المرجع الشيرازي: ليتعلّم الحكّام من نبيّ الإسلام الرأفة والرحمة في تعاملهم حتى مع أعدائهم
مؤسسة الرسول الاكرم
2015-01-07 09:05
تعريب: علاء الكاظمي
بمناسبة أيام ذكرى مولد سيّد الكائنات، أفضل الأنبياء والمرسلين، علّة الوجود والأكوان، المبعوث رحمة للعالمين، نبيّ الإسلام والإنسانية والرأفة والعفو والصفح، مولانا رسول الله محمد المصطفى صلى الله عليه وآله، ومولد حفيده، ناشر علوم الإسلام، الإمام الصادق صلوات الله عليه، ألقى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، كلمة قيّمة، تطرّق فيها إلى هاتين المناسبتين العظيمتين، خلال درسه (الخارج في الفقه) في مسجد الإمام زين العابدين صلوات الله عليه، في مدينة قم المقدّسة، صباح اليوم الأربعاء الموافق للخامس عشر من شهر ربيع الأول 1436 للهجرة (7/1/2015م).
في كلمته القيّمة والمهمّة، بيّن سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، جانب من خصائص مولانا رسول الله صلى الله عليه، وخلقه الرفيع، وهو الرأفة والرحمة، وتعامله صلى الله عليه وآله بهذا الخلق الرفيع مع الجميع حتى مع الأعداء، وآثار هذا التعامل الراقي وثمراته وإيجابياته. ودعا سماحته إلى الاقتداء بالنبيّ صلى الله عليه وآله والتأسّي بخلقه الرفيع، على مستوى الأفراد والحكومات.
كما دعا سماحته المؤمنين والمؤمنات كافّة، إلى القيام بالمسؤولية المهمّة اليوم، وهي بيان الإسلام الحقيقي الذي أتى به النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وعمله به الأئمة الهداة الأطهار من آل بيته صلوات الله عليهم أجميعن، وتعريفه للعالمين، وفضح الإسلام المزيّف الذي يمارسه اليوم المتلبّسين بالإسلام، ويمارسون باسمه أسوأ الجرائم وأبشع المجازر بحق الإنسانية. وإليكم نصّ كلمة سماحته دام ظله:
تهاني
اُبارك مناسبة وذكرى أيام مولد أشرف الأولين والآخرين، مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، ومولد الإمام الصادق صلوات الله عليه، إلى المقام الشامخ لمولانا وليّ الله الأعظم، بقيّة الله، الإمام المهديّ الموعود صلوات الله عليه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف. واُبارك لكل المؤمنين والمؤمنات أيضاً، في كل مكان، ولجميع الضعفاء والمستضعفين في الدنيا. وأسأل الله تبارك وتعالى، ببركة هاتين المناسبتين العظيمتين، أن يمنّ برعايته الخاصّة في تعجيل ظهور مولانا الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وفي تعجيل نجاة الدنيا كلّها من الابتلاءات والمشاكل التي هي مصداق (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) سورة الروم: الآية41.
نبيّ الرأفة والرحمة
لقد ذكر القرآن الكريم صفات متعدّدة لرسول الله صلى الله عليه وآله، منها قوله تعالى: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) سورة التوبة: الآية 128. وهكذا ذكروا في بعض التفاسير حول معنى الآية الكريمة: رأفة باطنية، ورحمة ظاهرية. أي (الرأفة) هي الرحمة الباطنية، و(الرحمة) هي الرأفة الظاهرية. وهاتان الصفتان كانتا من الصفات البارزة للنبيّ صلى الله عليه وآله. ومن مسلّمات الأدلّة الشرعية، ومن مسلّمات التاريخ هو ان الأئمة المعصومين والسيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم هم كذلك أيضاً، أي مثل رسول الله صلى الله عليه وآله. فكل ما للنبيّ من خصائص وصفات فهي موجودة في المعصومين صلوات الله عليهم، إلاّ النبوّة والدرجة الخاصة بالنبيّ صلى الله عليه وآله.
إنّ الرأفة والرحمة كان لهما ظهوراً عظيماً في النبيّ صلى الله عليه وآله، سواء قبل البعثة وبعدها، وقبل الهجرة وبعدها. وهناك المئات والمئات من القصص في هذا المجال. ولو عرف المسلمون، بالأخصّ الشباب، جزءاً من هذه القصص، لتمسّكوا بالإسلام بدرجة وشدّة تمسّك الذين كانوا من قبل، ممن قاتلوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، وبين يدي الائمة صلوات الله عليهم، وفي يوم عاشوراء، وقدّموا كل ما يملكون في سبيل الله تعالى وأهل البيت صلوات الله عليهم. فسبب عدم حصول هذا التمسّك هو الجهل. وهذا ما يجعل المسؤولية على المؤمنين مسؤولية ثقيلة، بالأخصّ أهل العلم، وهي بأن يقوموا بنقل وذكر صفات نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وصفات المعصومين صلوات الله عليهم، إلى الشباب المسلم، وحتى إلى غير المسلمين الذين إذا عرفوا ذلك فسيسبقون شباب المسلمين إلى التمسّك بالإسلام، كما نبّه إلى ذلك مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه حينما قال: (الله، الله في القرآن، لا يسبقنّكم بالعمل به غيركم). وهذا ما وقع وحصل بالفعل ويحصل.
ذكر لي أحد المؤمنين من القاطنين في بلاد الغرب، أنه أسلم وتشيّع شاب من تلك الدولة الغربية التي يقطنها ذلك المؤمن، وقام الأخير بتزويجه ابنته. وبعد مدّة جاءني هذا الشخص المؤمن فسألته عن ذلك الشاب، فقال لي: إنّ هذا الشاب المستبصر يعمل ويخدم أفضل وأحسن وأكثر من شبابنا المؤمن. وهناك الكثير من هذه النماذج في التاريخ الماضي، ومنهم: أبا ذر الغفاري، وصهيب. فيجب على أهل العلم أن يقوموا بإزالة ورفع الجهل الموجود عند معظم الناس، بالخصوص عند الشباب، وهذه مسؤولية كبيرة على الجميع، بالأخصّ أهل العلم لما لهم من قدرة أكثر بالقوّة.
حكومة العفو والصفح
لقد لاقى النبيّ صلى الله عليه وآله أذى كثيراً من ابن أبي أميّة. فقد قام الأخير بأذى النبيّ صلى الله عليه وآله طيلة عشرين سنة، أي من أول البعثة إلى فتح مكّة. ولشدّة الأذى الذي صدر من ابن أبي أمية بحق النبيّ صلى الله عليه وآله، قال النبيّ صلى الله عليه وآله بحقّه كلمة لم أرى ولم أقرأ أنه صلى الله عليه وآله قال بحقّ غيره، مع ان النبيّ صلى الله عليه وآله اختصّ بالرأفة والرحمة، ولكن ما قاله النبيّ صلى الله عليه وآله يدلّ على مدى شدّة الأذى الذي لقيه من ابن أبي أميّة. فقد قال صلى الله عليه وآله: (كذّبني تكذيباً لم يكذّبني أحد من الناس). وعند فتح مكّة تصوّر المشركين أنه قد حان أجلهم، أي سيقتلون ويعدمون. وهذا ما نراه يحصل في الدنيا اليوم التي لا تسير على هدى الله تعالى، بعد أيّ انقلاب وثورة، حيث ينصب منصّات الإعدام، مع فارق في الشدّة والكم في دولة عن أخرى. وبالأخصّ ما حصل في الدول الإسلامية، قبل قرابة أربعين سنة أو خمسين مثلاً، من بعد الانقلاب في العراق وأفغانستان وليبيا وغيرها. فبعد كل انقلاب ترى القتل والإعدام الكثير.
لكن في فتح مكّة أصدر النبيّ صلى الله عليه وآله العفو العام عن الجميع، وقبل منهم إسلامهم إلاّ من ابن أبي أمية، وذلك لشدّة الأذى الذي صدر منه تجاه النبيّ صلى الله عليه وآله. فجاء ابن أبي أميّة وسلّم على رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يرد عليه السلام وأعرض عنه ولم يجبه بشيء. فطلب من أمّ سلمة أن تشفع له عند النبيّ صلى الله عليه وآله، فوافق النبيّ صلى الله عليه وآله وقبل شفاعتها.
هل تجدون مثل هذا التعامل عند الحكّام؟ وهو أن يتنازل الحاكم عما أصدره من قبل بحقّ أحد؟!
فما أعظم الرأفة والرحمة من النبيّ صلى الله عليه وآله؟!
وهذه الرأفة والرحمة هي التي جذبت الكفّار والمشركين والنصارى واليهود إلى الإسلام. وهذا التعامل الراقي لو يتمّ العمل به اليوم، فسيغيّر الدنيا كلّها، ويجعلها تنعم بالسعادة. وهذا ما يدعونا، نحن وأنتم وسائر المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، إلى أن نمتثل إلى هذا التعامل النبوي الأخلاقي الرفيع، ونطبّقه في حياتنا ومجالاتها كلّها. وهذا ما دعانا إليه القرآن الكريم، بقوله عزّ من قائل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) سورة الأحزاب: الآية21.
على خطى نبيّ الإسلام
في واقعة (نهضة التبغ) أفتى المرحوم الميرزا المجدّد الشيرازي الكبير فتوى تكوّنت من سطر واحد من الكلمات، وهي: (اليوم استعمال التبغ بمثابة محاربة الإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ حسن الحسيني). وكان المقصود من (اليوم) هو أنه حكماً ثانوياً، أي ليس أوليّاً. ومع الأسف لا يتمّ العمل بهذا الأمر اليوم، أو غير منتبهين إليه، وهو: عند إصدار الحكم الثانوي، يجب أن يشار إلى أنه ليس حكماً أوليّاً في الإسلام.
هل تعلمون ماذا حصل ووقع جرّاء هذا السطر الواحد الذي كتبه المجدّد الشيرازي الكبير؟
راجعوا الكتب لتعرفوا ذلك، ككتاب أعيان الشيعة، وتكملة أمل الآمل للمرحوم السيد حسن الصدر، وكتاب أغا بزرك الطهراني، وكتاب مآثر الكبراء في تاريخ سامراء، وكذلك الكتاب الخاص بذلك الذي كتبه أحد فقهاء الإسلام الكبار وهو الشيخ حسن الكربلائي الذي كان من تلامذة المجدّد الشيرازي، ومعاصراً للسيد اليزدي والآخوند وأغا رضا الهمداني، وكان من تلاميذه السيد عبد الحسين شرف الدين، وكان الميرزا النائيني زميلاً له في المباحثات العلمية لسنين عديدة. فقد كتب الشيخ الكربلائي كتاباً عن قصة فتوى التبغ بالفارسية، على شكل يوميات. فراجعوه لتعرفوا ماذا كتب في كتابه عن المجدّد الشيرازي. وكان مما كتبه: إنّ المجدّد الشيرازي الكبير تعلّم جيّداً الرأفة والرحمة من رسول الله صلى الله عليه وآله.
لقد قام الاستعمار البريطاني بإرسال وإيفاد المئات من الخبراء إلى إيران في زمن ناصر الدين شاه، مع المئات من الخطط والمؤامرات للسيطرة على بلاد الإسلام في إيران، وإفساد شبابه، وغيرها، ولكنّ المجدّد الشيرازي الكبير دمرّ كل ما خطّط له وأتى به الاستعمار البريطاني بسطر واحد من الكلمات، وأجبر الاستعمار البريطاني الذي كان أقوى وأعظم دولة في زمانه على الخروج من إيران.
تأسّي المجدّد الشيرازي بالنبيّ
أما عن أخلاق المجدّد الشيرازي الكبير، فقد نقلوا أنه انتقل من مدينة النجف الأشرف إلى مدينة سامراء، فقام بعض أهالي سامراء بتحريض الأطفال بأن يقوموا برمي بيت المجدّد بالحصى ليلاً. فقاموا بذلك، وكان أهل بيت المجدّد يجمعون صباح كل يوم سلّة من الحصى المرمى عليهم والمتجمع في البيت. وهذه الحالة استمرت لعدّة شهور، فتحمّل الميرزا وصبر وحلم. وبعد ذلك قاموا بقتل نجله السيد محمد الذي لو لم يقتلوه لصار مرجعاً للتقليد من بعد أبيه المجدّد. وإثر هذه الحادثة، قدم أربعة أشخاص إلى سامراء، تكوّنوا من والي بغداد (من قبل العثمانيّين) وسفر إيران في بغداد من قبل ناصر الدين شاه، وسفير بريطانيا في بغداد، وسفير إحدى الدول الغربية في بغداد حيث لا يخطر على ذهني حالياً اسم تلك الدولة. وطلب هؤلاء الأربعة اللقاء بالمجدّد الشيرازي، فوافق على لقاء والي بغداد وسفير إيران، ورفض لقاء سفير بريطانيا وسفير تلك الدولة الغربية. فالتقيا بالمجدّد وقال والي بغداد: لقد سمعنا نبأ مقتل نجلكم، وقد جئتكم بأمر من الحكومة العثمانية في تركيا، لأن أكون بخدمتكم، وأنا سمعاً وطاعة لما تأمرون به، حتى إن تأمروني بقتل أهالي سامراء كلّهم، فسوف أنفّذ ذلك فوراً دون أن اراجع الحكومة في تركيا أو أخبرها بذلك. وقال السفير الإيراني أيضاً: ونحن بخدمتكم، فأمروا بما تشاؤون. فشكرهما المجدّد الشيرازي ولم يطلب منهما ولم يأمرهما بشيء ولم يطالب بشيء أبداً، لا دية ولا قصاص ولا غيرهما.
الملفت في هذه القصة هو انه عندما سمع أهالي سامراء بمجيء أولئك الأربعة إلى بيت المجدّد الشيرازي، ساورهم الخوف والرعب من انه ماذا سيصنعه بهم المجدّد. ولكن بعد أن عرفوا جواب المجدّد لأولئك الأربعة، قام جماعة من كبارهم بالذهاب إلى بيت المجدّد وأخذوا معهم مجموعة من الأطفال والشباب، والتقوا بالمجدّد ووضعوا أمامه سيفاً مجرّداً، وقالوا للمجدّد: إن هؤلاء الأطفال كانوا يرمون بيتكم بالحصى ونحن قد أمرناهم بذلك، وهؤلاء الشباب هم الذين قتلوا نجلكم بأمر منّا أيضاً، وهذا السيف أمامكم وباختياركم، فافعلوا بهم ماشئتم. فقال المجدّد: لا أقوم بأي شيء، فإذا تنازع أبناء الرجل بعضهم مع بعض، ترى ماذا يفعل بهم؟ فلا شكّ أنه يعفو عنهم ويصفح. وشكرهم على ذلك وعلى مجيئهم. ولم يكتفي المجدّد بذلك فقط، بل أهدى لهم هدايا!!!
إنّ هذا التعامل من المجدّد الشيرازي الكبير هو من مصاديق (الرأفة والرحمة) الذي يحتاج إلى الصبر والتحمّل والحلم.
سبب المآسي بالعالم الإسلامي
إذن، فلماذا نفقد اليوم مثل هذا التعامل الأخلاقي الراقي؟
لا شكّ ان السبب في ذلك هو ضعف اتّباعنا لنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله.
يجدر بنا أن نبتعد عن الألعاب السياسية، ولا أقصد (ساسة العباد) التي وردت في الزيارة الجامعة الكبيرة الشريفة، لأنه من الباعث على الأسى والتأسّف حقّاً هو أن يكون للإنسان مقاماً مرموقاً في الدنيا، وبإمكانه أن يفعل كل شيء، لكنه لا يتّبع رسول الله صلى الله عليه وآله، فيضيّع دنياه، ويضيّع آخرته. فالتعامل الراقي لنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، الذي عمل به المجدّد الشيرازي الكبير، أي الرأفة والرحمة مع الجميع والكلّ، حتى مع الأعداء، يمكنه أن يحكم العالم ويديره بأقلّ ما يمكن من إراقة للدماء.
قبل قرابة سنة، قرأت تقريراً أتوا به إليّ من إحدى المواقع على الانترنت، وكان هذا التقرير عبارة عن تحقيق ودراسة قام بهما إثنان من الأطبّاء من المسلمين، وكان اسمهما مذكوراً في التقرير. حيث قاما بالدراسة لمعرفة مدى ومستوى تطبيق أخلاق القرآن وأخلاق نبيّ الإسلام، وأخلاق الإسلام في كل البلدان بالعالم، وأي البلدان تطبّق ذلك أكثر. فهكذا كانت نتائج دراستهم: المرتبة الأولى لفلان الدولة الكافرة. والمرتبة الثانية لفلان الدولة الكافرة، وهكذا إلى المرتبة الثانية والثلاثين، كانت كلها لدول كافرة. وأما المرتبة الثالثة والثلاثين فقد حازت عليها إحدى الدول الإسلامية!
إسلام مزيّف
كما سمعتم ورأيتم أيضاً، أنه اُقيمت العديد من المظاهرات في دول الغرب، مناهضة للإسلام، وطالبوا برفض الإسلام ورفض بناء المساجد في بلدانهم. والسبب في وقوع وحصول هذا الرفض وهذه المناهضات هي الصورة المشوّهة التي يراها العالم اليوم عن الإسلام من بعض المتلبّسين باسم الإسلام. فهل من الإسلام أن يقوم طفل أو أطفال وفي غير الحرب، بذبح الأشخاص مع ترديد هتاف الله أكبر؟!
إذن، أليس من الجدير أن يتصدّى المؤمنون، رجالاً ونساء وشباباً، لهذه المسؤولية المهمّة، وهي أن يعلنوا للعالم ويبيّنوا له بأنه: يا أهل العالم هذه التصرّفات، الذبح والتفجيرات وغيرها، هي ليست من الإسلام، والإسلام منها براء. والإسلام الحقيقي هو الإسلام الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وآله، لا غيره، ولا نظير له أبداً في التاريخ.
المسؤولية المهمّة اليوم
لذا، يجب علينا أن نبيّن للعالم، كيف تعامل نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله بعد فتحه مكّة، مع المشركين الذين مارسوا أشدّ وأنواع الأذى مع نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله ومع المسلمين طيلة عشرين سنة، من قتل وتهجير ومصادرة للأموال والممتلكات والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. فليعرف العالم ان نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله قد عفا عنهم جميعاً، وعن كل ما صدر منهم.
كما علينا أن نبيّن للعالم، رأفة الإسلام، ورحمة الإسلام، وأخلاق الإسلام. ولنقم بهذه المسؤولية من هذه الساعة ومن هذا اليوم، كل بمقدار إمكانه واستطاعته، وبكل السبل الشرعية والسلمية والحديثة، من خطابة وتأليف وإذاعة وتلفاز وقنوات فضائية وما شابه ذلك، وغيرها.
أسأل الله تبارك وتعالى، برعاية مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله ورعاية الإمام الصادق صلوات الله عليه وسائر المعصومين صلوات الله عليه، بالأخصّ مولانا الإمام المهديّ ساعد الله قلبه وعجّل الله تعالى فرجه الريف، أن يعيننا جميعاً على عدم التقصير في القيام بالمسؤولية، وأن نؤدّيها بما نقدر عليه، تجاه الإسلام، وتجاه كتاب الله تعالى ورسول الله صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين.
وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.