نهاية عصر حرية التعبير في وسائل الاعلام وتفتيت القوة الناعمة الامريكية
شبكة النبأ
2025-09-22 04:28
تشهد الولايات المتحدة جدلا محتدما حول التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يكرس حرية التعبير، منذ مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك، مع إعلان مشرّعين ديموقراطيين الخميس عزمهم طرح مشروع قانون على الكونغرس لحماية هذا الحق، مشيرين إلى سعي الرئيس دونالد ترامب لفرض رقابة على معارضيه.
واتهم العديد من كبار الديموقراطيين ترامب بشن حرب على حرية التعبير، بعدما رحّب الأخير بتعليق شبكة “إيه بي سي” التلفزيونية الأميركية بث برنامج الفكاهي جيمي كيميل الذي اتهم اليمين باستغلال جريمة اغتيال المؤثر المحافظ لتحقيق مكاسب سياسية.
واتّهمت منظمة “الاتحاد الأميركي للحريات المدنية” الحقوقية إدارة ترامب بالعمل خارج الضوابط الدستورية لاستهداف معارضيه، وشبهتها بـ”الخوف الأحمر”، أو حملة قمع الشيوعيين بعد الحرب العالمية الثانية في حقبة عرفت بالحقبة المكارثية تيمنا بالسناتور الجمهوري جوزيف مكارثي.
واتهم مكارثي الذي كان رئيسا للجنة فرعية في الكونغرس، عددا من موظفي الحكومة والفنانين والمثقفين بأنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفياتي، ليتبين لاحقا أن معظم اتهاماته كانت بلا أساس. وأصبح هذا المصطلح يستخدم للتعبير عن الإرهاب الثقافي.
وقال كريستوفر أندرس، مدير قسم شؤون الديموقراطية والتكنولوجيا في الاتحاد “هذا يتجاوز المكارثية. المسؤولون في إدارة ترامب يسيئون استخدام سلطتهم بشكل متكرر للقضاء على أفكار لا تعجبهم، وتحديد من يحق له التحدث والكتابة وحتى المزاح”.
إحكام ترامب قبضته على الإعلام
يعد إيقاف شبكة (إيه.بي.سي) المفاجئ لمقدم البرامج الحوارية جيمي كيميل تحت ضغط من لجنة الاتصالات الاتحادية أحدث دليل على السلطة التي يتمتع بها الرئيس دونالد ترامب في إخضاع وسائل الإعلام والترفيه والمنصات الرقمية لإرادته، إذ يستخدم الضغط السياسي لإسكات الانتقادات ومعاقبة المؤسسات التي يرى أنها متحيزة ضده.
وهزت هذه الخطوة، التي جاءت بعد تصريحات كيميل حول المتهم بقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك، وسائل الإعلام والترفيه في الولايات المتحدة وزادت من المخاوف بشأن حرية التعبير إذ هدد بريندان كار رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية الذي عينه ترامب بإلغاء تراخيص البث من المحطات التي تبث ما أسماه "بالقمامة".
وتخضع وسائل الإعلام الرئيسية وشركات التكنولوجيا الكبرى الآن لسيطرة أنصار ترامب أو رجال الأعمال من أصحاب المليارات الذين اصطفوا خلفه خلال حفل تنصيبه أو تبرعوا لصندوق تنصيبه أو زاروا البيت الأبيض محملين بالهدايا. وتمثل شركة أوراكل التي يملكها الملياردير لاري إليسون المتبرع للحزب الجمهوري، جزءا من مجموعة من المستثمرين الذين يتمتعون بالأسبقية للسيطرة على العمليات الأمريكية لمنصة تيك توك.
وأعلنت إدارة ترامب الأسبوع الماضي أنها وافقت على إطار عمل للتوصل لصفقة مع الصين تسمح ببيع أصول تيك توك في الولايات المتحدة ليواصل التطبيق العمل في السوق الأمريكية.
وأجرت شركات مثل سي.بي.إس وميتا بلاتفورمز والصفحات التحريرية في صحيفتي واشنطن بوست ولوس انجليس تايمز تغييرات تحريرية أو تشغيلية بعد إعادة انتخاب ترامب تمهد للانتقال نحو تغطية أقل عدائية للرئيس.
وقال فيكتور بيكارد أستاذ السياسة الإعلامية والاقتصاد السياسي في كلية أننبرج للاتصالات في جامعة بنسلفانيا "هناك ميل مستمر نحو اليمين في معظم وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة في الوقت الحالي.. أتوقع رؤية المزيد من هذا في المستقبل. لا توجد قوة مضادة".
الإيقاف الذي تقرر مساء الأربعاء هو المرة الثانية منذ إعادة انتخاب ترامب التي تتخذ فيها الشركة الأم لإيه.بي.سي وهي والت ديزني إجراء ردا على تعليقات على الهواء. ففي ديسمبر كانون الأول، وافقت شبكة إيه.بي.سي نيوز على تقديم 15 مليون دولار لمكتبة ترامب الرئاسية لتسوية دعوى قضائية كان ترامب قد رفعها بسبب تصريحات أدلى بها المذيع جورج ستيفانوبولوس وتضمنت اتهامات الاعتداء الجنسي التي وجهتها الكاتبة إي. جين كارول لترامب.
وقال ستيف كروفت، الذي عمل لفترة طويلة كمراسل لبرنامج (60 دقيقة)، مشيرا على وجه التحديد إلى إيقاف كيميل "جميعهم مرعوبون.. إن أكثر ما يخيفني في هذه الإدارة هو هذه العقلية الانتقامية التي تلاحق أعداءها. وأعتقد أنهم يلاحقون بشكل واضح العاملين في قطاع الأخبار. هم على رأس قائمتهم".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون "جيمي كيميل حر في إلقاء النكات السيئة التي يريدها، لكن الشركة الخاصة ليست ملزمة بخسارة المال لإنتاج برنامج لا يحظى بشعبية.. مشكلة منتج جيمي كيميل السيء ليست حرية التعبير؛ إنها مشكلة موهبة".
تقديم المصالح على حرية التعبير
وأتى تعليق برنامج الفكاهي كيميل البالغ 57 عاما، بعد نحو شهرين من تأكيد شبكة “سي بي أس” عزمها على أن توقف في سنة 2026، برنامج “ذا لايت شو” الذي يقدمه ستيفن كولبير المعروف بانتقاداته للرئيس الجمهوري.
وأتت الخطوة بعدما أثارت تعليقات لكولبير في شأن تسوية بقيمة 16 مليون دولار بين مجموعة “باراماونت” التي تنتمي إليها “سي بي إس” وترامب جدلا.
وسبق لترامب أن وجّه العديد من الانتقادات الى مقدمي البرامج المسائية على الشبكات الأميركية الكبرى، والذين يمزجون بين السخرية والتعليق السياسي واستضافة المشاهير، وغالبا أمام عدد كبير من الحاضرين.
وفي تصريحات للصحافيين أثناء رحلة العودة الى الولايات المتحدة بعد زيارة دولة الى بريطانيا، قال الرئيس الأميركي للصحافيين إن كل ما تقوم به الشبكات التلفزيونية ومقدمو البرامج هو “استهداف ترامب”. أضاف “هم يحملون تراخيص. لا يُسمح لهم القيام بذلك”.
وكان رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية براندن كار لوّح بسحب تراخيص البث من المؤسسات المرتبطة بشبكة “إيه بي سي” في حال قامت بعرض برنامج كيميل.
وكتب كار على إكس الخميس بعد تعليق البرنامج “شبكات البث التلفزيوني كانت على الدوام ملزمة بموجب تراخيصها، بالعمل من أجل المصلحة العامة، وهذا يشمل خدمة حاجات مجتمعاتها… أنا مسرور لأن العديد من شبكات البث تتجاوب مع مشاهديها”.
في المقابل، أثار قرار “إيه بي سي” انتقادات واسعة في صفوف سياسيين ديموقراطيين ومعلّقين في مجال الإعلام، اذ دانوا تهديدات لجنة الاتصالات بسحب تراخيص البث، معتبرين أن الشبكات الإعلامية والترفيهية تبدّي مصالحها الاقتصادية على ضمان حرية التعبير.
ورأت كامالا هاريس، نائبة الرئيس السابقة والتي خسرت انتخابات 2024 في مواجهة ترامب، أن “ما نراه هو استغلال صريح للسلطة… هذه الإدارة تهاجم المنتقدين وتستخدم الخوف سلاحا لإسكات كل من يدلي برأيه. شركات الإعلام، من شبكات التلفزيون الى الصحف، تستسلم في مواجهة هذه التهديدات”.
بدوره اعتبر السناتور ريتشارد بلومنتال إن “جيمي كيميل حُجب عن الهواء بسبب رقابة حكومية غير مسبوقة”، معتبرا أن لجنة الاتصالات الفدرالية “أثبتت الآن أن مهمتها الوحيدة هي أن تكون شرطة التعبير في يد ترامب، تعاقب من يراهم خصوما وتكافئ المحسوبين عليه”.
ويعتبر كيميل أحد أشهر وجوه التلفزيون الأميركي، إذ إنّه اضافة الى برنامجه الذي يقدّم نظرة فكاهية على الأحداث خمس ليالٍ في الأسبوع، تولّى تقديم حفل توزيع جوائز الأوسكار أربع مرات.
الا أن بعض المحللين يرون أن إلغاء برنامجه يعود بشكل جزئي، الى تراجع نسب المشاهدة لبرنامجه.
وقال أستاذ دراسات الإعلام في جامعة ديباو جيفري ماكال إن نسب مشاهدة كيميل “كانت موضع شكوك منذ مدة طويلة”، معتبرا أن “إيه بي سي وديزني كانتا مضطرتين في مرحلة ما الى اتخاذ قرار مستند بشكل أكبر الى السوق… وقررتا أنه من منظار نسب المشاهدة والمداخيل، لم يعد قابلا للاستمرار”.
ورأى مدير مركز حرية التعبير في جامعة ميدل تينيسي كين بولسون إن “المشكلة تكمن في الشركات التي تتخذ قرارات مستندة حصرا الى الاعتبارات المالية، ولا يمكن الوثوق بها لحماية الجمهور”.
وأتى الاعلان عن وقف برنامج ستيفن كولبير بينما كانت لجنة الاتصالات الفدرالية تدرس اتفاقا بمليارات الدولارات بين باراماونت غلوبال، وشركة سكاي دانس المملوكة من نجل لاري إيليسون المقرب من ترامب.
وأعطت اللجنة الضوء الأخضر للدمج بعد أيام من الاعلان بشأن كولبير. وحصلت على تعهد من “سكاي دانس” بأنها ستعتمد “إجراءات كفيلة باجتثاث الانحياز الذي قوّض الثقة بالاعلام الإخباري الوطني”.
وفي حالة كيميل، كانت شركة “نكستار” التي تسيطر على نحو 200 محطة تلفزيونية محلية في الولايات المتحدة، أول من بادر للإعلان عن وقف عرض برنامجه بعد تصريحات كار.
وتنتظر “نكستار” ومقرها في تكساس، الحصول على موافقة لجنة الاتصالات للاستحواذ على منافستها تيغنا.
وانتقد معلقون يمينيون إبعاد كيميل من الهواء، مقارنين هذه الخطوة بطرد الإعلامي تاكر كارلسن من فوكس نيوز في 2023، أو إبعاد الممثلة روزان بار على خلفية تغريدات اعتبرت عنصرية.
الا أن بولسون نفى وجود أوجه شبه.
وقال “في هذه الحالة، رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية يستهدف شخصية إعلامية… الآخرون فقدوا وظائفهم بسبب غضب الجمهور”. وأوضح أن “الشبكات تأخذ غضب الجمهور في الاعتبار… لكن عندما تغضب الحكومة، يصبح هذا إكراها”.
زمرة ماغا
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي “بشرى عظيمة لأميركا: برنامج جيمي كيميل الذي يعاني من تراجع في نسب المشاهدة تمّ إلغاؤه”.
وأضاف “أهنّئ شبكة إيه بي سي على امتلاكها أخيرا الشجاعة للقيام بما كان ينبغي القيام به. كيميل لديه صفر موهبة، ونسب مشاهدته أسوأ حتى من كولبير، إن كان هذا الأمر ممكنا أصلا”.
وكانت شبكة “سي بي إس” أبلغت ستيفن كولبير، مقدّم برنامج “ذا ليت شو”، أنّها ستلغي برنامجه الشهير اعتبارا من 2026.
وكان كيميل قد تحدّث في افتتاحية برنامجه المسائي الشهير عن عملية اغتيال كيرك الذي كان حليفا وثيقا للرئيس دونالد ترامب اغتيل برصاصة واحدة الأسبوع الماضي خلال مشاركته في فعالية جامعية في ولاية يوتا.
وقال المذيع الشهير “لقد شهدنا في نهاية الأسبوع المنصرم مستويات جديدة من التدنّي، مع بذل زمرة ماغا محاولات يائسة لوصف هذا الشاب الذي قتل تشارلي كيرك بأيّ شيء سوى بأنّه واحد منهم، وبذلهم كلّ ما في وسعهم لتسجيل نقاط سياسية من الواقعة”.
وماغا هو الاسم المختصر لـ”فلنجعل أميركا عظيمة مجدّدا”، الحركة التي أطلقها ترامب في ولايته الأولى.
وأعلن البيت الأبيض هذا الأسبوع أنه سيلاحق في أعقاب مقتل كيرك “حركة إرهاب محلّي” يسارية مفترضة، في خطوة تثير مخاوف كثيرين من أن تستخدم مثل هكذا حملة لإسكات المعارضة السياسية.
والأربعاء، أعلن ترامب تصنيف حركة “أنتيفا” (مصطلح عام يُطلق على جماعات يسارية متطرفة ترفع لواء مناهضة الفاشية) “منظمة إرهابية كبرى”.
وبعد أسبوع على اغتيال حليفه الوثيق تشارلي كيرك، كتب ترامب في منشور على “تروث سوشال” “يسرّني أن أبلغ العديد من الأميركيين الوطنيين أنّني بصدد تصنيف +أنتيفا+، الكارثة اليسارية الراديكالية المريضة والخطرة، منظمة إرهابية كبرى”.
وتشهد الولايات المتحدة انقساما حادا حول هوية مطلق النار على كيرك ودوافعه، إذ إنّ روبنسون الذي نشأ في كنف والدين جمهوريين يعتبره قسم كبير من اليمين مناصرا “لليسار المتطرف” لأنه ندد أمام مقربين منه بـ”الكراهية” التي كان ينشرها كيرك.
واستخدم الشاب في اغتيال كيرك رصاصات نُقشت عليها عبارات مناهضة للفاشية.
وفي منشوره الأربعاء، طالب ترامب شبكة “إن بي سي” بمنع اثنين من الكوميديين المشهورين الآخرين، هما جيمي فالون وسيث مايرز، من الظهور على شاشتها.
وانتقد حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، قرار إلغاء برنامج كيميل.
وقال نيوسوم إنّ “شراء منصات إعلامية والسيطرة عليها، وطرد معلقين، وإلغاء برامج… كلّ هذا منسّق وخطير”، معتبرا أنّ الحزب الجمهوري “لا يؤمن بحرية التعبير”.
ما الذي ينص عليه التعديل الأول؟ ولم هو موضع جدل؟
تتضمن وثيقة الحقوق التي تمت المصادقة عليها عام 1791، التعديلات العشرة الأولى لدستور الولايات المتحدة والتي تحمي الحقوق الأساسية للأميركيين.
وينص التعديل الأول على أن الكونغرس لا يمكنه سن أي قانون “يمنع أي شخص من ممارسة دينه بحرية أو يقيد حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التجمع السلمي”.
واعتبر ديفيد سوبر، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة جورج تاون، أن هذا التعديل “يمثل في الواقع كيف نحدد هويتنا كأمة”.
وأضاف لوكالة فرانس برس أنه بعيدا عن الإتنيات والخلفيات المتنوعة لسكان البلاد البالغ عددهم 340 مليونا، “ما يوحدنا هو الإيمان في النقاش المفتوح والإيمان بأن الحكومة لا تستطيع إسكات أي منا”.
بدوره، أوضح يوجين فولوخ، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، أن التعديل الأول يحمي حتى التعبير “المنحط أخلاقيا”، مشيرا إلى أن تاريخ الولايات المتحدة شهد رغم ذلك محاولات لقمع أصوات معارضة.
في العام 1798، وقّع الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدامز قانون التحريض على الفتنة الذي نص على أن “أي كتابات كاذبة أو كيدية تحتوي على معلومات غير صحيحة ضد حكومة الولايات المتحدة” تعد عملا إجراميا.
وخلال الحرب العالمية الأولى، كان التعبير عن الآراء السلمية محظورا. وفي عشرينات القرن الماضي، ومرة أخرى في خمسيناته، كان أي شخص في الولايات المتحدة يعرب عن تعاطفه مع الشيوعية يعرّض نفسه لعواقب وخيمة. وفي الستينات، حاول المسؤولون في العديد من الولايات الجنوبية إسكات حركة الحقوق المدنية.
وكانت إحدى الركائز الأساسية للحركة السياسية لترامب القضاء على “ثقافة الإلغاء”، وهي عملية انتقاد شخص معين بسبب التعبير عن رأي يعتبر غير مقبول، إلى حد نبذه أو طرده من العمل.
وكثيرا ما وصف ترامب “ثقافة الإلغاء” بأنها منتشرة بين التقدميين اليساريين، مدعيا أنها استخدمت لإسكات معلقين وسياسيين محافظين.
لكنّ الديموقراطيين اتّهموا ترامب بالقيام بالشيء نفسه مع مؤسسات إعلامية أميركية وجامعات كبرى.
وكتب الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما على منصة إكس “بعد سنوات من الشكوى من ثقافة الإلغاء، أخذتها الإدارة الحالية إلى مستوى جديد وخطير”.
من جهتها، أثارت وزيرة العدل الأميركية بام بوندي جدلا بين المحافظين عندما قالت في وقت سابق من هذا الأسبوع إن وزارتها ستلاحق أي شخص ينطق بـ”خطاب كراهية” مرتبط بكيرك.
وسارع السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى التصحيح لها ورد قائلا إن الدستور “يحمي قطعا خطاب الكراهية”، لتؤكد بوندي بعدها في بيان تناقلته وسائل الإعلام أنها كانت فقط تتحدث عن التصريحات التي تحرض على “العنف”.
ودعا المعلق المحافظ تاكر كارلسون إلى “عصيان مدني” إذا أدت جريمة قتل كيرك إلى زيادة قوانين تحد من حرية التعبير.
وانتقدت بعض الأصوات من أقصى اليمين مرسوما وقّعه ترامب في آب/أغسطس ويجعل حرق العلم الأميركي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عام.
وفي العام 1989، قضت المحكمة العليا الأميركية بأن حرق العلم الأميركي يعد شكلا من أشكال حرية التعبير، وهو أمر محمي بموجب التعديل الأول.
وكتب مقدم البرامج تلإذاعية المحافظ جيسي كيلي على إكس “لن أحرق العلم الأميركي في حياتي. لكنني سأشعر برغبة شديدة بالقيام بذلك عندما يخبرني رئيس بأنني لا أملك الحق في ذلك. أنا مواطن أميركي حر. إذا أردت يوما ما إحراقه، سأفعل ذلك”.
حرية الصحافة في أدنى مستوى لها منذ 50 عاما
من جهة أخرى تراجعت حرية الصحافة بشكل كبير في السنوات الخمس الأخيرة في العالم مسجلة أدنى مستوى لها منذ 50 عاما، على ما أظهر تقرير مرجعي حول الديموقراطية.
وقال كيفن كاساس-زامورا الأمين العام لمركز الدراسات “انترناشونال أيديا” ومقره في ستوكهولم لوكالة فرانس برس “وضع الديموقراطية الراهن مقلق”.
وأوضح أن 54 % من دول العالم سجلت بين العامين 2019 و2024 تراجعا في المؤشرات الخمسة الرئيسية للديموقراطية على ما أظهر التقرير.
وأكد كاساس-زامورا “الخلاصة الأهم في تقريرنا هي على الأرجح التراجع الخطر جدا في حرية الصحافة في العالم”.
فبين العامين 2019 و2024 عرفت حرية الصحافة “أكبر تراجع خلال السنوات الخمسين الأخيرة”.
وأوضح المسؤول “لم يسبق أن شهدنا تراجعا بهذه الخطورة لهذا المؤشر الرئيسي لسلامة الديموقراطية”.
وتراجعت حرية الصحافة في 43 دولة موزعة على القارات كلها من بينها 15 في إفريقيا و15 في أوروبا.
وقال كاساس زامورا “يحصل خليط سام يتضمن من جهة تدخلات قوية من جانب الحكومات، بعضها من مخلفات الجائحة”.
ومن جهة أخرى “هناك التأثير السلبي جدا للتضليل الإعلامي وجزء منه حقيقي والجزء الآخر يستخدم كحجة من جانب الحكومات لتقييد حرية التعبير”.
كذلك، أعرب مركز الدراسات عن قلقه من ظاهرة عالمية لتركز وسائل الاعلام التقليدية فضلا عن “غياب وسائل إعلام محلية في الكثير من الدول والتي تلعب دورا مهما جدا في دعم النقاش الديموقراطي” على ما أفاد كاساس-زامورا.
وسجلت أفغانستان وبوركينا فاسو وبورما التي تحتل أساسا مراكز متدنية، أكبر تراجع على هذا الصعيد.
وسجل رابع أكبر تراجع في كوريا الجنوبية على ما جاء في التقرير الذي أشار إلى “كثرة المحاكمات بتهم التشهير التي ترفعها الحكومة وحلفاؤها السياسيون على صحافيين ومداهمة منازل صحافيين”.
ولا يشمل التقرير التداعيات الأولى لولاية دونالد ترامب الثانية إلا أن “بعض الأمور التي شهدناها خلال الانتخابات في نهاية السنة الماضية وخلال الأشهر الأولى من 2025 مقلقة” على ما توقع كاساس-زامورا.
وأضاف “ما يحصل في الولايات المتحدة يميل إلى الانتشار عادة على الصعيد العالمي وهذا لا يبشر بالخير للديموقراطية في العالم”.