كورونا عالمياً: الجائحة تواصل انتشارها وأرقام الوفيات في تصاعد

عبد الامير رويح

2020-05-02 04:35

رغم الجهود والاجراءات الصحية الكبيرة التي تقوم بها الكثير من دول العالم، ما يزال فيروس كورونا المستجد يواصل انتشاره في ظل غياب لقاح أو دواء خاص للقضاء على هذا الفيروس، حيث تجاوز عدد الإصابات بجائحة كورونا وكما نقلت بعض المصادر، الـ 3 ملايين شخص وأودى بحياة اكثر من 200 الف في العالم منذ ظهوره في ديسمبر/كانون الأول في الصين، وأكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن دحر الوباء يتطلب "أكبر جهد في الصحة العامة في التاريخ".

وقدمت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة الدولية التابعة لها مبادرة "تاريخية" لإنتاج علاجات لوباء كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا المستجد. وبدأ السباق بين المختبرات لإيجاد العقار المناسب، إذ تجري ست تجارب سريرية خصوصا في بريطانيا وألمانيا. لكن غوتيريش قال إن الرهان يتعلق بالتوصل إلى لقاح وعلاج "بسعر معقول وآمنين وفعالين" ومتوفرين "للجميع وفي كل مكان"، محذرا من حل يستثني الفقراء.

وتجري هذه المبادرة بمشاركة العديد من دول أوروبا القارة الأكثر تضررا. لكن لم تنضم أي من الصين التي رصدت فيها أول إصابة بالمرض في كانون الأول/ديسمبر، ولا الولايات المتحدة إلى عرض هذا المشروع. وعلى الرغم من الركود العالمي المتوقع، يبقى العزل القاعدة في أغلب الأحيان لمنع انتشار الفيروس. وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من التراخي في الإجراءات لأن التهديد بموجة ثانية للوباء لا يزال قائماً.

امريكا

قالت جامعة جونز هوبكنز إن عدد المصابين بفيروس كورونا في الولايات المتحدة وصل إلى مليون وأكثر من 36 ألفا، كما وصلت الوفيات إلى 59 ألفا و284 حالة، وهي أعلى نسبة وفيات في العالم. ووصل عدد الوفيات إلى ضعف عدد الوفيات بالفيروس قبل عشرة أيام والأعلى في العالم. ويُعتقد أن العدد الحقيقي للحالات أعلى، إذ حذر مسؤولو الصحة العامة بالولايات المتحدة من أن نقص العمالة المدربة والمواد اللازمة حد من القدرة على إجراء اختبارات على نطاق أوسع.

ومن المرجح أن تكون الوفيات أعلى إذ أن معظم الولايات لا تحسب إلا الوفيات في المستشفيات ودور الرعاية ولا تدرج الذين توفوا في المنازل. ووقع نحو 40 بالمئة من الوفيات في ولاية نيويورك بؤرة تفشي المرض في الولايات المتحدة، تليها نيو جيرزي وميشيجان وماساتشوستس. ويتجاوز الآن عدد الوفيات بسبب الفيروس في الولايات المتحدة إجمالي عدد القتلى الأمريكيين في الحرب الكورية (1950-1953) الذي بلغ 36516.

كما يتخطى عدد الوفيات بسبب الإنفلونزا الموسمية في سبعة من أصل تسعة مواسم في الفترة الأخيرة وفقا لبيانات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وتراوحت الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا بين 12 ألفا في 2011-2012 و61 ألفا في موسم 2017-2018. وتقول المراكز الأمريكية إن حالات الوفاة بالفيروس في الولايات المتحدة تقل كثيرا عن الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا الإسبانية التي بدأت في عام 1918 وأودت بحياة 675 ألف أمريكي.

وطرح رئيس الولايات المتحدة، البلد الذي سجل أكبر عدد من الوفيات، فكرة معالجة المرضى بحقنهم بمواد "معقمة"، حسبما قال في تصريحات أثارت جدلا وأجبرت العلماء والمنتجين والسلطات على الرد. وفي نهاية المطاف، أكد دونالد ترامب، الذي شعر باستياء كبير من الجدل على ما يبدو، أنه كان يتحدث "بسخرية". اكتفى في وقت لاحق بعقد مؤتمر صحافي مقتضب حول الوباء، وغادر المكان بدون الرد على أي سؤال.

من جهته، صرح جو بايدن الخصم الديموقراطي لترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة "أجد من الصعب أن أضطر إلى قول ذلك، لكن أرجوكم لا تشربوا مياه جافيل". أما شركة إنتاج مادة ليسول المطهرة التي يستخدمها عشرات ملايين الأميركيين، فوجدت نفسها مجبرة على إصدار تحذير خطي قالت فيه إن "منتجاتنا المعقمة يجب ألا تدخل إلى جسم الإنسان بأي شكل من الأشكال".

والولايات المتحدة التي يعاني اقتصادها بشدة كغيرها من البلدان من القيود المفروضة لاحتواء الوباء، وقع ترامب خطة مساعدة جديدة تبلغ قيمتها نحو 500 مليار دولار للتخفيف من أعباء الشركات والمستشفيات. والوضع ملح لأن إجمالي الناتج الداخلي للبلاد سيتراجع بنسبة 12 بالمئة هذا الفصل، ومعدل البطالة سيرتع بنسبة 14 بالمئة.

أوروبا

وبينما يرغب قادة أوروبا في إنعاش اقتصاد بلدانها الذي ضربه وباء كوفيد-19، تظل الصعوبة تكتنف مسألة السماح للناس بالعودة للتحرك بلا قيود. وتنظر حكومات الاتحاد الأوروبي قرار استئناف حركة الجماهير داخل دول الاتحاد وخارجها. وتمثل السياحة نسبة تصل إلى عشرة في المئة من إجمالي اقتصاد الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد. واقترح وزراء في الاتحاد إمكانية عودة السياحة الداخلية بين الدول الأعضاء.

وتضررت شركات الطيران بشدة جراء توقف الرحلات الجوية. ودعت 12 دولة في الاتحاد إلى تغيير القواعد المعمول بها بحيث يتسنى لشركات الطيران تعويض المسافرين عن الرحلات الملغاة بقسائم مالية بدلا من النقد. وتحاول الدول المتجاورة في الاتحاد أن تتعامل مع العمالة العابرة للحدود. وخففت ألمانيا إجراءات الحجر على مرتاديها من البولنديين، أما بولندا فلم تفعل المثل. وتظاهر المئات من البولنديين في قرى حدودية مع ألمانيا. وتقول بولندا إنها قد تعيد فتح أبواب الفنادق ومراكز التسوق ابتدأ من الرابع من مايو/أيار، لكن لا مؤشرات على موعد فتح حدودها مجددا.

كما شهدت محطات النقل في أنحاء باريس توزيع نصف مليون كمامة، في وقت تستعد فيه فرنسا لتخفيف القيود المفروضة على النقل العام. وأعربت نقابات عن مخاوفها إزاء خطط فرنسية تستهدف السماح للناس بالتحرك بحرية مرتدين كمامات ابتدأ من 11 مايو/أيار في رحلات تصل مسافاتها حتى 100 كم. ويأتي قرار فرنسا إلزام ركاب القطارات والحافلات بارتداء كمامات في أعقاب قرار مشابه اتخذته ألمانيا في وقت سابق.

رئيس الوزراء إدوارد فيليب قال إنه لن تكون هناك رحلات بلا قيود، إنما ستُقسَّم فرنسا إلى مناطق حمراء حيث لا يزال ينتشر كوفيد-19، ومناطق خضراء حيث الأماكن الأقل خطورة. وستطبق إجراءات التباعد الاجتماعي في محطات المترو في باريس، كما ستُرفع طاقة الخدمات من 30 في المئة (القائمة الآن) إلى 70 في المئة بعد 11 مايو/أيار. ويحتاج المقيم في فرنسا في الوقت الراهن إلى استصدار وثيقة لكي يغادر منزله. وسيظل هذا الإجراء متطلبا بعد الحادي عشر من مايو/أيار في الرحلات التي تزيد مسافاتها على 100 كم، والتي لن يُسمَح بها إلا في حالات الاضطرار أو لأسباب مهنية". بحسب بي بي سي.

وتقول فرنسا إنها لن تفتح أيا من شواطئها قبل شهر يونيو/حزيران على أقل تقدير. ويقول رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إن إعادة فتح شواطئ بلاده في نهاية يونيو/حزيران تأتي ضمن خطة من أربعة مراحل أعدتها حكومته للعودة إلى الوضع الطبيعي مجددا. وفي بلجيكا، وافق رؤساء البلديات المطلة على شاطئ بحر الشمال على التوصل لقرار بحلول الثامن من مايو/أيار حول كيفية تقييد ارتياد الشواطئ و"تأمين اصطياف البلجيكيين".

من جانب اخر تنوي الحكومة الألمانية الاتحادية العمل على وضع خطة للفتح التدريجي للمدارس ورياض الأطفال ولاستئناف الأنشطة الرياضية. في المقابل من المقرر أن تبقى الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا حتى السادس من شهر مايو القادم. وتعتزم الحكومة الألمانية الاتحادية السماح بإقامة الصلوات الجماعية والقداديس مرة أخرى وذلك بعد حظرها بسبب أزمة كورونا، وذلك وفقا لمسودة القرار التي نصت على أن هذا الإجراء مرهون بشرط مراعاة المتطلبات الخاصة بالحماية من عدوى كورونا.

كما تعتزم الحكومة الاتحادية إعادة فتح الملاعب المغلقة منذ أسابيع بسبب انتشار وباء كورونا مجددا، مع ضرورة أن يلتزم الآباء بمراعاة تجنب أية مرافق مزدحمة والالتزام بقواعد النظافة والرعاية الصحية الأساسية، بحسب مسودة القرار.

رغم الإشادة الكبيرة بالسياسة الألمانية في معالجة أزمة فيروس كورونا المستجد، وتسجيل البلاد لأدنى نسبة وفيات من مجموع الإصابات قياساً لعدد من جيرانها، إلّا أن بعض الاعتراضات على سياسة المستشارة أنغيلا ميركل المتعلّقة بالوباء بدأت تظهر، حتى داخل صفوف حزبها، بسبب استمرار فرض العديد من القيود على الحياة العامة. وحذر فولفغانغ شويبله رئيس البرلمان الألماني (بوندستاغ)، وهو شخصية سياسية معروفة من حزب ميركل، من تمديد القيود على الحقوق الأساسية للمواطنين، إذ قال لصحيفة "تاغس شبيغل" البرلينية: "عندما أسمع بأن حماية الأرواح أولوية فوق أي اعتبار آخر أرى أن هذا الموقف المطلق غير مبرر".

روسيا

الى جانب ذلك ارتفع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في روسيا متجاوزاً مستوى المئة ألف حالة بعد ارتفاع يومي قياسي في الحالات الجديدة وبعد أيام من تحذير الرئيس فلاديمير بوتين من أن ذروة التفشي لم تأتِ بعد. وتفرض روسيا، أكبر دول العالم مساحة، إجراءات عزل عام منذ أن أعلن بوتين إغلاق أغلب الأماكن العامة في أواخر آذار الماضي.

وتجاوزت روسيا الصين وإيران في عدد حالات الإصابة المؤكدة. وظلّت أعداد الوفيات في روسيا أقل بكثير منها في غيرها من الدول الأكثر تضرّراً من التفشي على الرغم من صعودها على قائمة الدول صاحبة أكبر أعداد إصابة. وقال مركز إدارة أزمة فيروس كورونا في البلاد إنّ إجمالي عدد حالات الإصابة في روسيا بلغ 106498 حالة، مضيفاً أنّ عدد الوفيات 1073 حالة. ودخلت روسيا الأسبوع الخامس منذ بدء فرض إجراءات العزل العام التي دفعت مع انهيار أسعار النفط البنك المركزي إلى توقع انكماش الاقتصاد بين أربعة وستة في المئة. وقال بوتين في خطاب إنّ إجراءات العزل العام يجب أن تستمر لمدة أسبوعين آخرين، محذّراً من أنّ ذروة التفشي لم تأتِ بعد. وقال: "الوضع ما زال في غاية الصعوبة... نواجه مرحلة جديدة وقد تكون الأشدّ في مواجهة الوباء".

من جهة اخرى ارتفعت درجة التوتر بين الناتو وخصميه روسيا والصين، إذ اتهم الحلف الدولتين بالترويج لأخبار كاذبة حول مواجهة كورونا. الأمين العام للناتو رد على اتهامات صينية - روسية للحلف بعجزه عن مساعدة الدول الأعضاء. وقال ينس ستولتينبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إن روسيا والصين قاما بترويج معلومات مضللة حول مواجهة الحلف الدفاعي لوباء كوفيد-19. وأوضح ستولتينبرغ في تصريحات صحفية أن الناتو قد شهد تصريحات أدلى بها متحدثون روس وصينيون تزعم أن حلفاء الناتو لم يدعموا بعضهم البعض، وأنهم عجزوا عن التعامل مع الأزمة أو عن حماية المسنين أو أنهم هم المسؤولون عن انتشار الفيروس.

ورد الأمين العام للناتو لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) وعدة منابر إعلامية أوروبية أخرى على هذه الاتهامات بقوله: إن "هذا خطأ.. فحلفاء الناتو تكاتفوا معاً في التصدي للأزمة". وأعلن ستولتنبرغ سابقاً إن جيوش الدول الأعضاء نفذت حتى الآن نقل أكثر من 100 مهمة إمداد طبي، وساعدت في إقامة 25 مستشفى ميدانياً، وزادت عدد أسرة المستشفيات بمقدار 25 ألف سرير. وساعد الحلف، الذي يضم 30 دولة، في وصول إمدادات طارئة إلى الدول الأعضاء الأكثر تضررا، مثل إيطاليا وإسبانيا، في حين تقوم القوات المسلحة الوطنية بدعم الإجراءات المحلية في مواجهة الأزمة الصحية العالمية.

خطر مستمر

في السياق ذاته حذرت منظمة الصحة العالمية، من أن أوروبا "لا تزال في قبضة وباء فيروس كورونا"، على الرغم من انخفاض معدلات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، خلال الفترة الأخيرة. وقال هانز كلوغر المدير الإقليمي في المنظمة، إن 46% من الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا في المنطقة الأوروبية وحدها، محذرًا من التراخي في إقرار تدابير التباعد الاجتماعي، في وقت بدأت فيه دول أوروبية عدة في تخفيف القيود المفروضة للحد من انتشار الفيروس.

وأضاف كلوغر، "هذا الفيروس لا يرحم. يجب أن نظل متيقظين ومثابرين وأن نكون صبورين ومستعدين لزيادة الإجراءات عند الحاجة"، مشيرًا إلى أن "الوضع في جميع أنحاء أوروبا، ليس متجانسًا. كل بلد يرسم طريقه إلى الوضع الطبيعي الجديد". ونبه المدير الإقليمي في منظمة الصحة العالمية، إلى أن إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا لا تزال لديها أعداد كبيرة من الحالات، مشيراً إلى زيادة الحالات في بيلاروسيا وروسيا وكازاخستان وأوكرانيا.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، حذر من أنه جائحة فيروس كورونا "ما زالت بعيدة عن الانتهاء"، مؤكدا على ضرورة تضامن جميع الدول لمواجهة هذا الوباء العالمي. وقال مدير منظمة الصحة، في مؤتمر صحفي، في وقت سابق، إنه "مع تخفيف عمليات الإغلاق في أوروبا إثر تراجع أعداد الإصابات الجديدة، فإننا نواصل حث البلدان على العثور على جميع حالات فيروس كورونا وعزلها واختبارها ومعالجتها وتتبع كل جهة اتصال لضمان استمرار تراجع الإصابات". بحسب CNN.

وأضاف غبريسوس: "لكن الوباء العالمي ما زال بعيدا عن الانتهاء. ولا تزال منظمة الصحة العالمية تشعر بالقلق إزاء ارتفاع أعداد الإصابات في أفريقيا وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وبعض البلدان الآسيوية". وتابع بالقول إنه "لا يتم الإبلاغ بشكل كامل عن الحالات والوفيات في العديد من البلدان في هذه المناطق بسبب ضعف القدرة على إجراء الفحوصات". وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية، قائمة أكبر بؤر الإصابة بفيروس كورونا المستجد في العالم، حيث لا تزال تسجل أعلى معدلات الإصابة والوفيات بسبب المرض في العالم، فيما تراجعت بشكل نسبي معدلات الإصابات والوفيات في أوروبا التي كانت أكبر بؤر الإصابة، قبل أسابيع.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا