سرقة الأصوات هاجس متفاقم في كردستان
ديمقراطية معتلة
وكالات
2018-05-19 07:21
زانكو احمد-موقع نقاش
انتهى التصويت، ولكن لم يهدأ غبار دوامة الصراع بين الأطراف في اقليم كردستان ويلوح في الأفق خلاف أعمق ليس من الواضح ما سيؤول إليه.
قد تكون مشاركة أكثر من 44% من الناخبين العراقيين في الانتخابات نسبة طبيعية مقارنة بكثير من دول العالم، ولكن حين ترى أنها قد انخفضت مقارنة في أول انتخابات تشريعية بعد سقوط صدام حسين (2005) من نسبة 76%، تتوضح أسرار استياء الناس وتراجعهم عن عملية الاقتراع بشكل أفضل.
فالانتخابات في العراق هي عملية متعبة ومشوهة للمزاج العام، اذ تستخدم الأطراف خلال الحملات الانتخابية جميع أدوات التسقيط والعنف، وعند انتهاء العملية لا يقبل الخاسر أو الفائز النتائج كما هو مفروض.
إقليم كردستان خاض تجربة الانتخابات التشريعية قبل المناطق العراقية الأخرى بأربعة عشر عاما عندما نظم الانتخابات في أيار (مايو) 1992 بعد اقل من عام على طرد سلطة البعث، ولكن لم يتغير شيء يذكر من ملامح المعادلة بعد مرور 26 عاما على تلك التجربة.
وحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني في تلك الانتخابات على أصوات اكثر من الاتحاد الوطني الكردستاني بنسبة اقل من 2%، ولكن الاتحاد الوطني رفض النتائج بحجة وجود التزوير، واتفق الطرفان اللذان يملكان عشرات الآلاف من المسلحين قبل خوضهما حربا أهلية اتفقا على ادارة البرلمان والحكومة مناصفة بنسبة 50% لكل منهما.
وبعد كل تلك الأعوام لم يتغير الكثير من المشهد، فالقوتان الرئيسيتان حصلتا على معظم الأصوات في اقليم كردستان حسب النتائج الأولية، أما باقي القوى الأخرى التي كانت أرقاما مؤثرة خلال الأعوام الأخيرة ترفض النتائج وتصر على وجود تزوير كبير.
تشهد كردستان احتجاجات كبيرة ضد القوى الحاكمة وهناك كثيرون يرون انها هي من تسببت في الأزمات المالية وسوء ادارة الاقليم وقمع الحريات، الا ان الناس لا يزالون يؤمنون بأن التغيير لابد أن يأتي عبر صناديق الاقتراع، وماذا ان لم تتمكن الصناديق من معالجة الأمر؟
منذ أيام وعشرات الآلاف من مواطني كردستان يرددون على مواقع التواصل الاجتماعي عبارة واحدة هي "أين صوتي؟" وذلك بعد اتهام حركة التغيير وحزب برهم صالح والحزبان الإسلاميان للاتحاد الوطني الكردستاني بشكل مباشر باختراقه النظام الالكتروني للاقتراع في السليمانية وبعض مناطق كركوك ومناطق أخرى خاضعة لسلطته.
ويقول هؤلاء ان هناك صناديق اقتراع قد تم فتحها وتبين ان الأصوات الموجودة فيها مختلفة عما سجلها النظام، ويقولون انه لابد من عد الأصوات يدويا او إعادة الانتخابات، في المقابل يرفض الاتحاد الوطني كل تلك الادعاءات ويقول ان تلك الأطراف لا يمكنها تقبل الخسارة.
وتكمن المشكلة في ظهور شعور عام اذ يرى الكثيرون ان أصواتهم قد سرقت، وهو شعور يزداد وضوحا لدى الناس عاما بعد عام، اذ يصل الناس في كل انتخابات إلى شعور شبه يقين في ان العملية الانتخابية في كردستان لن تمر دون تزوير، وان لم يتم تصحيح ذلك فان فرصة اللجوء الى العنف سيزداد اكثر بدل اختيار الوسائل الهادئة والديمقراطية.
لا أخفى ان ايماني بالديمقراطية في كردستان هشة منذ سنوات، فإنني ارى ان العملية ليست متكاملة وصحيحة ابتداءً من الحملة الانتخابية ووصولا الى التصويت ثم تشكيل حكومة وسلطة اقل ما يهمها هو خدمة الناس وتثبيت أسس الديمقراطية.
لم اشارك هذه المرة في الاقتراع على أمل أن أرى في الأعوام الأربعة المقبلة شيئا مختلفا في الديمقراطية الكردية يجعلني أحد المصوتين في الانتخابات القادمة.