التحول الرقمي يقضي على الإعلام الورقي
ويزيد من المخاوف على الأمن السيبراني
منى شلبي
2019-07-27 07:01
كم كانت الحياة أكثر تعقيدا وصعوبة بمجرد العودة إلى الوراء لنرى تلك الأجهزة البالية والأوراق المتآكلة والمترامية في المؤسسات والشركات، تتحول إلى حواسيب ذكية وأجهزة أكثر تطورا تختصر الوقت وتضغط على المعلومة، في تطور مذهل ساهم بشكل كبير في ترقية الحياة على كل المستويات، إلا أن لهذا التحول الإيجابي تأثيراته السلبية التي باتت تشكل هاجسا كبيرا لدى مستخدمي الأجهزة الذكية والجيل المتطور من الحواسيب، وعندما نتحدث عن المخاوف، فهي ناتجة عن التحديات المصاحبة للتحول الرقمي من جهة والأمن السيبراني الذي يتأثر بشكل كبير بهذا التحول.
التحول الرقمي مرحلة جديدة تغير حياتنا نحو الأفضل
منذ سنوات ليست ببعيدة عانى الموظفون والعمال في الشركات والمؤسسات من تراكم العمل على الأوراق في عملية مملة غير منظمة ومتعبة وروتينية، وبمجرد ما تحولت حياتنا، خاصة المهنية منها إلى العالم الرقمي تغير معها نمط الحياة والجودة، فقد تم استغلال التطور التكنولوجي لتسريع العملية الإنتاجية واسلوب المعاملات الإدارية والتجارية وحتى الحياة اليومية، فعلى سبيل المثال أصبحت طلبات الأكل عبر الإنترنت وطلبات التوظيف عبر البريد الإلكتروني وكل المعاملات أصبحت إلكترونيا، وهذا يعني أننا دخلنا إلى العالم الرقمي وهي مرحلة جديدة تحمل الكثير من التحديات التي تواجه مستخدمي الشبكات العنكبوتية والأجهزة الذكية والإلكترونية وتدعو إلى المزيد من الإنفتاح والحذر ومعرفة أدق التفاصيل عن كيفية استخدام هذه التكنولوجيا وتوجيهها بطريقة تخدم عملنا وحياتنا.
ماذا لو تعطل أو تم تخريب نظام الأجهزة الإلكترونية أو سرقة بياناتها؟
سؤال مخيف يسيطر على كبرى المؤسسات والشركات والأجهزة والشخصيات ومنظمات جل عملها محفوظ في هذه الأجهزة الإلكترونية والذكية، ماذا لو حدث خلل أو تم تخريب أنظمة الأجهزة التي تحتوي على كل البرامج والبيانات والمعلومات التي تعتمد عليها وتدير بها عملها؟
قد يصل الأمر إلى حد إفلاس هذه الشركات وإغلاقها، أو تهديد وجودها وسمعتها، لذلك نجد حالة من التأهب المستمر والعمل المضاعف حد الحذر من الوقوع في هذه المشاكل، وذلك من خلال الصيانة المستمرة لهذه الأجهزة والحصول على برامج حماية البيانات والأنظمة والأجهزة الذكية من أي اختراقات أو فيروسات تسبب في تدميرها.
التحول الرقمي يقضي على الجرائد ويتسبب في إغلاق كبرى الصحف
عقود مرت لم تبارح الصحيفة يد متصفحيها، منذ الصباح الباكر يقبل القراء بشكل كبير وبلهف على اقتناء الصحف اليومية وقراءتها للاطلاع على آخر الأخبار والمستجدات، لكن التطور التكنولوجي السريع الحاصل على مستوى الأجهزة الإلكترونية والنت وانتشار التعاملات الإلكترونية غيرت في المعادلات والحسابات، فأصبحت الصحف الورقية لا قيمة لها، وتراجع عدد قرائها حتى صار قليلا جدا، لعجزها على مواكبة التطورات السريعة ونقل الأخبار الآنية، ما جعل المهتمين يغيرون الوجهة بالاستغناء عن الصحف والمجلات وتعويضها بالمواقع والصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي.
كان على المتابعين للتطور الحاصل على الصحافة الإلكترونية أن يعرفوا ويدركوا أن المستقبل لن يسع الصحافتين (الورقية والإلكترونية) لأن السوق والمستهلك يتطلبان مواكبة للتطور الحاصل، وهنا علينا أن لا ننسى أن رائد الإعلام روبرت موردوخ تنبأ بأن كثيرا من الصحف في سوق المملكة المتحدة ستتلاشى في القريب ولن يتحمل سوق الصحف أكثر من صحيفة واحدة.
وفعلا هذا ما حدث، عدد كبير من الصحف والمجلات العالمية توقفت عن إصداراتها الورقية؛ كالاندبندت البريطانية، ووول استريت جورنال الأمريكية وهي الأكثر مبيعا وانتشارا وقراءة، ومع ذلك تم إيقاف طباعتها، أما عربيا فقد سبب إغلاق أكبر الصحف رواجا في العالم العربي جدلا واسعا كصحيفة الحياة والسفير والنهار، وغيرها من الصحف العربية العريقة، شكل غيابها في الأكشاك صدمة كبيرة، لكنها مرحلة لا بد من الوصول إليها، لذلك كان لا بد على دور النشر أن تواكب النشر الالكتروني حتى تتفادى عواقب الإفلاس.