واشنطن بوست: دور كبير للمالكي في العراق بعد أشهر من طرده
وكالات
2015-04-04 01:13
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للمراسلتين لافداي موريس وليز سلاي، حول حضور نوري المالكي على المستوى السياسي والأمني، وحتى العلاقات الخارجية في العراق، بالرغم من طرده من منصب رئيس الوزراء، وتسليمه إلى حيدر العبادي.
ويقول التقرير إن المالكي لا يزال يستقبل زائريه في المكتب المرخم ذاته، الذي عمل فيه ثماني سنوات رئيسا للوزراء في فيلته الظليلة في المنطقة الخضراء المحصنة، وكونه واحدا من ثلاثة نواب للرئيس، فمنصبه احتفالي إلى حد كبير في حكومة خليفته حيدر العبادي.
وتستدرك الصحيفة بأن هناك شكوكا حول ما إذا تنازل المالكي عن سعيه إلى السلطة، فهو يقوم بزيارات معلنة على نطاق واسع للجبهات، ويلتقي بقيادات العشائر، ويقوم بزيارات خارجية.
ويشير التقرير إلى أن المالكي نفى في مقابلة في مقر إقامته وجود أي رغبة لديه للمطالبة بمنصبه السابق، وتعهد بدعم العبادي، الذي لا يزال يحاول وبعد ستة أشهر من تسلمه المنصب أن يقضي على حالة الفوضى التي تزلزل العراق، ويلام المالكي على مستوى واسع لكثير من تلك الفوضى بسياساته التي ينظر إليها بأنها طائفية إلى حد كبير.
وتوضح الصحيفة بأن المالكي لا يلغي فكرة العودة إلى السلطة تماما في يوم من الأيام، حيث قال: "بناء على قاعدة التأييد التي أحظى بها، التي لا تزال موجودة وقوية، فإن (عودتي) ممكنة"، مشيرا إلى أنه ينظر إلى الانتخابات القادمة عام 2018، وأضاف: "إن ذلك ممكن قانونيا ودستوريا، ولكنه خيار الشعب العراقي".
ويجد التقرير أن حضور المالكي بهذا الشكل الكبير يشكل تحديا للعبادي، بينما يحاول استعادة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة، ويرأب الصدع مع السنة والأكراد، كما أن ظهور المالكي مرة أخرى يأتي في وقت أظهرت فيه جهود استعادة مدينة تكريت من تنظيم الدولة مدى ضعف سيطرة العبادي على المتطوعين الشيعة والميليشيات التي قادت الحملة.
وتنقل الصحيفة عن عضو البرلمان عن كتلة دولة القانون، موفق الربيعي، قوله إن المالكي لم ينته بعد، وقال دبلوماسي غربي في المنطقة إن هناك قلقا مما يحاول المالكي أن يحققه، وليس هناك شك في أنه يحاول تقويض سلطة العبادي، فيبدو أن المالكي يملك نفوذا أكبر من نفوذ العبادي بين أعضاء البرلمان، ويبدو أنه يحظى بتأييد أكبر في المؤسسات الأمنية.
ويلفت التقرير إلى أنه في رحلة خلال آذار/ مارس إلى بلدة بالقرب من تكريت، كان المقاتلون قد استعادوها من تنظيم الدولة، حيا المالكي القوات، وكأنه لا يزال في السلطة.
ويذكر التقرير أنه بالرغم من هذا، فليس الكل مقتنعا بأن المالكي قادر على العودة إلى سدة الحكم، يقول عزت الشهبندر، عضو البرلمان السابق في كتلة دولة القانون، وهو صديق للمالكي: "المالكي فشل فشلا ذريعا في إدارة البلاد، وليس هناك قوة عراقية سنية أو شيعية أو غير ذلك يمكن أن تدعمه".
وتستدرك الكاتبتان بأن المالكي يحظى بالدعم داخل حزبه، حزب الدعوة، وموقعه في الحزب أعلى من موقع العبادي، فهو يشغل منصب السكرتير العام للحزب، ويسمي بعض أعضاء حزب الدعوة العبادي بسخرية "شرطي المرور"، في إشارة إلى ضعف نفوذه، بالرغم من كونه رئيسا للوزراء.
وتوضح الصحيفة أن أسلوب المالكي والعبادي مختلفان تماما، وربما يعود هذا الاختلاف إلى تجربتيهما المختلفتين خلال سنوات الإبعاد في عهد حكم صدام حسين، فبينما يتحدث العبادي اللغة الإنجليزية بحكم عمله مهندسا كهربائيا في بريطانيا، وينظر إليه أنه قريب من الغرب، فإن المالكي، الذي خسر الدعم الأمريكي له في السنوات الأخيرة، أقرب إلى إيران بحكم أنه عاش فيها سبع سنوات.
ويشير التقرير إلى أن صور المالكي ترى على لوحات الإعلانات في أنحاء بغداد بأحجام كبيرة، وفي المقابل فقد أمر العبادي بعدم تعليق صور له، وعندما يخرج المالكي من المنطقة الخضراء في موكب من السيارات المصفحة، بينما لقي العبادي استحسانا لزيارته مقاما في بغداد ومعه حارسان فقط.
وتقول الصحيفة إن الصراع بين المالكي والعبادي يكاد يكون ظاهرا للعيان، حيث يعلق المالكي على أداء العبادي قائلا: "إن ما يقوم به هو الممكن، وليس المأمول تحقيقه، ولكن ما هو ممكن فقط"، ثم أضاف أن خليفته مقيد بوضع مالي سيئ وأمن هش.
ويفيد التقرير بأن المالكي ينتقد سياسات العبادي، فمثلا انتقد اقتراح العبادي لإنشاء حرس وطني، وهو نظام مؤلف من قوات محلية تشكل حجر الزاوية في السياسة الأمنية للبلاد، يقول المالكي: "أنا اقترحتها أولا ولكن ليس بالطريقة التي تطورت بها حديثا، حيث أصبحت تشكل خطرا على الوحدة الوطنية".
وتبين الكاتبتان أن هذا الصراع أدى إلى ظهور إشاعات بوجود انقسام في حزب الدعوة، ويعترف علي العلاق، العضو الكبير في حزب الدعوة، بأن هناك "أشخاصا قريبين من نوري المالكي، ويحاولون اصطناع مشكلات بالحديث ضد حيدر العبادي، ويقول نوري المالكي إنه لا شأن له بهم"، إلا أنه ينفي وجود انقسام في الحزب، وفي منطقة المنصور في بغداد ينتقد حليف المالكي، سعد المطلبي، أداء العبادي مع أنه يقول إنه صديق قديم له.
وتنقل الصحيفة عن عضو مجلس محافظة بغداد المطلبي قوله: "أنا لا أدري إن كان يحاول الظهور بمظهر التكنوقراط أم أنه عاجز"، ويضيف أن أعضاء البرلمان يتكتلون لتأييد المالكي.
ويورد التقرير أنه يعرف عن المالكي حرصه على العمل الدؤوب، وقد بقي كذلك حتى بعد تركه للمنصب، فعندما زار العبادي إيران العام الماضي تبعه المالكي بعد ذلك بأسابيع قليلة بزيارة لإيران، قابل فيه الزعيم الروحي آية الله علي خامنئي.
ويقول المالكي إن علاقات العراق بكل من أمريكا وإيران كانت في يوم من الأيام "متوازنة"، ولكن كل ذلك تغير عندما فشلت أمريكا بالوفاء بجانبها من الاتفاق الأمني الموقع مع جورج بوش الابن، الذي وعدت أمريكا بموجبه بالدفاع عن ديمقراطية العراق وسلامة أراضيه، بحسب الصحيفة.
وتنقل "واشنطن بوست" عن المالكي قوله: "لدينا اتفاق وطلبنا منهم غارات جوية، وطلبنا منهم المزيد من الأسلحة لمواجهة الأسلحة المتقدمة التي يمتلكها تنظيم الدولة، ولكن لا ندري لماذا لم يستجيبوا".
ويكشف التقرير عن أن المسؤولين الأمريكيين اشترطوا مغادرة المالكي للمصادقة على القيام بغارات جوية، قائلين إن زعيما جديدا للعراق أمر ضروري لتتجاوز العراق حالة الاستقطاب الطائفي الذي قاد إلى صعود تنظيم الدولة.
وتذهب الصحيفة إلى أن المالكي قال إن قرار ترشيح العبادي لتشكيل الحكومة الصيف الماضي كان "غير قانوني"؛ لأن حزبه حصل على أعلى الأصوات، ما يعطيه الحق في محاولة تشكيل حكومة، ولكنه أراد التعاون في بناء البلد، وأضاف: "لذلك أنا حريص على نجاح هذه الحكومة".
وترى الكاتبتان أن الشعور بالخذلان قد يدفع المالكي إلى محاولة العودة إلى السلطة، ولكون إيران تؤدي اليوم دورا قويا في العراق فإن حظوظ المالكي تصبح أوفر، أما العبادي فليس حليفا طبيعيا لإيران التي رفضت ترشيحه لرئاسة الوزراء ابتداء.
وتختم "واشنطن بوست" بالإشارة إلى أن عودة المالكي إلى السلطة موضوع تخمين حاد، وبحسب الشهبندر فإن المالكي انتهى، وعندما سئل عن سبب اعتقاد المالكي بإمكانية عودته إلى السلطة ضحك وقال: "صدام ميت، وحتى هو يعتقد أنه يستطيع العودة إلى السلطة، هذا ما تفعله السلطة في الناس".