فيسبوك وتيك توك: من يفوز بالحرب غير التقليدية؟

مروة الاسدي

2022-07-31 06:13

يثير تطبيق تيك توك المملوك من قبل شركة بايت دانس الصينية مخاوف العديد من مواقع التواصل الاجتماعي وفي طليعتها فيسبوك، وذلك لتنامي الإقبال عليه، وزيادة حصته من سوق الإعلانات العالمية.

فالتطبيق الذي أسر الشباب والمراهقين، بات من أبرز التطبيقات الاجتماعية خلال مدة زمنية قصيرة، وهو في طريقه لتحقيق إنجاز عظيم، إذ يتوقع محللون أن تتجاوز عائداته الإعلانية في هذه السنة كلا من "تويتر" و"سناب شات" مجتمعين، بينما سيصل لذات الأرباح التي يجنيها "يوتيوب" من الإعلانات في غضون عامين فقط، أي قرابة 23.6 مليار دولار، في إنجاز يعد أسطوريا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التطبيق الصيني أطلق بعد 12 عاما من تقديم "غوغل" لمنصتها.

ونجح "تيك توك" في العام الماضي بتخطي "الاستراحة الرقمية المفضلة لجيل الشباب والعشرينيات"، موقع "سناب شات"، من حيث العائد الإعلاني، كما أنه سيتمكن من أسر "الطائر الأزرق" "تويتر" بحلول نهاية 2022.

ومع زيادة الإنفاق الإعلاني عبر منصات التواصل، تشتعل المنافسة في استقطاب المستخدمين الذين هم عماد هذه الصناعة، وهنا تتفوق "تيك توك" التي وصلت إلى مليار مستخدم في 2021 بعد أربع سنوات من إطلاقها، أي نصف المدة التي استغرقها كل من "فيسبوك" أو "يوتيوب" أو "إنستغرام" لتحقيق ذلك الإنجاز، وأسرع من "واتساب" بثلاث سنوات.

وتشير التوقعات الصادرة عن موقع "داتا. أي آي" إلى أن "تيك توك" سيصل إلى 1.5 مليار مستخدم نشط شهريا هذا العام، بعد أن كشف تحليل له أنه تجاوز هذا الإنجاز بـ100 مليون مستخدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2022.

وتمثل "تيك توك" مغناطيسا جاذبا للمستخدمين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما، بينما تعمل "ميتا" (فيسبوك سابقا) على وقف هجرة هذه الفئة من المستخدمين من خلال "إنستغرام"، ولم يقتصر عنصر الجذب على الشباب وإنما طال الأطفال أيضا، إذ يشير تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، إلى أن هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية "أوفكوم"، أكدت أن حوالي 16 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وأربعة أعوام يشاهدون محتوى "تيك توك"، وارتفع هذا الرقم إلى 29 في المئة في الفئة العمرية من 5 إلى 7 سنوات، وبالانتقال إلى الوقت الذي يقضيه المستخدمون على مواقع التواصل، فقد أمضى مستخدم "تيك توك" "النموذجي" في العام الماضي قرابة 19.6 ساعة شهريا على التطبيق كمعدل وسطي، أي ذات الزمن الخاص بـ"فيسبوك"، وهو ما يسجل لصالح التطبيق الصيني الذي سجل زيادة بمقدار خمسة أضعاف تقريبا في أربع سنوات فقط، ارتفاعا من 4.2 ساعة في عام 2018، ورغم أن مارك زوكربيرغ لا يزال يهيمن على مضمار مواقع التواصل، إذ لدى "فيسبوك" 2.9 مليار مستخدم نشط شهريا، و2 مليار بالنسبة لـ"إنستغرام"، إلا أن الخوف على الحصتين المتوقعتين للموقعين من الإعلانات في 2024 وهي وفقا لموقع "إنسايدر إنتليجنس" 85 و82 مليار دولار على التوالي، جعل "العملاق الأزرق" يوظف شركة تتولى مهمة استراتيجية حساسة تتمثل بالعمل على تغيير قناعات المستخدمين والمستثمرين بشأن مستقبل "تيك توك"، وتصويرها على أنها ليست موثوقة وخصوصا أنها مملوكة من أجانب "صينيين بالتحديد".

وتقوم خطة "ميتا" على استغلال الشكوك التي تم الترويج لها في ظل إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب بأن الشركات الصينية، من شركة الاتصالات العملاقة "هواوي" إلى "بايت دانس" الشركة الأم لـ"تيك توك"، تشكل تهديدا للأمن القومي كقنوات محتملة لتصدير البيانات الشخصية إلى بكين، وتلاشت خطة ترامب التي كانت قائمة على الضغط على "تيك توك" لدفعها لبيع منصتها لشركة أميركية، في أعقاب خسارته للانتخابات أمام جو بايدن.

ورغم فشل مخطط ترامب، إلا أن "سياسة التشكيك" التي تبناها نجحت إلى حد ما في زرع "وساوس" بأذهان المستخدمين، إذ قالت "ذا غارديان" إن استبيانا للرأي أظهر اعتقاد ثلث المشاركين من مستخدمي "تيك توك" بأن بياناتهم عرضة لأن تسلّم للصين.

وإلى جانب الاستفادة من مبدأ التخويف من المارد الصيني، فقد تبنى زوكربيرغ سياسة قائمة على دعم وتنويع نموذج أعماله القائم على الإعلانات، إذ تستكشف "ميتا" ميدان العملات الافتراضية التي تتيح للمستخدمين إتمام عمليات الشراء باستعمالها، بذات الأسلوب الذي وظفته "تيك توك" بنجاح من قبل.

ففي وقت سابق من هذا الشهر، توّج "تيك توك" بصفته التطبيق الأكثر ربحا في العالم لعمليات الشراء داخل التطبيق، حيث أنفق مستخدموه 840 مليون دولار في الربع الأول من هذه السنة على عملتها الافتراضية، والتي يمكن استخدامها كـ"إكرامية" لمنشئي المحتوى والترويج لمقاطع الفيديو، بزيادة قدرها 40 في المئة على أساس سنوي.

وتواصل "ميتا" أيضا العمل بجد على منتج الفيديو القصير "Reels" الذي تم إطلاقه على "إنستغرام" في 2020 و"فيسبوك" العام الماضي، دون أن يكون لذلك حتى الآن أي تأثير واضح على تفوق "تيك توك" بهذا المضمار.

نجاح "تيك توك" لم يأت من فراغ وإنما جاء عبر تبني استراتيجيات أوصلتها لمكانتها الحالية وفي طليعتها سهولة الاستخدام، هذا إلى جانب إقحام عنصر الترفيه الذي يحظى باهتمام الشباب، واعتمد "تيك توك" أيضا على خوارزميات قوية ترشّح للمستخدمين المحتوى الذي يفضلونه بناء على تحليل المحتوى المُشاهد من حيث موضوع المقطع أو موسيقاه أو الألوان الظاهرة في الفيديو.

ولعل قصر مدة فيديوهات "تيك توك"، وتصرف الناشرين على طبيعتهم بخلاف مواقع تواصل أخرى، كانا المحرك الذي دفع المنصة للأمام في عصر السرعة وتعدد المهام اليومية التي تستنزف وقتنا.

وتظل كلمة السر التي قادت التطبيق لهذه المنزلة المتقدمة، تسويق المنصة على أنها إبداعية بعيدة عن الرقابة، خلافا لباقي المنصات، لتستقطب بذلك الشباب الذين يتغنون بمثل هذه الكلمات وينجذبون إليها، وتقدم لهم تحديثات وأدوات لا تتوفر عند المنافسين للتعامل مع الصور والفيديو.

فيسبوك يسير على خطى تيك توك

في محاولة للحفاظ على أكبر عدد ممكن من المستخدمين، أعلنت فيسبوك الشبكة الاجتماعية الرائدة عالمياً أنها أدخلت تعديلاً إلى تطبيقها. وسيجعل التعديل الجديد فيسبوك مشابها لـ "تيك توك".

أدخلت شبكة فيسبوك تعديلا إلى تطبيقها، جعلت من خلاله الصفحة الرئيسية تبرز ضمن قسمين، في تغيير مهم مشابه لما تحويه منافستها الرئيسية تيك توك التي تتمتع بشعبية كبيرة، ويقوم أحد القسمين اللذين أعلنت عنهما فيسبوك يوم الخميس (21 تموز/ يوليو 2022) على منشورات تظهر أمام المستخدم بحسب ترتيبها الزمني وتكون عائدة لأي مستخدم أو صفحة يتابعها الشخص، بينما يتضمن القسم الثاني منشورات مقترحة أمام المستخدم استناداً إلى الخوارزميات وقد تثير اهتمامه.

ومن شأن التركيز على المنشورات المقترحة أن يجعل فيسبوك أكثر تشابهاً مع صفحة تيك توك الرئيسية "فور يو" التي تركز فيها خوارزمية تطبيق الفيديو الشهير على تحديد ما يرغب الشخص في رؤيته وإظهاره أمامه.

وتأتي هذه التغييرات في الوقت الذي تتنافس فيه شركة ميتا المالكة لفيسبوك مع تيك توك على صدارة منصات التواصل، في محاولة للحفاظ على أكبر عدد ممكن من المستخدمين كجزء من أعمالها الإعلانية المُقدرة بمليارات الدولارات، وذكرت الشبكة الاجتماعية الرائدة عالمياً أنّ المستخدمين ستظهر أمامهم عندما يفتحون تطبيق فيسبوك صفحة فيها منشورات خاصة بكل مستخدم تحت تسمية "هوم"، وسيتولى فيها الذكاء الاصطناعي إظهار منشورات عائدة لأصدقائهم لكن كذلك المحتوى المقترح أمامهم.

وقالت ميتا إنّ "التعديل يأخذ في الاعتبار آلاف الإشارات للمساعدة على الوصول إلى المستخدمين وترتيب المحتوى بطريقة نعتقد أنّ المتصفحين سيعتبرونها أكثر أهمية"، وفي حال أراد المستخدمون رؤية منشورات أصدقائهم بترتيب زمني عكسي يمكنهم الضغط فوق علامة التبويب "فيدز"، في خطوة تتلاقى مع نسخ فيسبوك الأولى، ويهدف تعديل فيسبوك إلى أن تكون صفحة "هوم" التي تظهر أمام مستخدمي التطبيق مكاناً يبث المحتوى الجديد والمنشورات المقترحة الجديدة، بينما يهدف قسم "فيدز" إلى نشر محتوى تابع لأشخاص أو مجموعات أنشأ أحدهم اتصالاً معها، على ما توضح الشبكة الاجتماعية.

وكانت الشركة تحدثت في وقت مبكر هذه السنة عن أول تراجع تشهده منصة فيسبوك في عدد المستخدمين اليومي على المستوى العالمي، مما يشكل مؤشراً مقلقاً حول شأن مستقبلها. وتعمل ميتا كذلك على تغيير توجهاتها بعدما واجهت مشاكل كثيرة، من بينها مزاعم تفيد بأنّ الشركة تضع الأرباح أولوية على سلامة المستخدمين.

020، دفعت "ميتا" لواحدة من أكبر شركات الاستشارة في الولايات المتحدة لتنظيم حملة على المستوى الوطني من أجل قلب الناس ضد تيك توك عبر نشر مقالات رأي ورسائل إلى المحررين في المنافذ الإخبارية الرئيسية في البلاد، والترويج لقصص مشكوك فيها حول توجهات تيك توك المزعومة، التي نشأت بالفعل على فيسبوك، ودفْع الصحفيين السياسيين والسياسيين المحليين لمساعدتها في القضاء على هذا التطبيق الذي غدا بين ليلة وضحاها أكبر منافس لها.

ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) -التي حصلت على معلومات عن تلك الحملة من رسائل بريد إلكتروني داخلية تسربت إليها- فإن موظفين في شركة "تارغيتد فيكتوري" (Targeted Victory) سعوا إلى تقويض تيك توك عبر حملة إعلامية وحملات ضغط على مستوى البلاد تصور التطبيق سريع النمو على أنه خطر على الأطفال والمجتمع الأميركي.

الخطوة الأخرى الرئيسية في إستراتيجية ميتا الدفاعية لمحاربة تيك توك استندت إلى محاولة "تدمير" الخصم بمحاكاة أبرز خصائصه في تطبيقاتها؛ فطرحت في أغسطس/آب 2020 ميزة "ريلز" (Reels) التي تتيح مشاركة فيديوهات قصيرة في تطبيقي إنستغرام وفيسبوك.

وبدأت الشركة الدفع لمنشئي المحتوى مقابل ما ينشرونه على "ريلز"، كما يفعل تطبيق يوتيوب، في محاولة لاستقطاب مشاهير المؤثرين في مواقع التواصل، وبالتالي زيادة عدد المستخدمين والمشاهدات، لكبح خطورة تيك توك الذي لا يدفع -حتى الآن- كثيرا للناشرين في منصته.

فهل تنجح فيسبوك في تهميش تيك توك أو القضاء عليه، أو أنها معركة خاسرة منذ بدايتها بعد أن أصبح كثيرون ينظرون إلى فيسبوك على أنه "موضة قديمة" ولا يجاري روح العصر؟

هل يتحول فيسبوك لنسخة رديئة من تيك توك؟

تقارير داخلية مسربة تشير الى توجه المنصة الاجتماعية المملوكة لميتا الى احداث تغيرات كبرى على خلاصة الأخبار تعتمد على التوصيات على غرار خلاصة 'فور يو' في منافستها الصينية، على حساب منشورات الأصدقاء والعائلة.

تنكب فيسبوك على اعادة تصميم كبيرة للشبكة الاجتماعية تحاكي منافستها الصينية الشرسة تيك توك، وفق مصادر من داخل شركة "ميتا"، ويبدو ان مارك زوكربيرغ وغيره من المديرين التنفيذيين في "ميتا" وضعوا أولوية قصوى لهم حالياً لمنافسة تيك توك، ويسعون لإحداث تغييرات كبيرة بموقعهم للتواصل الاجتماعي ليتمكن من تلك المنافسة.

ويثبت تقرير مفصل جديد أن الشركة في طريقها لأن تصبح أكثر شبهًا بالمنصة الصينية، المملوكة لشركة بايت دانس الصينية، وتعمل فيسبوك على إعادة تصميم رئيسية لشريط أخبارها، وفقاً لما أورده مسؤول تنفيذي بارز بالشركة.

وتنص المذكرة التي أعدها توم أليسون، الذي يرأس فيسبوك حالياً، على أن الهدف هو تحويل فيسبوك إلى "محرك الاكتشاف"، والذي سيعتمد بشكل كبير على التوصيات، على غرار خلاصة "فور يو" في "تيك توك".

ووفقًا لمذكرة تم تسريبها، فإن محرك الاكتشاف الجديد ضمن فيسبوك يشارك خوارزميًا مع المستخدمين محتوى أكثر بكثير من خارج الحسابات والصفحات التي يتابعونها، وستأتي التوصيات بشكل أساسي من المحتوى "غير المتصل"، بما في ذلك خدمة "رييلز"، وسيشاهد المستخدمون مشاركات أقل من الأصدقاء والعائلة في خلاصاتهم.

وقالت فيسبوك في المذكرة المسربة: "تتغير منصات التواصل الاجتماعي، وتحتاج إلى محركات تساعد الأشخاص في العثور على محتوى مثير للاهتمام والاستمتاع به بغض النظر عما إذا كان قد تم إنتاجه بواسطة شخص متصل به أم لا".

وتنص وثيقة الشركة على أنهم يريدون التركيز على ربط الأشخاص. وتساعد الميزة الجديدة الأشخاص على التواصل عبر الاهتمامات أو الهوية المشتركة، ويتضمن التطبيق الرئيسي القصص وريلز في الجزء العلوي من الصفحة. تليها المنشورات التي يوصي بها محرك الاكتشاف عبر كل من فيسبوك وإنستغرام، وتتم إعادة تسمية المجموعات إلى المجتمعات. بينما تركز الصفحة بشكل أكبر على محتوى الفيديو القصير الذي يحفز المستخدمين الأصغر سنًا على استخدام المنصة.

وتعمل هذه التغييرات المقترحة على إعادة اختراع أنظمة خلاصة المنصة التي تم تغييرها مبدئيًا في عام 2018. كما تعني أيضًا إعادة دمج منصة ماسنجر مع فيسبوك لتظهر في الجزء العلوي الأيمن من التطبيق.

حسب تحليل نشره موقع "نيوستيتسمان" الأميركي، فإن فيسبوك تعاني من مشاكل عميقة، لاسيما في سوق الإعلان الذي أصبح المشكلة الأكبر لها فيه هو شبكة تيك توك التي تشهد صعودا صاروخيا، والتي لم تعد شبك فيسبوك تستطيع منافستها.

وبحسب التحليل، فإن الشركة تحولت إلى شركة إعلانية عالمية تضم عشرات الآلاف من الموظفين، لكن حجمها ومدى وصولها وعائداتها فشلت في حمايتها من الرمال المتحركة للثقافة الرقمية ومخاطر اقتصاد الاهتمام.

ووفقا لما ورد بالتحليل، فإن السائد هو أن شبكة تيك توك هي المسؤولة عن مشاكل فيسبوك، حيث تمكن زوكربيرغ بشكل مثير للجدل من الاستحواذ على إنستغرام وواتساب في 2012 و2014 على التوالي، إلا أن تيك توك ظل بعيدا عن متناول يديه.

وأضاف "على الرغم من أن زوكربيرغ أطلق ميزة ريلز المستنسخة من تيك توك، إلا أنها فشلت في تحقيق قدر كبير من الإيرادات مثل منتجاته الأخرى"، وخلص التحليل إلى نتيجة مرعبة بشأن فيسبوك، وهو أنه من المتوقع أن تعاني هذه الشبكة الاجتماعية من زوال تدريجي مثل ما حدث مع ماي سبيس وبيبو.

يذكر ان أشخاصا مطلعين كشفوا أن شركة ميتا ستعيد النظر في اتفاقياتها المالية مع شبكات الأخبار والمؤسسات الإعلامية، ما قد يصيب الأخيرة بعجز محتمل في إيراداتها يقدر بعشرات ملايين الدولارات.

وتوحي هذه التغيرات بإن الشركة تسعى لتوجيه هذه المبالغ لجذب المبدعين من منتجي الفيديوهات القصيرة لمنافسة منصة "تيك توك" المملوكة لشركة "بايت دانس"، بالإضافة لاستثماراتها في تقنية "الميتافيرس".

منافسة شرسة بين تيك توك وفيسبوك

صراع تكنولوجي قائم بين عملاقي مواقع التواصل الاجتماعي "Facebook و TikTok"، حيث يقوم الأول بإعادة هيكلة إمكانياته لتتناسب مع منافسه الجديد، إلا أن TikTok، صرح وبقوة أن فكرة التشبه بمنصات أخرى هي بعيدة كل البعد عن خطته مشيرا في كلامه إلى منصة "فيسبوك".

ووفقا لما نشر في "The verge"، فقد صرح Blake Chandlee، رئيس حلول الأعمال العالمية في TikTok، خلال حديثه إلى CNBC، إلى أن هناك اختلاف واضح بين الشركتين، مشيرا إلى أن فيسبوك عبارة عن منصة اجتماعية تقوم على الرسم البياني الاجتماعي، بينما "تيك توك" منصة ترفيهية من الدرجة الأولى، وعلى حسب قوله فإن الفرق هائل بينهما، وخلال حديثه مع CNBC سرد "تشاندلي" تاريخ خبرته في فيسبوك قبل انتقاله للتيك توك.

وأوضح المسؤول التنفيذي السابق للفيسبوك " عندما كانت Google تنشئ + Google" كانت لدينا غرف حرب في ذلك الوقت"، موضحا أن هذا الأمر أحدث بلبلة في الوسط داخل مقر شركة "فيسبوك"، ووفقا لما رآه خلال خبرته التي تجاوزت الـ12 عاما في شركته فيسبوك، فإنه استطاع أن يحسم بقوة المعركة لصالح تيك توك في النهاية وفوزه على نظيره الفيسبوك، واسترسل قائلا " إننا نقدم هذه التوجهات الثقافية وهذه التجربة الفريدة من نوعها التي لدى الناس على منصة تيك توك. لن يحصلوا على هذا في منصة فيسبوك ما لم تقم فيسبوك بالتخلي عن قيمها الاجتماعية كلياً، وهو ما لا أتوقع أنها ستفعله".

ورغم أن "تيك توك" يعتبر التطبيق الأكثر رواجا في الفترة الحالية، إلا أنه من المتوقع أن يواجه بعض التحديات مثل نظيره "فيسبوك" أو أخرى سيكون عليه الاستعداد للتغلب عليها.

صعود «تيك توك» يقلق «فيسبوك»... ما الأسباب؟

يخطو تطبيق «تيك توك» بثبات لتجاوز حجم الإعلانات على لـ«تويتر» و«سناب شات» مجتمعين هذا العام، وللوصول إلى رقم «يوتيوب» في غضون عامين. وذلك بعد أن جعل المراهقون والشباب «تيك توك» من أهم التطبيقات الاجتماعية في الوقت الحالي مهدداً تطبيق «فيسبوك».

وحسب تقرير نشرته صحيفة «ذا غارديان» من المتوقع أن تلحق منصة مشاركة الفيديو المملوكة للصين بموقع «يوتيوب» بحلول عام 2024 عندما يُتوقع أن يحقق كلاهما 23.6 مليار دولار (18.2 مليار جنيه إسترليني) من عائدات الإعلانات، رغم إطلاق «تيك توك» عالمياً بعد 12 عاماً من إطلاق منافسها المملوك لشركة «غوغل».

في العام الماضي، تفوق «تيك توك» على اـ«سناب شات» في حجم الإعلانات عالميًا، الذي كان في السابق التطبيق المفضل للمراهقين والعشرينيات، وبحلول نهاية هذا العام سيكون قد تجاوز «تويتر». هذا العام، من المتوقع أن تتضاعف عائدات الإعلانات في جميع أنحاء العالم ثلاث مرات، لتصل إلى 11.6 مليار دولار، متجاوزة الـ10.44 مليار دولار لـ«تويتر» و«سناب شات» مجتمعين.

تقول ديبرا أهو ويليامسون، المحللة الرئيسية في «Insider Intelligence»، التي جمعت توقعات الإنفاق الإعلاني: «لقد انفجرت قاعدة مستخدمي تيك توك في العامين الماضيين، ومقدار الوقت الذي يقضيه المستخدمون في التطبيق غير عادي. لقد تخطى جذوره كتطبيق لمزامنة الشفاه والرقص. إنه يخلق اتجاهات ويعزز الروابط العميقة مع منشئي المحتوى التي تحافظ على تفاعل المستخدمين، فيديو تلو آخر».

وصل «تيك توك» إلى مليار مستخدم في عام 2021 بعد أربع سنوات من الإطلاق العالمي، وهو نصف الوقت الذي استغرقه «فيسبوك» أو «يوتيوب» أو «إنستغرام»، وثلاث سنوات أسرع من «واتس آب». في وقت سابق من هذا الأسبوع، رجح المحللون في «data.ai» توقعاً بأن «تيك توك» سيصل إلى 1.5 مليار مستخدم نشط شهرياً هذا العام، بعد أن كشف تحليله أنه تجاوز هذا الإنجاز بـ100 مليون مستخدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى.

تفوز الشركة بمعركة «البقعة الجميلة» لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، أي أنها تحظى بشعبية بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً حيث يشهد «فيسبوك» أكبر انخفاض له، حيث تحاول الشركة الأم «ميتا» وقف الهجرة الجماعية من خلال جذبهم إلى تطبيق «إنستغرام».

أصبح «تيك توك» أيضاً إدماناً بشكل متزايد. رغم أن المنصة من المفترض أن تقتصر على أولئك الذين تبلغ أعمارهم 13 عاماً أو أكثر، فإن نحو 16% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وأربعة أعوام يشاهدون محتوى التطبيق، وفقاً لبحث أجرته منظمة «Ofcom» الإعلامية. وارتفع هذا الرقم إلى 29% من جميع الأطفال في الفئة العمرية من 5 إلى 7 سنوات.

في العام الماضي، أمضى مستخدم «تيك توك» النموذجي 19.6 ساعة في المتوسط شهرياً على التطبيق، وفقاً لـ«data.ai» - وهو ما يعادل «فيسبوك»، الرائد العالمي في الوقت الذي يقضيه المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالنسبة إلى «تيك توك»، يمثل هذا زيادة بمقدار خمسة أضعاف تقريباً في أربع سنوات فقط، ارتفاعاً من 4.2 ساعة في عام 2018.

لا تزال شركة «ميتا» المملوكة من مارك زوكربيرغ تهيمن على السوق - لدى «فيسبوك» 2.9 مليار مستخدم نشط شهرياً، و2 مليار مستخدم آخر لـ«إنستغرام»، حيث وضعت «Insider Intelligence» عائدات إعلانات 2024 عند 85 مليار دولار و82 مليار دولار على التوالي. ومع ذلك، فقد ظهر الشهر الماضي أن الخوف من «تيك توك» دفعها إلى توظيف شركة ضغط لتصوير الشركة على أنها «تهديد حقيقي، لا سيما باعتبارها تطبيقاً مملوكاً لأجانب».

وقال كبير مسؤولي التسويق في شركة «Affise» سام أوبراين: «من الواضح أن ميتا ترى نفسها في معركة ضد تيك توك لجذب قلوب وعقول واهتمام جيل الألفية. لقد شهدت تيك توك نمواً مذهلاً في عدد المستخدمين منذ بداية الوباء العالمي، حيث استحوذت على شريحة كبيرة من جمهور منافسيها».

تهدف تكتيكات «ميتا» إلى استغلال الشكوك التي تم الترويج لها في ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بأن الشركات الصينية، من شركة الاتصالات العملاقة «هواوي» إلى شركة «ByteDance» الأم لشركة «تيك توك»، تشكل تهديداً للأمن القومي كقنوات محتملة للبيانات الشخصية إلى بكين.

قبل عامين، حظرت الهند، وهي واحدة من أكبر الأسواق في العالم لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، 59 تطبيقاً صينياً، بما في ذلك «تيك توك». ومع ذلك، فإن خطط ترمب لإجبار «ByteDance» على بيع عملياتها الدولية لشركة أميركية، مثل «مايكروسوفت» أو «أوراكل»، تلاشت بعد أن خسر الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة بين العديد من المستخدمين بمن في ذلك أولئك الموجودون في المملكة المتحدة، التي منعت استخدام معدات «هواوي» في شبكات الهاتف المحمول. في العام الماضي، وجدت الأبحاث أن ما يقرب من ثلث جميع البريطانيين كانوا قلقين من أن «تيك توك» قد تشارك بياناتهم الشخصية مع الحكومة الصينية. من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، يعتقد ثلثهم أنه سيسلم بياناتهم بناءً على طلب من الصين.

تعرضت «ByteDance» أيضاً لضغوط في الداخل حيث سعت بكين إلى كبح جماح قوة عمالقة التكنولوجيا في البلاد. أعلن المؤسس المشارك الملياردير زهانغ يمينغ بشكل غير متوقع في مايو (أيار) أنه سيتنحى عن منصبه كرئيس تنفيذي، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) تخلى عن دور رئيس مجلس الإدارة، حيث خضعت «ByteDance» لعملية إعادة هيكلة كبيرة قسمتها إلى ست وحدات تجارية.

ومع ذلك، لا تزال الشركة في حالة جيدة جداً، وتم تقييمها شهر بـ353 مليار دولار - مقارنة بـ80 مليار دولار في العام السابق - مع تأمل الأسواق في طرح عام أولي ضخم في المستقبل. شهدت «ByteDance» نمو إجمالي إيراداتها، بما في ذلك عملياتها في الصين وأعمالها التجارية الكبيرة داخل التطبيقات والتجارة الإلكترونية، بنسبة 70% العام الماضي إلى نحو 58 مليار دولار، ارتفاعاً من 34.3 مليار دولار في عام 2020.

في حين أن «ميتا» لا تزال شركة أكبر بكثير وارتفعت الإيرادات بنسبة 37% العام الماضي، لتصل إلى 118 مليار دولار، شعر زوكربيرغ بالحاجة إلى شن هجوم مضاد تجاري لدعم وتنويع نموذج أعماله القائم على الإعلانات.

سريعاً دائماً في تقليد الابتكارات الناجحة للمنافسين، تستكشف «ميتا» إطلاق عملات افتراضية، يطلق عليها الموظفون «Zuck bucks»، لمستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» للشراء والاستخدام، في استراتيجية مشابهة جداً لتلك التي تم توظيفها بالفعل بنجاح كبير من قبل «تيك توك».

في وقت سابق من هذا الأسبوع، ظهر أن «تيك توك» هو الآن التطبيق الأكثر ربحاً في العالم لعمليات الشراء داخل التطبيق. أنفق مستخدمو التطبيق 840 مليون دولار على عملتها الافتراضية، والتي يمكن استخدامها «لإكرامية» منشئي المحتوى والترويج لمقاطع الفيديو، في الربع الأول - بزيادة قدرها 40% على أساس سنوي.

قال ليكسي سيدو، رئيس الإحصاءات في «data.ai»، التي نشرت التقرير، إنه الربع الأكبر بالنسبة لأي تطبيق أو لعبة على الإطلاق، مضيفاً أنه «أول تطبيق على الإطلاق يتفوق على لعبة من حيث إنفاق المستهلك في ربع معين».

يقول جيمي ماك إيوان، كبير محللي وسائل الإعلام في شركة «إندرز»: «قام بعض الشباب بإغلاق فيسبوك تماماً». في المملكة المتحدة، ينفق 18 إلى 24 عاماً على تيك توك مثل فيسبوك وإنستغرام وواتس آب مجتمعين. هناك منافسة شرسة على الوقت. تيك توك هو الأسرع نمواً في الوقت الحالي، ولديه نطاق واسع، إنه الأفضل لمشاهدته».

«تيك توك» يتفوق على «فيسبوك» عند المراهقين

على مدار تاريخه، كان لدى «فيسبوك» عادة التخلص من المنافسين المحتملين بطريقة بسيطة، تتمثل في استنساخ ميزاتهم.

واستخدم «فيسبوك» هذا التكتيك لسحق تهديد + Google في عام 2011، وفعل الشيء نفسه مع سناب تشات، عندما استنسخت انستغرام ميزة قصصها المميزة في عام 2016. لكن هذه الاستراتيجية فشلت حتى الآن في وضع حد لـ TikTok، وهو منافس ناشئ يحظى بشعبية بالغة لدى المراهقين. وفق CNBC. وأصدر «فيسبوك» في وقت مبكر من نوفمبر لاسو Lasso، وهو تطبيق اجتماعي يتيح للمستخدمين مشاهدة وإنشاء مقاطع فيديو قصيرة مرتبطة بالأغاني. والتطبيق مطابق تقريبا لـTikTok، باستثناء عندما يتعلق الأمر باحصائيات تحميل التطبيقين.

وتم تنزيل وتحميل TikTok من أبل آب ستور وغوغل بلاي من قبل 39.6 مليون مستخدم في الولايات المتحدة منذ أوائل شهر نوفمبر، وفقا لتقديرات الجهات الخارجية المقدمة الى «سي ان بي سي» بواسطة SensorTower، وهي شركة متخصصة في بيانات سوق التطبيقات. بينما تم تحميل تطبيق لاسو بواسطة 70 ألف مستخدم خلال نفس الفترة الزمنية.

وفي الآونة الأخيرة، شهد تطبيق TikTok عمليات تحميل بلغت 6.4 ملايين في الولايات المتحدة خلال يناير مقابل 15 ألف تحميل لتطبيق لاسو، وفقا لـSensorTower. وقالت متحدثة باسم «فيسبوك» في بيان: «تكمن قيمة المنافسة في ضمان حصول المستهلكين على منتجات وخدمات مبتكرة وعالية الجودة، وهذا هو بالضبط ما نراه في النظام البيئي الحالي».

وتظهر الاحصائيات مدى شعبية TikTok في الولايات المتحدة، لكن هذا لا يثير الدهشة لأي شخص سبق له أن استخدم التطبيقين.

عند فتح TikTok يستقبلك عدد لا نهائي من مقاطع الفيديو، مع عشرات الآلاف من الاعجابات، ومئات التعليقات على المنصة الأساسية للتطبيق. في المقارنة، تحتوي مقاطع الفيديو التي يوصي بها لاسو Lasso على مئات الاعجابات وقليل من التعليقات في أفضل الأحوال.

هل دفع فيسبوك ليشوّه صورة تيك توك.. خفايا تتكشف

يبدو أن شركة "ميتا"، المالكة لفيسبوك وانستغرام وغيرها من منصات التواصل، شنت حربا شعواء خلف الكواليس من أجل تشويه صورة تيك توك.

فقد كشفت بعض الإيميلات المسربة أن الشركة العملاقة دفعت مبالغ طائلة لشركة استشارية بارزة في أميركا من أجل إثار القلاقل وعدم الثقة بين جمهور تيك توك.

انتشر على منصة "تيك توك" تحدي (Orbeez) بين المراهقين، ويشمل استخدام ما يشبه المسدسات المائية لإطلاق "خرز ملون يتمدد عند...تحدٍّ ينتشر بين المراهقين على "تيك توك".. والسلطات الأميركية تحذر تحدٍّ ينتشر بين المراهقين على "تيك توك".. والسلطات الأميركية تحذر الحدث

وبالفعل عمدت تلك الشركة إلى إطلاق حملة إعلامية لتهشيم صورة التطبيق الصيني ذائع الصيت بين المراهقين والشباب، ناشرة مقالات رأي ورسائل إلى محرري صحف وفي منشورات مختلفة، متهمة TikTok بأنها تشكل خطرًا على الأطفال الأمريكيين، إلى جانب اتهامات أخرى مهينة، بحسب ما أفادت صحيفة واشنطن بوست.

كما سعت إلى "إيصال رسالة واضحة مفادها أنه "في حين تتعرض META لضربات وانتقادات عدة، يبدو أن التهديد الحقيقي يكمن في مكان آخر"، معتبرة أن TikTok هو التهديد الأهم لاسيما أنه مملوك من أجانب ويحتل المرتبة الأولى لدى المراهقين الصغار"، وفق ما أظهرت رسالة وجهها أحد مديري الشركة الاستشارية (التي دفعت لها ميتا لقاء خدماتها) عبر البريد الإلكتروني، لعدة صحف منشورات، في فبراير الماضي.

إلى ذلك، عمدت تلك الحملة إلى دفع عدد من المتعاونين لترويج ومشاركة قصص ومواضيع في وسائل إعلام محلية(أميركية)، تشير إلى أن تيك توك نشر أفكارا و"تحديات" خطيرة بين المراهقين، على الرغم من أن تحقيقا أجرته Anna Foley أثبت لاحقا العكس، وبين أن بعض العادات التي انتشرت بين المراهقين انطلقت من فيسبوك!

في المقابل، علقت تيك توك على تلك المعلومات، مؤكدة أن "تأجيج الاتهامات ضد المنصة عبر بعض وسائل الإعلام المحلية أمر مقلق للغاية"!

يذكر أن تطبيق تيك توك يلقى رواجا واسعا لدى الشباب حول العالم، لاسيما أنه يشارك عادة فيديوهات قصيرة طريفة أو راقصة، فيما تعرض فيسبوك خلال الأشهر الماضية إلى حملة انتقادات واسعة، لا بل تحقيقات في الكونغرس الأميركي، تتعلق باستغلال المستخدمين وبياناتهم.

موسم الهجرة من فيسبوك إلى تيك توك

تطبيق تيك توك في طريقه للتفوق على تويتر وسناب شات مجتمعَين في حجم الإعلانات على مستوى العالم هذا العام، وللحاق بموقع يوتيوب في غضون عامين، إذ يجعله المراهقون والشباب من أهم التطبيقات الاجتماعية في الوقت الحالي، وهذا يقلق فيسبوك بشدة.

إذ يُتوقع أن يلحق موقع مشاركة مقاطع الفيديو المملوك للصين بموقع يوتيوب بحلول عام 2024، حين يُتوقع أن يحقق كلاهما 23.6 مليار دولار من عائدات الإعلانات، رغم أن تطبيق تيك توك انطلق بعد 12 عاماً من انطلاق منافسه يوتيوب المملوك لشركة جوجل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

ومؤسس تطبيق تيك توك هو رائد الأعمال والملياردير الصيني زانغ يمينغ، ويستند اسم التطبيق إلى المثل الصيني حول "مفاجأة الجميع بمحاولة أولى"، وفقاً لصحيفة South China Morning Post.

تيك توك تخطى المليار مستخدم في وقت قياسي

والعام الماضي، تفوق تيك توك على الحصة الإعلانية العالمية لـ"سناب شات"، الذي كان في السابق الوجهة الرقمية المفضلة للمراهقين والشباب في سن العشرينيات، وبحلول نهاية هذا العام سيكون قد تفوق على تويتر. وهذا العام، يُتوقع أن تتضاعف عائدات إعلاناته على مستوى العالم ثلاث مرات، لتصل إلى 11.6 مليار دولار، أي أكثر من عائدات سناب شات وتويتر مجتمعَين والتي تبلغ 10.44 مليار دولار.

وقد وصل تطبيق تيك توك إلى المليار مستخدم عام 2021، بعد أربع سنوات من انطلاقه عالمياً، أي بعد نصف الوقت الذي استغرقه فيسبوك أو يوتيوب أو إنستغرام، وأسرع من واتساب بثلاث سنوات. ومطلع هذا الأسبوع، عدّل محللون في موقع data.ai تقديرهم بأن تيك توك سيصل إلى 1.5 مليار مستخدم نشط شهرياً هذا العام، بعد أن كشف تحليلهم أنه تجاوز هذا الرقم بـ100 مليون مستخدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى.

وأصبح تيك توك أيضاً من المواقع الإدمانية. فرغم أنه يُفترض أن يقتصر استخدامه على من تبلغ أعمارهم 13 عاماً أو أكثر، فنحو 16% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وأربعة أعوام يشاهدون محتوى تيك توك، وفقاً لبحث أجرته هيئة Ofcom المنظمة للإعلام. وارتفع هذا الرقم إلى 29% من جميع الأطفال في الفئة العمرية بين 5 و7 سنوات.

والعام الماضي، كان مستخدمو تيك توك يمضون في العادة 19.6 ساعة في المتوسط شهرياً على التطبيق، وفقاً لموقع data.ai، وهذا يعادل فيسبوك، الموقع الرائد عالمياً في الوقت الذي يقضيه المستخدمون على الشبكات الاجتماعية. وهذا يمثل لموقع تيك توك زيادة بمقدار خمسة أضعاف تقريباً في أربع سنوات فقط، أي ارتفاعاً من 4.2 ساعة عام 2018.

يقول سام أوبراين، كبير مسؤولي التسويق بشركة تسويق الأداء Affise: "لطالما كان فيسبوك أكبر منافس في هذا الشأن. ولكن يبدو أنه لا يستطيع إقناع المستخدمين المخلصين لتيك توك بالعودة إليه. فقد اكتشف تيك توك طريقته المميزة لمنح منصته خصائص إدمانية".

على أن شركة ميتا التي يترأسها مارك زوكربيرغ، لا تزال مهيمنة على السوق، فلدى فيسبوك 2.9 مليار مستخدم نشط شهرياً، و2 مليار مستخدم آخر على إنستغرام، وتتوقع شركة أبحاث التسويق Insider Intelligence أن تصل عائدات إعلاناتهما عام 2024 إلى 85 مليار دولار و82 مليار دولار على التوالي. ومع ذلك، اتضح الشهر الماضي أن الخوف من تيك توك دفعها إلى توظيف شركة علاقات عامة لتصوير الشركة على أنها "تهديد حقيقي، خصوصاً أنها تطبيق مملوك لأجانب".

يقول أوبراين: "من الواضح أن ميتا ترى نفسها في معركة مع تيك توك لجذب قلوب وعقول واهتمام جيل الألفية، الذي هو جزء كبير من سوق الشبكات الاجتماعية. فقد شهدت تيك توك نمواً مذهلاً في عدد المستخدمين منذ بداية الجائحة العالمية، واستحوذت على شريحة كبيرة من جمهور منافسيها".

زوكربيرغ على خطى ترامب

وتهدف تكتيكات ميتا إلى استغلال الشكوك التي روجتها إدارة ترامب بأن الشركات الصينية، من شركة الاتصالات العملاقة هواوي إلى شركة ByteDance، الشركة الأم لشركة تيك توك، تشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي على اعتبار أنها ربما تكون قنوات لنقل البيانات الشخصية إلى بكين.

وقد ارتفع إجمالي عائدات ByteDance، التي تشمل عملياتها في الصين وأعمالها التجارية داخل التطبيقات والتجارة الإلكترونية، بنسبة 70%، العام الماضي، إلى نحو 58 مليار دولار، من 34.3 مليار دولار عام 2020.

ورغم أن ميتا لا تزال شركة أكبر بكثير وارتفعت إيراداتها بنسبة 37% العام الماضي، لتصل إلى 118 مليار دولار، يشعر زوكربيرغ بضرورة شن هجوم تجاري مضاد لدعم وتنويع نموذج شركته القائم على الإعلانات.

ميتا تحاول تقليد العملة الافتراضية لـ"تيك توك"

وميتا، التي تسرع دوماً إلى تقليد الابتكارات الناجحة لمنافسيها، تدرس إطلاق عملات افتراضية، يطلق عليها الموظفون "Zuck bucks"، لمستخدمي فيسبوك وإنستغرام لشرائها واستخدامها، في استراتيجية شديدة الشبه بتلك التي استخدمها تيك توك بنجاح كبير.

ومطلع الأسبوع الماضي، تبين أن تيك توك هو الآن التطبيق الأكثر ربحاً في العالم لعمليات الشراء داخل التطبيق. إذ أنفق مستخدمو تيك توك 840 مليون دولار على عملته الافتراضية "كوينز"، التي تستخدم لدعم مقدمي المحتوى والترويج لمقاطع الفيديو، في الربع الأول، بزيادةٍ قدرها 40% على أساس سنوي.

تقول ليكسي سيدو، رئيسة الإحصاءات في موقع data.ai، الذي نشر التقرير: "هذا الربع هو الأكبر لأي تطبيق أو لعبة على الإطلاق. فهو أول تطبيق يتفوق على لعبة في إنفاق المستهلك في ربع معين".

وتأتي خطط زوكربيرغ لتنويع العائدات في أعقاب الإطلاق الفاشل لتطبيق Lasso الشبيه بـ"تيك توك" عام 2018، والذي أغلق بعد 18 شهراً فقط من إطلاقه، على أن ميتا حافظت على ميزة مقاطع الفيديو القصيرة (الريلز)، التي أطلقتها على إنستغرام عام 2020 وفيسبوك، العام الماضي، ولكن رغم مساعي ميتا، لا تظهر أي علامات على أن الزخم الذي يكتسبه تيك توك يتراجع.

بعض الشباب أغلقوا حساباتهم على فيسبوك تماماً

يقول جيمي ماك إيوان، كبير محللي الإعلام في شركة إندرز: "بعض الشباب أغلقوا فيسبوك بالكامل، وفي المملكة المتحدة، يمضي من تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً وقتاً على تيك توك يساوي ما يقضونه على فيسبوك وإنستغرام وواتساب مجتمعة. وتيك توك هو الأسرع نمواً في الوقت الحالي، ومنتشر على نطاق واسع، وهو الأفضل للمشاهدة".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا