الاقناع اللفظي: قدرة الانسان على تحويل بوصلة قرينه؟

عزيز ملا هذال

2022-03-21 06:13

احياناً وانت تسمع الى كلام احد المتحدثين تشعر انه يجيد فن التحدث وايصال الفكرة وتوضيحها ببساطة ومن دون تكلف وباستخدام امثلة واقعية بسيطة ووافية، يجذبك حديثه وتود لو انه يطيل الكلام، هذا النوع من البشر لا ترتبط طرق حديثهم الفعالة بمستواهم الدراسي او مكانتهم الوظيفية وربما تجدهم اميين لكنهم وجهاء في قومهم ولديهم من الخبرات الحياتية ما يؤهلهم لأن يكونوا كذلك، هؤلاء الاشخاص يمتلكون ما يعرف علمياً بـ(فن الاقناع اللفظي)، فهل يكتسب الانسان هذا الفن؟، ام انه موروث، وماهي الطرق العلمية التي يستخدمها المتحدث للتأثير في جمهوره او محاوريه؟

ويعرف فن الاقناع علة انه "تلك المقدرة التي يتمتع بها البعض والتي تمكنهم من تغيير سلوكيات وقناعات وتصرفات شخص آخر أو مجموعة أخرى تجاه فرد أو مجموعة أفراد أو أحداث أو فكرة معينة، وغالباً ما تتم عملية الإقناع من خلال إيصال رسالة أو مشاعر معينة أو معلومات أو منطق إلى الطرف الآخر أو مزيجاً من ذلك بسلاسة وسرعة.

لماذا نفشل في الإقناع؟

اغلب الذين يفشلون في عملية الاقناع بسبب عدم امتلاكهم لمعلومات وطرق الحديث التي تجعل من الطرف الاخر المستمع او المفاوض مستمعاً جيدا لهم، اضافة الى استخفافهم بهذه المهارة وبذا هم لا يدركون انها مهارة يجب التدرب عليها والعمل بها في الكثير من مناحي الحياة العملية والدراسية وحتى الحياة الخاصة.

من الناس من يمتلك فن الاقناع اللفظي والتأثير في الاخرين بالفطرة الا انهم ايضاً بحاجة الى تطويرها حتى لا تضمحل وبالتالي يفتقر الانسان الى هذه المهارة المهمة التي لو غابت قد يؤدي بالشخص في بعض الأحيان لاتباع أساليب خاطئة بهدف تغيير وجهات نظر الأطراف الأخرى كالترهيب والابتزاز والتخويف او القمع الفكري وجميع هذه الاساليب لن تأتي بثمارها في الاقناع مهما حاول اصاحبها.

على الصعيد الاقتصادي تقول العديد من الدراسات والأبحاث العلمية أن الإنتاجية ربما تكون دائماً أعلى عندما ننجز المهام برغبتنا ومن دون اكراه يمارس علينا، فحين نفعل ما يطلب منا بالقوة والاجبار لن يستمر الامر طويلاً ولن يكون إلا لفترة قصيرة، وفي اللحظة التي نبتعد فيها عن الضغط ستعود الإنتاجية ويتراجع كل شيء، نظراً لانعدام الحافز الشخصي.

كيف نقنع الاخرين ونؤثر فيهم؟

جملة من الخطوات البسيطة التي من الممكن ان نتبعها من اجل تقوية فن الاقناع ومن هذه الخطوات او فلنسميها الاستراتيجيات هي:

1- لابد من ان نبني تواصلاً انسانياً مع من نريد اقناعه بأمر ما وهذا التواصل يكون بإيجاد نقاط شعور مشتركة مثل الانزعاج المشترك من الطقس مثلاً او الاشتراك معه بحب هواية معينه بالتالي هذا الاشتراك يجعل منه يشعر بأنه مرتبط بك روحياً وحينها يسهل عملية اقناعه بما تريد.

2- لابد من استخدام العبارات اللطيفة مع طرف الحوار المراد اقناعه والابتعاد عن اساليب التجريح او التشهير به امام الناس فيما اذا كان الامر يتعلق بأقناعه بمغادرة سلوكية غير مستحسنة، لان التجريح والتشهير ستجعل منه معانداً حتى وان كان يعي ان على خطأ.

3- يفضل التحدث مع المقابل عن الجوانب الإيجابية لديه قبل السلبية في وجهة نظرك فحسب البروفيسور (دانييل أوكيفي) فإن الاشارة الجوانب الايجابية سيزيد من نسبة اقتناع الأشخاص بها لكون المراد اقناعه هنا يشعر بأنه غير مستهدف بقصد النصب عليه والتعدي على خصوصيته وبالتالي يسهل اقتياده.

4- من الامور التي تجعل المتلقي أكثر استجابة هو مخاطبته بأسمة لكون عقلنا الباطن يستجيب لا إرادياً حين سماع الاسم وحين يخاطب الانسان بأسمة مع عبارات تدل على الاحترام له يصبح أكثر تجاوباً في الحوار وبالتالي يشعر بالرضا ليقتنع بما تقول، بهذه الطرق البسيطة يمكن نحول قناعة الكثير من الناس نحو ما نريد ان أحسنا استخدمها من بذكاء ومن دون تكلف.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي