ماذا وراء تشتت الانتباه؟
عزيز ملا هذال
2023-10-11 04:37
يعاني القائمين على التربية سواء الوالدين ام المعلمين من عدة مشكلات تربوية تعيق التقدم الدراسي والتعليمي بصورة عامة، وواحدة من اهم المشكلات التربوية التي تطفو الى السطح عند بداية كل عام دراسي هي مشكلة تشتت الانتباه التي تعصف بالصفوف الدراسية وتقف عائقاً بوجه الفهم والحفظ والتفسير وكل العمليات العقلية التي يحتاجها الانسان في حياته العلمية فما هو التشتت وما هي اسبابه والعوامل المؤثرة فيه؟، وكيف يمكن يعالج؟
يمكننا ان نعرف الانتباه على انه واحدة من أهم العمليات المعرفية التي تساعد على اتصال الفرد بالبيئة التي يعـش فـيها، وهو ايضاً النظر والإصغاء والتركيز إلى مثير معين لفترة زمنية تسمى مدة الانتباه، وهي الفترة التي يستطيع فيها الفرد التركيز على موضوع معين.
اما تشتت الانتباه فيمكن ان نعرفه تعرفياً اجرائيا بأنه مجموعة العوائق النفسية والمادي التي تحول دون بلوغ الاهداف والغايات التعليمية مما يؤثر على مستوى الانجاز العلمي والاكاديمي وبالتالي قد يؤثر على حياة الانسان بصورة عامة.
ما العلاقة بين الانتباه والتحصيل الدراسي؟
علاقة الانتباه الصفي بالتحصيل الدراسي علاقة طردية فكلما زاد الانتباه ارتفع مستوى التحصيل والعكس صواب، اذ يتطلب النجاح الدراسي أن ينتقي الطالب من بين المثيرات المتعددة الموجودة في غرفة الصف تلك المثيرات ذات العلاقة بالتحصيل، وأن يهمـل المثيرات غير الملائمة، فيفترض مثلاً أن يستمع الطالب لصوت المدرس، ويهمل أصوات السيارات في الخارج أو صـوت الطلبة الذين يشوشون، ويفترض أن يرى الكلمات المكتوبة على السبورة أو على صفحة الكتاب، وليس ألوان ملابس المعلم أو الصور على الحائط، وتسمى المثيرات البارزة في موقف معين والتي تكون موضع الانتباه بالشكل.
العلامات التي تدل على ان الطالب يعاني من تشتت الانتباه كثيرة اهما يبدو لك منتبهاً ومركزاً للغاية لكنك حين تسأله عن امر ما يخص الدرس يتلعثم وربما لا يجيب، او تراه في مواقف ينطر الى النافذة المطلة على الشارع او الى سقف غرفة الصف لكنه يحاول بين الفينة والاخرى ان يقول انا لا زلت معك لكن نتائج الاختبارات سواءً اليومية او الفصلية تشي بالعكس من ذلك فهي متدنية بالمقارنة بأقرانه، ومع ذلك هو يبرر اسباب الاخفاق الى امور ليست واقعية هرباً من الضغط واللوم الذي يوجه اليه.
الاسباب
عدة عوامل موضوعية تقف وراء تشتت انتباه الطلبة وهي بأختصار:
اولى الاسباب هي التي تتعلق بالبيئة الصفية، اذ ان احتواء البيئة على محفزات نفسية سيزيد من تركيز الانتباه اما حين تكون البيئة غير داعمة للتعليم والتعلم فحتماً انها تساهم في تشتت انتباه الطلبة، السبب الثاني هو الذي يساهم بصورة كبيرة في رفع مستوى الانتباه او خفضه هو العامل الداخلي النفسي المرتبط بالفرد ذاته والذي ينمي لديه الاهتمام بموضوع الدرس، فكلما زاد اهتمام الطلاب بالموضوع كلما زاد الانتباه له بنسبة أكثر من الموضوعات الأقل أهمية لهم.
ويشكل غياب التقنيات التعليمية الحديثة سبباً من اسباب تشت انتباه الطلبة على اعتبار انها تدخل ضمن معايير البيئة غير الداعمة للتعليم، كما ان عدم اشباع الحاجات العضوية يكون عائقاً اما تركيز انتباه الانسان، فالانسان حين يكون جائعاً او ناعساً لا يمكنه ان يركز بالصورة الكافية على موضوع التعليم.
كيف نركز انتباه الطلبة؟
عبر عدة سلوكيات تربوية ونفسية نعيد الانتباه المشتت من ابرزها: اول ما يمكننا عبره تقليل التشتت للطلبة هو تحسين بيئة التعليم والتعلم ومنها تقليل الضوضاء وترتيب الصف بالشكل الذي يجعل الصف مريح نفسياً وهو ما ينعكس على تقبل الطالب للمادة العلمية وبالتالي غياب التشتت، ومن الامور التي يجب الالتفات لها هي التنويع في طرائق التدريس والتنويع في مستوى الصوت لئلا يصاب الطالب بالملل الناتج من التكرار.
ويمكن ابعاد الطالب عن الملل عبر اعطاءه مهام وواجبات يحبها مثل الألعاب أو الألغاز أو القصص وتشجيعه على القيام بالمهمة المطلوبة وتعزيزه مادياً أو معنويا عندما ينهي المطلوب منه، وعلى الاهل والمربين تلبية حاجات الطالب التي تؤمن له مستوى ارتياح عال ومن هذه الاحاجات الاكل والشرب والحاجات النفسية الاخرى، وبهذه الاستراتيجيات يمكن ان يبتعد الطالب عن التشتت والعودة الى جادة الانجاز.