الذكاء العاطفي: مهارة التعامل مع الذات والمحيط

عزيز ملا هذال

2019-06-15 04:05

الذكاء العاطفي ببساطة هو قدرة الفرد على معرفة عواطفه وفهمها والتحكم بها وادراك قوة تأثيرها على من حوله، ويعرف ايضاً بأنه القدرة على إدراك ومراقبة وتقييم العواطف في نفس الفرد والآخرين واستخدام تلك المعلومات بشكل مناسب، والأفراد اللذين يتمتعون بمعدل عال من الذكاء العاطفي يكونوا قادرين على السيطرة على سلوكياتهم وضبطها ويتصفون ايضاً بقدرتهم على ادارة مشاعرهم وتوجيه مشاعر الآخرين نحوهم، والعلاقة بين الذكاء العاطفي وفعالية الشخصية ونجاحها علاقة طردية فكلما ارتفع نسبة الذكاء العاطفي لدى الفرد كلما كان اكثر فعالية ونجاح وعلى كافة الصعد والمستويات.

ويتمتع اصحاب المستويات العالية او المتوسطة من هذا النوع من انواع الذكاءات بالقدرة على النظر لأنفسهم بأمانة وواقعية ويميزون بين الافكار والدوافع منها والسيطرة على اندفاعاتهم وعواطفهم معرفة كل ما يحيط بهم، فهم لا يصابون بنوبات غضب هستيرية، ولاينحصر اهتمامهم بأنفسهم فقط بل يفهمون مشاعر وعواطف الاخرين ويتعاطفون، وهم ميالون الى الاستماع الجيد الى مشاكل من حولهم ويتفاعلون معها ويحاولون ايجاد الحلول لها ويعملون على بث التفاؤل والحماس في أنفسهم والآخرين.

ويمتلكون القدرة على موازنة حياتهم العلمية والاجتماعية من خلال وضع الحدود بين كل جانب من جوانب الحياة، ولديهم ما يعرف بال(الاتزان الانفعالي) وهو مصطلح يشير الى قدرة الفرد في التحكم بانفعالاته في حالات الغضب فلا يتخذون قرارات مهمة في حالة الغضب حتى يعودوا الى حالة الهدوء التام، وهم قادرون على مراقبة ردود أفعال الآخرين وتحليلها و التجاوب بصورة مناسبة مع محتوى رسائلهم بالإضافة إلى القدرة على بناء علاقات قوية مع الآخرين والزملاء.

والعجز العاطفي يؤدي بنا حتماً الى نماذج متصلبة وعلاقات جامدة بين الافراد بعضهم البعض وبين رؤسائهم ومشرفيهم، ويؤدي هذا العجز او القصور العاطفي الى نتائج غير محمودة وسلبية في نوعية الانتاج، في ضل اجواء ضعف الذكاء العاطفي او ربما الخواء العلمي تظهر بين الحين والاخر كتب يدعى انها علمية تروج لعدة مصطلحات منها هذا المصطلح مقدمة نصائح يدعون انها قائمة على الآراء الإكلينيكية التي تشوبها الكثير من النواقص وفي مقدمتها عدم استنادها الى الاسس العليمة متغافلين ان العلم اصبح متاح للجميع واصبح بإمكان أي احد يطلع على ما يريد من علوم ومن مصادر مسؤولة ورصينة دون الاعتماد على الكتب التجارية المنشرة والتي افسد نظرة الناس في الكثير من المصطلحات المهمة التي يجب ان يعرف عنها الناس الكثير لضرورتها وفاعليتها في الحياة الانسانية ، ولأني بصدد الحديث عن اهمية هذا الموضوع احببت التنبيه الى الانتباه الى مصادر المعلومة حتى لا يحكموا على تفاهة وعدم اهمية الكثير المواضيع المهمة بسبب سوء طرحها في هذه الكتب.

وبالعود الى الموضوع فأن المبرر للقول بأهمية الذكاء العاطفي يكمن في الصلة بين الإحساس والشخصية والاستعدادات الأخلاقية الفطرية، والكثير من الشواهد اليومية التي تشير الى ان الكثير من المواقف الاخلاقية التي تعد اساسية من اساسيات الحياة منبعها قدرات الإنسان العاطفية الأساسية، ودافع ومحرك كل انفعال هو شعور داخلي يتفجر من نفس الانسان للتعبير عن نفسه في فعل معين او كردة فعل على سلوك معين .

فالقدرة على اخماد الانفعال يحتاج الى الارادة والارادة هي اساس بناء الشخصية وعلى النحو ذاته فأن الايثار ينتج من التعاطف الوجداني، أما العجز عن الإحساس باحتياج الآخر أو بشعوره بالإحباط فمعناه عدم الاكتراث لما يدور حوله، والاشخاص الغير مكترثين هم اللذين يقعون اسرى بيد الانفعال والمفتقرون للقدرة على ضبط النفس.

ولان الذكاء الانفعالي ضروري للاستمرار في الحياة بشكل اكثر امان اصبح لازماً على الاسر تحمل مسؤوليتهم في اكساب الاطفال مهارة الذكاء العاطفي فالأسرة هي المصنع الذي ينتج ويحدد السمات التي تشكل طبيعة السلوك الانساني وليس لأحد غير الاسرة ان يكون الاتجاهات والسلوكيات في الاطفال، فالمرحلة العمرية الممتدة (1-5) هي مرحلة تحديد شكل السلوك الذي يلازم الانسان في مراحله العمرية القادمة.

ويحتمل الوالدان مسؤولية نقل سلوكياتهم الايجابية الى اطفالهم وعدم اهمالهم لعملية تكوين مشاعرهم منذ الصغر، كما يتحملون مسؤولية منع انتقال السلوكيات السيئة للأطفال من خلال تقليدهم اومحاكاتهم، فتدريب الطفل على اكتساب الذكاء العاطفي هي عملية مثمرة حيث تمثل لهم مرجعاً مهماً في ادارة علاقتهم بإيجابية مع الاخرين في قابل ايامهم، فالأسرة هي الرافد الاول الذي ينهل منه الطفل القيم والاتجاهات والسلوكيات وهو ما يجعله اكثر قابلية للتأثير بمن حوله والتفاعل معهم.

نخلص الى اهمية ان تقدر الاسرة ضرورة اكساب الاطفال في مراحلهم العمرية المبكرة مهارات الذكاء الاجتماعي والعاطفي لكي يتمكنوا تحقيق اهدافهم ومجاراة الصعوبات والعراقيل، لأنه يعتمد في تفكيره على التصورات والخبرات التي تلقاها سابقاً سيما في فترة ما قبل المدرسة وهي الخبرات الاكثر ثباتاً في نفس الانسان.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد