الطغاة الأمويون تفوقوا على فرعون ونمرود

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

شبكة النبأ

2015-11-19 09:34

لا يستطيع الحكام الظالمون ومن يقف الى جانبهم، مهما بلغوا من الذكاء البطش، أن يمحوا جميع الأدلة التاريخية التي تثبت ظلمهم وتؤكد طغيانهم ومحاولاتهم لخداع الآخرين، فقد ثبت ظلم فرعون والنمرود على الرغم من جهودهما الحثيثة لإخفاء ظلمهم، وسعيهم بالترغيب والترهيب لتلميع صورهم وذكرهم، أما الحكام الأمويون، فقد تفوقوا كثيرا على فرعون ونمرود وغيرهم من الظالمين، كما تؤكد ذلك الأخبار التاريخية التي دونتها الأقلام الأمينة الصادقة، وليس أقلام السلاطين التي كانت تعتاش على الظلم والزيف والتدليس.

كذلك ينطبق هذا القول على حكام بني مروان وبني العباس، فقد أثبت هؤلاء بأنهم من أكثر حكام التاريخ ظلما لشعوبهم وبطشا بهم، وقد ذكر المؤرخون من الخاصة والعامة هذا الأمر، ولم تنفع جميع المحاولات التي بذلها مرتزقة الكتابة لتلميع وجوه سادتهم وأفعالهم التي يندى لها جبين البشرية جمعاء، لذلك حتى ظلم فرعون ونمرود وغيرهما لم يبلغ ظلم هؤلاء.

يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، في احدى كلماته التوجيهية القيمة للمسلمين، حول هذا الموضوع: (لقد ظلم فرعون كثيراً وكذلك نمرود وشدّاد. وكذلك مارس الظلم كثيراً كل من أبي سفيان وأبي جهل، ومَن كان على شاكلتهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن لا يبلغ ظلم هؤلاء ظلم الذين حكموا باسم الإسلام، أمثال بني أمية وبني مروان وبني العباس).

ومن الملاحظات التي نستطيع تأكيدها بدقة، أن التاريخ الأموي ترك لنا رمز في الطغيان لا أحد يجاريه او يضاهيه في الطغيان، ألا وهو الحجاج الثقفي، هذا الحاكم الذي بلغ ظلمه لشعبه ما لم يبلغه عتاة الطغاة، وهذا ما ذكره المؤرخون في كتاباتهم لاسيما أولئك الذين لم يندرجوا ضمن الأقلام المأجورة، لقد ذكر المؤرخون أن الطاغية الحجاج كان يترك المساجين الابرياء في السجون حتى الموت، وكانت السجون بلا سقوف في جميع الفصول، مع الجوع والتعذيب وحز الرقاب اذا لم يمت السجين من الجوع والمرض!.

وقد ورد في كلمة سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (ذكروا عن أحد حكّام بني مروان وهو عمر بن عبد العزيز، قوله: (لو جاءت كلّ أمّة بشقيّها وجئنا بالحجّاج لغلبناهم) البداية والنهاية: ج9، ص139. وهل تعلمون مَن كان الحجّاج؟ لقد كان ممثّل أو والي ما سمّي بخليفة المسلمين وهو عبد الملك بن مروان، الذي حكم باسم الإسلام!).

ماذا يعرف العالَم عن الاسلام؟

من المشكلات الكبيرة التي تواجه الاسلام والمسلمين، لاسيما في عصرنا الراهن، هي مشكلة عدم التعريف بالاسلام الحقيقي للأمم الاخرى من غير المسلمين، فهناك من يتعمَّد الإساءة للاسلام بشتى الأفكار والأفعال الشائنة، وهناك من يسعى لتشويه الاسلام بأفكاره وأفعاله، ثم يعلن على الملأ العالمي أنه يمثل الاسلام، ولأن الكثير من الشعوب في العالم لم تصل إليهم حقيقة الاسلام وجوهره المتمثل بالاسلام المحمدي الحسيني الانساني، فإن أولئك الأجانب يظنون أن هؤلاء هم من يمثل الاسلام وأن أفكارهم وافعالهم هي الاسلام بعينه، وهذا يعني أن المتطرفين الارهابيين التكفيريين يُحسَبون على الاسلام وهو منهم براء.

لذا فقد وصل للعالم الاسلام الذي يمثله سفاكو الدماء، وليس الاسلام العظيم الذي نقل البشرية من دهاليز الظلام الى فضاءات النور، وهذا الأمر يثير الألم والأسف في القلوب وفي الوقت نفسه، يؤكد أهمية أن نعمل بجهود حثيثة لنشر الاسلام المحمدي الحسيني الحقيقي القائم على العدالة والرحمة والتعاون والتراحم والتعايش، وتجد فيه جميع الخصال الانسانية الراقية.

يقول سماحة المرجع الشيرازي عن هذا الموضوع في كلمته نفسها وهو يخاطب المسلمين: (مما يؤسف له ان العالم لا يعرف الإسلام الحقيقي الحسيني، وما يعرفه عن الإسلام من شيء فهو إسلام سفّاكي الدماء، ولهذا تراهم يبتعدون ومبتعدين عن الإسلام).

إن اولئك الذين لا يعرفون الاسلام الحقيقي بصورة صحيحة وتامة، حتما سوف يبتعدون عن الاسلام الذي يقدمه الارهابيون للعالم اليوم، ويسفكون باسمه دماء الابرياء، من خلال التفجيرات التي يقومون بها هنا وهناك، كما يحدث في دول ومدن كثيرة من العالم بغض النظر عن الفقر والغني والقوة والضعف، فالجميع ضعفاء وأقوياء مستهدَفون بهذا الارهاب الذي يحمل اسم الاسلام زورا وبهتانا.

من هنا تقع علينا، ونعني بهم الحسينيين، أن ننهض برسالة التصحيح التي تقوم بنشر الاسلام الحقيقي (المحمدي الحسيني)، الذي يرفض الظلم، ويرفض الاعتداء على الابرياء والضعفاء، لذلك فإن الاسلام الذي يقتل الابرياء بصورة عشوائية لا يمثلنا، إن اسلامنا معروف ومعلن من خلال الفكر الحسيني والنهضة الحسينية، فهي التي تمثل الاسلام الحقيقي.

كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (يجب أن نعرّف الإسلام الحقيقي وتعاليمه، وكذلك أهداف النهضة الحسينية المقدّسة، التي عين أهداف الإسلام الحقيقي، إلى الدنيا كلّها).

التعامل الصادق في السلوك

بعد هذه الزمن الطويل من التضليل وغياب العمل الاعلامي للتفريق بين الاسلام الحقيقي واسلام التكفيريين المتطرفين، باتت مهمة التعريف بالاسلام المحمدي أكثر صعوبة، ولكن ليس هناك أمام المخلصين للاسلام ولآل بيت النبوة (ع)، غير المضي بكشف الحقائق كما هي لكي يعرف الآخرون من الامم الاخرى ما هو الاسلام، ومن يمثله بصورة حقيقية، وهذه المهمة ليست سهلة، بسبب تراكم السنين التي حملت الكثير من التضليل والزيف وأساءت الى جوهر الاسلام في عمقه.

وطالما أن الطرف المسيء للاسلام اختط لنفسه طريق الخداع والتضليل والكذب والتزييف، علينا أن نختط الطريق المناقض له تماما ألا وهو طريق الصدق، فهو وحده الذي يمثل حقيقة الاسلام، لذا على المعنيين بالتبليغ وتوضيح الرسالة المحمدية والمنهج الحسيني أن يعتمدوا الصدق في تبليغهم وفي كل نشاطاتهم الفكرية والعملية، لكي يطمئن الآخرون، كونهم عانوا من الكذب والتضليل كثيرا.

لهذا يوجّه سماحة المرجع الشيرازي حول هذه النقطة بالذات بما يلي: (يجب أن يكون عملنا وتعاملنا صادقاً وحسناً، أي مصداقاً لـ(لبلاغ المبين) حتى يطمئنّ الناس لنا. لأنه كذبوا وكذبوا على الإسلام في العالم، كثيراً وكثيراً. فقد كتبت إحدى الصحف الرسمية في أحد البلدان عن أحد مسؤوليها، عنواناً (مانشيت)، هكذا جاء: أربعة آلاف كذبة لفلان مسؤول)!.

لذا ليس أمام من يقوم بمهمة التبليغ بالاسلام الحقيقي سوى اعتماد الصدق كوسيلة وهدف في الوقت نفسه، لأن الصدق هو الطريق الوحيد المتاح أمام المعنيين بالتصحيح والتعريف بجوهر الاسلام، وفضح الطرف الآخر الذي حاول ولا يزال يحاول الاساءة للاسلام المحمدي والمنهج الحسيني، من خلال ابعاد الاسلام عن جوهره الانساني الحقيقي، خدمة لأهدافهم المستقاة من المنهج الأموي الظالم وبقية الحكام الطغاة الذين أساؤوا للإسلام في أقوالهم وأفعالهم واستخدامهم للسلطة باسم الاسلام، مع أنهم لم يعملوا بمنهج الاسلام قط، بل كان بالنسبة لهم الغطاء والوسيلة التي تصل بهم الى مآربهم الدنيوية الزائلة، وها قد زالت بالفعل وانمحى معها الحكام الظالمين، ولم يبق منهم سوى الذكر الكريه والخزي الذي لحق بهم وبمن يمت لهم بصلة قرابة او سواها، لذا ليس امام الصادقين لخدمة الاسلام المحمدي الحسيني سوى الصدق في التبليغ.

كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (إذن، لتبليغ الإسلام وأداء المسؤولية في هذا المجال، يجب أن يكون تعاملنا صادقاً حتى يصدّقنا الناس بالعالم).

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا