هل تصبح مصر وطناً بديلاً للسلفيّة بعد كنسها من السعوديّة؟

بعد عودة برهامي إلى الخطابة...

المونيتور

2019-08-31 04:10

بقلم: رامي جلال

القاهرة - أصدرت وزارة الأوقاف المصريّة، في 7 آب/أغسطس الجاري، تصريح أداء خطبة الجمعة عن الفترة الممتدّة من 1 آب/أغسطس حتّى 31 آب/أغسطس من عام 2019 داخل مسجد الخلفاء الراشدين في الإسكندريّة لنائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفيّة الشيخ ياسر برهامي، لأول مرة منذ العام 2014، والذي اشتهر بالعديد من الفتاوي التي أثارت ضده سخط وسائل الإعلام المصرية ومنها عدم تهنئة الأقباط بعيدهم, تحريم مشاهدة مباريات كرة القدم, حرمة تعليق صور شخصيات ديزني لاند في غرف نوم الأطفال.

وقد اشترطت وزارة الأوقاف المصرية في 2014 حصول أي خطيب علي تصريح خطابة حتى إذا كان يحمل الدكتوراه من جامعة الأزهر ويجب اجتياز المقابلة الشخصية التي تتم, بمعرفة مديرية الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف التي ستمنحه التصريح .

وفقاً لـ7 شروط تضمّنها التصريح تشمل: الالتزام بموضوع الخطبة الموحّدة لوزارة الأوقاف، وهو القرار الذي بدأ تطبيقه فعليّاً منذ خطبة الجمعة في 2 تمّوز/يوليو من عام 2014 ومنهج الوزارة الأزهريّ الوسطيّ الأشعريّ نسبة إلى العالم الإسلاميّ أبو الحسن الأشعريّ، أن يكون زمن الخطبة بين 15 و20 دقيقة، عدم التطرّق إلى أيّ أمور سياسيّة أو خلافيّة أو إصدار فتاوى داخل المساجد، عدم إعطاء دروس دينيّة خلاف خطبة الجمعة، فضلاً عن الالتزام بالعمل وفق توجيهات الدعوة في الوزارة، عدم الانتقال من مسجد إلى آخر إلاّ بموافقة مسبقة من مدير مديريّة الأوقاف

ومدير الإدارة الخاصة بتصاريح الخطابة ومفتّش المنطقة الذي يحضر الخطبة ليتأكد من مدي التزام الخطيب بتعليمات الوزارة ويرفع تقرير للمديرية التابع لها، إضافة إلى اعتبار التصريح شخصيّاً والحفاظ عليه مسؤوليّة شخصيّة.

أثارت عودة العقل المدبّر للدعوة السلفيّة في مصر إلى منبر الخطابة علامات استفهام عدّة وانتقادات من المنتمين إلى التيّار العلمانيّ في مصر مثل المفكّر خالد منتصر والنوّاب مثل النائبة نادية هنري ودعوات قضائيّة ضدّ مانحي التصريح بالخطابة لياسر برهامي وعلى رأسهم الشيخ محمد خشبة وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية. السبب الرئيسي أن فتاوي برهامي وخطبة الدينية بها عداء للأقباط ولم يعتذر عنها.

وعن هذا الشأن، قال المتحدّث باسم الدعوة السلفيّة المهندس عبد المنعم الشحّات لـ"المونيتور": "إنّ الدكتور ياسر برهامي حاصل على ليسانس شريعة جامعة الأزهر، وتقدّم إلى الأوقاف بهذه الصفة للحصول على تصريح الخطابة، وليس بصفته نائب رئيس الدعوة السلفيّة، والأوقاف لا تتعامل مع الجمعيّات مثل الدعوة السلفيّة، إنّما تتعامل مع كلّ فرد يتقدّم إليها بحسب ما تراه بشأنه ومدى استيفاء الشروط لمنحه تصريح الخطابة".

أضاف: "الجديد أنّ وزارة الأوقاف كتبت تعليماتها المعتادة والمنشورة مرّات عدّة من قبل في صلب التصريح. لا أدري هل قرّرت الوزارة انتهاج هذا الأمر مع الجميع أم أنّها خصّت به تصريح الشيخ ياسر برهامي لسبب أو لآخر. ومن الناحية الموضوعيّة، لا جديد في التعليمات، ولا توجد تعليمات خصوا بها الشيخ برهامي وحده".

وتابع: "وجود التيّار السلفيّ السلميّ، الذي نادى بحرمة الدماء والمحافظة على العهود مع غير المسلمين سواء الزائرين لبلاد الإسلام أو عندما يزور المسلمون بلاداً غير إسلاميّة هو الضمانة الأولى للحدّ من انتشار تيّار العنف والتكفير.

جدير بالذكر أن الدعوة السلفية تأسست في مصر عام 1977 واقتصر عملها على الحيز الاجتماعي والدعوي ورفضت الانخراط في اللعبة السياسية. وفي نفس الوقت كان تعامل أجهزة الأمن المصرية مع السلفيين أقل حدة من الجماعات الإسلامية الأخرى لسببين الأول عدم سعيها للوصول إلى الحكم والثاني تفتيت التيار الإسلامي الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين. ولكن انقلب الوضع رأسا على عقب بعد ثورة 25 يناير 2011 وتم تأسيس حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية الذي حصل على المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية المصرية ب 112 من 508 والتي أجريت في 2012 مقعد وبعد 30 يونيو2013 تعرض الحزب للعديد من الحملات التي تطالب بحله بدعوي أنه حزب أسس على أساس ديني على الرغم من تأييده لـ 30 يونيو غير أن الجيش لم يُحبِّذ ذلك لأنه لا يفيد استراتيجيتهم الحالية الإبقاء على عناصر من التيار الإسلامي ليحفظ التوازن في مواجهه التيار الليبرالي واحتفظت الدعوة السلفية بمعظم تواجدها الاجتماعي مع ضغط شديد إعلاميا جردها من مكاسبها السياسية بعد ثورة 25 يناير حيث حقق الحزب في انتخابات برلمان 2015 "12 مقعد من 596.

وقال أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الشريف الدكتور أحمد كريمه لـ"المونيتور": "أشعر بأنّ السلفيّة يتمّ كنسها من السعوديّة لتستقرّ في مصر.

حلحلة الايدولوجيات مثل السلفية يتطلب تغيير تدريجي في واقع المجتمع السعودي وهو ما تقوم به السعودية حاليا بقيادة بن سلمان ولكنه توقع أن يهاجر علماء السلفية في السعودية الذين يخشون الصدام مع النظام السعودي إلى مصر وخاصة محافظة الإسكندرية معقل السلفية في مصر.

برعاية أطراف وقوى دوليّة لا تريد لمصر الاستقرار. وفي الوقت، الذي يهمّش فيه أساتذة جامعيّون أزهريّون ولا يسمح لهم بصعود المنبر للخطابة يتمّ منح برهامي صاحب الفتاوى المتشدّدة وراعي السلفيّة في مصر هذا التصريح".

يشترط القانون أن يكون هناك مقابلة شخصية للمتقدم للخطابة حتى إذا كان دكتور بجامعة الأزهر ويتم استبعاد الأساتذة الذين لا يؤيدون النظام الحالي في مصر مهما بلغت درجتهم العلمية.

أضاف: "إنّ السلفيّين بقيادة برهامي يكفّرون كلّ المسلمين الذين لا يعتنقون أفكارهم من الصوفيّة والشيعة، ويتّهمون الأزهر بفساد العقيدة لاتّباعه المذهب الأشعريّ. فالسلفيّة انتشرت في مصر بأموال خليجيّة عبر العديد من القنوات الفضائيّة وبنت مفارخ للفكر المتطرّف. وعلى سبيل المثال، يقوم الشيخ محمّد حسّان، وهو أحد كبار دعاة الدعوة السلفيّة حاليّاً، ببناء مجمع إسلاميّ على مساحة 30 فدّاناً بمدينة 6 أكتوبر في حيّ السادس، ملحقة به حضانات أطفال لتعليم الأطفال مبادئ السلفيّة، فالسلفيّة ليست خطراً على الأزهر، فهي خطر على الإسلام".

من جهته، قال أمين سرّ اللجنة الدينيّة في مجلس النوّاب الدكتور عمرو حمروش لـ"المونيتور": "أتحفّظ بشدّة على قرار وزارة الأوقاف الأخير بمنح تصريح الخطابة للدكتور ياسر برهامي، حتّى إذا كانت لمدّة شهر أو تحت ضوابط، فالرجل لم يعتذر عن الفتاوى المتطرّفة السابقة. ولذا، لا يوجد أيّ مبرّر لمنحه هذا التصريح، ففكر الدكتور برهامي لم يتغيّر، حتّى وإن تظاهر بالالتزام بشروط الأوقاف من أجل اعتلاء المنابر. ولذا، أرجو من وزارة الأوقاف مراجعة هذا التصريح والرجوع عنه".

https://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي