ازمات العنف والهجرة والنزوح في شهر رمضان
ندى علي
2016-06-14 01:07
في ظل ظروف صعبة بدأ المسلمون في أنحاء عديدة من العالم، بتطبيق فرض الصوم في شهر رمضان، فهناك انواع من العنف في عدد من الدول العربية كسوريا والعراق، وهناك موجات من الهجرة حيث يتدفق آلاف المسلمين من بلدان يسودها العنف باتجاه اوربا، وقد كثرت مخيمات النازحين في اجواء ساخنة وساعات صيام طويلة، فقد حل شهر رمضان بالنسبة للمسلمين في انحاء عدة من العالم من السعودية ومعظم الدول العربية الى اندونيسيا وغيرها من الدول الافريقية والآسيوية، ويصادف هذه السنة ايضا مع ظروف صعبة في دول تشهد نزاعات مثل سوريا والعراق. وفي الاردن، كانت بداية شهر رمضان دامية مع مقتل خمسة من عناصر المخابرات في "هجوم ارهابي" استهدف مكتبهم في مخيم البقعة شمال العاصمة عمان
فيما كان لموجات النزوح طابعها الذي جعل من شهر رمضان أكثر صعوبة، فقد قالت احدى النساء النازحات "كنا نعيش حياة مرفهة حينما كنا في ديارنا. كنا نصوم ونستقبل رمضان بترحاب وفرح.. ولكن حياتنا الآن في الخيام شاقة جدا.. والأمراض متفشية والجو شديد الحرارة." وفي دمشق قال سوريون إن الحرب المستمرة منذ خمس سنوات في بلادهم حرمتهم من بهجة الصيام.
ويعيش الآلاف من الناس في العراق، بسبب داعش، ظرفا عصيبة تزامنت مع اداء الصوم في هذا الشهر الكريم، ففي الفلوجة في غرب العراق، لا يزال حوالى خمسين الف شخص محاصرين ويستخدمون كدروع بشرية من تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على المدينة، في ظل عملية عسكرية تقوم بها القوات الحكومية العراقية مدعومة "بالحشد الشعبي" وهي على مشارف الدخول في قلب المدينة، حيث يواصل المقاتلون الصوم في اجواء جفاف شديدة.
تتفاعل آثار الجفاف وتشتد وطأتها كلما كان الفارق بين شروق الشمس وغروبها طويلا، حيث تتفاوت ساعات الصيام من بلد الى آخر حسب الموقع الجغرافي له، ويتفاوت عدد ساعات الصيام في شهر رمضان من بلد لآخر تبعا لساعات اليوم، وللموقع الجغرافي لكل منها على الكرة الأرضية. وتسجل أقصر مدة صيام في اليوم الواحد في الأرجنتين، حيث لا تتجاوز التسع ساعات، فيما تتجاوز في إيسلندا والدنمارك والنرويج 21 ساعة، وفي الوقت الذي لا تتعدى فيه ساعات الصوم في الأرجنتين وجنوب أستراليا التسع ساعات، تتجاوز 21 ساعة في إيسلندا كما هو الشأن في الدنمارك والنرويج. ويبلغ معدل ساعات الصوم في الدول العربية عموما 15 ساعة، بينما يصوم المسلمون في الدول الأوروبية أكثر من ذلك، وتصل في فرنسا مثلا إلى 18 ساعة بحسب.
في حين تناقلت وسائل الاعلام عن وجود قرية لا تتجاوز فيها ساعات الصيام اكثر من ثلاث ساعات، وذكروا انها تقع في سلطنة عمان، بيد أن الامر لم يكن دقيقا بعد التحري عنه، فقد ذكرت وسائل إعلام عربية وجود قرية في سلطنة عمان لا تتعدى ساعات الصوم فيها الثلاث ساعات، إلا أن السلطنة نفت ذلك، وجاء في صحيفة "اليوم السابع" المصرية أن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان اعتبرت هذا الأمر مستحيلا. وحسب ما تداولته مواقع عربية كثيرة، فإن القرية تدعى "وكان".
وعلى العموم شهر رمضان لهذا العام رافقته ظروف عنف ونزوح وهجرة في اكثر من بلد عربي واسلامي، مما اعطاه طابعا مختلف هذا العام، بسبب قلة توافر الطعام وصعوبة السكن، وانتشار العنف، كما لاحظنا أن مدينة كربلاء المقدسة في العراق بدأت شهر رمضان هذا العام بتفجير ارهابي نفذه احد عناصر داعش الاجرامي راح ضحيته عدد من الشباب والاطفال الابرياء، في اشارة الى تنامي العنف وضرورة التصدي لهذه الظاهرة بحزم على المستوى الدولي والاقليمي والمحلي ايضا.
الصراع يطغى على شهر رمضان
في هذا السياق بدأ شهر رمضان قبل اسبوع لكن نازحين جراء القتال في العراق وسوريا يجدون استحالة في صومه هذا العام في ظروف نقص الطعام والمياه والكهرباء والدواء التي يواجهونها. وتقصف قوات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران وطائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مدينة الفلوجة في غرب العراق لطرد تنظيم الدولة الإسلامية منها مما أدى إلى فرار أسر كثيرة إلى مخيم قريب يتوافر فيه القليل من الكهرباء اللازمة للتبريد في مواجهة الحرارة الشديدة خلال ساعات الصيام.
ويقول سكان في المخيم إنهم ليس لديهم الطعام اللازم لإفطارهم. وتساءلت شكرية نعيم التي تبلغ من العمر 75 عاما: هل هناك من يستطيع أن يصوم هذا العام؟ وأضافت ان الذي يصوم يحتاج إلى طعام لكننا هنا ليس لدينا طعام بحسب رويترز.
وقال الشيء نفسه كثير من المقيمين في المخيم. وقالت سناء خميس وهي نازحة "كنا نعيش حياة مرفهة حينما كنا في ديارنا. كنا نصوم ونستقبل رمضان بترحاب وفرح.. ولكن حياتنا الآن في الخيام شاقة جدا.. والأمراض متفشية والجو شديد الحرارة." وفي دمشق قال سوريون إن الحرب المستمرة منذ خمس سنوات في بلادهم حرمتهم من بهجة الصيام. وبدأ معظم المسلمين الصوم قبل اسبوع من الآن.
معاناة المدنيين في سوريا والعراق
وقد حل شهر رمضان بالنسبة الى المسلمين في انحاء عدة من العالم من السعودية ومعظم الدول العربية الى اندونيسيا وغيرها من الدول الافريقية والآسيوية، ويصادف هذه السنة ايضا مع ظروف صعبة في دول تشهد نزاعات مثل سوريا والعراق. وفي الاردن، كانت بداية شهر رمضان دامية مع مقتل خمسة من عناصر المخابرات في "هجوم ارهابي" استهدف مكتبهم في مخيم البقعة شمال العاصمة عمان.
والشهر الذي هو عادة عنوان للبركة ولم شمل العائلات على موائد الافطار الغنية، يبدأ بشعور بالاحباط لدى شرائح واسعة من السوريين المحاصرين في مناطق عدة بسبب المعارك. في مدينة مضايا المحاصرة من قوات النظام السوري في ريف دمشق والتي تعاني من نقص فادح في المواد الغذائية والادوية تسبب خلال الاشهر الماضية بوفيات عدة قبل ان تدخل كميات محدودة من المساعدات، تقول مؤمنة (32 عاما) انها تنوي تحضير طبق المسبحة والقليل من الفاصولياء لافطار اليوم الاول من رمضان لها ولزوجها بعدما نزح ابناؤها عن المدينة المنكوبة.
وتقول "اشعر بالاسف لتمضية رمضان من دون اهلي وابنائي. كنا نجتمع في الماضي على مائدة الافطار معا. اما اليوم فانا وحيدة مع زوجي والكل مشتت" بحسب فرانس برس.
وتضيف "نعتمد في طعامنا على المعونات التي تقدمها لنا الامم المتحدة. كنا ننتظر ان تصلنا مساعدات مطلع هذا الشهر لكنها تعطلت لاسباب نجهلها". وتوضح ان المرة الاخيرة التي تلقت فيها مساعدات كانت في الرابع من ايار/مايو واقتصرت محتوياتها "على البقول وخمس علب من التونة لكل شخص، لكننا استهلكناها منذ ذلك الحين". واشارت الى افتقار السوق للمواد الغذائية، وان وجدت فثمنها باهظ ولا تتمكن من شرائها.
في الاحياء الشرقية من مدينة حلب في وسط سوريا، تزداد معاناة المدنيين خصوصا بعدما باتت طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد لهذه الاحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة بحكم المقطوعة بسبب استهداف حركة المارة والباصات عليها من قوات النظام السوري بغارات جوية.
ويقول احمد اسود (35 عاما)، وهو من سكان حي الصالحين في شرق المدينة، "لم تعد توجد بهجة لأي شيء هنا. هذا هو شهر رمضان الخامس الذي اعيشه في ظل الحرب". ويضيف احمد وهو عامل واب لثلاثة اطفال "معظم اقربائي اصبحوا نازحين خارج حلب، ولم يعد بامكاننا ان نجتمع في هذا الشهر الفضيل". ويشير الى "الارتفاع الحاد في اسعار المواد الغذائية في الاسواق"، خصوصا بعدما باتت الاحياء الشرقية شبه محاصرة.
ويضيف "اتمنى "الا يكون رمضان هذا العام كما كان العام الفائت"، مستعيدا "كيف تعرضت المدينة مرارا للقصف في اوقات الافطار والسحور" العام الماضي. في الفلوجة في غرب العراق، لا يزال حوالى خمسين الف شخص محاصرين ويستخدمون كدروع بشرية من تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على المدينة، في ظل عملية عسكرية تقوم بها القوات الحكومية العراقية مدعومة "بالحشد الشعبي" الشيعي.
ووعد بعض القادة العسكريين بانتهاء عملية استعادة المدينة قبل رمضان، لكن التقدم كان بطيئا. والمدينة محاصرة منذ اشهر والعائلات التي بقيت فيها هي التي لم تتمكن من الرحيل. وقال ابو محمد الدليمي، وهو اب لستة اولاد في اتصال من داخل الفلوجة مع وكالة فرانس برس "يجب ان نستيقظ عند الساعة الخامسة فجرا ونقف في صف طويل لدفع خمسة الاف دينار (4,50 دولارا) مقابل كيلوغرام واحد من البندورة"، في اشارة الى الصعوبات الجمة التي يواجهها في تامين الطعام لعائلته.
وتعاني المدينة العراقية من انقطاع في المياه العذبة منذ اشهر طويلة. ويقول السكان ان جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية يستحوذون على غالبية المواد الغذائية لانفسهم. ودعا المرجع الديني الاعلى علي السيستاني المتطوعين وعناصر القوات الامنية الى صيام شهر رمضان في مناطق القتال، لكنه أجاز لمقلديه الافطار في حال كان الصيام يعطل قيامهم بالواجب والصيام في وقت آخر. وقال السيستاني ردا على سؤال قدمه له "جمع من المجاهدين" وتلقت "فرانس برس" نسخة منه، "من وجد من نفسه ان استمراره في الامساك عن الاكل والشرب يضعفه عن اداء واجبه بالشكل اللازم يجوز له ان يأكل ويشرب، مقتصرا في ذلك على المقدار اللازم على الاحوط"، مضيفا "وعليه القضاء لاحقا".
وكذلك الامر في لبنان حيث اعلن السنة واتباع العلامة الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله بدء شهر الصوم، كذلك اعلن المجلس الشيعي الاعلى (المرجع الرسمي للطائفة الشيعية) عن بداية شهر رمضان قبل اسبوع من الآن.
في تونس حيث لا يحظر اي قانون تناول الطعام او الماء في العلن خلال رمضان، حيث دعا "الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية" الذي يضم جمعيات حقوقية الى "ضمان الحريات خلال شهر رمضان" عبر عدم اغلاق المطاعم او المقاهي.
أما في دول الخليج، تتسابق المطاعم والفنادق على تقديم افضل العروضات واشهى الوجبات خلال رمضان. وفي الرياض حيث تكون حركة السير كثيفة عادة صباحا، خلت الشوارع وبدا اول يوم لشهر رمضان كأنه يوم العطلة الجمعة. وستبقى المطاعم والمقاهي مغلقة حتى المساء، موعد الافطار. أما في اندونيسيا، قام المسلمون خلال الايام التي سبقت بدء رمضان بزيارات الى مدافن موتاهم، وبالسباحة في انهر نثرت فيها الورود.
تفاوت طول ساعات الصيام بالعالم
ويتفاوت عدد ساعات الصيام في شهر رمضان من بلد لآخر تبعا لساعات اليوم، وللموقع الجغرافي لكل منها على الكرة الأرضية. وتسجل أقصر مدة صيام في اليوم الواحد في الأرجنتين، حيث لا تتجاوز التسع ساعات، فيما تتجاوز في إيسلندا والدنمارك والنرويج 21 ساعة.
ويكثر الحديث خلال شهر رمضان عن تفاوت عدد ساعات الصوم من بلد لآخر، وتطول وتقصر ساعات اليوم الواحد من الصوم في هذا الشهر بالنسبة للمسلمين بناء على موقع البلد على الكرة الأرضية، حيث تطول ساعات النهار كلما اتجهنا نحو شمال الكرة الأرضية، فيما تتناقص بالقرب من القطب الجنوبي.
وفي الوقت الذي لا تتعدى فيه ساعات الصوم في الأرجنتين وجنوب أستراليا التسع ساعات، تتجاوز 21 ساعة في إيسلندا كما هو الشأن في الدنمارك والنرويج. ويبلغ معدل ساعات الصوم في الدول العربية عموما 15 ساعة، بينما يصوم المسلمون في الدول الأوروبية أكثر من ذلك، وتصل في فرنسا مثلا إلى 18 ساعة بحسب فرانس برس.
وكانت وسائل إعلام عربية تحدثت عن وجود قرية في سلطنة عمان لا تتعدى ساعات الصوم فيها الثلاث ساعات، إلا أن السلطنة نفت ذلك، وجاء في صحيفة "اليوم السابع" المصرية أن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان اعتبرت هذا الأمر مستحيلا. وحسب ما تداولته مواقع عربية كثيرة، فإن القرية تدعى "وكان"، تقع على ارتفاع 2000 متر عن سطح البحر، تشرق الشمس فيها حوالي الساعة 11 صباحا وتغرب في الساعة الثانية ونصف ظهرا.
وغالبية الصائمين الموجودين في الدول التي تطول بها ساعات اليوم في رمضان، أي إيسلندا والدنمارك والنرويج، هم من العرب. وعادة ما يتبعون توجيهات المراكز الإسلامية الموجودة في البلاد بشأن شهر رمضان والمناسبات الدينية. وبالنسبة لعدد ساعات الصوم في عواصم الدول العربية، فالجزائر أول مدينة يصوم سكانها ساعات أكثر، ومقديشو آخرها وهذا حسب ترتيب نشرته صحيفة الخبر الجزائرية:
الجزائر : 16 ساعة و45 دقيقة
تونس: 16 ساعة و33 دقيقة
طرابلس : 16 ساعة و12 دقيقة
الرباط: 16 ساعة و10 دقائق
دمشق: 16 ساعة 10 دقائق
بيروت: 16 ساعة و10 دقائق
بغداد: 16 ساعة و5 دقائق
عمان: 15 ساعة و58 دقيقة
القدس: 15 ساعة و53 دقيقة
الكويت: 15 ساعة و40 دقيقة
المنامة: 15 ساعة و21 دقيقة
الدوحة: 15 ساعة و15 دقيقة
القاهرة: 15 ساعة و12 دقيقة
أبو ظبي: 15 ساعة و11 دقيقة
مسقط: 15 ساعة و6 دقائق
نواكشوط: 14 ساعة و35 دقيقة
الخرطوم: 14 ساعة و31 دقيقة
صنعاء: 14 ساعة و22 دقيقة
جيبوتي: 14 ساعة و7 دقائق
مقديشو: 13 ساعة و29 دقيقة
رمضان والمهاجرون العالقون في اليونان
في سياق مقارب يشكل شهر رمضان هذه السنة تحديا للمهاجرين الذين يعيشون في ظروف صعبة داخل مخيم سكيستو في اليونان، في حين تؤكد السلطات انها تبذل ما في وسعها لتأمين ظروف افضل للصائمين.
وتقول شهناز السادات البالغة 22 عاما وتنتظر ولادة توأميها في غضون بضعة اشهر "البطاطس هي العشاء الذي يقدم الينا كل ليلة، لكن لا يمكننا تناولها". وتضيف لوكالة فرانس برس في مخيم سكيستو الذي يديره الجيش قرب اثينا "كيف يمكننا صوم رمضان مع هذا الطعام؟ الاكل ليس جيدا، خصوصا للنساء والاطفال والحوامل والجميع". وللحصول على مياه الشرب، يضطر سكان المخيم للانتظار في طابور امام حنفية الحمام في المخيم الذي كان قاعدة عسكرية مهجورة في المنطقة الصناعية في أثينا.
اما الان فيؤوي المخيم 1700 شخص من كل الأعمار، غالبيتهم العظمى من افغانستان. وقالت السلطات ان نحو 700 من سكان المخيم ابدوا رغبتهم في الصوم. ولا تتوافر ارقام محددة عن سكان المخيمات الأخرى التي تؤوي اكثر من 45 الف شخص علقوا في اليونان عندما بدأت دول البلقان اغلاق حدودها أمام المهاجرين في شباط/فبراير. ويؤكد مسؤولون يونانيون ان الصائمين يحصلون على وجبتي الافطار والسحور لتناولهما متى شاؤوا.
ويقول مصدر حكومي يوناني "هناك جهد منسق للتعامل مع وضع يتسع نظاقه بشكل غير مسبوق في اليونان". وتشمل اللائحة الرسمية للطعام المقدم لسكان المخيم والتي حصلت عليها فرانس برس، الفاصولياء والمعكرونة والارز والدجاج والحمص والبازلاء والبيض والبطاطس المسلوقة والفواكه. ويضيف المسؤول الحكومي "درسنا (اللائحة) مع المهاجرين ومع خبراء دينيين من وزارة التعليم". ويردف "لقد تم ارسال تعليمات واضحة الى المشرفين على المخيم بشأن هذا الموضوع... نحن نقدم اطعمة ذات قيمة غذائية عالية يمكن ايضا حفظها خارج الثلاجة".
ويقول المشرف المدني على مخيم سكيستو، بانايوتيس كركاتسانيس ان "الامور تسير بشكل أبطأ" خلال النهار، اذ ان العديد من الصائمين يحاولون الحفاظ على طاقتهم الى حين حلول موعد الافطار. لكن في شمس الصيف الحارة تصبح الخيم ساخنة جدا ما يجعل البقاء بداخلها امرا صعبا، بحسب شاهناز.
ويقول احمد تميم، طالب الاقتصاد من كابول والبالغ 22 عاما "علينا ان نسيطر على انفسنا. لكن ذلك اصعب بقليل هنا"، وهو ما يعكس انزعاجه بعد قضاء اربعة اشهر داخل المخيم. ومخيم سكيستو مرفق مفتوح يتيح للمهاجرين الدخول والخروج متى شاؤوا، لكنه يقع على بعد عدة كيلومترات من اقرب سوق. وفي حين يركب بعض سكان المخيم حافلات المدينة المتجهة الى بيريوس، تفضل الغالبية الاعتماد على مواد غذائية يؤمنها متعاقد مع الجيش، وتختلف الاراء بشأن جودتها. ويضيف احمد "الغذاء جيد، لكنه يعتمد على الشخص ومدى تطلبه. وهو لا يشبع".
ويقول محمد مهدي اسحق، وهو خريج ادارة اعمال يعمل مترجما في عيادة المخيم "(...) في أفغانستان كنت مع عائلتي. كانت أمي تعد كل شيء، وهنا اشعر بان الوضع اكثر صعوبة لأنني يجب ان احضر لنفسي الطعام في المساء وعلى السحور. انه امر صعب للغاية". غير ان الظروف تعتبر اكثر صعوبة بالنسبة الى المهاجرين على الطرقات والذين تجمعوا في مخيمات غير رسمية بالقرب من الحدود مع مقدونيا، أملا في العبور بمساعدة المهربين.
في بوليكاسترو في شمال اليونان، انشئ مخيم حول محطة وقود على الطريق السريع، على بعد حوالى 20 كيلومترا من الحدود بحسب فرانس برس. ويفاجأ المتطوعون الذين يحضرون الافطار عندما يخرج بعض المهاجرين من خيامهم حاملين لهم هدايا صغيرة. ويقول رجل يوناني يساعد في تنظيف المخيم "اعطوني الكرواسان وعصير الفاكهة. انا لا افهم لماذا يفعلون ذلك". ويوضح اياز، السوري البالغ 31 عاما، ان رمضان "شهر الحسنات والكرم. لهذا السبب يساعدون من يعتقدون انه في امس الحاجة، رغم الصعوبات التي يواجهونها (...)".
عنف بسبب خلاف حول الإفطار
من جهة اخرى نشب عراك بين لاجئين حول طقوس شهر رمضان داخل مركز إيواء بغرب ألمانيا، ما أدى إلى حريق دمر المركز بكامله. ويشتبه المحققون باثنين من المقيمين في المركز، وهما مغربيان، ألحا على مواصلة تقديم الوجبات في وقتها وليس وفقا لما يمليه توقيت الإفطار في رمضان. وقال ممثل للنيابة الألمانية إن خلافا حول احترام طقوس شهر رمضان أدى إلى حريق دمر بالكامل مركزا لإيواء اللاجئين في دوسلدورف غرب ألمانيا، وفق ما نقلت شبكة التلفزيون العامة "في دي آر" بحسب فرانس برس.
وصرح الناطق باسم نيابة دوسلدورف رالف هيرينبروك أنه "في هذه الفترة من رمضان كانت هناك مجموعة تريد الصيام بشكل صارم، بينما رغبت أخرى في الإبقاء على مواعيد وكميات الوجبات بلا تغيير". وأضاف أن "خلافات وجدل مع الصليب الأحمر الألماني حدثت مرات عدة في هذا الشأن". ويشتبه المحققون خصوصا باثنين من سكان المركز في السادسة والعشرين من العمر وينحدران من شمال أفريقيا، كانا يرغبان في مواصلة تقديم الوجبات في وقتها، وقام أحدهما على ما يبدو بصب سائل قابل للاشتعال على فراشه.
وذكرت صحيفة "بيلد" أن الشابين اللذين ينحدران من المغرب موقوفان، وصرحا في البداية أنهما سوريان. ودمر الحريق الصالة التي تبلغ مساحتها ستة آلاف متر مربع بالكامل، وأصيب 28 شخصا بحالات اختناق طفيفة بالدخان. ووزع اللاجئون الذين حرموا من هذا المسكن على مراكز أخرى في دوسلدورف.
لم الشمل على موائد رمضان
من جهته قال خير الله سويد السوري الجنسية الذي يسعى للحصول على حق اللجوء في ألمانيا إنه سيدعو الله مع حلول شهر رمضان أن يجمع بينه وبين زوجته التي تعيش في مخيم للاجئين في اليونان وإنه يشتاق إلى طبق المقلوبة الذي تطهوه والدته من اللحم والأرز ويكثر الإقبال عليه في رمضان. وبالنسبة لمئات الآلاف من المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا في العام الماضي وأغلبهم من المسلمين الفارين من الحرب والصراع والفقر في سوريا وأفغانستان والعراق وغيرها سيختلف رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة.
ففي ألمانيا مازال الأغلبية يعيشون في ملاجيء يشكون فيها منذ مدة من أن الطعام الذي يقدمه لهم موردون تعاقدت معهم السلطات المحلية "غير صالح للأكل". وقد ازدادت أصوات الاحتجاج غلظة مع اقتراب شهر الصيام.
وقال سويد (25 عاما) وهو يجلس بجوار شقيقه حمزة في مطعم الشام للوجبات السورية في ضاحية نيوكولن الفقيرة في برلين والتي يعيش فيها عدد كبير من المهاجرين "غير ممكن أن تحتفل برمضان بدون طعام طيب." وينفق سويد الذي يعيش في ملجأ شمالي العاصمة الألمانية أغلب مبلغ 120 يورو (136 دولارا) الذي يحصل عليه كل شهر على الغذاء. ويقبل هو وغيره من طالبي اللجوء على الخبز المدور والأرز والخضر.
وقبل أيام من حلول رمضان راح سويد يتندر وهو يأكل شطيرة شاورما الدجاج مع التومية قائلا "زوجتي وحشتني لكني سأفتقد طعام أمي أكثر خلال رمضان." وتستضيف العديد من الملاجيء في برلين رمضان للمرة الأولى ويسعى البعض لضمان أن تكون تجربة الطعام ممتعة. وفي تمبلهوف المطار السابق الذي بناه هتلر لاستعراض قوة ألمانيا النازية وأصبح الآن ملجأ لنحو خمسة آلاف مهاجر قالت متحدثة باسم الشركة التي تدير الملجأ إنه سيتم تقديم تمر ومياه عند المغرب للنزلاء الصائمين بحسب رويترز.
بالإضافة إلى ذلك فإن الصوم من الشروق إلى الغروب يستمر فترة أطول في شمال أوروبا الآن عنها في الشرق الأوسط. وربما يصل الفرق في بعض المناطق إلى ساعتين أو ثلاث ساعات. ومع غروب الشمس فوق مضيق أورسوند الذي يفصل بين الدنمرك والسويد ينتظر السكان المسلمون في مخيم همسلوفز هيرجارد في طابور على أحر من الجمر دورهم في المطعم.
وفي الساعة التاسعة والنصف مساء أي قبل نصف ساعة من الغروب كان طول الطابور نحو 25 مترا. وكان المطعم يعج بالحاضرين بين أطفال يلعبون وكبار يدردشون في أيديهم أطباق وأكواب جاهزين لبدء الأكل في تمام الساعة العاشرة مساء. ووقف مدير المخيم ماجنوس فالك بكيس من الخبز في يده محاولا تهدئة الناس. وقال "كانوا مستائين مما احتوت عليه وجبة الإفطار." ويلتزم نحو نصف المهاجرين البالغ عددهم 300 بالصوم في رمضان. ويحصلون جميعا على كيس من الخبز والنقانق والزبادي (اللبن) والجبن والمربى لتناولها في السحور قبل طلوع الفجر في نحو الساعة 3:30 صباحا. ووجد محمد السوري القادم من مدينة قرب حلب بعض قطع الخبز الملقاة على الأرض خارج المطعم والتي يمزقها ويلقي بها خارج نافذة غرفته للطيور. وقال محمد "اعتدنا أن نلقي بالخبز المتبقي للطيور حتى يمكنني أنا وأخوتي أن نراقبها عن كثب."
وقد جاء محمد مع أسرته المكونة من خمسة أفراد إلى السويد قبل نحو تسعة أشهر وهو ينتظر الآن دوره في مقابلة تجريها وكالة الهجرة. وهو ليس معجبا بالطعام في مسكنه ويقول إن المهاجرين يحاولون أن يجعلوه شهيا بإضافة التوابل. وأضاف "في العادة نطهو طعاما عربيا شهيا للغاية خلال رمضان ونتناول الأكل مع الأصدقاء لكننا هنا وحدنا. ومع ذلك نحتفل برمضان لأنه تقليد."
ويقول لاجئون مسلمون في اليونان تقطعت بهم السبل منذ أن أغلقت دول حدودها على امتداد مسار البلقان إن الحرارة اللافحة والظروف الصعبة في المخيمات التي تديرها الدولة زادت من صعوبةالصوم. وقالت مهدية (14 عاما) والتي تعيش في مخيم شيستو الواقع في قاعدة عسكرية سابقة قرب أثينا "لا يمكننا البقاء في الخيمة لأن الحر شديد والأطفال يتقيأون أو يصابون بالإسهال لأن المكان قذر جدا."
وتتذكر مهدية - التي فرت عائلتها من اقليم لوجار في أفغانستان لأن طالبان هددتها - أيام رمضان في الوطن حيث كانت العائلات تتجمع وتتبادل الحديث والضحكات والكل سعيد. وأضافت "(أما هنا) فنحن محبطون وتعبنا ولا نعرف كيف نتحمل كل ذلك." وكان عبد البصير نوماند يعمل مستشارا فنيا للجيش الألماني في أفغانستان ووصل إلى اليونان قبيل إغلاق الحدود في فبراير شباط. والآن يعيش عبد البصير في خيمة مع زوجته وأطفاله الخمسة ويتساءل كيف ستتكيف سلطات المخيم مع احتياجاتهم.
وأضاف يوم الاثنين "اليوم هو أول يوم. لنر ماذا لديهم لنا. فإذا كان الطقس حارا فسيكون صعبا للغاية على الجميع لأنهم سيكونون عطشى. المشكلة هي أن البيئة هنا غير صالحة للحياة." ومثل آخرين اضطروا لترك بيوتهم يتمنى عبد البصير أن يأتي الوقت الذي يمكنه فيه العودة الى الوطن. وقال "الكل يفتقد أسرته وبلده وهذا في غاية الصعوبة. صعب جدا على الناس البعيدين عن وطنهم وعن جيرانهم وعن أقاربهم."