المخرجات الإيجابية لصلة الرحم
قبسات من فكر المرجع الشيرازي
شبكة النبأ
2024-09-05 06:05
(هناك آثار أخرويّة تترتب على الأرحام إيجاباً إذا وُصِلت وسلباً إذا قُطِعت)
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله
لا يدرك بعض قادة المجتمع، ذلك التأثير الكبير للمدخلات المحسوبة جيدا في ترصين النسيج الاجتماعي، فالعلاقات الاجتماعية القائمة على القيم الصحيحة، يكون لها دور هائل في قوة ومتانة ذلك المجتمع، لسبب واضح أن المخرجات الاجتماعية سوف تكون إيجابية جدا، وبالتالي سوف يُسهم ذلك بخلق نوع من الانسجام الاجتماعي الرصين بين الناس.
قد يُغفل قادة المجتمع، ذلك الدور الحاسم لخاصية (صلة الرحم) ودورها الحاسم في تمتين العلاقات بين الأفراد والعائلات والجماعات الكبيرة أيضا، ولعل من أهم المدخلات الإيجابية التي تنتهي إلى مخرجات إيجابية على المجتمع، هي (صلة الرحم) التي تزيد من تلاحم الناس مع بعضهم، وتجعلهم أقرب إلى بعضهم، وأكثر تعاونا واحتراما لحقوقهم المتبادلة.
في المقابل سوف تؤدي قطيعة الرحم إلى نتائج ومخرجات سلبية تماما، حيث يؤدي ذلك إلى تفكك المجتمع، ونشر الأحقاد والتحاسد فيما بين الناس حتى لو كانوا من أرحام متقاربة، وهذا يخلل المخرجات التي تتمخض عنها مدخلات العلاقات الاجتماعية، مما يتوجب الانتباه إلى احترام (صلة الرحم) لأنها ذات تأثير كبير على العلاقات الاجتماعية إيجابا وسلبا.
هناك سلسلة توجيهات للمرجع الديني الكبير، سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، موسومة بـ (نبراس المعرفة)، وقد قال سماحته في محاضرة صلة الرحم:
(الأرحام هي العلاقة التي تجمع بین الأقرباء صعوداً ونزولاً في القرابة، وسّمي بالرحم باعتبار أن الجامع فیما بینهم هو (الرحم) سواء كان رحم الأم أو الجدّة أو ما شابه ذلك.وقد جعل الله تعالى للأرحام أحكاماً شرعية، بعضهم مع بعض، وجعل آثاراً وضعية لقطیعة الأرحام أو صلتها، منها طول العمر وقصره).
هذه المسألة لا تتعلق بزمان معين، ولا بمكان معين أيضا، فهي موجود في كل مكان وفي كل زمان، وهذا ما أشارت له السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في خطبتها التي ركزت فيها على دور صلة الأرحام في تعميق العلاقات بين المجتمع، وجعلها أكثر قوة ومتانة وتسامحا، سواء بين العائلات، أو القبائل، أو حتى على مستوى الأفراد، مما يؤدي بالنتيجة إلى زيادة عمر الإنسان، وهذا يعني أن صلة الرحم تطيل عمر الإنسان.
حيث يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله): (إن هذه المسألة الاجتماعية هي محل ابتلاء لجميع الناس في كل زمان ومكان، وهذا ما أشارت له السيدة الزهراء صلوات الله عليها في أن صلة الأرحام سبب لطول العمر).
قطع صلة الرحم يخلخل النسيج الاجتماعي
لا أحد يعيش أكثر مما كُتب له، ولكن علينا أن نعرف تمام المعرفة، بأن الإنسان الذي تكثر في حياته وفي علاقاته حالات قطع (صلة الرحم)، فإنه سوف يعاني الكثير في حياته، وسوف يتعرض لأزمات اجتماعية متتالية، تنغّص عليه حياته، ولا تسمح له بالعيش المريح أو السعيد، بل سوف يكون في حالة بائسة وعلاقات متأزمة دائما.
نعم هناك عمر محسوب لكل إنسان وفق المشيئة الإلهية، ولكن صلة الرحم لها دور في هذه القضية، فكلما وعى الإنسان أهمية صلة الرحم، وشارك في تمتين وتطوير هذه العلاقات مع الأقارب، وقلل من المشكلات معهم، فإن النتائج سوف تكون إيجابية جدا.
ويحدث العكس تماما عند قطع صلة الرجم، في هذه الحالة سوف تزداد المشكلات، وسوف تكون المخرجات سلبية تماما، مما يُسهم في تقصير الأعمار، ولهذا يجب أن يتنبّه كبار القوم، وقادة المجتمعات، وأرباب الأسر، وحتى مشايخ القبائل، وكل من له كلمة في إدارة العلاقات بين الناس، أنتم جميعا عليكم أن تحثوا الناس على صلة الرحم، وعليكم في نفس الوقت أن تحذروهم من قطعها.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(كل إنسان له عمر محدود بالتقدير الإلهي، وهذا لا خلاف فيه بين الرجال والنساء، لكن من الأمور التي توجب طول العمر هي صلة الرحم. ومن الأمور التي توجب قصر العمر هي قطيعة الرحم).
لهذا على الإنسان أن يتأمل هذه المسألة جيدا، فليس هناك ما يستحق أن تقلل عمرك من أجله، بل العكس هو المطلوب تماما، فكل شيء يريح أعصابك، ويجعلك سعيا، سوف يُسهم في إطالة عمرك، وهذا بالضبط ما تقوم به المدخلات الجيدة في قضية العلاقات الاجتماعية، يجب أن يتنبه كل فرد إلى النتائج التي تتمخض عنها علاقاته مع الآخرين.
ومن المستحسن أن يسعى إلى تطوير هذه العلاقات، ومواصلة وتعزيز أواصر العلاقات مع الأقارب بشكل خاص، لأنهم صلة الرحم بالنسبة له، وهو بحاجة إلى أن يعزز العلاقات معهم، كونهم يساعدون على إطالة العمر، ولا يصح أن نخسر زيادة أعمارنا بسبب إطلاق الشتائم على الآخرين، أو التكلم بألفاظ مسيئة للآخرين، لماذا؟
الحاجة إلى تعزيز العلاقات المجتمعية
لأن أي كلام فيه ألفاظ نابية يقصّر العمر كونه شيء سلبي، وفي المقابل أي كلام نقي صافي ليس فيه تجاوز على الآخرين، فإنه بالنتيجة سوف يعود إيجابا على صاحبه، وهذا سوف يطيل عمره، هذه هي نتائج صلة الرحم الجيدة.
حيث يتساءل سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) قائلا:
(هل يكون مستحسن من شخص أن يقطع رحمه بسبب عمل أو كلمة نابیة ويخسر بسببها سنين طویلة من العمر؟، وهل یجوز أن يترك المرء زيادة عمره في الدنيا عن طريق صلة الرحم؟).
لهذا يحذر سماحة المرجع الشيرازي من قطع الأرحام، بغض النظر عن التبريرات، فالإنسان الذي يريد أن يبتعد عن أرحامه لديه الكثير من الأسباب المفبركة، أو المزيفة، إنه يستطيع أن يتذرع بمختلف الأسباب ويقطع صلته مع أقاربه، وأرحامه، ولكن هذا ليس في صالحه، وسوف يكتشف ذلك بنفسه عندما يجد نفسه وحيدا في النوائب.
في كل الأحوال والظروف يجب عدم قطع صلة الرحم، لأن المخرجات الإيجابية التي يحصل عليها الإنسان من تواصله مع أرحامه كثيرة جدا، وسوف يقطف ثمارها الإيجابية بشكل واضح، حيث يجد نفسه محاطا بأرحامه معززا مكرما ومحترما، بعيدا عن الخلافات والأزمات التي تنتج عن قطع صلة الرحم.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(على الجميع أن يعزموا على أن لا يقطعوا رحماً أياً كان، وأن لا يتركوا صلة الرحم مهما كانت الظروف).
قد لا يتمكن بعض الناس من مواصلة أرحامهم بتقديم الأموال لهم بسبب عسر الحال، ولكن هناك أساليب أخرى غير المال يمكنك أن تواصل أرحامك بها، وهي الجوانب المعنوية كأن تقابله بالكلمات اللطيفة، وتدعو له بأن يجعله الله تعالى مرزوقا سعيدا، وأن يفرّج له همه ويقضي له ما يبتغي من أمور، في هذه الحالة سوف تكون العلاقة جيدة جدا وتسهم في بناء مجتمع متماسك.
(الفقير لا يمكنه أن يصل رحمه بالمال فعليه أن يصل رحمه بالقول وتفريج الكروب قولاً وعملاً. وهذا هو المعنى والمراد مما ذكرته سيدتنا الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها حینما قالت: صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْسَأَةً فِي الْعُمُرِ). هذا ما يؤكد عليه سماحة المرجع الشيرازي.
وأخيرا لابد أن نفهم أهمية صلة الرحم في تقوية العلاقات الاجتماعية، ولابد أن نسعى لإدامة هذه الصلة بكل الأشكال والسبل الممكنة، كما أننا يجب أن نوفر المدخلات الصحيحة لإدامة صلة الرحم، حتى نحصل على المخرجات الجيدة والنتائج التي تزيد من قوة العائلة والجماعة والمجتمع بشكل عام، فزيادة صلة الرحم تعني مضاعفة قوة المجتمع.