المالكي والعبادي يبحثان عن تحالف مع الكرد
2018-07-23 09:36
بقلم عمر ستار
بعد مرور أكثر من شهرين على الإنتخابات العراقيّة، بدأت الكتل الشيعيّة زيارات متعاقبة لإقليم كردستان، من دون الإعلان عن تشكيل تحالفات جديدة أو الاتفاق على تقاسم المناصب الحكوميّة، لكنّها إشارة إلى تعثّر المفاوضات الثنائيّة بين الكتل الشيعيّة ومحاولة لتبيان قدر كلّ طرف على استمالة الأكراد بوصفهم "بيضة القبّان" في تشكيل أيّ حكومة عراقيّة.
في حين لم تعلن بعد المفوضيّة المعيّنة من قبل المحكمة الاتحاديّة نتائج إعادة العدّ والفرز، وبالتّالي لم يتمّ الإعلان الرسميّ عن النتائج النهائيّة للإنتخابات، تستمرّ الكتل الفائزة في مفاوضاتها لتشكيل الحكومة المقبلة. وبعد الإعلان عن تحالفات داخليّة عدّة بين الكتل الشيعيّة، بدأت تلك الكتل بزيارة إربيل للمرّة الأولى منذ الإنتخابات العامّة التي جرت في 12 أيّار/مايو الماضي، حيث وصلها وفد تحالف "الفتح" برئاسة هادي العامري في 6 تمّوز/يوليو الجاري، فيما أجرى وفد إئتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي مباحثات وصفها بـ"الناجحة" مع قادة "الديمقراطيّ الكردستانيّ" في عاصمة الإقليم الكرديّ بـ7 الجاري.
وضمن اللقاءات، أعلن الحزب "الديمقراطيّ الكردستانيّ" بزعامة مسعود بارزاني شروطه للتحالف مع "الكتلة الشيعيّة" الأكبر المكلّفة بتشكيل الحكومة العراقيّة.
ووفقاً لعضو "الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ" خسرو كوران، فإنّ "شروط الحزب للتحالف مع أيّ كتلة معروفة وواضحة، وهي الالتزام بتنفيذ الدستور، خصوصاً في ما يتعلّق بكركوك وبقيّة المناطق المتنازع عليها وتقديم برنامج حكوميّ يضمن تحقيق ما عجزت عنه الحكومات السابقة في هذا الصدد"، وقال في حديث مع "المونيتور": "إنّ مفاوضات الكتل الشيعيّة في إربيل كانت أوليّة، وأسفرت عن تقارب جيّد مع الفتح ودولة القانون، ولم ترتق بعد إلى مستوى التحالف، وما زال الوقت مبكراً، ونحن ننتظر النتائج النهائيّة للإنتخابات".
ومع ذلك، فإنّ خسرو كوران أشار إلى أنّ مفاوضات حزبه مع الكتل الفائزة لا تتمّ على مستوى طائفيّ أو قوميّ، رغم وجود أنباء تشير إلى إعداد قائمة شروط مشتركة بين "الحزب الديمقراطيّ" و"الاتحاد الكردستانيّ" بزعامة هيرو طالباني.
كما أعلن المتحدّث باسم الهيئة السياسيّة لـ"الاتحاد الوطنيّ" سعدي أحمد بيرة في تصريح لصحيفة "المدى" البغداديّة قال فيه: "إنّ المكتبين السياسيّين للحزبين الديمقراطيّ والاتحاد الوطنيّ سيلتقيان في إربيل الخميس (12 في تمّوز/يوليو الماضي) لاختيار الوفد الكرديّ الذي سيجري المباحثات في العاصمة بغداد مع القوى الفائزة الأخرى.
وتوقّع أن يتمكّن المكتبان السياسيّان للحزبين من كتابة ورقة المطالب الكرديّة خلال الأيّام المقبلة.
وفي اتصال مع "المونيتور"، لفت سعدي بيرة إلى أنّ "الاتحاد الوطنيّ قدّم مطالب إلى الوفود الشيعيّة التي زارت كردستان تتعلّق بتحسين الأوضاع الخدميّة والمعيشيّة في الإقليم"، مشيراً إلى أنّ "حلّ المسائل العالقة بين بغداد وإقليم كردستان يجب أن يتمّ في الإطار الدستوريّ وأن تسعى الأطراف الفائزة في الإنتخابات إلى حلّها وفق برامج حكوميّة واضحة".
ومعروف أنّ المطالب الكرديّة تتعلّق بتنفيذ المادّة 140 من الدستور المتعلّقة بتطبيع أوضاع كركوك والمناطق المتنازع عليها، وربّما إعادة سيطرة قوّات "البيشمركة" على كركوك على أقلّ تقدير وحلّ الخلاف على نفط الإقليم وحصّته من الموازنة العامّة، وعلى أيّ كتلة شيعيّة أن تضمن تحقّق أكبر قدر ممكن من هذه المطالب وتفريعاتها قبل أن يشارك الأكراد في الحكومة.
ويمكن تفسير تأخّر الشيعة في مفاوضة الأكراد (حوالى شهرين على الإنتخابات) باستمرار تعثّر مفاوضات الكتل الشيعيّة الرامية إلى تشكيل "الكتلة الأكبر" المكلّفة دستوريّاً بتسمية رئاسة الحكومة. ورغم إعلان زعيم إئتلاف "سائرون" مقتدى الصدر في وقت سابق، تحالفه مع "الفتح"، ثمّ مع "النصر" بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلاّ أنّ هذه التحالفات لا تزال صوريّة ولم تترجم إلى تحالفات رسميّة حتّى الآن، وقال مقتدى الصدر في تغريدة على "تويتر" أثناء مفاوضات الأطراف الشيعيّة مع الأكراد في 9 تمّوز/يوليو الجاري: "أنصح الكتل السياسيّة بقطع الحوار بشأن تشكيل التحالفات وما بعدها مع أميركا ودول الجوار، فهذا شأننا نحن العراقيّين فقط لا غير".
أضاف: "أنصح جميع الكتل السياسيّة بالابتعاد عن التخندقات والتحالفات الطائفيّة والعرقيّة المقيتة، وأنا بدوري أرفض أيّ تخندق سنيّ أو شيعيّ أو كرديّ وغير ذلك".
وجدّد استعداده "للتعاون لأجل خلق تحالف عابر للمحاصصة الحزبيّة والطائفيّة والقوميّة"، الأمر الذي يشير بوضوح إلى عدم رضاه (الصدر) عن المفاوضات حتّى الآن، وأنّ الأطراف الشيعيّة بدأت تستعين بالكتل الكرديّة والسنيّة لتشكيل الكتلة الأكبر أو الاتفاق على الأسماء المرشّحة لرئاسة الوزراء.
وأشار عضو إئتلاف "الفتح" كريم النوري لـ"المونيتور" إلى أنّ "المفاوضات الحاليّة لن تكون رسميّة، ولن يتمخّض عنها شيء مهمّ قبل المصادقة على نتائج الإنتخابات وإعلان موعد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد"، وقال: "إنّ الأحزاب الكرديّة لا يمكن استثناؤها من تشكيل الحكومة المقبلة، وهذه الحقيقة يدركها الجميع، والمفاوضات معها أمر طبيعيّ، لكنّ ذلك لا يعني بالضرورة تشكيل التحالفات في الوقت الحاليّ".
ولفت إلى أنّ "مفاوضات مشابهة لتبادل وجهات النظر تجري مع الأطراف السنيّة الفائزة في الإنتخابات، لكنّها لن تكون على أساس طائفيّ محاصصاتيّ".
والحال، لا نجد حتّى الأن تدخّلاً دوليّاً قويّاً وواضحاً على خطّ المفاوضات العراقيّة، رغم أنّ الأطراف الفائزة مقتنعة تماماً بأنّ إعادة العدّ والفرز اليدويّين لن تؤثر كثيراً على عدد المقاعد التي حصلت عليها، لكنّ اللاّعبيين الأبرز في المشهد العراقيّ، وهما واشنطن وطهران، لا يرغبان على ما يبدو في استباق التواقيت الدستوريّة والتدخّل من الآن ودفع الكتل العراقيّة إلى إنهاء المفاوضات التي قد تطول أشهراً كثيرة بسبب إصرار كلّ طرف على مطالبه مهما كلّف ذلك من وقت.
وإنّ المفاوضات الأخيرة في إقليم كردستان هي مجرّد "تمهيد" لمفاوضات حاسمة ستعقد في بغداد فور المصادقة على النتائج النهائيّة للإنتخابات، وستفضي إلى تسمية مرشّح "تسوية" شيعيّ لرئاسة الحكومة الجديدة، مع صعوبة تقديم ضمانات لتحقيق مطالب أيّ طرف كرديّ أو سنيّ على حدّ سواء، الأمر الذي تفهمه الكتل السنيّة والكرديّة جيّداً، لكنّها تصر على مطالب معيّنة حتّى الحصول على المناصب التي تريد.