بسبب كورونا: قد يكون عام 2020 الأسوأ للرياضة في العالم
عبد الامير رويح
2020-05-12 03:07
أزمة فيروس كورونا المتواصلة التي اثرت سلباً على مختلف الأحداث والنشاطات الرياضية في جميع أنحاء العالم، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصاً وان هذه الازمة قد دفعت المؤسسات والهيئات والاتحادات الرياضية الى إلغاء أو تأجيل العديد من البطولات والانشطة الرياضية المهمة بسبب اجراءات الحجر الصحي، وهو ما تسبب بحدوث خسائر مالية كبيرة تقدر بمليارات الدولارات للكثير من الفرق والاندية في مختلف دول العالم، يضاف الى ذلك الاضرار الصحية والنفسية، الامر الذي دفع بعض الحكومات الى العمل على تخفيف بعض الاجراءات من اجل استئناف التدريبات الجماعية وعودة بعض الانشطة الرياضية، التي ستعود وبحسب بعض الخبراء بقواعد جديدة ومختلفة.
وبات نجوم كرة القدم في انتظار خسائر مالية مؤكدة أبرزهم ميسي ورونالدو ومبابي نتيجة تفشى فيروس كورونا، مما أدى لتأجيل وإلغاء وتعليق العديد من البطولات. نقلت صحيفة «لو باريزيان»، فى تقرير مطول لها، دراسة اقتصادية أعدها مركز «KPMG» الدولى، تؤكد أن فيروس كورونا سيؤدى لانخفاض قيمة نجوم كرة القدم بمتوسط 20%. وأجريت الدراسة من خلال مسح تم على 4 آلاف لاعب فى 10 دوريات أوروبية فى إسبانيا، إنجلترا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، البرتغال، هولندا، بلجيكا، تركيا ودورى الدرجة الأولى الإنجليزى (شامبيونشيب). وتشير الدراسة إلى أن اللاعبين ستنخفض قيمتهم بنسبة 20% بالنسبة لأغلى 20 لاعبا، إذا تم إلغاء الموسم الجارى، تصل إلى 13% حال استئناف المسابقات واستكمالها. ونشرت «لو باريزيان» أن قيمة كيليان مبابى، مهاجم باريس سان جيرمان، ستنخفض بنسبة 21.5% ليصبح بين 177 و188 مليون يورو، مقابل 225 مليون يورو فى فبراير الماضى.
وقد أعلن الاتحاد الدولي لالعاب القوى أنه أنشأ صندوقا ماليا بقيمة 500 ألف دولار من أجل مساعدة الرياضيين المحترفين الذين يعانون من صعوبات مالية بسبب فيروس كورونا المستجد، وأوضح الاتحاد الدولي في بيان له أنه يقود هذه المبادرة بالشراكة مع المؤسسة الدولية لألعاب القوى التي تم إنشاؤها في عام 1986 لدعم القضايا الخيرية المرتبطة برياضة أم الألعاب. وتوقفت مسابقات ألعاب القوى في جميع أنحاء العالم بسبب فيروس كوفيد-19، مثل الدوري الماسي، المسابقة الأهم في رياضة أم الألعاب والتي كان مقررا أن يبدأ موسمها في 17 نيسان/أبريل في الدوحة، لكنها لن تبدأ قبل الرابع من تموز/يوليو في لندن بعد تأجيل اللقاءات التي كانت مقررة في اشهر نيسان/أبريل وايار/مايو وحزيران/يونيو.
خسائر كبيرة
أظهر تقرير لشبكة “اي اس بي ان” الأميركية، أن حجم خسائر إيرادات القطاع الرياضي في الولايات المتحدة جراء الاغلاق التام الناتج عن انتشار وباء فيروس كورونا المستجد سيبلغ 12 مليار دولار، مع امكانية ازدياده في حال إلغاء دوري كرة القدم الأميركية (ان اف ال)، والبطولات الجامعية. ويشمل حجم الخسائر التجارية الرواتب التي سيدفعها اللاعبون لعمال الملاعب، لكنه قد يكون تقديرا متحفظا لأنه لا يشمل الرياضة الترفيهية في الهواء الطلق، والمراهنات أو الرياضات الفردية مثل الغولف وكرة المضرب وسباقات ناسكار الأكثر شعبية في سباقات السيارات في الولايات المتحدة.
وقدر باتريك ريش، مدير برنامج الأعمال الرياضية في جامعة واشنطن في سانت لويس، تأثير الإغلاق التام لشبكة “اي اس بي ان” على بطولات المحترفين الكبرى بخسارة تبلغ 5,5 مليار دولار، وبطولات الجامعات بـ 3.9 مليار دولار، والمنافسات الرياضية لفئة الشباب بـ2.4 مليار دولار. وهذه الأرقام تفترض اكمال نصف موسم دوري البيسبول ودوري كرة القدم بحضور المتفرجين مقابل الغاء محتمل للموسم العادي في بطولتي كرة السلة والهوكي واقامة مرحلة التصفيات النهائية “بلاي اوف” من دون جمهور واستئناف والمنافسات الرياضية لفئة الشباب في تموز/يوليو.
ولا يعد أي شيء من ذلك مضمونا، نظرا لتعليمات البقاء في المنزل القائمة في معظم انحاء البلاد نتيجة للفيروس القاتل وقال ريش “كخبير اقتصادي، ترجع إلى الوراء، تنظر إلى المجزرة التي تحدث — مشوشا، مذهولا، مخدر العقل. كل هذه العبارات، كلها ذات صلة لأننا لم نر أي شيء على هذا النطاق مطلقا”. وتشمل الأرقام 3.25 مليار دولار كان من الممكن أن ينفقها المتفرجون على البطولات الاحترافية بالإضافة إلى 371 مليون دولار من الدخل للعاملين في الملاعب و2،2 مليار دولار من رسوم حقوق النقل التلفزيوني في الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.
وفي حالة إلغاء دوري كرة القدم الأميركية سيكلف ذلك أكثر من 11.5 مليار دولار من عائدات النقل التلفزيوني في حين أن 65 برنامجا لكرة القدم الأميركية تتلقى حوالي 4 مليارات دولار من أموال التلفزيون، أي حوالي نصف الدخل الذي يموّل جميع ميزانيات الإدارة الرياضية. وذكر التقرير ان هناك ثلاثة ملايين فرصة عمل في جميع انحاء البلاد تعتمد على الرياضة، من المرشدين والحراس الى الكشافين والمدربين، وقال ريش أنه إذا اضطر للعب بطولة البيسبول من دون جمهور لنصف الموسم فإن أكثر من 2 مليار دولار ينفقها المشجعون سوف تضيع.
كما أثرت أزمة فيروس كورونا كثيرًا على النشاط الكروي والحالة الاقتصادية لمعظم أندية كرة القدم في العالم، على رأسها نادي برشلونة الإسباني. وحسبما نشرت شبكة «إيه إس بي إن» الدولية، نقلًا عن جوردي كاردونر، نائب رئيس برشلونة للشؤون الاقتصادية، فإن خسائر برشلونة بسبب توقف النشاط ستتراوح بين 120 و140 مليون يورو. وتأتي خسائر برشلونة على النحو التالي: 50 مليون يورو من بيع التذاكر وزيارة متحف النادي، 39 مليون يورو من حقوق البث التليفزيوني، وما بين 20 و25 مليون يورو كإيرادات تجارية من مبيعات المحلات ومدارس كرة القدم وغيرها من الأنشطة.
من جانبه حذر هانز - يواكيم فاتسكه الرئيس التنفيذي لنادي بوروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم، من أن الدوري الألماني قد "يفلس" ما لم تمنح حكومة أنغيلا ميركل الإذن باستئناف البطولة على الرغم من تفشي وباء فيروس كورونا المستجد. وقال فاتسكه لشبكة "سكاي سبورتس نيوز الأمر يتعلق بانقاذ كرة القدم، لا أكثر ولا أقل". وأضاف "إذا لم نلعب في الأشهر القليلة المقبلة، فإن الدوري الألماني بأكمله سوف يفلس. لن يكون له وجود بعد ذلك بالشكل الذي عرفناه".
واسفر انتشار فيروس "كوفيد-19" عن شبه شلل في كافة المنافسات الرياضية حول العالم، بما في ذلك كرة القدم، حيث علقت غالبية الدوريات والبطولات منذ منتصف آذار/مارس الفائت، ما ألحق بالأندية خسائر كبيرة جراء تراجع إيراداتها من حقوق البث التلفزيوني وبيع تذاكر المباريات وعقود الرعاية. وتوقف دوري بوندسليغا في 13 آذار/مارس، لكن الأندية الـ18 التي تشكل الدرجة الأولى عاودت تدريباتها في الآونة الأخيرة بمجموعات صغيرة مع اعتماد قواعد التباعد الاجتماعي وقيود صحية صارمة في أرض الملعب.
وكان دورتموند عند تعليق الدوري في المركز الثاني (51 نقطة) على لائحة الترتيب، بفارق أربع نقاط عن بايرن ميونيخ المتصدر بطل المواسم السبعة الماضية. وأعلنت رابطة الدوري الألماني، الأسبوع الماضي، عن استعدادها لاستئناف الموسم في التاسع من أيار/مايو أو في وقت لاحق، خلف أبواب موصدة في حال الحصول على الضوء الأخضر من السلطات السياسية، على أن يتم فحص اللاعبين بانتظام للكشف عن تعرضهم للفيروس.
وترغب الأندية الألمانية الكبرى في إنهاء الدوري بحلول 30 حزيران/يونيو للحصول على دفعة من أموال النقل التلفزيون التي تبلغ قيمتها حوالي 300 مليون يورو (325 مليون دولار). وأشارت مجلة "كيكر" الواسعة الانتشار، أن 13 من أصل 36 ناديا في رابطة الدوري الألماني (المشكلة بالتساوي بين فرق الدرجتين الأولى والثانية) على وشك الإفلاس.
واعترف فريقا فيردر بريمن وشالكه ان مواردهما المالية تأثرت بشدة خلال الازمة. من جانبه، رأى أولي هونيس، رئيس نادي بايرن ميونيخ السابق، أن إقامة المباريات خلف أبواب موصدة -المعروفة باسم "مباريات الشبح" في ألمانيا- هو البديل الوحيد القابل للتطبيق.
وقال هونيس في تصريحات لـ"كيكر": "من حيث المبدأ، أعتبر أن مباريات الشبح موضع تساؤل، لكن نظرا للوضع الاقتصادي الذي تواجهه بعض الأندية، فهي بالغة الأهمية". كما أيد هونيس الدعوات الموجهة إلى شبكتي "سكاي" و"دي أي زد ان" صاحبتي الحقوق لبث المباريات، لعرض المراحل التسع المتبقية مجانا للمساعدة في رفع الروح المعنوية في ألمانيا المجنونة بكرة القدم. مع هذا العدد الكبير من الفرق التي تكافح ماليا، هناك أيضا دعوات للرابطة لاعتماد سقف للرواتب.
الصفقات الضخمة
على صعيد متصل وجدت أندية كرة القدم لاسيما في أوروبا نفسها أمام صعوبات مالية جمة في الفترة الراهنة، مع توقف المنافسات بسبب فيروس كورونا المستجد، في خطوة يحذر خبراء من انها قد تؤدي الى إنهاء فقاعة الأسعار الخيالية التي صرفت على انتقالات اللاعبين في الأعوام الأخيرة. وفي صيف العام 2017، حطّم نادي باريس سان جرمان الفرنسي الرقم القياسي، بدفعه 222 مليون يورو للتعاقد مع البرازيلي نيمار مهاجم برشلونة الإسباني. وفي الفترة الزمنية عينها، أبرم النادي الباريسي المملوك من شركة قطر للاستثمارات الرياضية، صفقة ضخمة أخرى من خلال التعاقد مع النجم الشاب لموناكو، كيليان مبابي، في تعاقد قدرت كلفته بنحو 180 مليون يورو.
ولم يكن نادي ملعب بارك دي برانس الوحيد الذي أنفق مبالغ طائلة على ضم لاعبين. في الأعوام الماضية، بات دفع 100 مليون يورو أو أكثر أمرا غير مفاجئ. حتى الـ222 مليون يورو التي دفعها سان جرمان لفسخ تعاقد نيمار مع النادي الكاتالوني، كانت مرشحة للسقوط تحت مقصلة الصفقات المتضخمة المتزايدة في عالم اللعبة الشعبية، في ظل العقود الرعائية الضخمة للأندية والعائدات الهائلة التي توفرها حقوق البث التلفزيوني.
لكن، كما توقفت عجلة المباريات بسبب "كوفيد-19"، توقفت مناجم المداخيل الهائلة للأندية. وبدلا من الانفاق دون حساب على ضم نجوم برواتب خيالية، تضطر الأندية للاقتصاد في ميزانياتها: تبرم اتفاقات لخفض رواتب اللاعبين، وتلجأ للبطالة الجزئية والدعم الحكومي لتسديد رواتب الموظفين... وفي ظل هذا الواقع غير الواضح المعالم، ستضطر الأندية الى ان تضع على الرف حاليا ميلها الى الانفاق غير المضبوط على استقدام اللاعبين الذين أثبتوا نجوميتهم، أو أولئك الذين يعدون بمستقبل باهر.
ويقول المتخصص في الاقتصاد الرياضي جان-باسكال غايان، إن ذلك يعود "لسبب بسيط: الأندية ستعاني من مشاكل كبيرة على صعيد السيولة. في ظل عدم اليقين بشأن ايرادات البث التلفزيوني وعائدات العقود الرعائية، سيصبح إبرام تعاقدات كبيرة أمرا معقدا، لاسيما في إنكلترا وإسبانيا". من جهته، يوضح الاستاذ في جامعة نبرة (نافار) في شمال إسبانيا فرناندو لارا، ان "أحدا في إسبانيا لا يفكر بدفع 100 مليون يورو للاعب في الموسم المقبل".
وشكل صيف العام 2017 نقطة تحول في أسعار سوق الانتقالات، وأبرمت في أعقابه صفقات حطمت أرقاما قياسية في مختلف خطوط اللعب، مثل الدفاع مع الهولندي فيرجيل فان دايك (من ساوثمبتون الى ليفربول الإنكليزيين) وهاري ماغواير (من ليستر سيتي الى مانشستر يونايتد)، وحراسة المرمى (الإسباني كيبا أريسابالاغا من أتلتيك بلباو الى تشلسي الإنكليزي). وبحسب أرقام رسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ارتفعت القيمة الاجمالية للانتقالات من 2,66 ملياري دولار في العام 2012، الى 7,35 مليارا في 2019. وحذر أولي هونيس، الرئيس السابق لنادي بايرن ميونيخ الألماني الذي عرف بمقاربته المتعقلة في الانتقالات، من ان "الأرقام لا يمكن ان تبقى على المستوى الحالي في العامين او الأعوام الثلاثة المقبلة".
وتوقع المركز الدولي للدراسات الرياضية في مدينة نوشاتيل السويسرية، ان تؤدي الأزمة الصحية التي علقت المنافسات، الى خفض قيمة اللاعبين في البطولات الوطنية الكبرى في أوروبا (إسبانيا، إنكلترا، ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا) بنسبة 28 في المئة (من 32,7 مليار يورو الى 23,4 مليارا). وعلى سبيل المثال، سيؤدي ذلك الى تراجع القيمة الاجمالية للاعبي سان جرمان بنحو 300 مليون يورو، وللاعبي ريال مدريد الإسباني بنحو 350 مليونا، ولمواطنه برشلونة بنحو 366 مليونا، بحسب التقديرات.
ويرى خبراء في انتقالات كرة القدم ان هذا التراجع في القيمة السوقية للاعبين يهدد بتجميد انتقالات البارزين منهم، ويتوقع أيضا ان يتسبب بـ "تأثير الدومينو" على اللاعبين الأقل شأنا حتى. وأي تأثير من هذا النوع (بشأن الأقل شأنا أو الناشئين) سيكون وقعه أكبر خارج البطولات الكبرى، لاسيما في دول مثل بلجيكا وهولندا والبرتغال، حيث باتت العديد من الأندية بمثابة "حاضنة" للمواهب، تعمل على تنشئتها وتطويرها قبل بيعها بسعر مرتفع لنادٍ من الكبار.
وحتى الأندية "الصغيرة" في فرنسا قد لا تسلم من هذه التبعات. وبحسب أرقام رسمية في الدوري الفرنسي، حققت بعض أندية "ليغ 1" أرباحا بأكثر من 20 مليون يورو على لاعبين باعتهم خلال موسم 2018-2019. وبحسب نائب رئيس موناكو الروسي أوليغ بتروف، فإن "فيروس كورونا المستجد لا يساعدنا في مسعى كهذا (...) بسبب الوضع العالمي، ستكون الأندية أقل ميلا لتسديد المبلغ الذي نطلبه". لكن الخبراء يعتبرون ان الأمد الزمني لهذا التأثير قد يكون محدودا.
ويرى غايان انه "عندما تستعيد كرة القدم مكانها الطبيعي، سنعود الى هذا التضخم مع رواتب مرتفعة (...) لا أعتقد ان هذا الأمر (الأزمة الراهنة) ستسبب بتغيير ملموس في النظام القائم". ويضيف "أحد الأسباب باعتقادي هو عدم وجود امكانية لتنظيم عالمي أو فوق-وطني للقيام بأمر مختلف. بريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) قلل أيضا من هذا الاحتمال في أوروبا". بحسب فرانس برس.
وتشير التقارير الى ان الاتحادين الدولي (فيفا) والأوروبي (ويفا) يدرسان سلسلة إجراءات للحد من التضخم، مثل فرض "ضريبة" على الأندية التي تنفق بشكل كبير، خفض عمولات وكلاء اللاعبين... لكن أي خطوة لم تبصر النور حتى الآن، على رغم الاعتقاد بأن أزمة كورونا قد تسرّع في ذلك. وكان رئيس الفيفا السويسري جاني انفانتينو صريحا بشأن مستقبل اللعبة بعد "كوفيد-19"، بدعوته الشهر الماضي للنظر "الى الفرص (المتاحة). يمكننا ربما إصلاح كرة القدم العالمية من خلال التراجع خطوة الى الخلف".
اضرار نفسية
الى جانب ذلك يمر لاعبو كرة القدم المحترفون بوضع غير مسبوق نتيجة توقف المنافسات الذي فرضه فيروس كورونا، من "الضياع" إلى "القلق" و"التوتر" و"الاشتياق"، لدرجة أن واحدا من أصل عشرة بينهم مصاب بالاكتئاب النفسي بحسب الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين "فيفبرو". وكان اللاعبون "في فقاعتهم والآن أصبحوا تائهين لأنهم اعتقدوا بأن فترة الحجر لن تكون طويلة"، بحسب ما رأى فيليب غودين، عالم النفس الرياضي في جامعة لوفان البلجيكية (وسط البلاد).
ووضح الرجل الذي يعتني بالوضع النفسي لأهم رياضيي العالم أنه "يُقال أن الكسل هو أم جميع الرذائل. نحن هناك"، لتفسير حالة اللاعبين، مضيفا بأنه لم يفاجأ بسماعه شهادات مختلفة عن لجوء اللاعبين إلى الألعاب والكحول والجنس... ووفقا لدراسة نشرها "فيفبرو" ضمت 1600 رياضي، تبين أن "22 بالمئة من اللاعبات و13 بالمئة من اللاعبين يعانون من عوارض تتوافق مع تشخيص الاكتئاب. كما تسود أيضا حالة قلق عامة عند 18 بالمئة من اللاعبات و16 بالمئة من اللاعبين الذين شملتهم الدراسة".
ورأى غودان أن "1600 شخص هم بالفعل عينة جيدة"، ردا على أولئك المشككين بالناحية العلمية للدراسة التي أجريت في إنكلترا، فرنسا، سويسرا، جنوب إفريقيا، بلجيكا، أو حتى الولايات المتحدة، وهي بلدان، مثل أخرى كثيرة، فُرِضَت فيها تدابير صارمة لاحتواء انتشار فيروس "كوفيد-19". وفي حديث أجراه مؤخرا مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، قال مايكل بينيت، المسؤول عن قسم الصحة في رابطة اللاعبين المحترفين في إنكلترا، "اعتقدنا أنه خلال الأسبوع الأول أو الأسبوعين الأولين، سيكون هناك نوع من الرضى لحصول الناس على فرصة البقاء في المنزل من أجل قضاء بعض الوقت مع العائلة. لكن كنا نعلم دائما أنه كلما طالت الفترة، كلما ارتفعت إمكانية أن يصل (التوتر النفسي) إليهم".
وأشار إلى أن "من بين المشاكل التي ذكرها اللاعبون، وجد البعض نفسه مخنوقا ماليا بعد استسلامه للتسوق القهري من أجل قتل الملل، في وقت يكتنف الغموض مصير البعض فيما يتعلق برواتبهم المستقبلية واحتمال اضطرارهم إلى الموافقة على الانضمام إلى الجهود المالية" المتعلقة بتخفيف العبء المالي عن الأندية في هذه الفترة الصعبة من خلال تخفيض الرواتب. وحالة عدم اليقين المالي تشكل أيضا أحد المصادر الرئيسية للقلق عند الرياضيين الذين يتقاضون أموالا طائلة، لكن تأثيرها أكبر بكثير على اللاعبين الأقل شأنا وراتبا في الدرجات الدنيا، وهذا ما أشار إليه "فيفبرو" في الدراسة التي أجراها بالاشتراك مع المستشفى الجامعي في أمستردام، كاشفا أن "النسبة المئوية للاعبين (الذين شملتهم الدراسة) الذين أبلغوا عن عوارض، أعلى بشكل ملحوظ بين أولئك الذين يشعرون بالقلق بشأن مستقبلهم في صناعة كرة القدم".
وتسيطر أيضا حالة القلق على الاتحادات الوطنية، كما الحال في إنكلترا حيث أعرب بينيت عن "قلق كبير بشأن وضع اللاعبين من حيث التوازن العاطفي والعقلي". وكان تصريح نجم يوفنتوس الإيطالي والمنتخب البرتغالي كريستيانو رونالدو لوكالة "لوسا" للأنباء أفضل تشخيص لوضع اللاعبين في ظل توقف كرة القدم، معتبرا أنه "بدون الشغف (الذي تولده المباريات)، لا يذهب الرياضي بعيدا أبدا"، فيما رأى قلب الدفاع البلجيكي فنسان كومباني الذي يشغل حاليا منصب المدرب إلى جانب دوره كلاعب في فريق أندرلخت "نحن ’نُدَوِس‘ في الهواء".
واستأنف أندرلخت تمارينه "للاعبين الذين يرغبون بذلك" على الرغم من حالة عدم اليقين والرغبة بإلغاء الموسم مع احتساب ترتيب الفرق قبل قرار التوقف لتحديد البطل. واعتبر ديفيد ستيغن، المسؤول الإعلامي لأندرلخت، أنه "من المهم للاعبين استعادة أجواء التدريب، والشعور بأنهم فريق مجددا"، في حين حذر بينيت اللاعبين أنه "عندما يساروهم الشعور بوجود خطب ما، يجب عليهم طلب المساعدة المناسبة". بحسب فرانس برس.
وما يزيد الأمور تعقيدا حالة عدم اليقين وغياب الرؤية الواضحة بشأن ما ستؤول إليه الأمور لأشخاص اعتادوا على أن يكونوا في خضم عطائهم الرياضي خلال هذه الفترة من العام. ويصف غودين ما يمر به اللاعبون حاليا بشعور "الذين وضعوا للتو حدا لمسيرتهم"، موضحا "ليس لديهم سوى مركز اهتمام واحد (كرة القدم)، ومن دونه يشعرون بالضياع والاشتياق، خلافا لرياضيين أقل ثراء ينكبون (في الأزمة الحالية) على الدراسة وعملهم (الآخر)...".