وقف العنف عبر الإنترنت مرتبط بالرادع الاجتماعي
د. ياس خضير البياتي
2021-04-14 04:25
الردع الاجتماعي والأمني مطلوب في التقليل من هذه الظواهر السلبية التي تحتاج أحيانا إلى سن تشريعات متعلقة بقضية العنف عبر الإنترنت التي يرتكبها الأطفال والشباب في سن تشريعات تغرم أولياء أمور المتورطين بقضايا العنف عبر الإنترنت، في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات المهمة فيما يطلق عليه الإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد أو البديل بالنظر لما تقوم به من دور متعدد الأبعاد، سياسي واجتماعي وثقافي، فإنها تظل في الوقت ذاته حاملة أو مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول والمجتمعات، في ظل لجوء البعض إلى توظيفها بشكل سيء في نشر الشائعات والأكاذيب المغرضة وممارسة العنف والتسلط، وخاصة بين المراهقين والشباب.
إن الشباب بحكم تكوينهم النفسي الاجتماعي، ومميزات شخصيتهم في هذه المرحلة العمرية التي تتزامن ومرحلة المراهقة وما تفرضه التحولات الفيزيولوجية والنفسية من أنماط تفكير، فهم يميلون إلى رفض المعايير والمستويات والتوجيهات الفوقية والسلطة التي يمارسها الكبار عليهم بمختلف الأشكال داخل البيت وفي المدرسة والإدارة وفي كل ما يرمز للسلطة من مؤسسات المجتمع المختلفة.
وهو ما يستلزم من المجتمع الاهتمام بتأطيره تربويا، وتوجيهه بيداغوجيا ومساعدته على بناء ذاته بشكل إيجابي لتنمو القدرات العقلية الإبداعية على حل المشكلات ومواجهة التحديات بطرق إيجابية ومقبولة. بإفساح المجال له للتعبير الحر عن رغباته وآرائه وقناعاته وممارسة تجاربه الشخصية في ما يحقق له الإشباع لحاجة تأكيد ذاته.
غير أن سوء التخطيط وسوء التكفل بقضايا الشباب وعدم إشباع حاجياتهم المختلفة في مختلف المؤسسات الاجتماعية، وضعف مستوى التكوين والتربية على مستوى المدرسة والمؤسسات التربوية المختلفة، إلى جانب تعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والانفجار المعرفي والتكنولوجي الذي يشهده عالمنا المعاصر في كل المجالات خاصة في مجال تكنولوجية الاتصال والإعلام والمعلوماتية، وتأثيرها في القيم الاجتماعية والثقافية والاتجاهات الفكرية والسياسية للأفراد والمجتمعات، جعلت من شبابنا، يعيش صراعات متعددة الأبعاد، بين القديم والجديد وبين التقليدي والحديث وبين الوافد والمحلي.
لذلك يحاول الشباب استخدام ما يسمى (العنف عبر الإنترنت) للتنفيس عن طاقاتهم أو كبتهم أو أظهار رجولتهم ووجودهم كمباهاة اجتماعية. وتشمل تكنولوجيا الأجهزة الإلكترونية والمعدات مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، وأجهزة لوحية (الآيباد) وكذلك وسائل الاتصال بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، والرسائل النصية سواء عن طريق الآيفون أو الكمبيوتر أو اللابتوب وأشرطة الفيديو وغرف الدردشة، والمواقع الأخرى.
والحل، كما أرى، مرتبط بأكثر من جهة، فالمؤسسات الاجتماعية والجماعات المحلية عليها مسؤولية التكفل بانشغالات الشباب، وما تفتحه من آليات اتصال وقنوات للحوار معهم، مع ما توفره من فرص للعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية لإشباع حاجاتهم للانتماء، ولعب الأدوار الاجتماعية، مثلما للأسرة مسؤولية في متابعة أبنائها وتوجيههم، والتكفل بحاجاتهم الأساسية البيولوجية والنفسية والاجتماعية، إلى جانب ما تنميه من تعميق الاتجاه الديمقراطي في الحوار معهم، وبناء شخصيتهم المستقلة. إضافة إلى دور المؤسسات التعليمية من خلال ما تنميه من قيم ومبادئ وقدرات واتجاهات للفرد نحو نفسه أيضا ونحو كل شيء يحيط به، إلى جانب ما توفره من فرص للتعلم والتفتح للشخصية.
ويبدو الدور الأخطر لوسائل الإعلام المختلفة وما تتناوله من موضوعات وقضايا تهم الشباب، إلى جانب مدى مساهمتها في التحسيس والتوعية حول مختلف الأخطار لمختلف الظواهر السلبية، وخاصة التعامل الايجابي مع الإنترنت، وتسليط الضوء على الممارسات السلبية التي تهدد أمن المجتمع.
وبدون شك فأن الردع الاجتماعي والأمني مطلوب في التقليل من هذه الظواهر السلبية التي تحتاج أحيانا إلى قوانين تتعلق بقضية العنف عبر الإنترنت التي يرتكبها الأطفال والشباب وسن تشريعات تغرم أولياء أمور المتورطين بقضايا العنف عبر الإنترنت، وتوعية أولياء الأمور بقضايا العنف عبر الإنترنت من خلال المحاضرات والندوات وورش العمل ودورات تدريبية وعقد ندوات ومحاضرات وأفلام توعوية للشباب وإدخال مفاهيم وقضايا العنف عبر الإنترنت في المناهج الدراسية.
وأنا شخصيا أميل إلى الردع الاجتماعي من خلال أساليب الاعتذار للمجتمع، أو من خلال العقوبات المجتمعية التي تم تطبيقها مؤخرا في الدول العربية، وحازت رضا المجتمع.