الصحفيون شهود على قتلهم
شبكة النبأ
2023-12-20 04:40
قتل 45 صحافيا خلال أدائهم مهنتهم في 2023 في حصيلة أدنى بقليل من العام 2022 رغم "مأساة" الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي قضى ما لا يقل عن 17 صحافيا فيها بينهم 13 في قطاع غزة على ما أفادت منظمة مراسلون بلا حدود.
وقتل العام الماضي 61 صحافيا في العالم بحسب الحصيلة السنوية لهذه المنظمة.
وحصيلة العام الحالي هي الأدنى منذ أكثر من عشرين عاما عندما قتل 33 صحافيا في 2002. وأكثر من ثلث قتلى العام 2023 مرتبط بالنزاع في الشرق الأوسط من بينهم 13 في قطاع غزة.
وقال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار لوكالة فرانس برس "نسجل تراجعا منتظما (في القتلى) بعيدا جدا عن 140 صحافيا قتلوا في 2012 ومن ثم 2013" جراء الحرب في سوريا والعراق خصوصا، "لكن ذلك لا يخفف بشيء من المأساة في غزة".
وأوضحت المنظمة أن الحصيلة العالمية التي تحصي القتلى حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر "لا تشمل الصحافيين لذي قتلوا خارج إطار أداء مهامهم أو الذين لم يُستهدفوا بصفتهم صحافيين أو أولئك الذين لا تزال ظروف مقتلهم مجهولة".
وأحصت "مراسلون بلا حدود" مقتل 13 صحافيا سقطوا "بنيران إسرائيلية" في غزة منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأدت هذه الحرب إلى مقتل ثلاثة صحافيين في لبنان. وقتل آخر في إسرائيل بنيران حركة حماس.
في تشرين الثاني/نوفمبر، تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب "جرائم حرب" في حق الصحافيين القتلى في غزة والصحافي الإسرائيلي.
وأظهر تحقيق أجرته وكالة فرانس برس ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي حول القصف الذي أدى في 13 تشرين الأول/أكتوبر إلى مقتل الصحافي في وكالة رويترز باسم عبدالله وإصابة ستة آخرين بينهم المصورة في فرانس برس كريستينا عاصي التي أصيبت بجروح بليغة، أنّ الضربة نجمت عن قذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية.
وتعليقا على نتيجة التحقيق، أفاد الجيش الإسرائيلي وكالة فرانس برس أن القصف حصل في "منطقة قتال نشطة".
ورأى كريستوف دولوار أن هذا التعليق "غير مرض" مشددا على "وجود الكثير من العناصر التي من شأنها أن تضع إسرائيل أمام مسؤولياتها".
أما النزاع في أوكرانيا فقد سقط فيه صحافيان العام 2023 أحدهما مراسل وكالة فرانس برس برس أرمان سولدين "الصحافي الوحيد الذي قتل في بلد غير بلده" خلال السنة الحالية. وقد قتل 11 صحافيا في المجموع منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
وتتميز الحصيلة العامة للعام 2023 ب"تراجع ملحوظ" في عدد الصحافيين القتلى في أميركا اللاتينية مع مقتل ستة صحافيين في مقابل 26 في 2022.
في المكسيك التي شهدت أكبر عدد من القتلى وراء غزة، سقط أربعة صحافيين في العام 2023 في مقابل 11 العام الماضي. لكن التقرير أشار إلى أن ذلك لا يعني أن امن الصحافيين تحسن "كما تظهر عمليات الخطف الثلاث والهجمات المسلحة على أربعة صحافيين في نهاية العام 2023".
وأضافت المنظمة "نظرا إلى العدد القياسي لأعمال العنف المسجلة العام 2022 بات عدد من الصحافيين يقيّم المخاطر التي يتعرضون لها، بطريقة منهجية أكثر ما يعني مزيدا منن الرقابة الذاتية".
وكشف التقرير أن ثلث الصحافيين المفقودين في العالم وعددهم 84، هم مكسيكيون.
وتراجع عدد الصحافيين المسجونين من 569 في 2022 إلى 521 خلال السنة الراهنة فيما انضمت بيلاروس إلى الصين وبورما "كواحدة من من أكبر ثلاثة سجون في العالم".
ولفت التقرير إلى أن تركيا وإيران تزجان صحافيين في السجون بشكل متكرر.
ويحتجز 54 صحافيا رهينة في الوقت الراهن مقارنة ب62 في 2022.
شهود على الحرب وضحايا لها
يدفع الصحافيون ثمنا باهظا لتغطية الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة والتي سقط خلالها عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوفهم.
لكن الناجين منهم يواجهون خطر الموت في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع فضلاً عن الصعوبات في الاتصالات والقلق على أسرهم، ونقص المستلزمات الأساسية للبقاء من غذاء وماء.
وقالت الصحافية الغزية هند الخضري لوكالة فرانس برس "عملنا هو توثيق الحرب لنطلع العالم على ما يحدث".
لكنهم يعرفون أن لذلك تكلفة باهظة. فيوم الجمعة، سقط مصور الجزيرة سامر أبو دقة قتيلًا أثناء تغطيته القصف في جنوب قطاع غزة.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود إن عدد الصحافيين الذين قتلوا في حرب غزة خلال هذه الفترة القصيرة يفوق عدد القتلى في أي نزاع شهده العالم منذ 30 عامًا على الأقل.
وتفيد لجنة حماية الصحافيين، أن ما لا يقل عن 64 من العاملين في وسائل الإعلام، بمن فيهم صحافيون ومصورون ومصورو فيديو وفنيون وسائقون، ومعظمهم في غزة، قُتلوا منذ هجوم حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال المصور الصحافي الفلسطيني معتز عزايزة، إن كل يوم هو "مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا".
فقد قُتل البعض منهم في القصف وهم في منازلهم مع عائلاتهم. وقُتل آخرون أثناء أداء عملهم.
وقُتل ثلاثة صحافيين في القصف في لبنان حيث يحصل تبادل يومي للقصف بين إسرائيل وحزب الله، كما قُتل أربعة صحافيين إسرائيليين خلال هجوم حماس على كيبوتس يعيشون فيه.
وبحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أحدث الأرقام الإسرائيلية الرسمية، قُتل نحو 1140 شخصا في جنوب إسرائيل في هجوم حركة حماس غالبيتهم في اليوم الأول منه. وقد احتجز نحو 250 رهينة واقتيدوا إلى غزة.
قالت الخضري "تركت قطعة من قلبي" بعدما أرغمت مثل نحو 1,9 مليون من سكان غزة على الفرار إلى جنوب القطاع.
توجهت في البداية إلى مستشفى الشفاء التي لجأ إليها آلاف آخرون، ومن ثم إلى رفح عند الحدود الجنوبية المغلقة مع مصر. لكنها لم تتوقف قط عن توثيق "أهوال" الحرب.
وقال جوناثان داغر، مدير منظمة مراسلون بلا حدود في الشرق الأوسط، إن ما يحدث في غزة هو "خنق للصحافة".
وحتى قبل اندلاع الحرب، واجه الصحافيون فترات عصيبة في غزة في ظل حكم حركة حماس التي سيطرت على القطاع في عام 2007.
وقال عادل الزعنون مراسل وكالة فرانس برس منذ نحو 30 عاما، "في ظل حماس، تغير العمل الصحافي بشكل كبير عما كان عليه الوضع في ظل السلطة الفلسطينية".
وأضاف "لا تعترض حماس عادة على تغطية العمليات العسكرية الإسرائيلية، لكنها منعت تماما أي تغطية لأنشطتها العسكرية، بما في ذلك المواقع العسكرية والأسلحة والأنفاق".
حماس التي تعدها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة "إرهابية"، "حظرت أيضا أي تغطية لأي مظهر من مظاهر الفساد في حكومتها"، كما أن "قواتها الأمنية لا تتغاضى عن أي انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي".
منذ بدء القتال، قام رامي أبو جاموس، الصحافي والمنسق لدى الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية، بتوثيق الحياة في غزة في ما يسميه بأنه أمر "واجب".
وبين فيديوهات الجثث ومناشدات الجرحى، ينشر لقطات يلعب فيها مع ابنته ليخطف منها ابتسامة.
مع أكثر من 17 مليون متابع، يلتقط المصور الصحافي عزايزة أيضًا في صوره محنة النازحين، فضلاً عن شعوره هو نفسه "باليأس".
فهو من خلال دوره كشاهد ومشارك، قام بسحب جثث من تحت الأنقاض أو نقل أطفال الجرحى إلى المستشفى.
وجميع الصحافيين الذين أجرت معهم وكالة فرانس برس مقابلات، بمن فيهم اثنان يعملان لديها، دفنوا أحد أحبتهم أو قريبًا لهم أو صديقًا منذ بداية الحرب.
في بعض الأحيان تقع المأساة في أثناء أدائهم عملهم. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح علم أثناء بث مباشر أمام الكاميرا بمقتل زوجته وطفليه في غارة إسرائيلية.
وقال لوكالة فرانس برس "خوفي الأكبر لم يكن أن أؤدي وظيفتي أبدا، بل أن أفقد أسرتي ... أسرتي التي استشهدت لم أرها حتى يوم الاستشهاد، منذ اندلعت الحرب على قطاع غزة. ودعتهم قبل أن أذهب إلى الحرب، ثم ودعتهم عندما واريتهم الثرى".
وأضاف الدحدوح الذي أصيب أيضا في ذراعه خلال الغارة التي قتلت المصور أبو دقة، أن الصحافي الفلسطيني "وجد نفسه في أتون المعركة مرغمًا لا راغبًا، وبات يدفع ثمنًا باهظًا، ومثل أي مواطن فلسطيني عادي بات يخشى على نفسه، على حياته، على عمله وعلى أسرته وأحبابه وأقاربه" وهو عاش مثلهم "حياة النزوح والتشرد والتهجير القسري".
منذ بداية الحرب، شجبت منظمة "مراسلون بلا حدود" "عجز إسرائيل عن حماية الصحافيين العاملين على الأرض، الذين ليس لديهم ملاذ آمن".
وبينما يعاني الجميع في غزة من نقص الوقود والغذاء والماء، فإن الصحافيين في حاجة ماسة إلى الكهرباء لشحن الهواتف والكاميرات وأجهزة الكمبيوتر. وهم يعانون من انقطاع الكهرباء المستمر والانقطاع المتكرر للاتصالات.
وقال داغر من منظمة مراسلون بلا حدود إن "من خلال قطع الإنترنت، تمنع السلطات الإسرائيلية الصحافيين من العمل. إنه انتهاك للحق في الحصول على المعلومات".
واضطر الصحافيون إلى اللجوء إلى أساليب مبتكرة لمواصلة العمل، مثل الصعود إلى أسطح المنازل لالتقاط إشارة لإرسال موادهم مع تكرر الانقطاع.
وحثت منظمة مراسلون بلا حدود السلطات على "فتح أبواب" معبر رفح الحدودي مع مصر، حتى "يتمكن الصحافيون أخيرًا من الدخول والخروج على جانبي الحدود".
وبعد 73 يوما من الحرب، يبدو مراسل وكالة فرانس برس عادل الزعنون منهكًا. ويقول إن أمنيته الوحيدة هي "إيصال عائلتي إلى بر الأمان".
غزة مقبرة للصحافيين
وسابقا اتهم جوناثان داغر رئيس مكتب مراسلون بلا حدود في الشرق الأوسط، القوات الإسرائيلية بأنها "قتلت ما يقرب من 50 صحافيا خلال 45 يوما في غزة، منهم 11 صحافيا أثناء قيامهم بواجباتهم. وهي واحدة من أكثر الخسائر دموية في هذا القرن (بالنسبة للصحافة)".
كما أدان داغر منع الصحافيين الدوليين من دخول غزة. وقال إن المراسلين المتواجدين في القطاع ليس لديهم "ملاذ آمن ولا وسيلة للهروب.. يتم قتلهم الواحد تلو الآخر".
ودعا نفس المتحدث المجتمع الدولي إلى حماية الصحافيين في غزة، محذرا من "استئصال حقيقي للصحافة في الأراضي الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وفي بيان سابق، وصف داغر الوضع في غزة بأنه مأساوي بالنسبة للصحافة وقال: "قُتل أكثر من صحافي يوميا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".
كما اتهمت المنظمة في بيان سابق، إسرائيل بالعمل تدريجيا على خنق الفاعلين الإعلامين في قطاع غزة منذ قرابة أسبوعين، من خلال "قتل الصحافيين أو إصابتهم أو بتدمير مبان إعلامية أو قطع شبكة الإنترنت أو تهديد قناة الجزيرة الدولية بالرقابة".
كما دانت المنظمة في بيان نشرته في 10 نوفمبر/تشرين الثاني "تزايد أصوات التهديد والدعوة إلى قتل الصحافيين (في غزة) في أوساط السياسيين الإسرائيليين، وذلك في أعقاب نشر تقرير يشكك في نزاهة بعض الفاعلين الإعلاميين" الفلسطينيين.
ونشرت مراسلون بلا حدود الأربعاء لائحة بأسماء بعض الصحافيين الذين قتلوا مؤخرا في المنطقة، منهم:
بلال جاد الله (49 عاما) وهو رئيس مجلس إدارة بيت الصحافة، والذي لقي حتفه في غارة إسرائيلية خلال محاولته مغادرة قطاع غزة صباح 19 نوفمبر/تشرين الثاني.
حسونة سليم (28 عاما) وساري منصور (32 عاما) وقد قتلا في 18 نوفمبر/تشرين الثاني. وكان الأول يعمل كمدير لوكالة الأنباء الفلسطينية على الإنترنت "قدس نيوز"، أما الثاني فهو مصور صحافي مستقل. وقد لقيا مصرعهما إثر هجوم إسرائيلي على مخيم البريج للاجئين وسط غزة حيث كانا يعيشان. وحسب معلومات مراسلون بلا حدود، فقد تلقى حسونة سليم تهديدا بالقتل يوما فقط قبل مقتله "لأسباب تتعلق بنشاطه الصحافي".
في لبنان، قُتلت فرح عمر مراسلة قناة الميادين وزميلها المصور الصحافي ربيع المعمري في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، إثر قصف إسرائيلي على بلدة طير حرفا بجنوب لبنان، أثناء تغطيتهما لتبادل القصف في المنطقة الحدودية.
لكن لم تكن هذه أول مرة يقتل ويجرح صحافيون لبنانيون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. ففي 13 من نفس الشهر، قُتل مصوّر رويترز عصام عبد الله وأصيب آخرون من وكالة الأنباء الفرنسية وقناة الجزيرة ورويترز خلال تغطيتهم قصفا إسرائيليا على جنوب لبنان.
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني، أصيب مصور الجزيرة بجروح إثر قصف إسرائيلي خلال جولة لصحافيين في بلدة حدودية.
وقالت مراسلة قناة فرانس24 في غزة مها أبو الكاس في مداخلة يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول، أن منزل عائلتها في القطاع قد تعرض إلى قصف إسرائيلي في التاسع من نفس الشهر، كاد يودي بحياتها هي وأفراد أسرتها.
وظهرت المراسلة وعلى رأسها ضمادة بعد معالجة جراحها في المستشفى. وقالت: "بمجرد خروجنا من المنزل حتى نتجه إلى مكان آمن تم استهداف المبنى الذي أسكن فيه وأيضا المبنى المجاور له بدون أي تحذير. خرجنا من تحت الأنقاض بصعوبة شديدة جدا، توجهنا إلى المستشفى أنا وزوجي وابنتي وأمي وأخي جميعنا كنا مصابين. الأثر النفسي كبير جدا بعد الخسارة التي ألمت بنا".
وتعقيبا على الوضع المأساوي للصحافيين في المنطقة منذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل، قال ناصر أبو بكر نقيب الصحافيين الفلسطينيين في مداخلة سابقة لبرنامج منتدى الصحافة على فرانس24 إن "أكثر من 1000 صحافي وعائلاتهم في قطاع غزة نزحوا من منازلهم، الغالبية الساحقة منهم لم يعد لديهم مكان آمن. منهم من نزح إلى جنوب قطاع غزة أو مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث اللاجئين (أونروا)، منهم أيضا من يتواجد في ساحات المستشفيات أو ينام تحت الشجر أو تحت السماء، هم بالمئات".
وأضاف أبو بكر: "نعجز عن نقل المساعدات ومنها ملابس الوقاية الخاصة بالصحافيين إلى قطاع غزة بسبب الإجراءات الإسرائيلية. نقابة الصحافيين المصريين جمعت أكثر من 43 درعا وخوذة لإدخالها للصحافيين في غزة".
من جانبه، قال الصحافي خالد الخالد في مداخلة على نفس البرنامج إنه يجب "تشكيل ضغط دولي على إسرائيل لوقف استهداف الصحافيين والحرب. نسمع كل يوم إدانات سواء من مراسلون بلا حدود أو منظمات حماية الصحافيين أو الاتحاد الدولي للصحافيين. منظمة مراسلون بلا حدود رفعت ثلاث شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق دولي، لكن حتى الآن لا توجد نتائج ملموسة. هناك استهداف ممنهج للصحافيين وإرادة بأن لا تظهر حقيقة هذه الحرب أمام الإعلام".
وكانت مراسلون بلا حدود قد أعلنت في 31 أكتوبر/تشرين الأول عن إيداعها شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية حيال "جرائم الحرب" المرتكبة ضد الصحافيين الفلسطينيين في غزة وضد صحافي إسرائيلي، تعد الثالثة من نوعها منذ 2018، داعية إلى تحقيق دولي.
وقال حسين الوائلي وهو صحافي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي في مداخلة سابقة لفرانس24، إن سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا في صفوف الصحافيين خلال تغطيتهم للحرب بين حماس وإسرائيل، هو سابقة في تاريخ الصراعات خلال السنوات الأخيرة. ولفت إلى حادثة مشابهة أدت إلى مقتل نحو 13 صحافيا من وكالة رويترز في غارة أمريكية على بغداد، اعتذر عنها الجيش الأمريكي لاحقا.
بدوره، قال نبيل شوفان صحافي في إذاعة مونت كارلو لبرنامج منتدى الصحافة، في تعليقه على مقتل عشرات الصحافيين في غزة وأيضا جنوب لبنان وإسرائيل، إن "هذه أرقام غير مسبوقة وهذا يثبت أن الحرب الحالية هي من أخطر الحروب التي تطال أرواح الصحافيين بهذا العدد. خلال بضعة أسابيع لدينا عدد ضحايا هو أكبر من مجموع كل الصحافيين الذين سقطوا منذ 21 عاما خلال تغطية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وهذا يدلل على أن هناك عنفا غير مقنن. هناك اتهامات لإسرائيل بأنها تتعمد استهداف الصحافيين ومكاتبهم وأدواتهم".
تعمد ملاحقة الصحفيين
من جهتها قالت شبكة الجزيرة الفضائية إن مصورا يعمل بها قُتل في ضربة بطائرة مسيرة يوم الجمعة أثناء تغطيته لقصف سابق لمدرسة تُستخدم كمأوى للنازحين في جنوب قطاع غزة.
وأوضحت الجزيرة أن المصور سامر أبو دقة لم يجد ملاذا آمنا أو رعاية طبية بعد إصابته في الضربة بمدرسة فرحانة في خان يونس وتوفي متأثرا بجراحه قبل السماح لسيارات الإسعاف بالدخول إلى المنطقة.
وأضافت الشبكة أن مسيرات إسرائيلية أطلقت صواريخ على المدرسة. ولم تتمكن رويترز من التحقق من تفاصيل الحادث.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق.
وقالت الجزيرة في بيان إن مصورها "تُرك ينزف لأكثر من 5 ساعات بعد إصابته"، مضيفة أن القوات الإسرائيلية منعت سيارات الإسعاف وعمال الإنقاذ من الوصول إليه، وحرمته من العلاج الطارئ الذي كان في أمس الحاجة إليه.
وكان الصحفيون يقومون بالتغطية من المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة، والتي أصبحت في مركز الهجوم البري الإسرائيلي في الأيام الأخيرة.
وقالت إدارة الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية التي تسيطر عليها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إن ثلاثة من عمال الإنقاذ في غزة قُتلوا أيضا في ضربة على المدرسة. ولم تتمكن رويترز على الفور من تحديد تسلسل الأحداث.
وقالت الجزيرة إن كبير مراسليها وائل الدحدوح أصيب في يده في الهجوم لكنه تمكن من الوصول إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج من إصاباته.
والدحدوح، المراسل في غزة، معروف بشكل خاص للمشاهدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط بعد أن علم الشهر الماضي خلال بث مباشر مؤثر أن زوجته وابنه وابنته وحفيده قتلوا في ما قالت الشبكة إنها غارة جوية إسرائيلية.
وردا على سؤال حول مقتل سامر أبو دقة، قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي للصحفيين "ليس لدينا حتى الآن أي مؤشرات على أن الإسرائيليين يتعمدون ملاحقة الصحفيين الذين يغطون هذه الحرب".