لا مكان للعشوائية والقرارات الفردية في ظل رقابة على المجال الرياضي
نعمان عبد الغني
2020-11-03 07:13
الرقابة الإدارية في الرياضة تعتبر إحدى المقومات الهامة للعملية الإدارية في هذا المجال وفي الإدارة الحديثة ينظر لها كنشاط حيوي لا غني عنه لأي عملية إدارية أخرى لأنها ترتبط بتحقيق الأهداف والسياسات المرسومة داخل إطار من القواعد والمعايير، العمل الرقابي لا يحدث إلا في حالة وجود العمليات لأخرى مثل التخطيط والتنظيم واتخاذ القرار والاتصال والإشراف والتوجيه، ذلك لأن من مهام الرقابة الأساسية مراجعة وترشيد تلك العمليات والتأكد من أن الأهداف والخطط المعدة بواسطة المنظمة لبلوغها يجري العمل فيها لتحقيقها.
ان إسهام الإدارة في ترقية العمل هو إسهام في تنمية الحضارة الإنسانية، إنما يأتي من خلال التأثير الذي يحدثه في الجهد الإنساني من حيث زيادة كفاءته؛ مما يؤدي بدوره إلى تحسن معدلات العمل والخدمات والعلاقات الإنسانية، إضافة إلى ذلك فإن الإدارة تنمي ملكات التخيل والإبداع والتطوير، ومن ثم فهي الأساس الأول للتقدم الإنساني، إن الإدارة تعني النظام العام، وهذا يعني أنه من خلال الإدارة يمكن الربط بين أحداث متفرقة ومعتقدات متباينة، ووضعها جميعا في شكل علاقات ذات معنى تستخدم في تحليل العديد من المشاكل، والوصول إلى أفضل البدائل الممكنة للتعامل مع تلك المشكلة، والإدارة هي العضو الديناميكي الذي يدفع ويوجه النشاط الإنساني نحو أكفأ استخدام للموارد المتاحة لتحقيق الأهداف، وتتضمن هذه المهمة الملقاة على عاتق الإدارة العديد من الأعباء والأعمال، تبلغ في نوعها وبيانها درجة كبيرة من التعقيد.
هذه المهمة تتكون من مهام عديدة فرعية سمتها التنوع في طبيعتها.. في أهدافها.. في الأعباء التي تتضمنها.. في المهارات المطلوبة.. في أدائها.. في تخصصات العاملين على إنجازها.. في طبيعة المشكلات التي توجهها.. في الأدوات والأساليب المستخدمة في حل هذه المشكلات .
الرقابة الإدارية في الرياضة تعتبر إحدى المقومات الهامة للعملية الإدارية في هذا المجال وفي الإدارة الحديثة ينظر لها كنشاط حيوي لا غني عنه لأي عملية إدارية أخرى لأنها ترتبط بتحقيق الأهداف والسياسات المرسومة داخل إطار من القواعد والمعايير، العمل الرقابي لا يحدث إلا في حالة وجود العمليات لأخرى مثل التخطيط والتنظيم واتخاذ القرار والاتصال والإشراف والتوجيه، ذلك لأن من مهام الرقابة الأساسية مراجعة وترشيد تلك العمليات والتأكد من أن الأهداف والخطط المعدة بواسطة المنظمة لبلوغها يجري العمل فيها لتحقيقها.
توجد هناك ثلاثة أنواع من الرقابة الإدارية تمارسها جهات متعددة على الجهاز الإداري وهي الرقابة الداخلية على مستوي الرئاسة ثم الرقابة المركزية وأخيراً رقابة السلطة التنفيذية، والرقابة تعني المتابعة المستمرة التي تقوم بها الإدارة بنفسها أو بتكليف من غيرها للتأكد من أن الأعمال تؤدي وتسير حسب اللوائح والقوانين وتحقق البرامج وخطط العمل الموضوعة منذ البداية وأثناء التنفيذ وبعده وذلك للتحقق من أن كل شيء يتم حسب الخطة المعتمدة وحسب التوجيهات والنظم والسياسات المرسومة والكشف عن نقاط الضعف لتقوم الإدارة بأداء دورها وفق نظام المعلومات الذي يتسم بالوضوح والسرعة لتعلم الإدارة على تصحيحها وفق نتائج التنفيذ الفعلية، وعادة ما تأخذ الرقابة في المجال الرياضي أشكال متعددة مثل زيارة الأقسام وكتابة التقارير والمقابلات الشخصية مع الأفراد الذين يقومون بالعمل.
من كل ما تقدم حول الرقابة الرياضية نجد أنها تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة العلمية الإدارية حيث تعلم على مقارنة التصرفات الفعلية بالخطط المراد تحقيقها واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة في وقتها، لذا فإن الأهداف المخططة بدقة والتنظيم القوى والتوجيه والإشراف الكفء كلها عمليات أساسية لضمان النجاح حيث أن فرصة نجاحها تكون أكبر إذا اعتمدت على جهاز رقابي قوي، وفي ذلك أن أكثر المجالات التي يظهر فيها دور الرقابة هو مجال الشئون المالية ولمحاسبية حتى أصبح هناك سائد في مجال المنظمات أن يتولي نظم الرقابة أفراد من هذه التخصصات.
لابد أن تتخذ الأجهزة والمنظمات الرياضية أسلوب الرقابة لما له من دور هام جداً في الحفاظ على الأموال من خلال التأكد من الأهداف الرياضية المحددة في الخطط والبرامج المختلفة المعدة تسير على ما يرام، والرقابة هنا لها الدور الكبير في الإصلاح والتنمية ومن الأهمية بمكان يجب إنشاء إدارة متخصصة للرقابة الإدارية الرياضية لتجنب الأخطاء وتقويمها أولاً بأول عن طريق كتابة التقارير عن سير الأداء ومراحل التنفيذ للخطط والبرامج التي يجري تنفيذها لضمان التنفيذ الجيد والسليم لها.
لذلك فالرقابة آخر الوظائف الخمسة للإدارة، وهي المعنيّة بالفعل بمتابعة كل من هذه الوظائف لتقييم أداء العمل ودرجة تحقيق أهدافه. ومن ضروريات الوظيفة الرقابية للإدارة، تحديد وإنشاء معايير للأداء التي ستستخدم لقياس التقدّم نحو الأهداف ومقاييس الأداء هذه تصمّم لتحديد إذا ما كانت الكفاءات البشرية والأجزاء المتنوّعة تسير على المسار الصحيح في طريقهم نحو الأهداف المخطط تحقيقها، وهناك خطوات للعملية الرقابية الأربعة؛ لأن وظيفة الرقابة مرتبطة بشكل كبير بالتّخطيط، بل في الحقيقة أن الغرض الأساسي من الرقابة هو تحديد مدى نجاح وظيفة التخطيط وهذه العملية يمكن أن تحصر في أربع خطوات أساسية تطبّق على أيّ شخص أو بند أو عملية يراد التحكم بها ومراقبتها، وهذه الخطوات الأساسية الأربعة هي:
1- إعداد معايير الأداء وهي معيار أداة قياس صمّمت لمساعدة مراقب أداء القوة البشرية أو المنافسات أو البطولات التي تنظمها الجهة الرياضية، وهذه المعايير تستخدم لتحديد مدى التقدّم، أو التأخر عن تنفيذ الأهداف كانت المعايير، يمكن تصنيف المعايير إلى إحدى هاتين المجموعتين: المعايير الإداريّة أو المعايير التقنيّة، فيما يلي وصف لكل نوع:
أ - المعايير الإدارية وتتضمّن أشياء عدة كالتقارير واللوائح وتقييمات الأداء، التي ينبغي أن تركّز جميعها على المساحات الأساسيّة ونوع الأداء المطلوب لبلوغ الأهداف المحددة.
ب - المعايير التقنيّة وهي التي تحدّد ماهية وكيفية العمل وهي تطبق على كل طرق تنفيذ البرامج التي تضعها الجهة الرياضية.
2- متابعة الأداء الفعلي، وهذه الخطوة تعتبر مقياسا وقائيّا.
3- قياس الأداء بمعنى أن يقيس المديرون وقادة العمل في الجهة الرياضية الأداء ويحدّدون إن كان يتناسب مع المعايير المحدّدة، وما إذا كانت نتائج المقارنة أو القياسات مقبولة واتخاذ الإجراء اللازم إذا حدث أي خلل في الأداء وإعادة صياغة أوامره.
تصحيح الانحرافات عن المعايير، وهذا يعني تحديد الإجراء الصحيح الواجب اتخاذه والذي يعتمد على ثلاثة أشياء: المعيار، دقّة القياسات التي بيّنت وجود الانحراف، وتحليل أداء الشخص أو الآلة لمعرفة سبب الانحراف. وهناك أصول عامة للإدارة نجدها عند هنري فايول، مؤلف كتاب "النظرية الكلاسيكية للإدارة"، الذي طوّر الأصول الأساسية الـ 14 للإدارة والتي تتضمن كل المهام الإدارية، وهي ملائمة للتطبيق على مستويات الإدارة الدنيا والوسطى والعليا على حد سواء:
1- تقسيم العمل: التخصص يتيح للعاملين المديرين كسب البراعة والضبط والدقة والتي ستزيد من جودة المخرجات، وبالتالي نحصل على فعالية أكثر في العمل بالجهد المبذول نفسه
2- السلطة: إن إعطاء الأوامر والصلاحيات للمنطقة الصحيحة هي جوهر السلطة، والسلطة متأصلة في الأشخاص والمناصب فلا يمكن تصورها كجزء من المسؤولية.
3- الفهم: تشمل الطاعة والتطبيق والسلوك والعلامات الخارجية ذات الصلة بين إدارة العمل والموظفين وهذا العنصر مهم جدا في أي عمل، من غيره لا يمكن لأي عمل أن ينجح، وهذا هو دور القادة.
2- وحدة مصدر الأوامر: يجب أن يتلقى الموظفون أوامرهم من مشرف واحد فقط، بشكل عام يعتبر وجود مشرف واحد أفضل من الازدواجية في الأوامر.
3- يد واحدة وخطة عمل واحدة: مشرف واحد بمجموعة من الأهداف يجب أن يدير مجموعة من الفعاليات لها الأهداف نفسها.
4- إخضاع الاهتمامات الفردية للاهتمامات العامة: إن اهتمام فرد أو مجموعة في العمل يجب ألا يطغى على اهتمامات الجهة الرياضية.
5- مكافآت الموظفين: قيمة المكافآت المدفوعة يجب أن تكون مرضية لكل من الموظفين وإدارة العمل ومستوى الدفع يعتمد على قيمة الموظفين بالنسبة للجهة الرياضية، وتحلل هذه القيمة لعوامل عدة مثل: تكاليف الحياة، توفر الموظفين، والظروف العامة للعمل
6- الموازنة بين تقليل وزيادة الاهتمامات الفردية: هنالك إجراءات من شأنها تقليل الاهتمامات الفردية، بينما تقوم إجراءات أخرى بزيادتها في كل الحالات يجب الموازنة بين هذين الأمرين
7- قنوات الاتصال: السلسلة الرسمية للمديرين من المستوى الأعلى للأدنى "تسمى الخطوط الرسمية للأوامر" والمديرون هم حلقات الوصل في هذه السلسلة فعليهم الاتصال من خلال القنوات الموجودة فيها، وبالإمكان تجاوز هذه القنوات فقط عندما توجد حاجة حقيقة إلى المشرفين لتجاوزها وتتم الموافقة بينهم على ذلك.
8- الأوامر: الهدف من الأوامر هو تفادي الأخطاء في تنفيذ البرامج. 11
9- العدالة: المراعاة والإنصاف يجب أن يمارسا من قبل جميع الأشخاص في السلطة، خاصة الإدارة العليا؛ فالمجاملة والعلاقات الشخصية تفسد العمل وتفقد الموظفين الثقة في مرؤوسيهم وتفقد فريق العمل روح التآلف.
10- استقرار الموظفين: يقصد بالاستقرار بقاء الموظف في عمله ومنحه الثقة.
11- روح المبادرة: يجب أن يسمح للموظفين بالتعبير بحرية عن مقترحاتهم وآرائهم وأفكارهم على جميع المستويات؛ فالمدير أو المسؤول القادر على إتاحة هذه الفرصة لموظفيه سيحقق النجاح المطلوب.
12- إضفاء روح المرح للمجموعة: على المديرين تعزيز روح الألفة والترابط بين الموظفين ومنع أي أمر يعوق هذا التآلف. بمرور الأزمان تأكدت لنا حقيقة أن الإدارة الرياضية الصحيحة وما لها من ارتباط قوي في تطور المستوى الرياضي بجميع أشكاله، وبصفة خاصة كرة القدم، وهذه الحقيقة أثبتتها لنا الأيام بالتقدم الذي حدث في عدد كبير من الدول على مستوى الأندية والمنتخبات، فهناك العديد من الدول التي تمتلك كما هائلا من الموارد الاقتصادية والبشرية، لكن نظرا لانخفاض مستوى الإلمام بعلم الإدارة الرياضية كعلم بكل المرتكزات، بقيت في موقع التخلف بالمقارنة مع دولة أخرى تملك حجما أقل من الموارد، لكنها تتميز بارتفاع مستوى إلمامها بعلم الإدارة الرياضية.
ولعل السر في ذلك يكمن في أن المعرفة الإدارية إنما تعني الاستغلال الأفضل للموارد وتوجيهات بطريقة تحقق لها الاستفادة من الموارد الاقتصادية وتوجيه العنصر البشري بطريقة تفجر كل طاقاته والاستفادة من كل إمكاناته بما يحقق النتائج التي تتوافق مع مردود هذه الاستفادة، والغالبية العظمى من إدارينا في العالم العربي يتعمدون على خبرتهم السابقة في العمل الإداري أو بناءً على مكانتهم الاجتماعية أو مواقعهم القيادية في مؤسسات الدولة أو القطاع الخاص أو لإمكاناتهم المادية أو لأنهم كانوا نجوما في السابق، ومع احترامنا لكل هؤلاء والذين يحتاج إليه العمل الرياضي فعلا، لأنه لا يوجد بديل آخر للإدارة، بالتحديد العلمي والواقعي للأهداف، والاختيار السليم للموارد مع الكفاءة في استخدامها من خلال التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
كل ذلك يتطلب مستوى مرتفعا من التمييز الشخصي، مع مستوى محسوس من الشجاعة في مواجهة الظروف المتميزة، وهذا لا يتوافر إلا في أفراد الإدارة، وبحمد الله وعبر العديد من الوسائل والوسائط من الأجهزة الإلكترونية والحاسوب وخلافه التي تساعد الإدارة في أداء مهامها بصورة مرنة، وهي عامل مهم ومساعد في تنفيذ كل الأمور الإدارية، ويجب أن تستخدم في كل ذلك من أجل تجويد العمل وإتقانه واختصار الوقت والجهد والمال بواسطته، ومن أجل مواكبة كرة القدم العالمية فنيا، علينا أن نتطور إداريا وإخضاع الإدارة للقواعد العلمية، خاصة في عالم الاحتراف الذي لا يعرف الخطأ ولا يعترف بالجهل ولا مكانا للعشوائية والقرارات والنظريات الفردية في قاموسه، وعلينا أن نواكب هذا التطور حتى نخرج من دائرة تخلفنا الكروي.