روبوتات: ما لا تعرفه عن سكان المستقبل؟
مروة الاسدي
2018-02-20 04:00
قد يعتقد البعض أن هناك مبالغة في الحديث عن تحديات المستقبل، وقد يعتقد آخرون أنه مازالت تفصلنا سنوات طويلة جداً عن سيطرة الروبوتات والذكاء الاصطناعي على حياتنا، وعن ظهور مشروعات المستقبل الأخرى التي يتحدث عنها العالم والعلماء، كما أن البعض لايزال غير مستوعب وغير مقتنع بحقيقة اختفاء آلاف الوظائف، وإمكانيات إحلال الآلات مكان البشر، لتعمل بشكل أدق وأفضل وأسرع!.
قد لا نلومهم في ذلك، لأن حجم التغيير والتطور الذي ستشهده البشرية، خلال الثلاثين سنة المقبلة، قد يتضاعف عن حجم التطور والمعرفة الذي شهدته البشرية طوال 3000 سنة، وما يتحدث عنه العلماء والمخترعون اليوم لا يصدقه عقل بشري، لكنه رغم الجميع، من صدَّق ومن لم يصدِّق، أمر واقع حتمي يشاهد العالم إرهاصاته بشكل شبه يومي.
التطور الهائل الذي تحقق في مجال صناعة الروبوتات جعل العديد من العلماء يطلقون العنان لخيالهم واخترعاتهم، بحيث لم يبق مجال الا وتم صناعة روبوت يعمل فيه حتى الاعمال التي كانت حكرا على البشر، إذ يوجد في العالم اليوم روبوتات تقوم بتربية الاطفال، الاعمال المنزلية، وإعداد الطعام وتقديمه، وإنجاز المشروعات الإنشائية، ونقل المرضى في المستشفيات، وإجراء عمليات جراحية معقدة، وما إلى ذلك من وظائف كانت بعيدة كل البعد عن متناول "بني روبوت" في السابق!.
وكانت دراسات وتقارير كثيرة سلطت الضوء على التأثيرات التي ستحدثها التطورات التكنولوجية اللافتة من حولنا على أسواق الوظائف والعمل، وخصوصا الخدمية منها، وتلك التي لا تتطلب مهارات إبداعية أو اجتماعية. وجاءت الدراسات والأبحاث بتنبوءات مثيرة للاهتمام، فقد حمل بعض من أكثر الأشخاص ثراء وذكاء ونفوذا رسالة هامة لباقي البشر لدى اجتماعهم هذا الأسبوع لمناقشة قضية عالمية ملحة مفادها.. أجهزة الروبوت قادمة، وخلال المؤتمر العالمي لمعهد ميلكن في بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا تناولت أربع جلسات سيطرة التكنولوجيا على الأسواق والتعدين وصولا إلى الوظائف.
ففي ظل التقدم اللافت الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي، يزداد القلق بشأن احتمالية أن تشكل الروبوتات تهديدا أو خطرا على الإنسان، أما التحدي الأكبر في مجال برمجة القيم والأخلاق فيتمثل في تحديدها والاتفاق عليها في المقام الأول، ومن ثم إنشاء مجموعة قواعد أخلاقية تستند إليها الروبوتات. ومن يدري.. ربما يساعدنا مثل هذا التحدي في الارتقاء بمستوى أخلاقنا وقيمنا الإنسانية نحن!.
وقال العالم الشهير ستيفن هوكينغ إن الروبوتات الذكية يمكن أن تتسبب في فناء البشرية يوما ما، حيث أكّد إن العقل الصناعي سيتفوق على عقل الإنسان خلال المئة عام المقبلة، وإن على البشرية قبل حلول ذلك الحين أن تعمل كل ما في وسعها لكي تتماشى أهداف عقل الماكينات مع أهداف البشر.
فلم يعد صنع إنسان آلي "روبوت" حلما، بل أصبح هذا الأمر واقعا في متناول الجميع، بعد أن تمكن عالمان بولنديان من ابتكار نظام عصبي مركزي للروبوت، يوفر للمستهلكين كل ما يحتاجونه من قطع وبرامج إلكترونية، لتركيب أي شكل تقريبا من الروبوتات التي يتخيلونها، فيما أحدث الاخبار والتقارير رصدتها شبكة النبأ حول عالم روبوت وتطوره المذهل.
جيوش الروبوت المقاتلة
قال رئيس قيادة جديدة لأمن الإنترنت في الجيش الألماني إن الجيش ليس لديه نية لامتلاك أسلحة آلية وصفها البعض بأنها ”أجهزة روبوت قاتلة“، جاء هذا على لسان اللفتنانت جنرال لودفج لاينهوس قائد وحدة أمن الإنترنت التي تأسست في أبريل نيسان عام 2017، وذلك في أثناء نقاش بشأن الذكاء الصناعي على هامش مؤتمر ميونيخ السنوي للأمن.
وقال لاينفوس ”موقفنا واضح تماما. ليس لدينا نية لجلب... نظم ذاتية“، وأضاف أن الجيش الألماني ينبغي أن يتأهب للتصدي لمثل هذه الأسلحة إذا استخدمتها دول أخرى، وقال إن هناك حاجة لنقاش سياسي وقانوني أوسع نطاقا بشأن هذا الموضوع الذي أصبح محل اهتمام في ظل التطورات التكنولوجية السريعة التي قد تسمح باستخدام المزيد من الأسلحة التي تعمل بذاتها مثل الطائرات بدون طيار وغيرها، وخلال المؤتمر قالت ماري فاريهام منسقة حملة (أوقفوا الروبوتات القاتلة) إن 22 دولة وافقت بالفعل على دعم حظر الأسلحة التي تعمل ذاتيا وإن مجموعتها تحاول زيادة الوعي بشأن هذا الأمر، وأضافت أن من المهم الحرص على استمرار ”التحكم البشري“ في نظم الأسلحة وأن الأمر يتطلب إبرام اتفاقات في ظل التطور التكنولوجي السريع، وقالت ”إنها تكنولوجيا تغير قواعد اللعبة“، وقال أندرس فو راسموسن الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي خلال المؤتمر إنه يؤمن بشدة بأهمية منع إنتاج واستخدام مثل هذه الأسلحة التي يرى أنها ستشيع مزيدا من عدم الاستقرار.
هل يهدد الروبوت مستقبل الصحافيين؟
هل تستطيع التفرقة بين قصة صحافية كُتبت بواسطة الروبوت وأخرى كتبها صحافي؟ هذا ما يُعد تحديا جديدا أمام عالم الصحافة، وهو ما يُعرف باسم «صحافة الروبو»، فقد أعلنت جمعية الصحافة في لندن أن فريقا صغيرا من الصحافيين ومهندسي البرمجيات يعملون على نظام للحاسب لمجموعة من «الروبوتات»، يمكنه التقاط الأخبار المحلية، أو حتى انتقاء الإحصاءات المهمة في عالم الجريمة، وهذا الروبوت لا يحتاج إلى تدخل بشري.
وعلى سبيل التجربة، بدأت جمعية الصحافة في إرسال رسائل بريد إلكتروني إلى تلك الروبوتات، ليس أكثر من مجموعة صغيرة من الفقرات، وتم إرسالها لاحقا إلى مجموعة من الصحف المحلية، وفقا لـ«بي بي سي».
ويقول رئيس تحرير معهد الصحافة بيتر كليفتون «لقد أرسلنا لهم - في إشارة إلى الروبوتات - مجموعة من القصص التي تم إنتاجها، وقد تم استخدام عدد معقول من تلك الأخبار»، مضيفا أن العنصر البشري في الصحافة سيكون معنيا بإعادة الكتابة أو إضافة نسخة أفضل إلى الخوارزميات.
ويشير كليفتون إلى أن هناك عددا من القصص يتم نشرها تلقائيا من «صحافة الروبو»، ووجدت طريقها مباشرة من «الإنترنت إلى الطباعة»، وأصبحت «صحافة الروبو» تحظى بشعبية متزايدة في غرف الأخبار العالمية، حيث يساعد الروبوت على التعامل مع أي تناقضات أو تكرار في المادة الصحافية، وكذلك يساعد على التحول إلى الإعلان عبر الإنترنت، ويأمل رئيس معهد الصحافة أن يساعد الروبوت على توزيع قرابة 30 ألف قصة بنهاية أبريل (نيسان) القادم، من خلال مشروع يُسمى «رادار»، والذي يتم بالتعاون مع شركة «أوروبس» للإعلام، بتمويل من «غوغل» تصل تكلفته إلى 620 ألف إسترليني (ما يعادل 808 آلاف دولار)، وتطرح هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقريرها أن العمل الصحافي يٌمكن أن يتم بشكل آلي، وهذا من شأنه أن يطرح التساؤل حول مخاطر بقاء وظائف الصحافة.
ويشير كليفتون إلى أن نظام الروبوت حاليا يساعد في زيادة إنتاج العمل الصحافي البشري، ويقوم الصحافيون بتطوير مخرجات الروبوت، بدلا من أن يأخذ البشر وقتا أطول في إعداد البيانات، ورغم الاستعانة بالعنصر البشري، فإن القصص التي تُنتج بواسطة «الآلات» أصبحت أكثر شيوعا، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية.
روبوتات تنافس الحشرات
لطالما اجتهد الخبراء من أجل تطوير مبيدات حشرية قوية للقضاء على الصراصير، التي تعيش في أماكن قد يصعب الوصول إليها، لكن علماء اعتمدوا على كيفية تسلق هذه الحشرات من أجل تطوير تقنية جديدة. فما هي هذة التقنية؟ وكيف تعمل؟
توصل فريق من الباحثين من جامعات كاليفورنيا، وهارفارد وبنسلفانيا في الولايات المتحدة إلى تقنية جديدة، لتعليم الروبوتات كيفية تسلق الجدران على غرار "الصراصير". ومن المعروف أن حركة الروبوتات في العالم الحقيقي، تعتمد على الكثير من البرمجيات والشفرات والأوامر الحوسبية المعقدة، ولكن الباحثين توصلوا إلى فكرة الاعتماد على تقنية أخرى، أكثر بساطة مستوحاة من طريقة حركة الصراصير، وهي أن الصرصار يبادر تلقائيا إلى تسلق الجدار الذي يقابله، بمجرد أن يصطدم به برأسه، حيث تقوم الأذرع برفع رأس وجسم الحشرة إلى أعلى مع استمرار الأرجل في الدفع للأمام، مع العلم أن هذه الخطوة لا تستغرق أكثر من 75 مللي ثانية، وأفاد الموقع الإلكتروني "فيز دوت أورغ" المتخصص في الأبحاث العلمية، أنه عند التفكير المبدئي في صناعة روبوت قادر على تسلق الجدران، كان بعض الباحثين يرون ضرورة وضع مجموعة من الشفرات المعقدة، والتجهيزات الميكانيكية لإتمام هذه الخطوة. ولكن فريق البحث في الولايات المتحدة كان يبحث مدى إمكانية تصميم روبوت، على شكل صرصار يمكنه أن يبدأ التسلق بمجرد أن ترتطم رأسه بالجدار.
وقام فريق البحث بتصوير الصراصير في المختبر وهي تتسلق الجدران، ثم عكف على ابتكار روبوت على نفس النهج على شكل علبة بسيطة صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، يمكن وضعها في كف اليد. وتم تجهيز هذه العلبة بخطم مخروطي وستة أرجل، يمكنها أن تستمر في الدفع للأمام بصرف النظر عن العقبة التي تعترض الروبوت. وتبين من خلال التجربة أن الروبوت الجديد، يمكنه الانتقال من الحركة على السطح الأفقي إلى السطح الرأسي، بزاوية تسعين درجة بدون أي تعديلات برمجية بمجرد أن يصطدم بالجدار أمامه.
روبوتات صغيرة تقضي على السرطان!
يبدو أن بعض توقعات أفلام الخيال العلمي قد تصبح حقيقة قي المستقبل القريب. علماء يطورون روبوتات صغيرة يمكن حقنها في مرضى السرطان لمكافحة خلايا هذا المرض. فيما يتوقع أن يحدث هذا الاختراع "ثورة" في المجال الطبي.
ذكر موقع "هايل براكسيس" الألماني أن علماء من الصين وبريطانيا ابتكروا جيلا جديدا من روبوتات النانو الصغيرة جدا، والتي يمكن التحكم بها عن بعد، ما قد يمكن الأطباء في يوم ما من استخدامها لمكافحة الخلايا السرطانية.
ويأمل الخبراء عما قريب استعمال هذه التقنية الجديدة، التي تعمل عبر حقن المرضى لنقل مواد فعالة ضد خلايا السرطان المتكاثرة والقضاء عليها، وأشار الخبراء أن الروبوتات الجديدة هي عبارة عن خلايا هجينة صغيرة جدا و مصنوعة من الطحالب، التي تستعمل غالبا في المكملات الغذائية، مؤكدين أن الطحالب كانت تستعمل في عهد الازتيك (حضارة كانت متواجدة فيما يطلق عليه اليوم بالمكسيك)، كمصدر للغذاء، وتتحلل بيولوجيا فيما بعد وهو ما يعد، بحسب الخبراء، مفهوما جديدا في المجال الطبي، ولحظة فاصلة في مواجهة هذا المرض المزمن، وأوضح الخبراء من جامعتي "هونغ مونغ" و "مانشستر" أن روبوتات النانو تعمل بمساعدة مجالات مغناطيسية، حيث يتم التحكم بها عن بعد، وتمر بدقة عالية عبر السوائل البيولوجية المعقدة، لتهاجم الخلايا السرطانية.
وأكد موقع جريدة "دا الصن" البريطانية أن هذه الروبوتات الهجينية، قادرة على الشعور بالتغييرات، التي تطال الجسد وتساعد في تشخيص المرض بمجرد ضهور عوارضه، وقال المشرف على الدراسة، البروفسور لي تشانغ "بدلا من إنتاج روبوتات صغيرة تعمل بكل طاقة مع تقنيات مخبرية معقدة، وضعنا لأنفسنا هدفا يتمثل في تطوير مواد ذكية بالاعتماد على الطبيعة". وأضاف: "ونظرا لتركيبتها الكيميائية الجوهرية يمكن استعمالها في المجال الطبي"، يشار إلى أن الخبراء يعملون الآن على إيجاد طريقة لضمان تحلل الروبوتات، بشكل طبيعي بعد قيامها بوظيفتها.
ويعتبر السرطان من بين أكثر الأمراض المسببة للوفيات في العالم، وبحسب إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية، من المتوقع أن يزيد عدد الحالات الجديدة للإصابة بالسرطان بنسبة تقارب 70 في المائة خلال العقدين القادمين.
وتشير منظمة الصحة العالمية أن "السرطان ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم وقد حصد في عام 2015 أرواح 8.8 مليون شخص، وتعزي إليه وفاة واحدة تقريبا من أصل 6 وفيات على صعيد العالم"، يشار إلى أن الخبراء يعملون الآن على إيجاد طريقة لضمان تحلل الروبوتات، بشكل طبيعي بعد قيامها بوظيفتها.
روبوتات فيسبوك تفهم بعضها لكنها تتحدث بلغة لا يفهمها البشر
الاستفادة من التكنولوجيا وتسهيل حياة البشرعبرإيجاد طرق فعالة وحديثة من الاهتمامات المتواصلة للباحثين في هذا المجال، إلا أن طريق الاختراعات ليس دائما مثمراُ وقد يحمل نتائج عكسية كما هو حال الروبوتات " بوب" و" أليس ".
ذكر موقع جريدة " تلغراف " البريطانية أن فيسبوك أغلق روبوتات الدردشة التفاعلية ذات الذكاء الاصطناعي" بوب " و " أليس " بسبب تواصلهما بلغة لا يفهما البشر، وأشار الموقع أن علماء أبحاث الذكاء الاصطناعي بشركة فيسبوك( Fair) اكتشفوا أن بوب وأليس تحدثا أثناء التفاوض فيما بينهما بهدف محاولة لتبادل القبعات والكرات والكتب بلغة غير مفهومة، والتي جاءت كالتالي، وذكر الباحثون أن روبوتات الدردشة التفاعلية كانت مبرمجة على استعمال اللغة الإنجليزية أثناء المحادثة، بيد أنها استخدمت كلمات غير مفهومة بالنسبة للبشر، إلا أنها كانت واضحة لدى الروبوتات، التي أدت المطلوب منها بنجاح، يُشار إلى أن برنامج الباحثين كان يهدف إلى تطوير عمل الروبوتات حتى تستطيع محاكاة البشر والتداول التجاري والمقايضة بينها.
وفي سياق ذي صلة، شدد الباحثون على أن تحدث الروبوتات بلغة غير مفهومة وفيها حشو كلامي جاء نتيجة خطأ من المبرمجين، الذين لم يُبرمجوا الروبوتات على الحديث باللغة الإنجليزية فقط. بالإضافة، إلى عدم وضع حدود لإمكانيات الروبوت في التعلم بهدف التحكم فيه، وهو ما دفع الروبوتات إلى إنشاء لغة خاصة بهم.
إلى ذلك، أوضح الباحث بشركة فيسبوك دروف باترا أن الروبوتات تحدثت بلغة غير مفهومة وابتكرت" كلمات مشفرة للحديث " وأضاف" كما لوكنت أقول خمس مرات، فإنك ستفسر ذلك بأنني أعني خمس نسخ من هذا الشيء. وهذا ليس مختلفا عن الطريقة التي تختزل بها المجتمعات البشرية ".