التدخل الامريكي في ازمة الخليج
مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
2017-07-22 04:51
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية نقلا عن موقع (Stratfor)
ترجمة: وحدة الترجمة في مركز الفرات
لقد وصلت ازمة مجلس التعاون الخليجي الى نقطة تحول، فوزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون قد وقع اتفاقية لمكافحة الارهاب مع الحكومة القطرية في الحادي عشر من شهر تموز 2017، خلال اليوم الثاني من رحلته التي خطط لها ان تطفئ فتيل التوتر في المجلس. ورغم ان نص الاتفاقية ما زال غامضاَ، فإن الرسالة الناتجة واضحة: لقد انتهى صبر الولايات المتحدة في العداء بين قطر من ناحية والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، من ناحية اخرى، إذ يجب على الرياض وابو ظبي اعادة تقييم مواقفهما في النزاع مع الدوحة، الذي تركز بالأساس على قيام الدوحة بإسناد المنظمات الارهابية، كما ورد في مذكرة التفاهم.
وحتى لو ان هذه الاتفاقية سرعت من اتخاذ القرار حول الصراع الحالي في المجلس، فمن المحتمل ان يصدر قرارا اخر بعده قريباً. وبما ان اعضاء المجلس على درجة متساوية من السلطة، يعتبر مجلس التعاون الخليجي من اقوى الاتحادات الذي يتألف من العرب والاقطار السنية التي تمتلك قدرات وامكانات واسعة.
وترغب القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي والمملكة المتحدة وروسيا والصين في جعل هذه الكتلة كحليف لها، من اجل تأمين الطاقة والعلاقة التي قد توفر التأثير لمجلس التعاون الخليجي في الشرق الاوسط المضطرب. وغالباً ما يغلف الخلاف بين اعضاء مجلس التعاون الخليجي بظلال التوافق الاستراتيجي، كما في الازمة الدبلوماسية الاخيرة في الكتلة الخليجية. ويعتبر العداء الحالي من أكثر الخلافات المميتة شدة التي ظهرت في مجلس التعاون الخليجي منذ سبع وثلاثين سنة، الا انه ليس الاول ولن يكون الأخير.
أدى توقيع مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة الامريكية وقطر الى تقليل اهمية مطالبات كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ان تقوم قطر بمزيد من النشاطات لمكافحة الارهاب. اهتمت واشنطن بهذا الصراع بشكل رئيس في ضوء اتهامات موجهة الى قطر بدعمها المجاميع الارهابية رغم تأكيداتها ان فعالياتها لمكافحة الارهاب نافذة وفعالة اثناء مناقشة الموضوع. كما رحبت الحكومة القطرية بالاتفاق مع الولايات المتحدة الامريكية باعتباره تعزيزاُ لموقفها الثابت وطويل الامد في مكافحة الارهاب، وهي الاتفاقية " الاولى من نوعها" لعضو في مجلس التعاون الخليجي.
وفي الوقت ذاته، أنكر وزير الخارجية القطري ان يكون لمذكرة التفاهم أي علاقة بالأزمة، كما أكد تيلرسون ان هذه الوثيقة هي ثمار عدة أشهر من العمل، وان الولايات المتحدة الامريكية ستوسع هذه الصفقة مع بقية اقطار الخليج تباعاً. وفي كلا الحالتين، ستجهض الاتفاقية محاولات الرياض في تعميق الازمة بطرح الموضوع على صعيد الاهتمام العالمي الذي دفع بالمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة الى عزل قطر في المقام الأول.
لن تحقق الاتفاقية الكثير في حل التوتر بين اعضاء مجلس التعاون الخليجي، فمشاكل المملكة العربية السعودية مع قطر قد بدأت تجيش منذ عدد من السنين، بضمنها استقلال الدوحة في مجال السياسة الخارجية، ومقاومة سيطرة الرياض، وعلاقتها مع إيران، واسنادها الاعلامي للمجاميع الاسلامية التي تأويها. أدت الخلافات بين الدولتين، في الماضي، الى الصراعات، ومن الممكن ان يستمر الامر حتى بعد الانتهاء من هذه الأزمة. وكان الاعلان في العاشر من تموز الحالي بنشر تفاصيل صفقة مع قطر في عام 2014 قد ادى الى ان تعتقد الرياض انها السبب وراء القاء اللوم كاملاً على الدوحة.
ومن ناحية اخرى، تحاول الولايات المتحدة اثبات دورها المحايد في الصراع بين الرياض وابو ظبي، فرحلة تيلرسون الى قطر واصراره على حضور جميع الدول في قمة الرياض في شهر أيار من اجل توقيع نفس مذكرة التفاهم التي وقعت مع الدوحة ما هي الا اشارة للمملكة العربية السعودية. لو فهمت المملكة العربية السعودية سبب مشاركة الرئيس دونالد ترامب في مؤتمر القمة باعتبارها إشارة على موقف الولايات المتحدة الامريكية الثابت مع المملكة العربية السعودية، لكان عليها التفكير بالموضوع مجدداً. فقد اوضحت الولايات المتحدة ان القتال ضد الارهاب هو اسبقيتها الرئيسة ولا تريد اي نوع من الشجار في الكتلة الخليجية يعرقل هذه الجهود. توحي زيارة تيلرسون الى قطر ان الازمة في مجلس التعاون الخليجي قد وصلت ذروتها وأنها ستبدأ بالاضمحلال من هناك على الأقل على المستوي الشعبي.
وربما سيكون للمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة فرصة زيادة مستوى الازمة بعد اجتماع وزراء الخارجية في مدينة جدة السعودية، بالإضافة الى وزراء خارجية البحرين ومصر، الا انه يجب على الرياض ترتيب امرها في المزيد من الطلبات التي تريد فرضها على الدوحة للتعويض عن معاناتها مع البقاء ضمن خطوط واشنطن في اتفاقية مكافحة الارهاب المرسومة.