استطلاع رأي: ما أسباب اندلاع المظاهرات في العراق، وما النتائج المتوقعة؟

مصطفى عبد زيد

2018-07-22 09:13

على الرغم من التطور الكبير في الحياة وعلى صعيد المجالات كافة، وكذلك التطور في العملية السياسية ودساتير جديدة، ومع ظهور انظمة حكم مثل النظام الديمقراطية الذي يحتوي على جملة من التطبيقات، ومنها المظاهرات التي تعتبر حق شعبي ونص دستوري تم وضعه من قبل السلطة التشريعية لتطبيق احدى تطبيقات النظام الديمقراطي، ولكل حراك شعبي ورائه جملة من الأسباب، حيث قامت الكثير من الدول العربية بالقيام بمظاهرات كبيرة وحاشدة من أجل القضاء على الفساد والظلم كما حدث في مصر وليبيا وسوريا، وفي هذه الأيام نشهد المظاهرات التي اندلعت في عموم العراق وخاصة في المناطق الجنوبية، ومن اسباب هذه المظاهرات تراكم من سوء الخدمات في جميع المجالات وتردي عمل الحكومات وتفشي الفساد فيها منذ سنوات عديدة.

ولأهمية الموضوع وتأثيره على الواقع السياسي ومستقبل البلاد، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع وطرحت السؤال على المختصين والخبراء في هذا المجال، ومن يهمه الأمر لمعرفة الاسباب الرئيسية وأهم نتائجها، وكان السؤال كالآتي:

ما أسباب اندلاع المظاهرات في العراق، وما النتائج المتوقعة؟

عدم ثقة الشعب في الحكومة

التقينا المستشار الدكتور (عزالدين المحمدي)، رئيس مؤسسة الفكر الانساني للإعلام والثقافة والقانون دكتوراه قانون جنائي، فأجابنا قائلا:

إن التظاهرات التي عمت المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط، التي بدأت وانطلقت من البصرة كانت متوقعة منذ فترة طويلة، لما تتعرض هذه المحافظات من اهمال شديد وواضح من جانب الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولحد الان، مع توفر الوفرة المالية والاستقرار والأمن في تلك المناطق ومع هذا فقد بدأ الإهمال واضحا من جانب الحكومة، ومن جانب آخر فان ممارسات الاحزاب السياسية المتنفذة والصراعات القائمة بينهم على المصالح الشخصية والعشائرية والحزبية، تاركين المعاناة والفقر والمرض والبطالة تبدد صحة وسلامة واستقرار المواطنين نحو الهاوية، الى جانب الصراعات والنزاعات العشائرية التي تحصد ارواح المواطنين بشكل يومي دون حلول وغياب القانون والنظام في المنطقة، وكذلك تهريب النفط العراقي والفساد المالي والاداري التي تبدد موارد الدولة امام انظارهم دون حساب ورقيب، والشباب يقدمون أرواحهم قربانا للعراق ضمن الجيش والقوات الامنية والحشد الشعبي دون استحقاقاتهم القانونية وأسرهم يتضورون جوعا واهمالا، وهم يفقدون فلذات اكبادهم ومعيلين أسرهم وغيرها الى جانب فقدانهم لأبسط حقوقهم في الحياة الماء الصالح للشرب والكهرباء والخدمات، وفقدانهم لكل فرصة عمل يوفر لهم ما يحفظ حياتهم وكرامتهم تلك الصور البائسة هي حياة المواطنين في العراق وخاصة تلك المحافظات التي تعاني الامرين الاسباب واضحة ومعروفة امام الحكومة، ولها القدرة على المعالجة ووضع الحلول ولكن ما تعانيها الحكومة من الفساد والفاسدين تعترض تقديم الحلول والمعالجات ، اذا كان موضوع قطع ايران الكهرباء بشكل مفاجئ عن مناطق البصرة وغيرها التي فجر الوضع في اوج حاجة المواطنين لها في هذا الفصل اللاهب من الصيف، ولكن الامور وصلت الى حد لا يطاق والاحزاب السياسية الموالية لهذه الدولة، وهم منشغلون مع نتائج الانتخابات التي كانت العزوف عن مشاركتها واضحة من المواطنين رغم صرف مليارات من الاموال على الإعلام والدعايات الانتخابية لبقاء أذرع الفساد للأحزاب تنهب عن المواطن المال والكرامة الحكومة، ومع تفاقم الوضع قدمت حلول ترقيعية غير منضبطة وغير واقعية على أرض الواقع مع غياب السلطة التشريعية والفراغ الدستوري القائم، وما هي إلا ذر التراب على العيون واسكات اصوات الاحتجاجات والتي شابتها بالصد وقتل المتظاهرين من قبل المندسين، وما اعلن من القاء القبض على جنديين ايرانيين كانا يقومان بأطلاق النار على المتظاهرين دليل واضح على المؤامرات الدولية والاقليمية على استقرار العراق، إن الحكومة كانت لها الفرصة الذهبية منذ فترة طويلة بالقضاء على أذرع الفساد والفاسدين في كل مفاصل الدولة وكان لها كل الدعم من المراجع الرشيدة ومن الشعب العراقي، إلا انها لم تتحرك ساكنا، وليست هناك حلول تقدمها الحكومة تبقى الحلول بتغير نظام الحكم وتعديل الدستور الى نظام رئاسي وحكومة وطنية تمتلك الإرادة الوطنية للتغيير والاصلاح ويغيرها، فالتوقعات القادمة لا تغير من واقع المواطنين بشيء ملموس مع وجود هذه الأحزاب وتحكمها بالسلطة في العراق.

وتوجهنا بالسؤال إلى الأستاذ (توفيق غالب)، كاتب صحفي واعلامي، فأجابنا بالقول:

إن نقص الخدمات المختلفة في تجهيز الطاقة الكهربائية والماء والصحة والتربية وغيرها، والكثير من الخدمات التي يحتاجها المواطن العراقي على الرغم من سماعه ومشاهدته لصرف مليارات الدولارات عليها، ولكنه لم يتلمس منها شيء وعلى الرغم من كثرة الوعود التي يسمعها خلال الحملات الدعائية الانتخابية وللأسف تبقى فقط وعود غير قابلة للتطبيق، جعلته يفقد للثقة بوعود الحكومة والسياسيين جميعا وهذا سبب لاندلاع وخروجه في هذه التظاهرات للمطالبة بحقوقه المشروع، وهنا على الحكومة وأن كانت حكومة تصريف اعمال أن تنظر بعين المسؤولية وأن تقدم ضمانات من شانها كسب رضا الشعب، ومن بينها على اقل تقدير تجميد عمل الوزراء في الوزارات الخدمية التي كانت سبب رئيسي بالتظاهرات، وكذلك تجميد عمل المسؤولين المحليين في المحافظات كونهم لم يقدموا الخدمات التي يحتاجها المواطن على الرغم من الميزانيات الانفجارية التي استلموها، والعمل بشكل سريع وفوري على توفير الكهرباء على اقل تقدير تجهيز اصحاب المولدات بمادة الكاز مجانا حتى يتم تجهيز المواطن بالكهرباء خلال هذه الاشهر الحارة، والعمل على تفعيل الزراعة وعدم منعها كما عملت وزارة الموارد المائية بتوجيه المزارعين بعدم الزراعة لهذا العام، وتوفير العلاج للمرضى وتقديم الخدمات الطبية لها وكذلك الاهتمام بملف التربية، جميع هذه الامور يمكن أن تخفف ضغط الشارع العراقي الغاضب وبخلافه اذا كانت الحكومة تقدم الوعود غير القابلة للتطبيق يمكن أن تكون النتائج غير محمودة.

اسباب ونتائج متوقعة

وأجابنا الدكتور (علي الربيعي)، دكتوراه في اللغة العربية، قائلا:

كلنا نعلم أن لكل حادثة سبب لذا نبين بعض الاسباب الرئيسية للمظاهرات وكما يلي:

- طبيعة النظام السياسي الذي يرسخ حكم الأحزاب ويشرع لهم الامتيازات فضلا عن كونه يشرعن الفساد والسرقات والمحسوبية إذ لا فرصة للعيش الكريم لغير المنتمي لحزب ما.

- كل الاحزاب الحاكمة لا تمتلك قادة ذا رؤية تخطيطية وانما تمتلك مهارات بارعة في الفساد وتضليل الرأي العام.

- يئس الشعب من تغيير الفاسدين بسبب تزوير الانتخابات فضلا عن فوز الفاسدين بسبب ضخ المال السياسي وشراء الأصوات.

- سوء استغلال السلطة وتشريع قوانين خاصة بامتيازات السياسيين من مدير عام صعودا إلى رئيس الجمهورية.

- انعدام الخدمات كافة وانعدام الأمل عند الشباب خاصة.

- الخلل الكبير والثغرات الواضحة في الدستور العراقي الذي احدث شرخا كبيرا في الوحدة الوطنية.

أما في خصوص التوقعات فليس هنالك حلا في الأفق إلا بمحاسبة الفاسدين، وتغيير نظام الحكم واذا كان لابد من حل فلا حل إلا بتجميد عمل الأحزاب وتعيين حاكم عسكري، وإعلان الأحكام العرفية ومنع سفر كل المسؤولين بدءا من مدير عام ومحاسبة المقصرين والفاسدين والساقين ومن ثم إجراء انتخابات حرة يرشح فيها الوطنيون من دون امتيازات.

وأخيرا التقينا الدكتور (علي حسين يوسف)، اكاديمي في كلية التربية جامعة كربلاء، فأجابنا بالقول:

- من حق الشعب القيام بالمظاهرات وذلك لأسباب عديدة منها:

- تجاهل الحكومة لمطالبات الشعب والانشغال بالصراعات السياسية والشخصية.

- الانعدام شبه التام للخدمات الأساسية.

- وجود طبقة كبيرة من العاطلين عن العمل.

- الوعود الكاذبة على لسان أرفع المسؤولين.

- الفساد المستشري الذي حول العراق إلى بلد فقير يستجدي المعونات والقروض.

- الإهمال الواضح لوزارة التربية مما تسبب في انتشار الأمية والعطالة بين الشباب.

- الثراء الفاحش للمسؤولين العراقيين.

- الفساد الأخلاقي عند بعض المسؤولين أو عند أبنائهم في الوقت الذي يتضور الشعب جوعا وحرما.

وأعتقد بأن المظاهرات ستستمر ويتفاقم الوضع سوءا في العراق وربما نشهد تدخلا أمريكا في الموضوع.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي