شارع الثقافة في كربلاء: عندما تصنع إرادة الشباب روح الحضارة

وصال الاسدي

2019-07-09 07:19

فن من فنون التعامل مع الاخر، تكسب صاحبها رونقا وجمالا داخليا كبير، فهي لا تعني فنجان قهوة سادة مع قلم ونظارات طبية وقبعة وحقيبة مملؤة بالفراغ، هالة تحيط بالإنسان تعكس الطاقة بداخل كل شخص، تختلف نسبتها بين الافراد، ليأتي تناسبها طردياً مع إشعاعها الخارجي، تماماً كالذوق المكتسب بعيدةً كل البعد أن تكون شيء فطري.

فهي لاتعني زيادة معلومات بمجال ما، أو أنها تعني الالمام بأكثر من مجال، مثلها مثل علم الفلسفة والمنطق تدخل بكل شيء وفي كل تفاصيل حياتنا.

انها الثقافة...ذلك العلم الفريد الذي تتمايز به المجتمعات، ويكتسب كسلوك، من الدين واللغة والقيم والعادات والتقاليد، متجدد بإستمرار ولا يمكن أن يقف عند حد معين، فتجسيد الكلمة على ارض الواقع مهمة صعبة، يؤديها من ترسخت مبادئها في نفسه، ومن انغمس بين طياتها ليفيض بمكتسباته للاجيال الاحقة ولربما لمن هم في حاضره، وترادف المعنى الظاهري للثقافة مع ما حملته متغيرات العصر الحديث من اوجه متعددة قد لاتمثل جوهره، ضيع الكثير من حقائق هذا العلم.

فالمثقف الحقيقي هو ذلك الحاذق والقادر على أن يحقق اعترافا وطنيا او دوليا بابداعاته، وان يوظّفها في خدمة مجتمعه والعلم بأكمله، فذلك واحد من عدة اسباب جعلتنا نبحث عن اصحاب مشروع #شارع_الثقافة في كربلاء المقدسة، اذ يعد واحد من المشاريع الثقافية المهمة في المحافظة.

وللحديث اكثر عن تفاصيل هذا الموضوع كان لشبكة النبأ حوار خاص مع قائد الفريق علي حاكم خيون.

صناعة الفكرة

الثقافة القائمة على أسس سليمة بإمكانها أن تغير سلويات الافراد وتوجهاتهم، وبالتالي صناعة المجتمع المتطور، الا ان هذا التغيير لايتم بين ليلة وضحاها، يتحدث هنا علي حاكم خيون قائد فريق حملة شبابنا عن بدايات المشروع.

"تجمع شبابي تطوعي مستقل، افتتح في تموز 2016 من خلال ملتقى كربلاء للثقافة والفنون، اذ تمت دراسته والتخطيط لتنفيذه على ارض الواقع، وبعد ثلاث اعوام مرت على تأسيس شارع الثقافة تحققت الكثير من أهدافه قصيرة المدى، سيما فسحه المجال لكثير من الشباب لإبراز مواهبهم الفنية في مجال الرسم والتشكيل والتمثيل والادب وغير ذلك.

كما كان له دورا كبيرا في تشجيع حركة القراءة من خلال المعارض التي تقام فيه فضلا عن مناقشات الكتب والمسابقات الثقافية، والأهم أنه أثبت قدرة الشباب على التقدم بالواقع الثقافي حيث كان بذرة مهمة ساهمت في ظهور العديد من الأعمال والنتاجات الشبابية اذ وجدو المشروع بابا مفتوحا للتعبيرعن مواهبهم وابرازها.

يستهدف الشارع الشباب بصورة كبيرة على الرغم من عدم اقتصار فعاليته عليهم، إلا انهم يمثلون النسبة الاكبر من مرتاديه، الذين يجدون في الشارع البيئة المناسبة لعرض نتاجاتهم أو لتلاقح الأفكار مع أصحاب الاهتمام الواحد والخبرات المتواجدة فيه.

فضلا عن أن المؤسسين لشارع الثقافة والقائمين على تنظيم فعالياته شهريا هم ثلة من الشباب المتطوع لخدمة مدينته بعيدة عن اي انتماءات أخرى".

فتيات شارع ثقافي

عندما تجلس مساء الجمعة على رصيف الشارع الثقافي، فان شعورا بالفخر يجتاح روحك وانت تتابع عن كثب ذلك المشهد الجميل، فتيات يبحثن عن جماليات وموضة عصرية بنكهة ثقافية ادبية شعرية وفنية بعيدا عن الثقافة الاستهلاكية والتسكع بالمولات دونما فائدة.

بعمر الزهور متعطشات لقراءة رواية جديدة او حضور جلسة نقاشية فكرية، وهناك من يتحدثن بصمت بليغ، لوح وفكرة والوان معبرة، ترى كيف يقرأ خيون انغماس المرأة الثقافي في هذا المشروع؟.

يعلق قائلا:"لربما يمكن القول إن شارع الثقافة هو من أبرز المشاريع الشبابية الرائدة في كربلاء، استقطب الفئات العمرية كافة، واسس قاعدة من جيل مستقبلي نأمل به خيرا كثيرا، ودور المرأة كبير سواء في الدعم او المشاركة او الحضور، اننا اؤمن بقدراتها الابدعية في كل المجالات، فكانت ولا تزال تمثل جزء مهم من فعالياتنا.

والرائع إن أغلب الفتيات يأتين للشارع مع عوائلهم فتجد الام تشجع ابنتها على المشاركة وتحفزها، وهذا شي جدا ايجابي وهو ملحوظ بشدة في فعاليات شارع الثقافة".

تغيير نمط الحياة والتربية شئ لابد منه اذا ما اردنا النهوض بالواقع الثقافي في المدينة والبلد بصورة عامة، لان الاجيال وكانها اصيبت بالشلل الفكري واصيب المجتمع بالعوق الثقافي فانحراف المفهوم عن سياقه الحقيقي ترك اثرا كبير اذ اصبحت الثقافة اليوم تقاس بالمظهر وليس بالجوهر وخصوصا بالنسبة للمرأة.

يراد له ان لايستمر

"الكثير من التجارب المشابهة في المحافظات نحن على تواصل معهم، بل زرنا معظمها وساهمنا باقامة بعض الأنشطة هناك من خلال مبادرة احياء الشوراع الثقافية في العراق، الجميع يحمل رؤية لمشروع يحاول اعادة ترسيخ الوحدة الثقافية وبناء جيل يتمتع بالحصانة الفكرية، ونحاول جميعا الخروج بثمرة من اجمالي التجارب في محافظات العراق.

المشروع لم يدعم من أي جهة كانت، إنما اقتصر ولا يزال تمويله من التبرعات التي يساهم بها أعضاء حملة شبابنا لسد تكاليف الفعاليات شهريا، كثيرة هي التحديات التي واجهتنا في مسيرة تأسيس شارع الثقافة بل أحيانا كانت عرقلة واضحة ولست في صدد ذكر جهة معينة"، وقبل ان يكمل خيون حديثه كان لابد من السؤال هنا

يتحدث خيون عدة مرات انه يراد لشارع الثقافة أن لا يستمر، لماذا برأيك وكيف قرأت تلك المواقف؟.

"ليس بالضرورة أن تكون الإرادة بعدم استمراره هي بخطوات منع ظاهرية، لربما العلم بقوة ردة فعل الشارع الكربلائي على متخذها، اكتفى بالنظر لهذا المشروع الثقافي الكبير مكتوفي الأيدي والمراهنة على عدم استمراره بدون دعمهم هو بالتأكيد تمني لعدم استمرار الشارع.

والا هل الكرفان - ( لخزن غراض الشارع كالكراسي ووالطبلات والبارت وغيرها ) - الذي طالبنا به لسنوات هو صعب التوفير ؟!، هل بناء نصب ثقافي هو بالشيء المستحيل.

تكلفته لا تتعدى ربع سعر نافورة في فلكة التربية!

الثقافة لا يعلو شأنها إذا لم تجسد نسيجا متكاملا لمجتمع أحادي أو متعدد أو متنوع، حيث تعبر عن نشاطات افراده وفعالياتهم والأساسيات التى تختص به .

احتياجات جمة لا يتعدى سعرها على حد قوله سعر نافورة فلكة التربية، يحتاجها شارع الثقافة في كربلاء ليطل على ابناء المدينة بحلة ابهى، احد المؤسسين للمشروع علي حاكم خيون بين ان "كل ما ذكر أعلاه تم تقديمه بطلبات رسمية للجهات المسؤولة ولم يأبه أحد على الرغم من علمهم بأهمية المشروع وماذا قدم للشباب ولكربلاء عامة".

واضاف "لطالما راهن الكثيرون على ان هذا الشارع لن يستمر طويلا تارة تشكيكا بقدرة الشباب على الاستمرار بجهودهم الذاتية المستقلة ، واخرى مقارنة مع التجارب السابقة في العمل التطوعي التي لم يكتب لها الاستمرار ، الى وصفه بأنه ( أنه مجرد نشاط شبابي لا أكثر خالي من الرؤية الثقافية )، الا اننا نقول: ان اي فعل ثقافي أو فني لا يخلو من فائدة للمجتمع فلا اعتقد يمكن تسميته بالروتين".

واشار خيون الى اننا " عازمون على الاستمرار والمضي قدما بتطوير الفكرة وعملنا مستمر لتطوير جوانب الشارع بما يتناسب مع امكانياتنا البسيطة والذاتية وهذا أمر مهم.

ودعا المعنين بالحكومة المحلية والمركزية، بخلق مسارات في هذه المجالات لاستقطاب الشباب ودعمهم وتوظيف هذا الاهتمام في خدمة المجتمع والمحافظة وبالتأكيد ستكون النتائج كبيرة جدا، اذ اننا خلال أكثر من ٣٠ فعالية على مدار ثلاث اعوام لمسنا إن هناك الكثير من الطاقات الفنية المميزة، وكذلك المواهب المتعددة لدى الشباب سيما فيما يخص ( القراءة والفن والتطوع ) التي تمثل أبرز اهتماماتهم، وهذا بصيص أمل لاجيال المستقبل المتجددة.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا