الإصلاح الذاتي في شهر رمضان
أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ-السّنةُ الرَّابِعَة
نـــــزار حيدر
2017-05-31 06:00
الذات اولا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
يُركِّز المنْهَجِ القرآني إِبتداءً على الذَّات أَوَّلاً في أَيَّة عمليَّة تغيير جذري حقيقيَّةٍ، لأَنَّها حجر الزَّاوية والمربَّع الاوَّل، فمثلاً يقولُ تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}.
أَمَّا الواقع فالنَّاسُ على صنفَين؛ الاوَّل؛ هو الذي لا ينتبه لنفسهِ بذريعةِ أَنَّ التَّغيير لا يتوقَّف عليه! أَو كما يقول العراقيُّونَ إِذا نبَّهت أَحدهُم لنفسهِ [هي بُقت عليَّ؟!] أَو قولهُ [وهل بقيُ الأَمرُ عليَّ أَنا] والظَّريفُ أَنَّ (٣٥) مليون مواطن يكرِّر هذه العبارة في كلِّ لحظةٍ! فعلى مَن يتوقَّفُ الأَمرُ إِذن؟! ومن أَين سيبدأ التَّغييرُ إِذن؟!.
أَمَّا الصِّنفُ الثَّاني فهو الذي تراهُ مشغولٌ ليلَ نهارٍ بتغيير الآخرين من دون أَن ينتبهَ لنفسهِ لحظةً! ناسياً أَو مُتناسياً بأَنَّ الذَّات والنَّفس أَولى بالتَّغيير من الآخرين، بل أَنَّ تغيير الآخرين يبدأ من تغيير النَّفس، وهذه الحقيقة أَشار اليها الامام أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ}.
إِنَّ الذي يعجز عن إِصلاحِ نَفْسهِ وتغيير ذاتهِ للأَحسن لا يمكنهُ أَن يُصلح غيرهُ أَبداً، ولذلك يقولُ أَميرُ المؤمنين (ع) {أَعجزُ النَّاسِ مَن عجزَ عن إِصلاحِ نَفْسهِ}.
ولو أَنَّ كلَّ امرئٍ إِنشغل باصلاحِ نَفْسهِ وتغييرها لتغيَّرت أَشياء كثيرة في واقعِنا المرّ والمؤْلم.
وإِنَّ عجز المرء في إِصلاحِ الذَّات دليلُ الجهل بها وصدقَ أَميرُ المؤمنين (ع) الذي يقول {أَعظمُ الجهل جهلُ الانسانِ أَمر نَفْسهِ} وقولهُ (ع) {من عرِف نَفْسَهُ كان لغيرهِ أَعرف، ومن جهِل نفسهُ كان لغيرهِ أَجهل}.
تعالوا أَيُّها الأَحبَّة ننشغل في هذا الشَّهر الفضيل بإِصلاحِ ذواتِنا ونترك الانشغال بإِصلاح الآخرين!.
تعالوا ننشغل بإِصلاحِ أَدائنا لننجحَ ونُنجزَ واجباتنا على خيرِ وجه!.
لا علينا بما يفعلهُ الآخرون، فلننشغل بإِصلاح الذَّات أَولاً وقبل كلِّ شيءٍ!.
أَنت لا تستطيعُ أَن تُغيِّر العالَم إِذا لم تغيِّر ذاتك أَولاً! بل أَنت لا تقدر على التَّأثير بالواقع اذا كُنتَ فاشلاً أَو جاهلاً أَو فاسداً!.
بدلاً من أَن توزِّع التُّهم ضد الآخرين وبدلاً من أَن تحاول تغييرهم فكِّر في تغيير ذاتك أَولاً وإصلاحها!.
إِسع لإِتقان عملك من كلِّ النَّواحي، وانشغل بواجباتكَ، واعتبر نفسك أَنَّك تجلس في قاعة الامتحان، فبماذا يلزمُك الانشغال به؟! أَبالاجابةِ على ورقتِك الامتحانيَّة أَم بالاجابةِ على أَوراق الآخرين؟!.
إِنَّ تغيير المجتمع هو نتيجة لتغيير كل واحِدٍ منَّا ذاته ونفسهِ، ولا يمكن تحقيق العكس أَبداً، وعلى حدِّ قول أَميرِ المؤمنين (ع) {كيفَ يُصلِحُ غيرهُ مَن لا يصلحُ نَفْسَهُ}؟!.
إِنَّ الانشغال بالنَّفس يوفِّر علينا الكثير من المشاكل كما أَنَّهُ يُساعدنا على تحقيق الاصلاح الحقيقي، ولذلك قال أَميرُ المؤمنين (ع) {يَا أيُّهَا النَّاسُ طُوبى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، وَطُوبى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ، وَأَكَلَ قُوتَهُ، وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُل، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَة!} وقولهُ عليه السَّلام؛
{مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرهِ، وَمَنْ رَضِيَ برِزْقِ اللهِ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ، وَمَنْ كَابَدَ الاَْمُورَ عَطِبَ، وَمَنِ اقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ، وَمَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ، وَمَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ، وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ، وَمَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ، وَمَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ فذَاك الاْحْمَقُ بِعَيْنِهِ}.
إِنَّ كلَّ مشاريع الاصلاح تفشل إِذا لم تبدأ من الذَّات! إِن كانت على المستوى المُجتمعي أَو السِّياسي أَو الاقتصادي أَو غيرِها! أَلا ترى مثلاً كيف فشِلت [التَّسوية التَّاريخيَّة] وانهزم صاحبَها أَو أَصحابَها؟! لأَنَّهم أَرادوا إِصلاح بيوت الآخرين وبيتهُم محطَّمٌ ومُهدَّمُ!.
كَذَلِكَ لا يمكن لأَحدٍ إِعلان الحَرْبِ على فسادِ الآخرين إِذا كان هو فاسدٌ أَو يتستَّرُ على فسادِ جماعتهِ!.
معرفة الذات
{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
إِذا اعترفتَ بضعفِك جاهدت نفسكَ، أَمَّا إِذا كابرت فتأكَّد بأَنَّك الى نُقصان!.
إِنَّ تقرير حقيقة أَنَّ النَّفس أَمَّارةً بالسُّوء يعني أَنَّ التَّغيير يبدأ منها وليس من غيرِها، ولذلك ينبغي أَن نجتهدَ في هذا الشَّهر الفضيل لمعرفة كوامنِها ونقاط ضعفها وما ينبغي إِصلاحهُ فيها، فاذا انتهى الشَّهر وقد حقَّقنا انتصاراً من نوعٍ ما على الذَّات فهذا يعني أَنَّنا اقتربنا خطوةً نحن الاصلاح الأَشمل، الاصلاح المُجتمعي!.
إِنَّ أِعظم ما ينجزهُ المرء هو أَن يعرف نَفْسه، فالعلمُ بها يُسهِّل عليه عمليَّة الاصلاح المطلوبة، والى هذهِ الحقيقة أَشار أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {أَفضلُ العقلِ معرفة المرء بنفسهِ فمَن عرِف نَفْسَهُ عقِل ومَن جهلَها ضلَّ} وقولهُ (ع) {عجبتُ لمَن يُنشد ضالَّتهُ، وقد أَضلَّ نَفْسَهُ فلا يطلبَها} وقولهُ (ع) {عجِبتُ لمَن يجهَل نَفْسَهُ كيف يعرف ربَّهُ}.
كما أَنَّ معرفة النَّفس الدَّليل الى مجاهدتِها، فزيادةً في خُلُقٍ أَو نقصانٍ من رذيلةٍ، ولذلك قال أَميرُ المؤمنين (ع) {من عرِف نَفْسَهُ جاهدها ومَن جهل نَفْسَهُ أَهملها}.
وإِنَّ معرفة النَّفس رأس كلّ معرفةٍ أُخرى، فكيف يعلم المرءُ اذا جهل نَفْسَهُ؟! فلقد قال أَميرُ المؤمنين (ع) {من عرِف نَفْسَهُ فقد انتهى الى غايةِ كلِّ معرفةٍ أَو علمٍ} وقولهُ (ع) {لا تجهل نفسكَ فانَّ الجاهل معرفةَ نَفْسهِ جاهلٌ بكلِّ شيءٍ}.
إِنَّ الآيةِ المُباركة {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} تُشيرُ الى حقيقتَين مهمَّتَين؛
الأُولى؛ هي أَنَّ تجاهل المرء لنواقص النَّفس أَو الذَّات هو ظلمٌ ذاتيٌّ، لأَنَّ الله تعالى الذي خلقَ العبد هداهُ الى طريقَين لا ثالثَ لهُما أَلا وهما طريق الخيرِ وطريق الشرِّ، ثم خيَّرهُ عندما منحهُ حريَّة الارادة والاختيار، ولذلك فانَّ أَيَّ انحرافٍ في النَّفس إِنَّما هو بسبب ظلم العبد لها لأَنَّهُ أَخطأَ في الاختيار أَو على الأَقلِّ تماهل فيه ولم يسعَ لاكتشاف الطَّريق السَّليم.
يقولُ تعالى {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وقولهُ تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}.
الثَّانية؛ هي أَنَّ أَهم أَسباب الغفلة عن إِصلاحٍ الذَّات هو عندما يتَّبع الانسان آخر إِتِّباعاً أَعمى، خاصَّةً عندما يتورَّط بمرض عبادة الشَّخصيَّة أَو ما يسمِّيه القرآن الكريم بعبادةِ العجْلِ كما في قولهِ تعالى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
إِنَّ هذا المستوى من العبادة للعِجل الذي يتمثَّل بصورٍ شتَّى كالقائد الضَّرورة والزَّعيم الأَوحد وغيرِها من الأَسماء والمسمَّيات! يحول دون إِنتباهِ المرء لنفسهِ فلا يسعى وقتها لإصلاح الذَّات أَبداً لأَنَّهُ يسير وراء من يتصوَّر بأَنَّهُ إلهه من غير علمٍ ولا هدىً ولا كتابٍ منير!.
إِنَّ عبادة العجْلِ تصنع للمرءِ سقفاً لا يمكنهُ تجاوزهُ لاصلاح الذَّات أَبداً إِلَّا بتحطيم العجْلِ وهو الأَمرُ الذي فعلهُ نبيُّ الله موسى عليه السَّلام ليُطلق العَنان للاصلاح والعودة الى الله مرّةً أُخرى!.
يحدِّثنا تعالى عن القصَّة بقولهِ {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا}.
ولا ننسى فانَّ إِغفال النَّفس من خلال الإصرارِ على المُكابرة هو أَشدّ الأَمراض النّفسيّة خطراً على المرء، فلقد قال تَعَالَى {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.
وهو المرض الذي يرفض بسببهِ المرء مجرَّد الانتباه الى الذَّات حتَّى إِذا نبَّههُ الآخرون! بل إِنَّهُ يعتبر نَفْسه على حقِّ وأَنَّ غيرهُ هو المُنحرف وعلى باطل!.
يقولُ تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ}.
اكتشف ابنائك
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وأَنت تُصلح نفسكَ لا تنس أَهلكَ وأُسرتكَ، فهم أَقربُ النَّاسِ إِليك وأَحقَّهم بالاهتمامِ منك! {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فاصلاحهُم من مسؤوليَّتك المُباشرة، وهُم نفسُك بمعنىً آخر! {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} ولذلك خصَّهم المشرِّع بمسؤوليَّة الاصلاح والتَّغيير مباشرةً بعد النَّفس [الذَّات]!.
وفِي الآيةِ المُباركةِ {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي إِشارةٌ ظريفةٌ بهذا الخُصوص}.
للأَسف الشَّديد فانَّ الكثير منَّا ينشغل بالأَبعدين تاركاً وراء ظهرهِ الأَقربين! لينتبهً يوماً ما ليجد نَفْسَهُ في وسطِ أُسرةٍ ممزَّقةِ الأَوصال، الأَولاد متقاطِعون فيما بينهُم! وبينهُ وبين زوجتهِ جِبالٌ من المشاكلِ والأَزمات! لو أَنَّهُ انتبهَ لها مُبكِّراً ويوماً بيومٍ لتجاوزها بكلِّ يُسرٍ وسهولةٍ! إِلَّا أَنَّ غفلته عنها وعدم الانتباه لها راكمتها لتصلَ بهِ الحال أَن يردِّد المقولة المعروفة [إِتَّسع الخرقُ على الرَّاقع] عندما ظنَّ بادئ الأَمر بأَنَّها مجرَّد [سحابةُ صيفٍ عن قريبٍ تقشعُ]!.
في هذا الشَّهر الفضيل ينبغي على الوالدَين الانتباه أَكثر فأَكثر الى الأَبناء! وعدم إِغفالهم خاصَّةً وأَنَّهم اليوم يواجهون تحدِّيات عظيمة تستهدف عقائدهُم وأَخلاقهم وثوابتهُم وعلاقاتهم وكلَّ شيءٍ!.
إِنَّ سلوكيَّاتهم مُستهدفة! فبانتشار التطرُّف والعُنف قد يقودهُم الانفلات للانخراطِ في صفوفِ الجماعات الارهابيَّة والمتزمِّتة المتطرِّفة!.
وقد تقودهُم السلوكيَّات المنحرفة للانخراطِ في جماعات التَّضليل والدَّجل التي تتَّخذ من بعض الأَفكار السَّليمة مظلَّةً لانحرافاتها العقديَّة كما هو الحال للمدَّعين للمهدويَّة!.
في هذا الشَّهر الفضيل ينبغي على الوالدَين مصادقة أَولادهم للإصغاءِ إِليهم والحديثِ معهُم واصطحابهُم الى مجالس القرآن مثلاً، فالغفلةُ عنهم نتيجتها اكتشاف الأَبوَين أَنَّ إِبنهم مُجنَّدٌ في تنظيمٍ إِرهابيٍّ مثلاً وهما لا يعلَمان!.
هل يُعقلُ أَن تُشغل وسائل التَّواصل الاجتماعي الأَبوَين عن التَّواصل مع أَبنائهِم؟! هل يُعقلُ أَن تشغلَ الأُمُّ عن التَّواصل مع بنتها أَو الأَب عن التَّواصل مع إِبنهِ؟!.
إِنَّ هذه اللَّيالي والأَيام المُباركة فرصة للتَّواصل الأُسَري سواء بين الأَبوَين أَو بينهُما وبين الأَولاد، أَو حتَّى بين الأَولاد أَنفسهم!.
حاولي أَيَّتُها الأُم أَن تكتشفي بنتكِ من جديدٍ وتتعرَّفي على رغباتِها لتسعي لتحقيقها أَو بعضها على الأَقلّ!.
وأَنت أَيُّها الأَب، حاول كذلك أَن تكتشف إِبنك من جديد وتتعرَّف على رغباتهِ وآلامهِ وحاجاتهِ وتطلُّعاتهِ ومشاكلهِ!.
إِحذر أَن يجد في غيرِك ملاذاً يلجأُ إِليه للكشفِ عن أَسراره وحاجاتهِ!.
إِكتشف في هذه اللَّيالي والأَيَّام أَصدقاءهُ، لتعرف مع مَن يسهر اللَّيالي؟ ولمن [يُفضفضُ] بأَسرارهِ! وبمَن يتأَثَّر؟! وممَّن يأخذَ أَخلاقهُ وثقافاتهُ؟! ومَن هو نموذجهُ؟!.
إِكتشِفهُ اليوم قبلَ أَن تخسرهُ غَداً فتندم!.