وخلال الأسابيع الفائتة، تمّ التداول على شبكات التواصل بمقطع فيديو تظهر فيه فتاة إثيوبية تسخر من المصريين وحاجتهم للمياه. وتحمل الفتاة وعاء مليئا بالماء وأمامها كوبان أحدهما زجاجي والآخر بلاستيكي، فتصف الأول بـ"السودان.. حبايبي.. كل حبي لك"، وتملؤه من وعائها بالماء، ثم تملأ بعض الماء في الكوب الثاني قائلة "هذا مصري.. ليست مشكلة.. حرام"، إلا أنها تقوم بعد ذلك بإفراغ الماء منه قائلة "هذه مياهي.. على كيفي".
وأثار هذا المقطع غضب العديد من المصريين الذين ردّوا على الفتاة الإثيوبية بمقاطع مشابهة. وفي أحد هذه المقاطع، تظهر فتاة مصرية وأمامها منضدة عليها قلعة مبنية من مكعبات الأطفال يرتفع عليها العلم الإثيوبي. وقرب القلعة كوب من المياه. وتضرب الفتاة القلعة بيدها وتهدمها ثم تجلس لتشرب الماء. وبدأت إثيوبيا في 2011 بناء السدّ ومنذ ذلك التاريخ، تتعثّر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد. وفشل مسؤولو الدول الثلاث في التوصّل إلى اتّفاق في ما بينهم، لا سيّما على آليّة ملء وتشغيل خزان السدّ بشكل لا يضرّ بحصص دول المصب من المياه.
وعلى موقع تويتر، وبعد كل جولة مفاوضات، تحتدم التعليقات والتغريدات بين المستخدمين من الدول الثلاث، ويشكل خاص بين المصريين والإثيوبيين تحت وسوم مختلفة بينها مثلا "#حقوق_مصر_النيلية" من الجانب المصري و"#املأ_السد" من الجانب الإثيوبي. ويشارك فن الكاريكاتور في الحملات المتبادلة. وبرزت في هذا الإطار رسوم للفنان السوداني عمر دفع الله أثارت جدلا واسعا على منصات التواصل.
وكان آخرها منشور على صفحته على موقع "فيسبوك" في الأول من تموز/يوليو هو عبارة عن كلمة النيل على شكل مجرى مائي في نهايته صنبور، وقد خُنق عنقه بسدادة كتب عليها سدّ النهضة. ويبدو في الكاريكاتور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وهو يملأ الماء في إبريق لرئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك وغالون كبير للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ويقول رسام الكاريكاتور المصري بصحيفة "روز اليوسف" الحكومية أحمد دياب إن فنّ الكاريكاتور "جزء أصيل من الحرب النفسية. الى جانب استعراض القدرات العسكرية والقتالية والخطاب الإعلامي الفعّال، تأتي الفنون لشحن معنويات الشعوب".
وكان دياب رسم كاريكاتورا عنيفا عن أزمة السد، صوّر فيها جنديا مصريا ضخما يحمل سلاحه على ظهره ويضع ذراعه على كتف مواطن إثيوبي وخلفهما سد النهضة. ويقول الجندي المصري للمواطن الإثيوبي بالعامية المصرية "يا حمار، افهم انا عايز مصلحتك.. انت مسمعتش عن حاجة اسمها خط بارليف"، في إشارة إلى الساتر الترابي الذي بنته اسرائيل على طول الساحل الشرقي لقناة السويس ودمره الجيش المصري في حرب 1973.
ولجأت مصر إلى مجلس الأمن لمناقشة المسألة. وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدت نهاية الشهر الماضي عن دعمهم للجهود التي يبذلها الاتحاد الإفريقي لحلّ الأزمة. وانضم بعض المشاهير إلى الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي. فكتب المعارض الإثيوبي البارز جوار محمد على تويتر في حزيران/يونيو بالانكليزية "على مصر وداعميها أن يعلموا أن إثيوبيا ستبدأ في ملء سد النهضة في تموز/يوليو، سواء كان هناك اتفاق أو لا". وأضاف "إذا تم التوصل إلى اتفاق قبل تموز/يوليو، عظيم. إذا لا، يجب أن يستمر التفاوض مع ملء السد. لا يمكن أن يكون رهينة لمطالب غير معقولة". وكتب الملياردير المصري نجيب ساويرس من جهته على "تويتر" بالانكليزية، "لن نسمح أبدًا لأي دولة أن تجوعنا، إذا لم تتوصل إثيوبيا إلى المنطق، فنحن الشعب المصري سنكون أول من يدعو للحرب".
ويقول مسؤول الاتصال والتنمية الاجتماعية بالمكتب الفني الإقليمي لدول شرق النيل (انترو) بمنظمة حوض النيل وباليم فيكاد، إن مثل هذه التفاعلات "تستهدف المستخدمين الساذجين الذين يكرّرون وينشرون معلومات خاطئة ما يؤدي إلى سوء الفهم". ويضيف البروفسور الإثيوبي "الأشخاص في منصات وسائل التواصل الاجتماعي غير خاضعين للمساءلة، لذلك من السهل نشر نظريات المؤامرة". ولعل أبرز هذه الشائعات ما تداوله بعض المصريين عن أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات قام سرا بضرب سد النهضة عندما حاولت إثيوبيا بناءه لأول مرة في الثمانينات، وهو أمر لم يرد في أي وثيقة رسمية أو يؤكده أي مسؤول. بحسب فرانس برس.
ويرى البرلماني المصري محمد فؤاد أن النقاشات عبر مواقع التواصل بين شعوب الدول الثلاث قد "تساعد على كسر الجمود بين أطراف الأزمة". ويضرب مثلا بصفحة على "فيسبوك" تحوي تعليقات مصوّرة ساخرة حول قضية سدّ النهضة ينشرها مصريون وإثيوبيون. ويضيف "نحن نتفاوض منذ عشر سنوات، لكن لم نصل الى أي شيء، فلعل مناقشات وآراء مواقع التواصل تحسّن المسار". ويقول فيكاد من جهته "هذه المنصات قوية. عند استخدامها بشكل مبتكر وحكيم يمكنها المساعدة في نزع فتيل التوترات". ويضيف "إذا تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل بناء، يمكنها بناء جسور عبر الانقسامات". لكن حتى الآن، يبدو التوتر هو الطاغي.
حل دبلوماسي
على صعيد متصل قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده ملتزمة بالدبلوماسية لحل أزمتها مع إثيوبيا حول بناء سد ضخم لتوليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق، وذلك في تعليقه على تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي. وقال السيسي ”عندما تحركنا إلى مجلس الأمن... كان (السبب) هو الحرص مننا على أن دايما نأخذ المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته“.
وأضاف ”إحنا محتاجين نتحرك بقوة من أجل إنهاء المفاوضات والوصول إلى اتفاق... وإلى حلول تحقق المصلحة للجميع“. ومصر حريصة على تأمين اتفاق ملزم قانونا يضمن الحد الأدنى من تدفق المياه وآلية لحل النزاعات. وتعتمد مصر بشكل شبه كامل على النيل في إمداداتها من المياه العذبة. وتذكر السيسي خطابا ألقاه أمام البرلمان الإثيوبي قبل خمس سنوات. وقال إنه ذكر فيه أنه بينما ”تُقدر“ مصر حاجة الإثيوبيين للتنمية، فيجب عليهم أيضا احترام احتياجاتها ”للحياة“. وفي وقت سابق أمر السيسي الجيش بالاستعداد لتنفيذ أي عملية داخل أو خارج البلاد لحماية أمنها القومي وسط توتر بشأن تدخل تركيا في ليبيا المجاورة.
من جانب اخر اقترح السودان في وقت سابق، إحالة المفاوضات مع مصر واثيوبيا حول سد النهضة الى رؤساء وزراء الدول الثلاث بعدما لم يتم تحقيق تقدم في الجولة الاخيرة من المحادثات. وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنمية البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس "برزت خلافات بين الوفود الثلاثة في ما يتعلق بالجوانب القانونية"، موضحاً أنّها تدور بشكل خاص حول إلزامية الاتفاقية وكيفية تعديلها وآلية حل النزاعات. واشار عباس إلى عدم تحديد موعد لاجتماع رؤساء الحكومات، في وقت سبق لاثيوبيا أن حددت الاول من تموز/يوليو تاريخاً لبدء ملء بحيرة السد، الذي تحوّل مصدر توتّر بين دول حوض نهر النيل. وهو ما يبرز الحاجة الملحة إلى جهود دبلوماسية لحل النزاع المستمر منذ نحو عشر سنوات. وقال وزير الري السوداني إنّ المسائل العالقة "ذات طبيعة قانونية خصوصا فيما يتعلق بـ ... آلية لتقاسم المياه". وتابع أنّ "هذه الخلافات القانونية تحتاج الى قرار سياسي من رؤساء حكومات الدول الثلاث".
من جهته، صرّح وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي بأن "مفاوضات سد النهضة التي أجريت على مدار الفترة الماضية لم تُحقّق تقدّمًا يُذكر، وذلك بسبب المواقف الأثيوبيّة المتعنّتة على الجانبين الفنّي والقانوني، حيث رفضت أثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أنْ تقوم الدول الثلاث بإبرام اتّفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسّكت بالتوصّل إلى مجرّد قواعد إرشاديّة يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد". وأضاف "وقد اعترضت أثيوبيا في ختام اجتماعات وزراء الريّ على اقتراح بأن تتمّ إحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث كفرصة أخيرة للنظر في أسباب تعثّر المفاوضات والبحث عن حلول للقضايا محلّ الخلاف".
وأكّدت الولايات المتحدة، الي تراقب المباحثات مع الاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا، الأهمية الإقليمية للنيل في رسالة موجهة إلى إثيوبيا. وكتب مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض على حسابه على تويتر أنّ "257 مليون شخص في شرق إفريقيا يعتمدون على إثيوبيا لإظهار قيادة قوية وهو ما يعني التوصل لاتفاق عادل". وأضاف أنّ "المسائل التقنية تم حلّها ... حان وقت التوصل لاتفاق حول سد النهضة الاثيوبي العظيم قبل ملئه بمياه نهر النيل".
وجاء انخراط واشنطن في المفاوضات في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت بطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجهه إلى نظيره وحليفه الأميركي دونالد ترامب. ونهاية شباط/فبراير، أعلنت وزارة الخزانة الاميركية التوصل الى اتفاق ودعت اثيوبيا الى توقيع الاتفاق الذي عدّته مصر "عادلا ومتوازنا". واتهمت اثيوبيا الولايات المتحدة بأنها "لا تتحلى بالدبلوماسية" وتحابي أطرافا معينة في محاولتها حل الخلاف بشأن سد النهضة.
وردا على تغريدة مجلس الأمن القومي، قال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إنّ حكومته "أظهرت باستمرار قيادة في موقفها من استخدام عادل ومتساو لمياه النيل". وقالت الناطقة الرسمية باسم آبي بيلين سيوم إنّ "إثيوبيا تؤكد حقها في ملء وتشغيل السد استنادا إلى إعلان مبادئ سد النهضة الاثيوبي العظيم"، في إشارة إلى اتفاق تم توقيعه بين الأطراف الثلاثة في العام 2015. بحسب فرانس برس.
وحذّرت مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل من إنه في حالة عدم التوصل لاتفاق خلال الاسابيع المقبلة وبدأت إثيوبيا في ملء خزان السد سيؤدي ذلك "لتصاعد التوترات بين الدول الثلاث ما يزيد صعوبة توصلها لتسوية". وقالت المجموعة إنّ "بدء موسم الأمطار الموسمية الطويل في إثيوبيا يجعل ضرورة التوصل لاتفاق أكثر إلحاحا".