كاتالونيا: تداعيات متسارعة نحو تجدد الازمة
عبد الامير رويح
2017-11-04 07:19
شهدت ازمة كتالونيا التي صوت برلمانها في وقت سابق لصالح الانفصال عن اسبانيا تطورات جديدة ومهمة، بعد ان سعى رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الى فرض الحكم المباشر على كتالونيا، وحل برلمان الإقليم، والدعوة إلى إجراء انتخابات محلية عاجلة في 21 ديسمبر/كانون الأول. حيث قررت حكومة مدريد لأول مرة فرض إدارة مباشرة على الإقليم بتفعيل المادة 155 من الدستور، وهذا الإجراء وكما نقلت بعض المصادر كان سببا في استبدال اكثر من 150 من كبار المسؤولين في كاتالونيا. والذين اصبحوا اليوم تحت طائلة القانون، الامر الذي اثار موجة غضب كبيرة في صفوف المعارضين.
وكانت كتالوينا تتمتع بأوسع حكم ذاتي وله تاريخ مستقل يمتد نحو 1000 سنة. وتملك برلمانا خاصا، وشرطة محلية وتلفزيونا حكوميا، ولها حكومة محلية ورئيس أيضا. وتمارس الحكومة المحلية في كتالونيا صلاحيات، ويتمتع الإقليم بمصادر ثروة عدة ويتحدث أبناؤه لغة مختلفة وله علم ونشيد وطني مختلفان عن باقي إسبانيا. وله كذلك شرطة خاصة به، ويسيطر على غالبية الخدمات العامة فيه.
ودعا كارلس بوجديمون، رئيس إقليم كتالونيا المُقال في وقت سابق، إلى ما سماها "المعارضة الديمقراطية" لحكم الحكومة الاسبانية المباشر للاقليم، متعهدا بمواصلة "العمل لبناء بلد حر". جاء ذلك في كلمة مسجلة لبوجديمون، بثها التلفزيون في كتالونيا، وقال فيها: "إن اجراءات الحكومة المركزية تتعارض مع إرادة مواطني بلادنا،، إن البرلمان هو من يختار أو يبعد الوزراء".
واتهم بوجديمون مدريد بالقيام بـ "اعتداء متعمد" على إرادة شعب كتالونيا، واضاف: "من الواضح أن خير سبيل للدفاع عن المكتسبات التي حققناها حتى الآن هي المعارضة الديمقراطية للمادة 155".
وجردت الحكومة الاسبانية كتالونيا من حكمها الذاتي وتولت زمام الحكم في الإقليم. وفي وقت سابق، تولت وزارة الداخلية الأسبانية مهام الشرطة في كتالونيا بعد إقالة كبار قادة الشرطة في كتالونيا من مناصبهم. وبالتزامن مع هذه الأحداث، استمرت لمظاهرات المؤيدة والمناهضة للاستقلال.
اعتقال بوجديمون
وفي هذا الشأن طلب المدعي العام في إسبانيا بإصدار مذكرة أوروبية لاعتقال زعيم إقليم كتالونيا، كارليس بوجديمون، وأربعة آخرين لدورهم في استفتاء الاستقلال المتنازع عليه. ولم يحضر الأشخاص الخمسة جلسة المحكمة العليا، حيث يواجهون اتهامات بالتمرد والتحريض وإساءة استخدام المال العام. وقال محامي بوجديمون إن الأجواء "غير مناسبة" لحضوره. وقال المدعي العام الإسباني إن زعماء كتالونيا متهمون بالتمرد، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن 30 عاما، والتحريض على الدولة وإساءة استخدام الأموال العامة.
ووصف بوجديمون، الموجود حاليا في بلجيكا، تلك المحاكمة في وقت سابق بأنها: "محاكمة سياسية". وقال في بيان: "هذه الاستدعاءات جزء من إجراءات تفتقد لأي أساس قانوني، وتسعى فقط إلى معاقبة الأفكار. إنها محاكمة سياسية". وكان بوجديمون قد قال قبل ذلك إنه سيعود إلى إسبانيا، إذا تلقى هو وزملاؤه ضمانات بمحاكمة عادلة. اتهم رئيس إقليم كتالونيا السابق، كارلس بوجديمون، الحكومة الإسبانية بشن حملة عدائية على الشعب الكتالوني، بعد أن صدق برلمان الإقليم على بيان الانفصال.
وقال في مؤتمر صحفي إنه جاء إلى بروكسل من أجل إسماع صوته في الاتحاد الأوروبي، ولا يعتزم طلب اللجوء السياسي. وكان وزير الهجرة البلجيكي، ثيو فرانكن، قال إن طلب اللجوء ليس "أمرا غير واقعي"، ولكن رئيس الوزراء، شارل ميشال، قال إن هذا الأمر "ليس مطروحا على الإطلاق". وقال وزير الخارجية الإسباني، ألفونسو داستيس، إن سيتفاجأ لو أن بلجيكا منحت اللجوء السياسي لرئيس كتالونيا السابق ، بوجديمون. وأضاف في تصريح للإذاعة الإسبانية أن ذلك سيكون أمرا غير طبيعي لو حدث. بحسب بي بي سي.
وتحدثت وسائل الإعلام الإسبانية عن لقاءات أجراها بوجديمون، رفقة وزراء في حكومته مع مسؤولين فلامون في بوركسل. ويواجه بوجديمون، إذا أدانته المحكمة، عقوبة سجن قد تصل إلى 30 عاما. وقد أمهلت الشرطة المحلية في كتالونيا الوزراء الذين التحقوا بمكاتبهم ساعات للانصراف تحت طائلة "إجراءات أخرى".
الإفراج عن الوزراء
الى جانب ذلك تظاهر آلاف من مؤيدي الانفصال في كتالونيا بمدينة برشلونة عاصمة الإقليم للاحتجاج على قرار قاضية إسبانية بحبس ثمانية من الوزراء الكتالونيين. واعتبر متحدثون في المظاهرة الوزراء "سجناء سياسيين" في مدريد. وكانت قاضية إسبانية قد أمرت باحتجاز الوزراء الثمانية على ذمة التحقيق الجاري بشأن إعلان استقلال إقليم كتالونيا عن إسبانيا.
وقد مثل الوزراء الثمانية أمام المحكمة الإسبانية تنفيذا لاستدعاء من المحكمة. وردد المتظاهرون هتافات تنتقد الاتحاد الأوروبي وتعتبر موقف الدول الأوروبية من استقلال كتالونيا "عار على أوروبا". واتهم الادعاء الإسباني الوزراء الثمانية بالتمرد والسعي للإنفصال عن إسبانيا. وأرجأت القاضية الحكم بشأن طلب الادعاء إستصدار أوامر أوروبية باعتقال رئيس كتالونيا المقال كارليس بوجديمون وأربعة آخرين من زعماء الإقليم الموجودين الآن في بلجيكا لمحاولة إقناع الاتحاد الأوروبي بتأييد مساعي كتالونيا للانفصال عن إسبانيا.
وقال المدعي العام الإسباني إن زعماء كتالونيا متهمون بالتمرد، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن 30 عاما، والتحريض على الدولة وإساءة استخدام الأموال العامة. وطالب الادعاء في جلسة المحكمة بسجن ثمانية من أعضاء الحكومة التسعة، الذين حضروا لاستجوابهم. وفرضت المحكمة على أحدهم، وهو وزير الأعمال السابق في كتالونيا، سانتي فيلا، دفع كفالة تعادل 54000 جنيه استرليني. وكان قد استقال من منصبه قبل تصويت البرلمان بالموافقة على الاستقلال. ولم توجه بعد تهمة رسمية لزعيم الإقليم، بوجديمون، الذي قال في وقت سابق صراحة إنه لن يعود إلى مدريد. بحسب بي بي سي.
وسبق أن اتهم القضاء الإسباني كبار المسؤولين في الحكومة الكتالونية، ومن بينهم نائب رئيس الحكومة، أوريول جونكيراس، بالتمرد والفتنة واختلاس الأموال واستدعاهم إلى مدريد للإدلاء بشهاداتهم. وطالبت النيابة العامة الإسبانية بإصدار مذكرة بحث وتوقيف دولية بحق رئيس حكومة إقليم كتالونيا المعزول، كارليس بوتشديمون، بعد أن رفض العودة إلى وطنه من بلجيكا للمثول أمام المحكمة.
كما طالبت النيابة بتوقيف أربعة أعضاء آخرين في حكومة بوتشديمون الذين تجاهلوا الأمر القضائي بمثولهم أمام القضاء. هذا، واعترف مجلس مدينة برشلونة، عاصمة إقليم كتالونيا، بأن البرلمان المحلي هو "الممثل الشرعي الوحيد لسكان كتالونيا" وبشرعية حكومة كارليس بوتشديمون المقال من قبل السلطات الإسبانية، والتي تم تشكيلها نتيجة انتخابات 27 سبتمبر/أيلول من العام 2015.
كما رفض المجلس تفعيل الحكومة الإسبانية للمادة 155 من الدستور و"استنكر رد الدولة الاستبدادي" على تنظيم استفتاء استقلال الإقليم في 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي الوقت نفسه رفض مجلس برشلونة الاقتراح الذي تقدم به حزب CUP لـ"الاعتراف بإعلان الجمهورية الكتالونية الذي أقره البرلمان في 27 أكتوبر". وألغت المحكمة الدستورية في مدريد قوانين سمحت لبرلمان إقليم كتالونيا بإجراء الاستفتاء بشأن تقرير المصير وتعيين أعضاء الاتحاد الانتخابي في الإقليم، بحسب مصادر إعلامية. وجاء في قرار المحكمة أنها تصف "المرسوم بشأن إجراء الاستفتاء حول تقرير المصير عن 6 سبتمبر/أيلول بأنه غير دستوري وليست لديه أي قوة شرعية". وأصدرت المحكمة أيضا حكما مماثلا حول المرسوم "بشأن إجراءات إضافية لتنظيم الاستفتاء حول تقرير المصير". وأضافت المحكمة أن إقليم كتالونيا ليست لديه أي صلاحيات لإجراء الاستفتاء.