شهر رمضان والقرآن الكريم
علي ال غراش
2023-04-08 07:11
شهر رمضان المبارك، شهر القرآن الكريم، شهر الهداية والفرقان، قال تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)).
وقال تعال: ((بسم اللَّه الرحمن الرحيم ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)﴾.)). سورة القدر، حيث تشير السورة إلى أن القرآن الكريم قد أنزل في ليلة القدر في شهر رمضان المبارك. وهذا يدل على مدى العلاقة والترابط بين القرآن الكريم وشهر رمضان الكريم وليلة القدر العظيمة.
أهمية وعظمة القرآن الكريم
في مدرسة أهل البيت -عليهم السلام- للقران أهمية عظيمة ومنزلة كبيرة في كل الأوقات، فهو مصدر التشريع، ومنبع الهداية، وربيع القلوب.. يوجد الكثير من الروايات التي تحث على الاهتمام بكتاب الله القرآن الكريم وقراءته والتدبر في آياته في كل الأوقات تحث على قراءة وتعلم القرآن الكريم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون..".
وحول فضل القرآن الكريم واثاره على القارئ قال رسول الله (ص): "إنّ هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، فقيل: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: تلاوة القرآن". وحول أهمية تعلم القرآن الكريم وعلومه قال (ص): "خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه".
وحول آثار قراءة القرآن الكريم على المنزل الذي يتحول إلى نور وخير كثير قال الرسول الأعظم(ص): "نوّروا بيوتكم بذكر القرآن... فإنّ البيت إذا كثرَ فيه تلاوة القرآن كثرَ خيره..".
وعن نزول البركة والملائكة وهجرة الشياطين للبيت الذي يقرأ في المصحف الشريف قال الإمام علي (ع): "البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله -عز وجل- تكثر فيه البركة، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض".
وروي ان أمير المؤمنين (ع) في آخر وصية له في شهر رمضان المبارك -بعد الاعتداء عليه بضرب رأسه الشريف وهو في محراب الصلاة، من قبل المجرم القاتل عدو بن ملجم-، قد وصى أبنيه الإمامين الحسن والحسين (ع) بقوله: "وَاللهَ اللهَ فِي الْقُرْآنِ، لاَ يَسْبِقْكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ".
وقال أيضا أمير المؤمنين (ع): "عَليكُم بكتاب الله فإنَّه الحَبلُ المتين، والنّورُ المبين، والشّفاءُ النّافع، والرِّيّ الناقِع، والعصمةُ للمتمسّك، والنّجاةُ للمتعلِّق، لا يَعْوَجُّ فيُقام، ولا يَزيغُ فَيُستَعتَب".
القرآن الكريم هداية ورحمة للأحياء والأموات، قال الإمام جعفر الصادق (ع): "من قرأ القرآن في المصحف متّعَ ببصره وخفّفَ عن والديه وإن كانا كافرين".
الاصغاء والاحترام
من آداب احترام القرآن الكريم، الإصغاء عند تلاوته، احتراماً، بل وحمايته ورفع شأنه في كل مكان وزمان من باب التكريم والتبجيل والاحترام. قال الإمام الصّادق (ع): "مَن استَمع حَرفاً مِن كتاب الله من غير قراءة كَتَب اللهُ له حسنة، ومحا عنه سيّئةً، ورفعَ له درجة". وقال (ع) أيضاً: "يجبُ الإنصات للقرآن في الصّلاة وغيرها، وإذا قُرِئ عندك القرآنُ وَجَب عليكَ الإنصات والاستماع له".
شهر رمضان والقران الكريم
هناك الكثير من الروايات عن رسول الله (ص) واهل بيته (ع) تحث اتباع مدرسة محمد وآل محمد على الاهتمام بقراءة القرآن الكريم في كل الأوقات، وخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث لقراءة المصحف الشريف فيه فضل كبير، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته لاستقبال شهر رمضان: "ومن تلا فيه آيةً من القرآن، كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور".
وروي عن الإمام الباقر (ع) انه قال:"لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان".
وجاء عن الإمام الرضا (ع) قوله: "..وأَكثِرْ في هذا الشّهر المبارك من قراءة القرآن".
كل هذه الآيات القرآنية والروايات الكثيرة حول قراءة القرآن الكريم في كل الأوقات وبالخصوص في شهر رمضان المبارك تأكد على اثر وثواب قراءة القرآن الكريم. وعلى المؤمن المحب لـ محمد وال محمد التسابق في طاعة الله وقراءة القرآن الكريم؛ رغبة في الآجر والثواب والتفقه والمعرفة.
اتباع أهل البيت عشاق القرآن الكريم
مدرسة أهل البيت والأئمة الطيبين -عليهم السلام- الامتداد الطبيعي لرسالة جدهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، يحثون شيعتهم واتباعهم على الإكثار من قراءة المصحف الكريم، قال الإمام محمّد الباقر (ع): "إنّما شيعةُ علّي.. كثيرةٌ صَلاتُهم كثيرةٌ تلاوتُهم للقرآن". وقال الإمام جعفر الصادق (ع): "عليكُم بتلاوة القرآن؛ فإنَّ درجاتِ الجنّة على عَدَد آيات القرآن، فإذا كان يومُ القيامة قيل لقارئ القرآن: إقْرَاْ وارقَ. فكلّما قرأ آية يرقى درجة". وقال (ع) أيضاً: "القرآنُ عهدُ الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن يَنظُر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية".
وقال كذلك الإمام الصّادق (ع): "مَن استَظْهَرَ القرآن، وحفِظه وأحلّ حلالَه وحرَّم حرامَه أدخلَه الله الجنّة به، وشفّعه في عشرة من أهله كلّهم قد وجبَ لهمُ النّار".
المجالس القرآنية
ولهذا يحرص عشاق محمد وآل محمد (ص) في كل مكان وزمان على قراءة القرآن الكريم، وختم كامل القرآن خلال أيام شهر رمضان، حيث يقوم كل فرد بقراءة ختمة المصحف الشريف، الكبير والصغير، الرجال والنساء.
كما إن المساجد والمجالس الحسينية تكون حية خلال شهر رمضان المبارك بذكر الله وبقراءة أجزاء من المصحف الشريف كل يوم قبل المجلس الحسيني.
ومن الأمور الرائعة والجميلة وجود عادات وتقاليد اجتماعية قديمة مازالت لغاية اليوم حية، وهي فتح مجالس المنازل خلال شهر رمضان المبارك لقراءة وتلاوة كل يوم جزء أو أكثر من القرآن الكريم، بالتنسيق مع قارئ أو بمشاركة أهل المنزل حيث يقوم أفراد المنزل أو ضيوف المجلس بالقراءة طلبا للاجر والثواب، ويتخلل البرنامج الرمضاني اليومي تلاوة من المصحف الشريف والأدعية الخاصة بشهر رمضان وكذلك مجلس حسيني.
أصحاب المنازل يقومون قبل قدوم شهر رمضان المبارك بتجهيز المجلس: الكتب والاثاث والأواني والشعارات واللوحات المناسبة لاستقبال الشهر الكريم، وتجهيز الميكروفونات والسماعات الكبيرة، وتقديم واجب الضيافة لضيوف الرحمن بشكل يومي، انها أجواء جميلة ورائعة. يتشرف ويفتخر أصحاب المجالس الرمضانية بافتتاح مجالسهم القرآنية والحسينية، رغبة بالثواب والاجر.
نتقدم بالتحية والثناء والشكر لكل أصحاب هذه المجالس الإيمانية القرآنية والحسينية، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منهم هذا الكرم والطيب وتلك الجهود المبذولة، ويجعلهم من عتقائه من النار ومن الفائزين بالجنان.
الرحمة على روح شهيد القرآن الشهيد أمين ال هاني الأستاذ أبو أحمد، الذي استشهد في شهر رمضان الفضيل، والرحمة على أرواح الشهداء الأبرار، وألهم ذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان.