استطلاع رأي: هل موضة الشباب حرية شخصية أم تقليد أعمى؟
مصطفى عبد زيد
2018-03-08 06:01
لابد أن المتابع للواقع والمهتم به سوف يرى يوم بعد يوم ظهور الكثير من الثقافات المادية التي تتعلق بشكل الإنسان وتهمل جوهره وعمقه الفكري، فمثلا هناك من يهتم بتسريحة الشعر والملابس التي يستخدمها بعض للشباب من دون علم بمصدر هذه البضاعة وأهداف القائمين عليها وثقافتهم، حيث يعتبرها البعض نوع من الموضة والتطور في مجتمعهم، ومع تداول هذه الأمور والتقنيات الحديثة لمظهر الشباب تضاعفت الموضة على نحو لافت، على الرغم من أنها غريبة على العادات والتقاليد والأعراف الخاصة بنا، لذا علينا معرفة مدى تأثير الموضة على شبابنا وعلى المجتمع بشكل عام، لأن فئة الشباب هم من أهم الفئات التي يكون باستطاعتها تغيير المجتمع نحو الأفضل وتقوده إلى مستقبل أكثر تقدما وإشراقا.
مدى تأثير الثقافة الغربية على الشباب
يرى البعض أن تجديد الموضة من ترويج الغرب وتدخلهم كي يدمروا الشباب، ويهدفوا إلى إشغالهم في مثل هذه الأمور، فقد كان ولا يزال شبابنا يواجه كثيرا من العقبات والتحديات وهذا ما بدأنا نلاحظه من تصرفات وافعال غريبة يقومون بها، ألا وهي مشكلة التقليد الأعمى للغرب، وبشيء من التدقيق فهي تنحصر في القشور حيث لا تجد شريحة الشباب من يساعدها في تجاوز هذه العقبات، لذا هذا التقليد استهلاكي من جهة ومن جهة أخرى هو الاقتحام الإعلامي المقيت لبيوتنا بدون استئذان.
وما تقدمه الفضائيات على اختلاف انتمائها تبدو أشبه بالجنة الموعودة لديهم، فهي تعرض كل ما هو مثير وغريب، وكل ما يفتقده الشباب في بلادنا, وهذا يضعهم في حالة انفصام بين تراث وتقاليد لا يعرفون عنها إلا النزر اليسير، ولا ننتظر من هذا الصراع النفسي سوى أن ينتج لنا شبابا مهزوزا, مرتبكاً, مقلدا أكثر منه منتجاً ويختار كل ما هو سطحي ليقلده.
ولتدخّل مثل هذه المواضيع في مجتمعاتها وتأثيرها في جميع المجالات والفئات العمرية، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع رأي وطرحنا السؤال التالي على المختصين ومن يهمه الأمر والمثقفين، في محاولة للوصول إلى حال من الاستقرار لدى فئة الشباب التي تعد من أهم الفئات العمرية، السؤال هو:
هل موضة الشباب حرية شخصية أم تقليد أعمى؟
التقينا المستشار الدكتور (عز الدين المحمدي)، دكتوراه قانون جنائي، فأجابنا قائلا:
الشباب كما هو معروف الفئة العمرية الاهم في حياة كل المجتمعات الانسانية والدول، لذا فالاهتمام بالشباب اهم القضايا التي اهملتها الحكومات المتعاقبة بعد التغيير السياسي في العراق في 2003 وانشغلت بالخلافات السياسية، فيما بقي الشباب من هذه الفئة المهمة بعددها الهائل دون رقيب ودون اهتمام، فتعرضوا خلال السنوات الماضية الى هجمات من السلوكيات المنظمة والمخططة لضربها في جوهرها، وبالتالي ضرب المجتمع العراقي في جوهر وجوده، فتعرض الشباب بتوجيهات اشتركت فيها منظومات خارجية من الاعداء والتنظيمات الاجرامية والدول الاقليمية، وتم توجيه سيل من السلوكيات الغريبة عن حياة مجتمعنا عبر شبكات الانترنيت والتواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية المدسوسة، فبرزت ظواهر وسلوكيات غريبة واحيانا مقرفة عند شبابنا للأسف، هنا يجب أن نميز الحريات الشخصية عن السلوكيات الغريبة والشاذة، وهنا نتكلم عن الشباب كلا الجنسين الاولاد والبنات فنرى يوميا التصرفات الغريبة في اللبس والمكياج والحلاقة والتسريحة والاكسسوارات التي يقلدونها والالوان وغيرها، وخاصة في لبس البنطلون حيث يتم تنزيلها الى الاسفل بحيث ضرورة ظهور اللباس الداخلي ورفع التشيرت او القميص وخاصة البنات لأغراء المقابل، هذه من السلوكيات الظاهرة الى جانب السلوكيات الخفية من تعاطي الحشيش بأنواعه والحبوب المخدرة المختلفة التي تدخل الى العراق، عن طريق ايران بكميات هائلة وانواع اخرى غير معروفة التي يتم تعاطيها مع النركيلة، هذه الموجة من السلوكيات هي ليست حريات شخصية بل موجة من التمييع والانحطاط السلوكي الهادف الى اسقاط شخصياتهم ورجولتهم وحتى الشذوذ الجنسي بدأت تنتشر بينهم وخاصة عن طريق التواصل الاجتماعي، ومن ثم اللقاءات الشخصية هذه ظاهر خطيرة يتعرض لها المجتمع العراقي بصميم حياة الشباب اذا المسألة ليست الحريات الشخصية في تلك التصرفات، بل هي مسألة الطعن في شرف المجتمع ونقاءه الحريات الشخصية في الفكر والثقافة واختيار الاكل المفضل واللبس المفضل وفقا لمعايير مجتمعية معروفة، ولكن هذه السلوكيات الخاطئة تعد جريمة بحق الشباب والمجتمع والوقوف بوجهها هي مسؤولية الحكومة بكل اجهزتها ويجب وضع السياسات التربوية والتعليمية والمجتمعية للحد من تلك الظواهر، التي سببت وما تزال لضياع شبابنا وضياع مستقبلهم وقد ساهمت جرائم داعش في السنوات التي انقضت من تدهور اوضاع شبابنا نحو الهاوية والجريمة والتكفير والتطرف الاعمى، نعم هي سلوكيات واحطاط اعمى ينجر وراءها شبابنا وليست من الحرية الشخصية بشيء من مسؤوليتنا ان نقف بوجه تلك الظواهر، لأنها بداية سقوط شبابنا الى هاوية سحيقة، وظاهرة تنتشر كالنار في الهشيم وللإعلام مسؤولية وطنية وانسانية واخلاقية في التركيز عليها واظهار سلبياتها لحماية شبابنا من الانزلاق الخطير نحو حياة مظلم ومجتمع عليل اللهم فاشهد نحن بلغنا.
وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (خليل الخفاجي)، أكاديمي في كلية التربية جامعة كربلاء، فأجابنا بالقول:
اني اود ان انوه ان تقليدهم اعمى بدون مجاملة لأنهم لن يعرفوا معنى ومصدر هذه الموضات، لأنها بدعة وصنيعة غربية بامتياز فجميع الشباب يقلدون مثلا لاعب، ممثل، فنان، لكنهم لن يعرفوا من هذا الفنان وجذوره وهواه وتبعاته الفكرية والايدلوجية، واكثرها صهيونية تمجد وتثقف للصهيونية، وهي تمحق تراثنا الحضاري وهذه الموضات تزول بسرعة، لأنها لم تبني على قيم واخلاق وفي كل فترة تظهر لنا تقليعة جديدة بزوال المؤثر، ولابد من الاشارة انه لا يجوز ان تجبر وتفرض على ابنك بترك عادات وموضات زمانه وكما قال سيد البلغاء (لا تقصروا اولادكم على زمانكم لانهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، لذا يجب ان نحترم كل ما يفعلوه الشباب بشرط ان لا يسيئوا الادب، ويجب أن تقوم الدولة ببرامج توعوية للشباب مع التأكيد انها ردة فعل لنقص وبهذه الموضة سوف يحقق امنياته.
وأجابنا الشاب (صالح منير)، طالب جامعي، قائلا:
الشباب يقومون بهذه الامور والتغير حسب تربيتهم وعاداتهم في المجتمع، على الرغم من وجود بعض المتخلفين الذين يضنون أن التطور هو في الملابس أو الشعر أو غير ذلك، وأنا برأيي أن الأسرى هي الدور الأول لنشر مثل هذه الأمور، لأن لو كان هناك مراقبة من قبل العائلة ما حدث هذا، وكذلك يقع الوم على الدولة والاجهزة الرقابية، نعم نحن شعب ديمقراطي وتسودنا الحرية، لكن لن نرضى على تغير عاداتنا وتقاليدنا من اجل هذه الحرية التي يتمتع بها الشباب، وإخفاء مظاهر الرجولة الحقيقية، والتكلم بشكل واخلاق الغرب، لذا من واجبنا نشر الوعي في مثل هكذا سلبيات في مجتمعنا.
واخيرا التقينا الاستاذ (مصطفى ظاهر)، اعلامي وكاتب، أجابنا قائلا:
ليس علينا تحديد ما اذا كانت موضة الشباب حرية أم تقليد، لأن هذا الامر يتبع بيئة الشباب والوسط الاجتماعي الذي يحيط به وثقافة هذا الوسط، لذا علينا عدم تقييد الشباب في الألبسة والامور الاخرى، لكن من واجبنا نشر نصيحة قد تكون مفيدة عن تجنب سلبيات هذه الموضة على مجتمع هؤلاء الشباب، ومع هذا يجب أن لا نرضى بكل ما يرسل من الغرب لنا، لأنه سوف يغير مجتمعنا إلى ما هو أسوأ والانحطاط نحو الدرك الاسفل، لذا على الدولة الحد من ذلك لكن بشكل لا يقيد الحرية الشبابية.