الخلافات العربيّة ربّما تحول دون تشكيل ناتو عربيّ
المونيتور
2018-11-19 05:05
بقلم البراء عبدالله
باتت فكرة القوّة العربيّة المشتركة تتردّد بين الأوساط السياسيّة للدول المشاركة في تدريبات درع العرب في مصر، وتأتي الفعاليّات في أعقاب ما تردّد بشأن ضغط إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب على دول الخليج العربيّة ومصر والأردن، للبدء بتشكيل ناتو عربيّ لمواجهة النفوذ الإيرانيّ.
كشف المتحدّث العسكريّ المصريّ تامر الرفاعي خلال بيان رسمي في 7 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018 أنّ رئيس أركان حرب القوّات المسلّحة المصريّة تفقّد تدريبات درع العرب في قاعدة محمد نجيب العسكرية في مرسى مطروح، وتابع مراحل التدريب التي تضمّنت الرماية بالذخيرة الحيّة لكلّ القوّات المشاركة. تبدأ التدريبات في 3 من نوفمبر وتنتهي في 16 من نوفمبر.
وكانت وزارة الدفاع المصريّة أعلنت في 31 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2018 عن وصول عناصر من القوّات البريّة والبحريّة والجويّة وقوّات الدفاع الجويّ والقوّات الخاصّة لكلّ من والسعوديّة والإمارات والكويت والبحرين والأردن إلى مصر للمشاركة في التدريبات. كما يشارك كلّ من المغرب ولبنان بصفة مراقب. وأشارت إلى "أنّ هذا التدريب يأتي في إطار مواجهة التحدّيات المشتركة ودعم جهود الأمن والاستقرار في المنطقة".
من جهته، رأى الباحث العسكريّ العميد صفوت الزيّات أنّ هناك حالة من القلق داخل الإقليم العربيّ، ودلّل على ذلك بتصاعد وتيرة المناورات العسكريّة بين بلدان عربيّة، أو بينها وبين دول أجنبيّة، وقال في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور": تأتي مناورات درع العرب وسط تخوّفات من الصراعات المسلّحة في المنطقة، من بينها تردّي الوضع في اليمن والصراع في سوريا، إضافة إلى أزمة ليبيا.
واستبعد فكرة أن يكون هناك حلف عسكريّ يضمّ العرب في المدى القريب، عازياً ذلك إلى كثرة الاختلافات بين بعض الدول العربيّة، لافتاً إلى أنّ قطر وعمان لم تشاركا في المناورات الحالية، معتبراً أنّ الخلافات العربيّة تحول دون تشكيل حلف عسكريّ يجمع الدول العربيّة، وقال: "حتّى التخوّف من النفوذ الإيرانيّ لم يجعل الدول العربيّة كتلة واحدة، فلدينا تجربة التحالف العسكريّ الإسلاميّ الذي أعلنت عنه السعوديّة، وهو تحالف فشل قبل أن يبدأ، ولم يكن له أيّ تأثير على الأرض".
وكان وليّ العهد السعوديّ محمّد بن سلمان أعلن في ديسمبر/كانون أول من عام 2015 عن تحالف إسلاميّ عسكريّ لمحاربة الإرهاب والتطرّف.
وفي 27 تمّوز/يوليو من عام 2018 أفادت وكالة رويترز أن مسؤولين في البيت الأبيض أشاروا إلى أنّ دونالد ترامب يسعى إلى إحياء فكرة تشكيل "ناتو عربيّ" للتصدّي لإيران.
ورأى صفوت الزيّات أنّ اقتراح الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب بتكوين تحالف أمنيّ شرق أوسطيّ لحفظ استقرار المنطقة، هو اقتراح طموح، لكنّ الأوضاع في المنطقة العربيّة لا تشي بنجاح الفكرة، عازياً ذلك إلى أنّ واشنطن ركّزت على مواجهة النفوذ الإيرانيّ، لكنّ الدول العربيّة ليست موحّدة في نظرتها تجاه طهران، فهناك حذر مصريّ - أردنيّ من التمدّد الإيرانيّ، لكنّهما ليسا على درجة التشدّد نفسها، التي تنظر بها السعوديّة والإمارات والبحرين إلى إيران. كذلك، هناك علاقات حذرة تربط الكويت وقطر وعمان بإيران، وبالتالي ليس هناك إجماع عربيّ على أنّ إيران عدو.
وقال : "ربّما تقبل السعوديّة بأن تكون مصر معها ضمن حلف عسكريّ، لكنّها لا تقبل بأن تكون داخل مجلس التعاون الخليجيّ".
ولفت الزيّات إلى أنّ التّحالف الأمنيّ يستوجب الاتفاق على مصادر التهديد وهيكل القيادة العسكريّة وإدارة العمليّات، وكلّها تفاصيل ضبابيّة، إضافة إلى التوجّهات السياسيّة المختلفة بين الدول العربيّة.
من جهة أخرى، أشار عضو لجنة الدفاع والأمن القوميّ في مجلس النوّاب المصريّ تامر الشهاوي إلى أنّ تشكيل قوّة عربيّة مشتركة هو مطلب مصريّ قديم وضرورة لحفظ أو الحماية الإقليم العربيّ، لكنّه رأى في الوقت نفسه أنّ هناك دولاً عربيّة، ربّما لا تتوافر لديها الإرادة السياسيّة لإنشاء هذه القوّة، وقال في حديث هاتفيّ مع "المونيتور": "هناك الكثير من الملفّات المتداخلة والمعقّدة في المنطقة العربيّة، ويجب الاتفاق على وجهة نظر محدّدة بشأنها حتّى نقوم بتشكيل تحالف عسكريّ".
ولفت إلى أنّه لن يكون هناك أيّ تعاون عسكريّ بين مصر والدول العربية، قبل اتفاق عربيّ واضح نعم اتفاق عام إزاء الأزمة في سوريا وكيفيّة حلّ القضيّة الفلسطينيّة، معتبراً أنّ الجغرافيا السياسيّة تتحكّم في العمق الأمنيّ لكلّ دولة، فمصر تعتبر أنّ سوريا امتداد لأمنها القوميّ، بينما تعتبر المملكة العربيّة السعوديّة اليمن أولويّة وامتداداً لأمنها القوميّ. كما أنّ القيادة المصريّة تريد أن تحافظ على أن يبقى الصراع في المنطقة سياسيّاً، إلاّ أنّ المملكة العربيّة السعوديّة، ربّما ترجّح التدخّل العسكريّ.
وقال تامر الشهاوي، الذي كان ضابطاً في المخابرات الحربيّة المصريّة: إنّ مناورات درع العرب هي تمرينات على مستوى الاحتراف العسكريّ، فإذا لم نكن قادرين على تشكيل تحالف أمنيّ، فلا أقلّ من الحدّ الأدنى للتدريب العسكريّ، ولا بدّ أن تكون لدينا جهوزيّة، في حال تحوّل أيّ صراع سياسيّ في المنطقة إلى عسكريّ.
وأشار الشهاوي إلى أنّ إسرائيل تقدّم نفسها كحليف استراتيجيّ للدول العربيّة ضدّ الخطر الإيرانيّ، وهناك تعاون وثيق بين الخليج ومصر وإسرائيل لمواجهة طهران، معتبراً أنّ الدول العربيّة تحاول الاستفادة من أيّ مساندة ممكنة ضدّ النفوذ الإيرانيّ.
بدوره، لفت أستاذ العلاقات الدوليّة سعيد اللاّوندي في اتّصال مع "المونيتور" إلى أنّ فكرة التحالف العسكريّ، ربّما يكون من الصعب تنفيذها في الوقت الراهن، وقال: ربّما يعقد بعض الدول العربيّة (مصر، السعوديّة، الإمارات، البحرين، والأردن) تحالفاً أمنيّاً مصغّراً حول ملف معيّن ويغضّ الطرف عن بقيّة الملفّات العالقة، وإذا نجحت الفكرة ربّما تتوسّع لتضمّ دولاً عربيّة أخرى.
وحاول "المونيتور" الاتّصال بتامر الرفاعي للتعليق على التقرير، لكنّه رفض.
ويذكر أنّ قادة أركان الجيوش العربيّة اجتمعوا في عام 2015 للبحث في تشكيل قوّة عربيّة مشتركة، لكنّ الاجتماعات لم تكلّل بالنجاح. وكانت جامعة الدول العربيّة أعلنت في 26 آب/أغسطس من عام 2015 أنّها تلقّت طلباً من السعوديّة بتأجيل جلستها، التي كان من المقرّر أن تبت في إقرار بروتوكول القوّة العربيّة المشتركة.
وكان الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي لفت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018 خلال وقائع منتدى الشباب بمدينة شرم الشيخ إلى أنّ القوّات المسلّحة المصريّة ستتحرّك إذا تعرّض أمن الخليج لأيّ خطر أو تهديد مباشر، وقال: إنّ بلاده لن تنكفئ على نفسها في الداخل، وواقع المنطقة من حولها صعب.