المواجهات السياسية والقضائية بدأت بين ثريدز وتويتر
علي عواد
2023-07-10 07:08
الأسبوع الماضي، أطلقت «ميتا» رسمياً منصة تواصل اجتماعي جديدة قائمة على النصوص. التطبيق الجديد حظي بـ 30 مليون اشتراك في يومه الأوّل، مستفيداً من الزخم الذي أحاط به من كل العالم. لكنّه قد يجد نفسه قريباً في قلب مواجهة في المحاكم ضمن حملة يقودها إيلون ماسك، بحجة النسخ والسرقة. فما هي قصة الدعوى؟ وكيف استقبل المستخدمون التجربة الوليدة في ساعاتها الأولى؟
لم تمرّ 24 ساعة على إطلاق تطبيق «ثريدز»، حتى وجد أهل الإنترنت أنفسهم وسط فوضى رقمية وثقافية وقانونية. من جهة، بعث أليكس سبيرو محامي إيلون ماسك، رسالة «وقف وكف» إلى مارك زوكربيرغ، مهدداً بمقاضاة «ميتا» بشأن «الاختلاس المنهجي والمتعمّد وغير القانوني» لأسرار تويتر التجارية والملكية الفكرية، بالإضافة إلى «سحب بيانات تويتر». ومن جهة أخرى، سرعان ما تبيّن للمستخدمين أنّ قيم المجتمع الخاصة بآل زوكربيرغ مطبّقة في «ثريدز»، إلى درجة أنّ التطبيق يحظر منشورات «ميمز» (memes) عادية جداً، ما كبح جماح الزخم الذي حصل عليه مع دخول أكثر من 30 مليون حساب في اليوم الأوّل من عمر المنصّة.
أرسل سبيرو إلى زوكربيرغ مهدداً باتخاذ إجراء قانوني، مدعياً أنّ «ميتا» وظّفت أشخاصاً عملوا سابقاً في تويتر لإنشاء نسخة عنه. وعملياً، هذا الأمر ليس غريباً على الشركة التي يبدو أنّ شعارها هو: لماذا تبتكر عندما يمكنك أن تنسخ؟ وهذا ليس سرّاً، ذلك أنّ تحقيق لجنة القضاء في مجلس النواب الأميركي عام 2020، كشف عن رسائل إلكترونية من نيسان (أبريل) 2012 بين موظّفي فايسبوك تُفيد بأنّ «النسخ أسرع من الابتكار». وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى أمثلة عدّة: بعد أشهر على إعلان إيلون ماسك عن خدمة «تويتر بلو»، نسخ إنستغرام الاستراتيجية. خاصية الـ «ستوريز» في فيسبوك هي نسخة فاشلة من سناب تشات وPinterest. من يذكر فايسبوك poke؟ كان هذا أوّل تقليد لميزة من سناب تشات، أُطلقت في كانون الأول (ديسمبر) 2012 وسُحبت في عام 2014. وهناك parse الذي كان أكثر إطار عمل مفتوح المصدر استخداماً لتطوير برمجيات التطبيقات (Backends). وقد ساعد المبرمجين على تسريع تطوير التطبيقات وقلّل من إجمالي الجهد المطلوب. ألم يكن يعمل بأفضل شكل؟ ثم استحوذ فايسبوك عليه عام 2013 وأغلقه بعد ذلك بثلاث سنوات. البحث في ماضي آل زوكربيرغ المظلم لا ينتهي.
وبمعزل عن ذلك كلّه، بات واضحاً أنّ «ثريدز» هو البيت الرقمي الجديد لمَن يرى أنّ تويتر لم يعد يناسبه أو يتماهى مع قيمه السياسية والثقافية. فأعلن زوكربيرغ في «ثريد» له يوم الخميس الماضي، أنّه يريد للمنصة الجديدة أن تكون «بيئة آمنة ومحببة». أمّا الإعلامية الأميركية الشهيرة إيلين ديجينيرس، فقالت في أوّل منشوراتها: «أهلاً بكم في تويتر الخاص بالمثليين». تصريح سياسي يُعلن اصطفاف أقطاب الحزب الديمقراطي ومؤثّريه مع منصة النصوص الجديدة، بعدما أعاد إيلون ماسك جماعات اليمين ومريدي ترامب إلى تويتر وأزال الحجب عنهم.
تقنياً، التطبيق بحاجة إلى بعض اللمسات البرمجية. ولا تزال الكثير من الخدمات بحاجة لتصليح الأعطال، مثل البحث والدخول إلى الوسوم. لكن الجدير ذكره، أنّه ليست هناك طريقة حالياً تمكّن المستخدم من إزالة حسابه على «ثريدز» من دون أن يمحو معه حسابه على إنستغرام. وفي الوقت الحالي، يمكن للمستخدمين إيقاف تفعيل الحساب فقط. لكن في تصريح لمجلة «PC»، الخميس الماضي، أفادت «ميتا» بأنّ ميزة إزالة الحساب نهائياً من دون التأثير على إنستغرام «ستأتي في ما بعد».
في السياق نفسه، قال زوكربيرغ في تعليقات له على حسابات في منصة «ثريدز»، إنّه لن يفسح المجال للإعلانات داخل التطبيق قبل وصول عدد المستخدمين إلى نحو مليار. لكن هذا الأمر هو محط شكوك، وخصوصاً أنّه لا يمكن الاتكال حالياً على الزخم الذي يحيط بالتطبيق، ونحن بحاجة لانتظار بعض الوقت، حوالي شهرين على أقلّ تقدير، لتقييم مدى نجاحه. علماً أنّ عدم وجود ميزة محو الحساب، تمنعنا من معرفة عدد المستخدمين الفعلي، خصوصاً أنّه في الأيام الأولى، سينضمّ كثيرون إلى عالم «ثريدز» بدافع الفضول فقط، ثمّ يخرجون منه إلى الأبد.
في المحصّلة، ستقدّم الأيام المقبلة معطيات أفضل في ما يخص اللجوء إلى القضاء بين الشركتين. وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لا يبدو أنّ «ثريدز» يشكّل تهديداً وجودياً لتويتر. المنصتان قادرتان على التعايش جنباً إلى جنب، فهما مختلفتان جوهرياً. ورغم تشابه التصميم والشكل، إلّا أنّ الانقسام السياسي والثقافي واضح بينهما. هي حلقة جديدة من انتقال الانقسام الشعبي في الولايات المتحدة إلى العالم الرقمي. نحن في عالم أعاد تعريف سطور البرمجة إلى أكواد حمراء جمهورية محافظة، وأكواد زرقاء ديموقراطية مع قيم العالم الجديد.