عاصفة الحزم.. إعادة الأمل أم استمرار الفشل؟
كمال عبيد
2015-04-25 01:08
السلام في اليمن لا يزال بعيد المنال، هكذا يرى اغلب المحللين حال هذا البلد العربي الذي صار ضحية الصراع بالوكالة ضمن منطقة الشرق الاوسط، فالنزاع الدائر في اليمن يبدو انه بعيد عن الحل مع استمرار الضربات الجوية وبروز قوة تنظيم القاعدة مجددا، وغياب مؤشرات السلام، وعلى الرغم من ان الرياض أعلنت انتهاء حملة "عاصفة الحزم" إلا أن الضربات الجوية مازالت مستمرة ضد المسلحين الحوثيين، وكذلك القتال في وسط وجنوب اليمن مما أربك الجيش اليمني المفكك، وسمح لتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" بالاستفادة من هذا الوضع، ويأتي استمرار الغارات والمواجهات على الرغم من اعلان التحالف العربي انتهاء عملية "عاصفة الحزم" والانتقال الى مرحلة ذات طابع سياسي تحت عنوان "اعادة الامل".
لكن يتساءل معظم المحللين هل حققت عاصفة الحزم اهدافها؟، يقول فريق من المحللين ان عملية عاصفة الحزم فشلت، بدليل ان هادي لا يزال في الرياض والحوثيين لم ينسحبوا من اي قرية، فيما رأى محللون آخرون ان الحملة الجوية تصنف "ناجحة بطريقة ما" بالنسبة للرياض وحلفائها، كون ان هذا التحالف نجح في تقييد مكاسب الحوثيين والحصول على دعم دولي عبر قرار صادر عن مجلس الامن الدولي فضلا عن دعم الحلفاء العرب.
وبين هذا الرأي وذاك يبدو ان النزاع في اليمن هو الوجه الاخر للصراع بين السعودية وايران وعلى الرغم من كل هذه التطورات العسكرية سيكون له تبعات اخرى، إذ يرى بعض المحللين ان مناطق الاشتباك بين ايران والسعودية سوف لن تنتهي في اليمن وستمتد الى دول اخرى، كما ان الاضطراب الذي تشهده المنطقة حاليا هو "استباق" لصفقة الاتفاق النووي الممكن بين ايران والدول الكبرى، وعليه أصبح اليمن أحدث ساحة قتال في صراع إقليمي بالوكالة بين السعودية وإيران بعد الصراعات الدائرة في سوريا ولبنان والعراق، ويرى هؤلاء المحللون أن التدخلات الإقليمية لعبت دورا بارزا في زيادة حدة الخلافات السياسية والأمنية في اليمن، الذي يعاني تدهورا اقتصاديا ملحوظا، وضعه في قائمة الدول الأكثر فقرا على مستوى العالم، وغالبا ما تتبادل إيران والسعودية الاتهامات بدعم حركات التمرد والمسلحين من اجل مصالحهما الخاصة، خصوصا وان الطرفين يخشيان من تمكن الجهة التي يدعمهما الطرف الاخر من السيطرة على الحكم في اليمن ذات الموقع الاستراتيجي بالنسبة لكلا البلدين، كما يرى مراقبون ومحللون سياسيون، وهو امر دأب البلدان على نفيه باستمرار.
وعليه يجمع المحللون ان الاهم بشأن مستقبل اليمن هو ماذا سيطرأ على المشهد السياسي محليا واقليميا ودوليا بحيث يمكن ايجاد حل وسط على وقع هذا الحدث في المستقبل القريب، أما في حالة استمرار حدة الصراع ستصبح اليمن صومال أخرى مهددة بدوامة العنف والفوضى.
اليمن ضحية الحرب بالوكالة
في سياق متصل عنونت صحيفة "عرب نيوز" الصادرة بالانكليزية ان "المهمة انجزت" في ما يعيد الى الذاكرة اللافتة التي رفعت على سفينة حربية اميركية اعلن من على متنها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في العراق في العام 2003، ولكن كما حصل في العراق، لم تنته المعارك فعليا، اذ استمر القتال بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي المتواجد في الرياض، وذلك غداة اعلان التحالف العسكري بقيادة السعودية وقف الغارات الجوية، وبحسب مجموعة صوفان الاستشارية فان "الحملة العسكرية استنزفت امكانياتها"، وبما ان حلفاء الرياض مثل باكستان غير مستعدين او عاجزين عن تأمين قوات برية فانه لم يعد هناك "سوى خيارات معدودة"، ووفق المجموعة فان الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين ايضا "اكدا انهما يفضلان الحل السياسي"، واضافت ان "كافة الاطراف بدوا واعين من ان الرابح الاكبر من الفوضى في اليمن هو العدو الاول: القاعدة في جزيرة العرب"، وجاء في بيان وزارة الدفاع السعودية ان التحالف نجح في "إزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة من خلال تدمير الاسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لـ(علي عبدالله صالح ) من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني". بحسب فرانس برس.
وعادت الطائرات الحربية الى الاجواء اليمنية في اطار التعهد الذي ورد في بيان التحالف بـ"التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها"، ويقول مصدر دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه ان اهداف الحملة العسكرية لم تكن واضحة من البداية، مضيفا "يريدون ان ينتهوا منها (الحملة العسكرية) الآن قبل ان يتورطوا اكثر"، وقتل ثمانية جنود سعوديين خلال مناوشات على الحدود مع اليمن خلال عملية "عاصفة الحزم"، فيما اعلنت منظمة الصحة العالمية ان 944 شخصا قتلوا في اليمن جراء المعارك منذ 19 اذار/مارس، ومن جهته يصف دبلوماسي غربي اعلان الحكومة بتدمير اسلحة الحوثيين بانه ذات مصداقية، ولكنه يضيف ان الحوثيين لم يشكلوا يوما وفي اي حال من الاحوال "اي خطر فعلي" على السعودية،
وقال العميد الركن احمد العسيري المتحدث باسم التحالف ان من بين اهداف العملية ايضا حماية اليمنيين و"الشرعية" في اشارة الى حكومة هادي، ومنذ بداية الغارات الجوية فر هادي الى الرياض حيث انتقل ايضا اعضاء من حكومته بعد تقدم الحوثيين باتجاه مدينة عدن الجنوبية، وشكك مؤيدون للحوثيين في تحقيق العملية العسكرية لاهدافها.
غارات جديدة بعد إعلان انتهاء عاصفة الحزم
فيما نفذت قوات التحالف العربي التي تقودها السعودية غارات على مواقع للحوثيين بجنوب العاصمة اليمنية صنعاء غداة الإعلان عن انتهاء عملية "عاصفة الحزم" التي انطلقت في 26 آذار/مارس وبدء عملية جديدة "إعادة الأمل". بحسب فرانس برس.
أفادت مصادر أمنية يمنية أن مقاتلات التحالف العربي شنت غارات جديدة على مواقع للحوثيين في جنوب اليمن حيث استمرت المواجهات على الأرض بالرغم من إعلان التحالف الذي تقوده السعودية انتهاء عملية "عاصفة الحزم"، واستهدفت هذه الغارات مقر اللواء 35 مدرع الذي سيطر عليه الحوثيون في وقت سابق في شمال تعز (جنوب صنعاء)، كما استهدفت مواقع لهم بالقرب من السجن المركزي في جنوب غرب المدينة.
وفي وقت لاحق، استهدفت غارات أخرى مواقع للحوثيين في منطقة الوهط بين محافظتي لحج وعدن في جنوب اليمن، وهي أول غارات للتحالف بعد الإعلان عن انتهاء "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية والتي انطلقت في 26 آذار/مارس، وتمكن المتمردون الحوثيون من السيطرة على مقر اللواء 35 مدرع الموالي للرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي عند الأطراف الشمالية لتعز بحسب ما أفاد المصدر العسكري.
وقال المصدر، وهو ضابط من اللواء الذي كان يواجه الحوثيين وحلفاءهم منذ أسابيع في المدينة، أن مقر اللواء في شمال تعز سقط "في أعقاب معارك عنيفة استخدمت فيها دبابات وأسلحة من جميع العيارات"، مقدرا الضحايا بـ"عشرات القتلى والجرحى".
وفي نفس الوقت، استمرت المواجهات المسلحة في عدة مدن بجنوب اليمن بين الحوثيين و"المقاومة الشعبية" المناهضة لهم بحسب مصادر محلية، وذكرت المصادر أن المواجهات استمرت حتى بعد ظهر في عدن، كبرى مدن الجنوب، وفي تعز والضالع والحوطة عاصمة محافظة لحج، وفي أول تعليق لهم على إعلان انتهاء "عاصفة الحزم"، طالب الحوثيون بوقف كامل للضربات وبعد ذلك باستئناف الحوار الوطني برعاية الأمم المتحدة"، وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في بيان نشره عبر فيس بوك "نطالب، وبعد التوقف التام للعدوان الغاشم على اليمن وفك الحصار الشامل على الشعب، باستئناف الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة من حيث توقف جراء العدوان"، كما أكد المتحدث باسم الحوثيين أن الحوار الوطني السابق والذي تضمنت نتائجه تحويل اليمن إلى دولة فدرالية من ستة أقاليم، يبقى "مرجعية توافقية" لاستئناف العملية السياسية، وكذلك اتفاق "السلم والشراكة" الذي وقعت عليه الأطراف بعد ساعات من سيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 أيلول/سبتمبر.
من جهته، رحب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الحليف الرئيسي للحوثيين والذي يعد القوة الحقيقية وراء صعودهم المثير منذ 2014، بإعلان التحالف العربي انتهاء عملية "عاصفة الحزم" وأكد أنه يتطلع إلى استئناف الأطراف اليمنية للحوار.
وقال صالح في تعليق على صفحته على فيس بوك نقله موقع حزبه "كان قرار الضربات والعدوان على اليمن مستنكرا ومرفوضا كما أن قرار وقفها وإنهاء العدوان مرحب به" مضيفا "نرجو أن يشكل نهاية تامة لخيارات القوة والعنف وإراقة الدماء وبداية لمراجعة الحسابات وتصحيح الأخطاء وأن يتساعد الجميع للعودة إلى الحوار".
وفي مؤشر قد يدل على مزيد من الليونة على المستوى اليمني الداخلي، أفرج الحوثيون عن وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي وعن شقيق الرئيس عبد ربه منصور هادي وعن مسؤول عسكري آخر، وكان الحوثيون اعتقلوا الصبيحي واللواء الركن ناصر منصور هادي وكيل جهاز المخابرات في جنوب اليمن وقائد اللواء 119 العميد فيصل رجب بعد مواجهات في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج في جنوب اليمن نهاية آذار/مارس.
البيت الأبيض: المهمة لم تنجز في اليمن
من جهته قال البيت الأبيض إن اليمن ما زال غير مستقر وإن هناك حاجة للكثير من العمل في المنطقة رغم إعلان السعودية انتهاء حملة قصف قادتها في البلاد، وقالت جين ساكي مديرة الاتصالات بالبيت الأبيض لشبكة سي.إن.إن "من الواضح أن المهمة لم تنجز، وكان إعلان السعودية يوم الثلاثاء أنها ستنهي الحملة الجوية التي تقودها باليمن مستهدفة الحوثيين قد لقي ردود فعل إيجابية من البيت الأبيض وإيران وكذلك دعوات لإجراء محادثات سلام وتقديم مساعدات إنسانية.
وقالت السعودية إن العملية الجوية التي بدأتها قبل نحو شهر ضد الحوثيين الذين سيطروا على مناطق واسعة في البلاد حققت أهدافها لكن اشتباكات اندلعت يوم الأربعاء بين مقاتلين متنافسين في اليمن، وأقرت ساكي بأنه لا تزال هناك مشاكل في اليمن، وقالت "لا يزال هناك انعدام للاستقرار في المنطقة وفي اليمن.. هناك حاجة للكثير وسنضاعف العمل وسنواصل العمل على هذا مع شركائنا حول العالم.
تشكيل قوة عربية
الى ذلك قرر رؤساء أركان جيوش الدول العربية في اجتماع عقد في القاهرة دعوة فريق عمل لدراسة تشكيل قوة عسكرية مشتركة وقالوا إن الفريق سيجتمع خلال الأسابيع المقبلة، وقال بيان في ختام اجتماع رؤساء الأركان الذي عقد في مقر جامعة الدول العربية "خلص الاجتماع... إلى دعوة فريق رفيع المستوى يعمل تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء لدراسة كافة الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع والإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة وتشكيلها فضلا عن الإطار القانوني اللازم لآليات عملها". بحسب رويترز.
وأضاف البيان أن من المنتظر أن يعقد الفريق المشار إليه اجتماعه في الأسابيع المقبلة على أن تعرض نتائج أعماله على اجتماع مقبل لرؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، وكان البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت بمنتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر أواخر الشهر الماضي ذكر أن القادة العرب وافقوا على اقتراح بإنشاء قوة مشتركة، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اقترح تشكيل القوة. وفي اجتماع مهد لمؤتمر القمة العربي وافق وزراء الخارجية العرب يوم 26 مارس آذار على رفع توصية للقمة العربية بإنشاء القوة، والمشاركة في القوة اختيارية من جانب الدول العربية. وستكون مهمتها التدخل السريع لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها أي دولة عربية.
وتأتي خطوات تشكيل القوة العربية في وقت تقول فيه الدول العربية إن تنظيم الدولة الإسلامية الذي استولي في الصيف الماضي على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا يمثل تهديدا أمنيا بالغا لها، كما يأتي في وقت تقود فيه السعودية تحالفا شن ضربات جوية ضد ميليشيا الحوثيين التي استولت على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر أيلول.
وقال بيان رؤساء الأركان إن تشكيل القوة سيكون "لصيانة الأمن القومي ومكافحة الإرهاب"، وقال رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازي في كلمة في جلسة افتتاحية إن قرار القمة العربية بإنشاء القوة "يعد تأكيدا لحتمية العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات العاتية التي تمر بها المنطقة العربية"، وترأس مصر الدورة الحالية للقمة العربية ومجلس وزراء الخارجية العرب.
وحضر الاجتماع رؤساء أركان جيوش الدول العربية أو ممثلون لهم ومن بين تلك الدول السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والمغرب والسودان والأردن والجزائر وليبيا وتونس، وكانت الجامعة العربية علقت أنشطة سوريا فيها أواخر 2011 بعد سقوط قتلى بأعداد كبيرة في الانتفاضة التي استهدفت الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.