الإسلام براء من الإرهاب والتطرّف
قبسات من فكر المرجع الشيرازي
شبكة النبأ
2015-11-16 03:22
موجة جديدة من الإرهاب تضرب العالم اليوم، ويتم إقرانها بالإسلام عمدا، فيما الإسلام المحمديّ منها براء، إنها أعمال إرهابية تيء للإسلام أكثر مما تخدمه، وهي لا تمثل العمق الحقيقي والفكر الانساني الصادق للدين الاسلامي، ولا يُخفى على المتعمّق والباحث في جذور التطرف والإرهاب، المنبع الأساس والجذور الأولى لما يحدث اليوم من موجة إرهاب يتم من خلالها تشويه الاسلام عندما يتعمّد اصحابها أن ينسبوها زورا وبهتانا للفكر الاسلامي.
إن المشكلة التي يواجهها المسلمون اليوم، أن الاخرين من الاديان والأمم الأخرى لا يعرفون الدين الاسلامي الحقيقي الحسيني، ونعني به االدين الذي أتى به محمد (ص)، وليس دين التحريف والانحدار نحو البغضاء والتطرف والحقد على الناس لمجرد أنهم مختلفون في الرأي وما شابه، ولهذا يبتعد الآخرون عن الاسلام، بسبب موجات التشويه التي يتعرض لها كنتيجة حتمية لما يقوم به الارهابيون الذين يقتلون الناس الابرياء، العزّل من السلاح، ثم يقولون إننا قتلناهم وفقا لتعليمات الاسلام.
ولكن مثل هذه الإدّعاءات لا أساس لها من صحة، فليس الاسلام هو الذي يبيح قتل الناس العزّل، وليس التعاليم الاسلامية هي التي تسمح باستهداف الابرياء من دون ذنب أو جريمة يُستدل عليها بالأدلة القاطعة ويتم ذلك عبر القضاء المعترف به، لذلك ليس هناك أي ارتباط بين ما يحدث من استهداف للمدنين العزّل وبين الفكر الاسلامي الحقيقي، إنها أعمال إجرامية يقصد أصحابها تشويه الاسلام لكي لا يعرفه الآخرون بصورة صحيحة.
يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في احدى كلماته التوجيهية حول هذا الموضوع: (مما يؤسف له ان العالم لا يعرف الإسلام الحقيقي الحسيني، وما يعرفه عن الإسلام من شيء فهو إسلام سفّاكي الدماء، ولهذا تراهم يبتعدون ومبتعدين عن الإسلام).
ولذا فإن من يقف وراء تشويه الاسلام بهذه الأفعال الاجرامية، هم جماعة (إسلام معاوية والحجاج)، هؤلاء الذين يستهدفون الابرياء ويقتلونهم بدم بارد باسم الاسلام، هم امتداد لأولئك الطغاة، وأخذوا عنهم الاجرام والتطرف، أما الاسلام الحقيقي المحمدي الحسيني فهو دين الرحمة والاعتدال والانصاف واحترام الانسان، وهذا ليس اسلامنا الحقيقي.
كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (مما يؤسف له، ان الدنيا اليوم عُرض ويُعرض عليها إسلام معاوية والحجّاج، وليس الإسلام الحقيقي المتمثّل بإسلام رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت صلوات الله عليهم).
من الذي يتعمّد تشويه الإسلام؟
وعندما نبحث عمّن يتعمد تشويه الجوهر الانساني للاسلام، فإننا لن نتعب كثيرا من أجل العثور عليه، إنهم ببساطة أولئك الذين انحرفوا عن الاسلام المحمدي، بدءاً من الطغاة الامويين، صعودا الى من لحق بهم ونهج نهجهم، ولابد أن يعرف العالم أجمع، وخاصة أولئك الذين يتم استهدافهم باسم الاسلام، أن هؤلاء الارهابيين في الحاضر هم الامتداد الفعلي لطغاة الأمس الأمويين وغيرهم.
والدليل على أن الاسلام المحمدي مختلف عن نهجهم وتطرفهم ودينهم، أن النبي محمد (ص) خاض كثيرا من الحروب ضد أعداء الاسلام، ولكن هناك ميزة أساسية ميزت تلك الحروب، تدل على أن الاسلام مسالم، وتلك الميزة أن جميع تلك الحروب كانت دفاعا عن النفس، ولم يحدث أن بادر النبي (ص) أعداءه بالقتال مطلقا.
وهؤلاء الذين يمتدون من أولئك، يعفون هذه الحقيقة ويقرّون يها، لذلك لابد أن يعرف العالم أجمع الفرق بين السلام الحقيقي المحمدي والاسلام المزيف الأموي، ولدينا دليل قاطع يتمثل بما قام به معاوية الذي قتل وذبح وأزهق (30.000) ألف نفس في يوم واحد، فأين هذا من الاسلام الرحيم المحمدي؟!!.
يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بكلمته نفسها: (إن كل حروب نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله كانت دفاعية، ولم يك صلى الله عليه وآله هو البادي بأية حرب أبداً. فيجب إيصال مثل هذه الحقائق إلى الدنيا كلّها، لكي تعرف إسلام رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكي لا يستدّلوا على الإسلام بأمثال معاوية، الذي قتل وذبح في يوم واحد فقط، قرابة ثلاثين ألف من النساء والأطفال وكبار السن، وأمر بحرقهم).
لذلك هناك فرق كبير وبون شاسع بين اسلام محمد (ص) وآل بيته (ع)، وبين اسلام معاوية، وشتان بين الخير والشر، وشتان بين من يحيي الحياة ومن يضاعف أسباب الموت ويقف الى جانب الشر، لذلك لابد من التفريق بين الاسلام الأصيل والاسلام المزيّف.
كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله: (على الجميع أن يعلموا بأن الإسلام الحقيقي والأصيل هو إسلام رسول الله، وإسلام أمير المؤمنين، وإسلام الإمام الحسين، وإسلام سائر المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وليس إسلام معاوية ويزيد، حتى يتّضح للناس كافّة بأن الإسلام الحقيقي هو ثمرة دم الإمام الحسين صلوات الله عليه).
مسؤولية الحوزات العلمية والمثقفين
إن مهمة التفريق بين الاسلام المحمدي الحسيني، واسلام معاوية، لا يتحقق من دون جهود كبيرة ومخطّط لها، وهي في الحقيقة تقع على عاتق العلماء والحوزات العلمية والمثقفين، علما أن مثل هذه الأهداف الضخمة لا يمكن تحقيقها إلا بجهود توازي قيمة الهدف المتحقق، فالاسلام الحقيقي يتعرض لهجمة شرسة من التشويه المتواصل، تقوم بها عصابات الاجرام العالمي، وتشترك فيها دول وقوى مشبوهة ومخابرات تغذي التطرف وتقوم بتمويلها من اجل تخريب الفكر الاسلامي.
لذلك يقع على النخب العلمية والمثقفة مسؤولية التصدي لهذا الانحراف وفضحه، وتوضيح الصورة الحقيقة للاسلام ونشر جوهره الانساني بين عموم العالم، ولهذا السبب يركز سماحة المرجع الشيرازي على أهمية انشاء عدد كبير من القنوات الفضائية يفوق الألف فضائية لكي تسهم في تحقيق نشر الاسلام المحمدي الحسيني الذي يعكس الجوهر الحقيقي للاسلام، وذلك للحد من تأثير التطرف والتزييف الذي يلحق بالاسلام بسبب الارهاب.
يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذه المسؤولية الكبيرة: (طبقاً لقول مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. فإنّه وبلا شكّ يتحمّل العلماء، وتتحمّل الحوزات العلمية، مسؤولية إيصال تعاليم الإسلام إلى البشرية، وهو الإسلام الذي أحياه دم الإمام الحسين صلوات الله عليه).
ومع أن تحقيق هذا الهدف يعد من مسؤولية جميع المسلمين المؤمنين بإسلام محمد (ص) وآل بيته، إلا أن هذه المسؤولية تتضاعف أكثر بأكثر، كلما ازداد وعي الانسان وثقافته، لهذا تكون مسؤولية رجال الدين والعلماء اكبر من غيرهم، كذلك تكون مسؤولية المثقفين كبيرة في هذا المجال، كونهم يمتلكون القدرة على الاقناع والتوضيح ولديهم امكانية الفصل بين الحقيقي والمزيَّف من خلال اتقانهم للتاريخ الاسلامي بصورة صحيحة.
لذا ليس أمام المتعلمين المؤمنين، والحوزات العلمية وذوي الاطلاع سوى الشروع الفوري عبر وسائل الاعلام المتاحة كي يشرحوا للعالم أجمع حقيقة الاسلام، وحقيقة من يحاول تشويه الاسلام ممن يسير على خط معاوية، وعليهم أن يوضحوا للعالم أجمع أن جماعات الارهاب لا علاقة لهم بإسلام محمد (ص) الذي يقوم على الاعتدال والانصاف والرحمة والتعاون فيما بين الأمم كافة، لصنع حياة أفضل للبشرية، تليق بكرامة الانسان التي أوصى الاسلام الحقيقي بحفظها وحمايتها من التجاوز، وهذه هي مهمة النخب الأكثر وعيا من غيرهم.
يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع في كلمته نفسها: (بما أن رجال الدين لهم قدرة أكثر على العمل، فإنّ مسؤوليتهم أكبر. وكذلك كبيرة هي مسؤولية المثقّفين والمتعلّمين في إيصال تعاليم الإسلام إلى العالمين).