عن الدور البريطاني في تركيا وماليزيا وجمود الوعي السياسي

حوار صريح مع حزب التحرير

قاسم قصير

2018-06-11 04:50

يحرص حزب التحرير الاسلامي دائما على مواكبة التطورات السياسية في المنطقة والعالم من خلال اصدار بيانات او تعليقات سياسية تشرح ما يجري وتحدد موقف الحزب منها، وبعض هذه التعليقات تأتي تحت عنوان: اجوبة اسئلة سياسية، بحيث يقوم امير الحزب عطاء بن خليل ابو الرشتة او احد مسؤولي الحزب بالرد على الاسئلة من خلال عرض المعلومات وتحديد الموقف من الحدث السياسي.

وقد أصدر الحزب في السادس والعشرين من شهر ايار (مايو) الماضي سلسلة اجوبة حول التطورات في تركيا وزيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى بريطانيا، وكذلك التطورات في ماليزيا وعودة مهاتير محمد الى الحكم، اضافة للتطورات في ارمينيا وارتفاع اسعر النفط.

والملفت في هذه الاجوبة السياسية ان حزب التحرير يركز على الدور البريطاني المستمر في العالم ولا سيما في تركيا وماليزيا، فهو يعتبر ان عملاء بريطانيا في تركيا كانوا وراء الانقلاب الذي حصل ضد اردوغان في العام 2016 وان سبب زيارة الاخير لبريطانيا مؤخرا من اجل تطمين وارضاء البريطانيين والتخفيف من مواقفهم السلبية من اردوغان بعد الاجراءات التي اتخذها ضد عملاء بريطانيا في تركيا والذين شاركوا في الانقلاب ضده.

واما في تحليل ما جرى في ماليزيا فيعتبر حزب التحرير: "ان عودة مهاتير محمد الى الحكم تمت بدعم بريطاني"، ومن خلال عودة بريطانيا الى "خادمها القديم والمخلص مهاتير محمد "، حسب تعبير البيان، و"انه من المتوقع ان تبتعد ماليزيا اليوم عن السياسات الاميركية وتستأنف العمل للحد من التدخل الاميركي في المنطقة وفقا للسياسات البريطانية".

هذه نماذج بسيطة من التحليلات والاجوبة السياسية التي يقدمها امير حزب التحرير عطاء بن خليل ابو الرشتة ومسؤولو الحزب لأعضاء الحزب وجمهورهم المنتشر في انحاء العالم، ويمكن الاطلاع على هذه الاراء والمواقف والتحليلات اما على موقع الحزب او صفحة الفايسبوك او من خلال المنشورات الدورية.

ويبدو ان المنهج السياسي والتحليل السياسي لدى حزب التحرير لا يزال متوقفا عن سبعينات القرن الماضي ( اي منذ وفاة مؤسس الحزب الشيخ تقي الدين النبهاني) والذي كان يقوم على اساس الصراع البريطاني – الاميركي في العالم وان معظم ما يجري من تطورات اقليمية ودولية وحتى محلية وداخل معظم بلدان المنطقة مرتبط بهذا الصراع، وان بريطانيا لا تزال دولة عظمى قادرة على التحكم في احداث العالم وان عملاءها منتشرون في كل المنطقة يحركون الاحداث والتطورات في مواجهة اميركا وعملائها.

كما يؤمن الحزب ايضا (وهذا يستنتج من التحليلات والمواقف والاجوبة السياسية التي يصدرها) ان معظم التطورات في المنطقة والعالم تتحرك من خلال عملاء اميركا وبريطانيا وان دور الشعوب والاحزاب والقوى السياسية على اختلاف الانتماءات والتوجهات الفكرية والسياسية غير مؤثرة، وانه ليس هناك ادوار اساسية للقوى الاقليمية كتركيا وايران وباكستان والسعودية او لبعض القوى الدولية كروسيا والصين والهند.

هكذا اذا يبقى الوعي السياسي لحزب التحرير جامدا عند سبعينات القرن الماضي وكأنه لم تحصل اية تطورات دولية او اقليمية، وان بريطانيا لا تزال دولة عظمى تصارع الدور الاميركي في العالم، وان معظم حكام واحزاب المنطقة هم اما عملاء بريطانيين او عملاء اميركيين، وهذا ما ينطبق على الاوضاع في تركيا وماليزيا ودول اخرى.

وبدون الدخول في نقاش تفصيلي حول التطورات التركية والانقلاب الذي حصل قبل عامين والدور الاميركي فيه، وكذلك في مناقشة التطورات في ماليزيا واسباب عودة الماليزيين لانتخاب مهاتير محمد وحزبه والحملة على رئيس الحكومة السابق نجيب رزاق ومشاكل الفساد في البلاد، فهل من المعقول ان يظل وعي حزب التحرير لكل هذه التطورات جامدا ومتأخرا وغير قادر على قراءة كل المتغيرات الداخلية والخارجية.

قد تكون نظريات حزب التحرير وافكاره وتحليلاته السياسية صالحة لزمن مضى وخصوصا خلال ولاية امير الحزب المؤسس الشيخ تقي الدين النبهاني والذي كان يتمتع بوعي وعمق سياسي مميز حسب كل العارفين بمسيرة الحزب ومؤسسه، لكن الم يحن الاوان ان يقوم الحزب بتقييم مسيرته السياسية والفكرية والتنظيمية بعد حوالي خمس وستين عاما على تأسيسه؟ وهل يظل التاريخ متوقفا عند الامبراطورية البريطانية والتي لم تكن الشمس تغيب عنها وتحولت اليوم الى دولة محدودة الفاعلية والدور على الصعيد العالمي؟ ومتى ينتهي الجمود في الوعي السياسي للحزب؟

* موقع عربي 21

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا