وحدة الأعداء وفرقتنا
المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي
2024-10-27 04:38
لا شك أن الوحدة أساس القوة والتقدم والتعاون والعمل، كما أن الفرقة تشكل العامل الأكبر للنكبات والهزائم التي تصيب الأمة، وليس على المسلمين إلّا أن يتحدوا لصد الهجمة الاستعمارية الواسعة التي تشن من مختلف الأطراف وبمختلف الأشكال، لإبادة الروح الإسلامية والقضاء على مبادئ الإسلام، وتعزيز السيطرة الاستعمارية، وفرض الوصاية وتمزيق الأمة الإسلامية.
فالوحدة تمثل حشداً للطاقات وتوجيهها باتجاه واحد يمنح الأمة قوتها الحقيقية.
والذي حصل للمسلمين أن أعداءهم وحّدوا جهودهم ضدهم، لأنهم أدركوا أن وحدتهم وحشد طاقاتهم تمكّنهم من السيطرة على المسلمين، وتمثل تمركزاً لقوتهم باتجاه القضاء على حركة الأمة الإسلامية ومقدّراتها.
فكانت الوحدة شعاراً عملياً لأعدائنا على اختلاف اتجاهاتهم ونواياهم ليتمكنوا من مواجهتنا وتفتيت مجتمعنا، والقضاء على روابطنا الدينية والاجتماعية، وحتى الأسرية، على عكسنا نحن المسلمين إذ ازددنا فرقةً وتناحراً في الوقت الذي اتحدّ فيه أعداؤنا من الكفار والمشركين أو أعداؤنا من الداخل، كبعض حكام بلادنا المستبدين الذين لا همّ لهم سوى البقاء على سدة الحكم تحت مختلف الواجهات.
فأحدهم يدعي أنه: (منقذ الأمة العربية وأملها)!!
والآخر: (منقذ الدين الإسلامي والمسلمين)!!
وقد يجعلون لأنفسهم واجهات من الشعارات الديمقراطية أو الاشتراكية أو الرأسمالية أو الإسلامية أو غيرها.
ومن حكام الدول العربية اليوم من يدّعي أنه يمثل: (قيادة القومية العربية)(1)، وفي الوقت نفسه نجده أشد خطراً وفتكاً على العرب من أعدائهم الآخرين.
والبعض الآخر من الحكام يدعي أنه: (حامي حمى الإسلام) في حين نجده يعتنق مذهباً من أشد المذاهب تعصباً وإثارة للتفرقة وطمس مبادئ الإسلام(2).
وكل هؤلاء الأعداء نجدهم يجلسون مع بعضهم البعض ويتحدثون وكأنهم أصدقاء على اختلاف اتجاهاتهم وأنظمتهم، لأن مصالحهم واحدة وهي القضاء على قوة الإسلام والمسلمين.
لذلك يلزم علينا أن ندرك الخطر الذي يأتينا من كل صوب ومكان، وعلينا أن نعلم كيف أن الرأسمالية التي تعتقد بأن المال هو أساس الحياة، أصبحت تتحد مع الشيوعية التي تناقضها وتعتقد خلاف ما تعتقده الرأسمالية، أصبح كل منهما حليفاً متعاوناً مع الآخر لضرب الإسلام والمسلمين. ذلك لأنهم تيقنوا بأن مصالحهم واحدة تكمن في استغلالنا ومحاربة تطورنا واستقلالنا؟
نقل عن بعض الذين يعملون في قطاع الثقافة الوطنية: أن هناك سبعين محطة راديو غربية وشرقية، عملها فقط النيل من الدول الإسلامية ومبادئ الإسلام!!
لذا لابد لنا أن نبذل ما بوسعنا وبكل ما استطعنا أن ننسجم ونتوحد لأن عدونا يستهدفنا جميعاً بلا تمييز، ولا يمكننا مواجهته بدون الوحدة والتعاون، وعلينا أن ننبذ الصراعات والخلافات الجانبية امتثالاً لقوله تعالى: (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ)(3)، أي: تتبدّد صولتكم وقوتكم نتيجة فرقتكم ونزاعكم.
اليهود في بغداد
هناك قصة عن يهود العراق، وهي وإن كانت قصيرة إلّا أنها ذات دلالة كبيرة تدل على مدى تعاونهم فيما بينهم وعملهم الدؤوب، فقد كان اليهود في بغداد من التجار الكبار، وكانوا من الطبقة الراقية المترفة، بحيث لا يوجد بينهم فقير واحد آنذاك. وإذا أصاب الإفلاس أحدهم لم يكونوا يدعون أحداً يعرف بذلك ويسارعون للاجتماع حوله وينجونه من ورطته.
وفي أحد أهم الأسواق التجارية الكبرى في العراق وهو سوق (الشورجة) أعلن أحد التجار اليهود إفلاسه، فما كان من التجار اليهود إلّا أن اجتمعوا وقرروا إعطاءه سلعة من السلع وجعلوه ينفرد ببيعها واستيرادها ولمدة ستة أشهر، على أن لا يحق لأي تاجر آخر أن يتعامل بها لا استيراداً ولا بيعاً. وبالفعل فقد تم له ذلك، فعادت أموال هذا التاجر كما كانت، وعاد له نشاطه التجاري ومكانته المالية في السوق، وفي النهاية أنقذوا ذلك التاجر اليهودي من إفلاسه.
وفي طهران
وهناك قصة أخرى مشابهة حدثت في طهران، حيث إن أحد اليهود التجار في طهران انتشر خبر إفلاسه، فسارع الدائنون بتقديم الشكاوى ضده إلى المحكمة، وقرّرت المحكمة أن ترسل لجنة لحجر أمواله كالدكان والبيت والبستان، ولتبيعها وتعطي الدائنين حقهم.
وفي ليل ذلك اليوم اجتمع عشرة من كبار التجار اليهود وجاؤوا إلى دار ذلك اليهودي سائلين منه بأنه كيف أفلس وخسر أمواله؟ وبعد أن بين لهم ذلك، قالوا له: وكم أنت مدين للآخرين؟ قال: (ستة ملايين تومان) فقام التجار بكتابة شيكٍ بستة ملايين تومان، وقالوا له: تذهب غداً في الصباح الباكر إلى المصرف، وتستلم هذا المبلغ على أن تحوله إلى حسابك الخاص، ثم عد واجلس في دكانك وكل ما أتى دائن اكتب له شيكاً بالمبلغ الذي أنت مدين له به وسدّد دينك كله هكذا، وسنزورك في مساء يوم غد ونرى ماذا فعلت؟
وبالفعل قام اليهودي بما طلبوا منه، فوضع ذلك المبلغ في حسابه الخاص، ثم عاد وجلس في دكانه، ولما جاءه الدائنون يطالبون بأموالهم بالصياح والزعيق والمشاجرة، قال لهم بهدوء: ما الخبر؟
قالوا: عرفنا أنك أعلنت إفلاسك، ونحن نريد أموالنا.
فسأل أحدهم: كم تطلب يا هذا؟
قال له: أطلب مائة ألف تومان، فأخرج اليهودي الصك على الفور، وكتب له بمائة ألف تومان.
وهنا سخر الدائنون جميعاً وكانوا يقولون: هذا التاجر وبعد أن أعلن إفلاسه أخذ يكتب صكوكاً بلا رصيد؟ إلّا أن اليهودي قال لهم وبكل ثقة: اذهبوا إلى المصرف فإن لم يكن في حسابي أموال، ارجعوا حينذاك وتكلموا ما شئتم.
فراح الدائن الأول إلى المصرف وسلّم الصك واستلم مبلغه وعاد، ثم ذهب الثاني، وهكذا الثالث، وكثير منهم!
هنا توقف الدائنون مذهولين قائلين: اذاً خبر الإفلاس لهذا التاجر لا صحة له، وهو لم يخسر أمواله. فرجع أكثرهم إليه وأعادوا ما أخذوه من مال، كما أن بقية الدائنين والذين كان من المتوقع أن يأتوا ويطالبوا بأموالهم، اقتنعوا بأقوال الدائنين الأوائل ولم يأت منهم أحد! وبعد كل هذا فإن التاجر المفلس لم ينقص من مبلغ ستة ملايين تومان الذي أودع عنده إلّا نصف مليون واحتفظ بالباقي كله.
وفي المساء جاءه أصدقاؤه من التجار اليهود إلى داره، فقام بدوره وسلّمهم ما تبقى من المبلغ (أي: خمسة ملايين تومان ونصف المليون)، حينذاك قالوا له: إنك تستطيع أن ترجع لنا ما بذمتك متى ما شئت.
والنتيجة: إن هذا اليهودي الذي أعلن إفلاسه قد خرج من محنته دون أن يعلم الآخرون بها، بسبب التعاون وجمع الكلمة والعمل الدؤوب.
وعلى ضوء هذا، نحن المسلمين بحاجة ماسة إلى مثل هذه المواقف من التكاتف والتلاحم والتعاون والعمل، فإن اليهود بالرغم من انحرافهم، وابتعادهم عن الحق، ومعاداتهم للإسلام والمسلمين ـ قديماً وحديثاً ـ كيف يتعاملون مع بعضهم ويقف أحدهم في مساندة الآخر؟ ولكن بعضنا كيف يتعامل مع أخوته المسلمين الآخرين؟
الحال المعكوس
إن حال كثير من المسلمين على العكس تماماً، أذكر لكم قصةً معاكسةً لهاتين القصّتين، والتي اطلعت عليها بنفسي، فإنها مع كونها قصة قصيرة إلّا أنها تستحق التوقف عندها، ودراسة أسبابها وسبل معالجتها.
حينما كنا في كربلاء المقدسة، وفي أحد الأيام كنت راجعاً من الصلاة قاصداً المنزل، رأيتُ امرأة واقفة على باب دارنا، وحينما رأتني تقدمت وناولتني رسالة، وعندما قرأت تلك الرسالة وجدت أن بعضاً من علماء بغداد قد كتبوا أن هذه المرأة وزوجها وفقوا لنيل شرف الإسلام بعد أن كانوا على دين المسيحية.
فسألتها: ماذا تريدين؟
قالت: منذ سنة اعتنقت الإسلام أنا وزوجي ولنا خمسة أطفال، وبعد ستة أشهر من اعتناقنا الإسلام مرض زوجي وفارق الحياة، فاضطررت لبيع كل ما كان عندي من الحلي الذهبية، وأنفقتها على أولادي؛ لأنهم صغار ولا أحد يقدر على كفالتهم، وبعد مدة نفذ ما كان عندي من مال ومدخرات ولم يبق منها شيء، فاضطررت على الذهاب إلى الكنيسة، حيث كان فيها صندوق خيري (وكان المتعارف عندهم إذا أتاهم نصراني مريض أو فقير وثبت ذلك لهم بشواهد بسيطة فإنهم يقدمون له مساعدة مالية جيدة)، وعندما ذهبت إلى الكنيسة قالوا لي: إنك لا تستحقين مساعدة من قبلنا بعد إسلامك؛ لأنك أصبحت مسلمة، فاذهبي للمسلمين لكي يعطوك! إلى أن قالت: عدت ولم تسمح لي نفسي أن أذهب لأحد وأقول له ذلك، فقررت بيع ما كل ما أملك من أثاث البيت لأنفقها على أطفالي، وأنا الآن أواجه مشكلة أكبر من هذا كله، وهي إني لم أكن أقدر على تسديد ما بذمتي من إيجار الدار ولمدة ستة أشهر حتى تراكم المبلغ وصار (90) ديناراً، والآن جاء صاحب الدار وأبلغني منذراً: إذا لم تدفعي الإيجار فإني سأقوم ببيع ما تبقى من أثاث بيتك واستوفي المبلغ، وأطردك خارج الدار، فلا أدري ماذا أفعل، وأنا أعيل هؤلاء الأطفال؟!
وكانت تقول هذا وهي تبكي بحرقة.
فتأثرت كثيراً لها وسألتها: ألم تذهبي ـ في بغداد ـ إلى من يعينك؟
قالت: نعم، ذهبت لبعض الناس وكان مجموع ما أعطوني هو خمسة دنانير، وقد طردني بعضهم وأهانني، وقال لي البعض الآخر: أنت تعتنقين الإسلام كذباً!، وأخيراً أشار عليّ أحد الناس: أن أعرض حاجتي عليكم لكي تجدوا لي حلاً. فأعطيتها مقداراً من المال وذهبت.
ولكن هذا الموقف بقي في بالي حتى الآن، فلماذا نحن هكذا؟!
عندما يأتي مسيحي ويختار دين الإسلام، بدلاً من أن نريه خير الإسلام ورحمته وعطفه ومحبته، نتركه بوضع كهذا؟ فهل سيرغب مسيحي آخر ـ لو تصرفنا بمثل هذه المعاملة التي لاقتها هذه المرأة ـ ليعتنق الإسلام؟
وهل هذا الموقف منا ينسجم مع موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكوفة، حيث روي أنه: مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما هذا؟!». فقالوا: يا أمير المؤمنين، نصراني.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه؟! أنفقوا عليه من بيت المال»(4).
نعم، هكذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) وهكذا أمر شيعته ومواليه!
وللأسف إننا تركنا ما أمرنا به الإسلام من التعاون والعمل، لكن اليهود مع قلتهم متكاتفون متحدون، ونحن مع كثرتنا مختلفون ومتشتتون، وكل الذي بيننا هو التناحر والصدامات، وقد أوصى أئمتنا (عليهم السلام) بإرضاء السائل ولو بالكلمة الطيبة.
ولو كنّا متفاهمين ومتحدين ويتفقد بعضنا الآخر، وكانت لدينا مؤسسات خدمية وصناديق خيرية وقروض شرعية ومعونات إنسانية لمساعدة المحتاجين، وكنّا نعمل بإخلاص لحل مشاكلنا وخلافاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، لما بقيت لنا مشاكل، ولتقدمنا وتطورنا، فإن الإسلام دين التقدم والتطور.
إن علينا نحن المسلمين أن نعمل من أجل رفاه الناس، ولا يمكن ذلك إلّا عن طريق توحيد الصفوف والحث على التعاون والعمل والتنسيق.
غاندي والعمل والتعاون
أخذ غاندي رجل الهند الشهير بأسس التقدم، من التعاون والعمل الدؤوب، حيث قام بمقاطعة البضائع الأجنبية، وتحريم استخدام وارتداء الملابس غير الوطنية، وكان تعداد سكان الهند آنذاك حوالي (450) مليون نسمة(5) (مع أن الهند لم تكن تملك سلاحاً متطوراً بل كانت تحت حظر التسليح) وكانت تواجه أكبر إمبراطورية في العالم أي بريطانيا المجهزة بالأسلحة المتطورة، وكانت بريطانيا في ذلك اليوم امبراطورية لا تغيب عنها الشمس كما يقولون، فأمر غاندي شعبه بأن لا يلبسوا الملابس الأجنبية أبداً، وشجع عوضاً عن ذلك بحياكة ونسج الملابس يدوياً.
فنلاحظ أن دولة كان تعداد سكانها (450) مليون نسمة، وهم بحاجة إلى الملابس الصيفية والشتوية، كم يستلزم من الوقت لكي يزرعوا وينتجوا محاصيل القطن، ثم يصنعوها ثم يرتدوها.
ولكن هذا الشعب ـ وبعدما أصدر غاندي قراره وأخذ مغزلاً بيده وهيأ لباسه لوحده ـ امتثل لهذا الأمر، ومنذ ذلك اليوم الذي أعلن فيه تحريم الملابس الأجنبية أصبح الشعب الهندي لا يرتدي تلك الملابس أبداً، وذلك لمجرد أن زعيمهم حرّمها، على الرغم من أن بريطانيا وضعت الهند تحت مختلف الضغوط إلّا أن الشعب الهندي لم يرضخ لها أبداً، وكان هذا الإجراء قد أثر على اقتصاد بريطانيا تأثيراً بالغاً حتى أعجزهم. وكانت النساء الهنديات يقضين الليل بغزل ألياف القطن والكتان، وكان المغزل يلاحظ في أغلب صور الزعيم الهندي حينذاك.
وبهذا الأسلوب وغيره، وعبر التعاون والعمل، استطاع غاندي أن يحرر الهند من الاستعمار الإنجليزي؛ لأنه دخل ميدان العمل الفعلي ـ وليس الشعارات فقط ـ بكل قواه والتف حوله الشعب بكل أصنافه ودياناته وعقائده، وآزره وتلاحم معه، وهذا التجمع والوحدة والتعاون والعمل الذي سعى إليه غاندي كان هو السر في تحرير الهند آنذاك؛ لأن التعاون والروح الجماعية والألفة قوة معنوية، والقوة المعنوية تفوق القوى المادية.
أما الإنسان الذي لا يعمل ولا يتعاون لا يستطيع أن يتقدم؛ لأن النتائج الإيجابية دائماً مرتبطة بالعمل وليست بالتقاعس أو الأماني، فإن: «الأماني شيمة الحمقى»(6) كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام).
وقال (عليه السلام): «الأمل سلطان الشياطين على قلوب الغافلين»(7).
وفي القرآن الحكيم: (وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجۡزَىٰهُ ٱلۡجَزَآءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ)(8).
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «العمل رفيق الموقن»(9).
وقال (عليه السلام):
«لو كان هذا العلم يحصل بالمنُى --- ما كان يبقى في البرية جاهل
اجهد ولا تكسل ولا تك غافلاً --- فندامة العقبى لمن يتكاسل»(10)
فلابد من العمل والتعاون لا العمل الفردي، فإن العمل الجماعي أبلغ لوصول الغايات والأهداف، قال (عليه السلام): «يد اللّه مع الجماعة»(11).
وقفة أُخرى مع غاندي
عندما سافر غاندي إلى لندن بدعوة من بريطانيا ذهب ومعه عنزته، لأنه حين مرضه كان يتغذى على حليبها، وقد ذهب بهذه الهيئة وجلس مع اللوردات(12) وهم الذين يخططون ويتصدون لسياسة الإمبراطورية البريطانية، وكل ما أرادوا أن يقنعوا غاندي على التراجع عن قراره بمقاطعة البضائع الإنجليزية لم يتمكنوا، فقد أصرّ على قوله: يجب أن لاتتدخل بريطانيا في بلدي، بل رفض هناك أن يأكل الطعام الإنجليزي، فقد كان يتناول وجباته من لبن معزته، وذلك لكي يبين لهم إصراره وثباته على هذا الموقف.
وأراد اللوردات أن يدخلوا إليه من باب العاطفة فقالوا له: إن أهالي مانشستر، وجهوا لك دعوة لزيارة مدينتهم، فقال غاندي: لا مانع من ذلك، وعندما وصل إلى مدخل المدينة، وجد أن هناك جمعاً غفيراً من الناس قد اصطفوا على جانبي الطريق لرؤيته، وفي نهاية الطريق كانت هناك ساحة عامة، وبمجرد وصوله حضر ذلك الجمع من الناس حوله، ثم تحدث أحدهم باسم الجميع مخاطباً غاندي: أترى هذا الجمع الكثير من الناس؟
قال غاندي: نعم؟
فقال: أتعرف عددهم؟
قال غاندي: لا.
فقال الإنجليزي: إن عددهم 250 ألف شخص، أتعلم أنك قطعت الخبز عن هؤلاء؛ لأنهم جميعاً من عمال معامل الغزل والنسيج الذي كان يصدر إلى الهند، وهم الآن عاطلون عن العمل، فهل ترضى بذلك؟
فأجابه غاندي قائلاً: كم عددهم؟
قال: 250 ألف شخص.
فسأله غاندي أيضاً: هل هؤلاء العمال ينامون جياعاً طوال الليل منذ أن حرمت الهند من استيراد الأقمشة من المعامل التي يديرها هؤلاء العمال؟
فقال الإنجليزي: لا، لأن أصحاب المعامل ملزمون بإعطاء العامل نصف راتبه في حالة توقف المعمل عن الإنتاج.
فسأله غاندي: هل هؤلاء العمال لا يملكون من الملابس ما يقيهم البرد القارص؟
قال: لا.
فقال غاندي: هل ينامون في الأزقة والشوارع؟
قال: لا، بل ينامون في معاملهم، أو بيوتهم.
قال له غاندي: إذاً ما الذي حصل لهم؟
فقال له الإنجليزي: خسارتان: خسارة أصحاب المعامل، والضائقة المادية التي يعاني منها هؤلاء العمال.
فقال غاندي: ليأتي هؤلاء العمال الـ250 ألف شخص وليشاهدوا الهند، فإن هناك عشرات الملايين من الناس يقضون الليل جياعاً، وإن الملايين منهم يفترشون الأرض وينامون في الأزقة والشوارع بدون سكن يأويهم، والآن أنتم تريدون أن تؤثروا على مشاعري فأساوي عمالكم هؤلاء بأولئك الملايين الذين ينامون جياعاً في الشوارع، في حين أن عمالكم ـ إن كانوا قد تضرّروا حقاً ـ فهم تضرّروا بضياع نصف رواتبهم فقط، وبسبب السياسات التجارية الجائرة مع الشعوب الفقيرة، فهل أنتم أنفسكم ترضون بهذا الأمر؟ أنا أريد أن أحقق لبلدي استقلالاً اقتصادياً لكي لا نحتاج إلى ملابسكم، فنضطر لإخراج الأموال الطائلة من بلادنا، نحن نريد أن نصنع ملابسنا بأيدينا، نحن نريد أن نزرع، نريد أن تكون لنا ثروة حيوانية مستقلة، كما إننا نريد الحصول على حقوقنا المشروعة ولم نأت إليكم لنعتدي عليكم، بل أنتم الذين جئتم للتسلط على بلادنا وشعبنا وإخضاعنا ونهب ثرواتنا.
دَور الأمّة
وهنا لا بدّ أن نعرف من الذي وقف إلى جانب غاندي: الجواب: إن الذين وقفوا إلى جنبه ونصروه هم شعب الهند بكامله، فهم الذين قضوا الليالي الطوال حتى الصباح في الغزل وحياكة الملابس، ولو أن غاندي ألزمهم بتحريم الملابس الأجنبية ولم ينصاعوا له، فهل كانوا يحصلون على الاستقلال؟
ومن هنا يتبين أن روح المبادرة والتعاون يلزم أن تبادر لها الأمة وتصبح ظاهرة عامة؛ إذ لا يمكن للزعماء مهما أوتوا من قوة ونبوغ تحقيق أهداف الأمة بمعزل عنها. فلا بد أن تأخذ الأمة دورها في العمل وتسجل حضوراً دائماً في كافة الميادين، لتحقق النصر والتقدم، أما الأمة التي لا تعمل فهي في طريقها للسقوط والانهيار.
ولا يخفى أن الأمة بما هي أمة ليست مصدر القوة، بل الأمة وهي متحدة ومتعاونة ومتلاحمة وعاملة ونشطة، أساس القوة والقدرة.
العلاج من داخل الأمة
العلاج الرئيسي للمشاكل التي يعاني منها المجتمع الإسلامي هو بأيدينا نحن المسلمين، فلا يمكننا أن ننتظر أحداً غيرنا يأتي ليحل لنا مشاكلنا؛ فذلك خلاف العقل والمنطق؛ إذ حينما انتشر الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان المسلمون هم الذين يتحملون العبء الأكبر ويجدون الحل لمشكلاتهم بأنفسهم، وبالتالي هم الذين أخذوا على عاتقهم نشر الإسلام وازدهار الحضارة الإسلامية.
المعصومون (عليهم السلام) أسوة في التعامل والعمل
ولننظر إلى حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ونأخذ الدروس والعبر منها، فقد تزوّجت (عليها السلام) وهي في عمر يقارب عشر سنوات، وظلت تتعهد إدارة المنزل لمدة ثماني سنوات حتى استشهدت مظلومة شهيدة، وكانت (عليها السلام) في حياتها تغزل وتخيط وتطحن حتى تدمى يداها، وكانت (عليها السلام) تعجن وتخبز، وكذلك كانت تقوم بتربية أطفالها على أحسن وجه، وكانت تستخرج الماء من البئر بنفسها، وكل هذه الأعمال مع أنها أنجبت خمسة أطفال؛ لذلك هي (عليها السلام) أعظم أسوة لنا جميعاً، ولنسائنا خاصة، في التعاون والعمل وتحمل الصعاب والمشاكل في سبيل اللّه عزّ وجلّ.
روي عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبح علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم ساغباً(13)، فقال: «يا فاطمة، هل عندك شيء تطعميني؟».
قالت (عليها السلام): «لا، والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية، ما أصبح عندي شيء يطعمه بشر، وما كان من شيء أطعمك منذ يومين إلّا شيء كنت أُوثرك به على نفسي، وعلى الحسن والحسين».
قال (عليه السلام): «أعلى الصبيّين! ألا أعلمتني فآتيكم بشيء»؟
فقالت: «يا أبا الحسن: إني لأستحيي من إلهي أن أكلّفك ما لا تقدر»(14).
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «تقاضى علي وفاطمة إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) في الخدمة، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب، وقضى على علي ما خلفه، قال: فقالت فاطمة: فلا يعلم ما داخلني من السرور إلّا اللّه بإكفائي رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) تحمل رقاب الرجال»(15).
وعن سلمان (رضوان اللّه عليه) قال: كانت فاطمة (عليها السلام) جالسة قدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل، والحسين (عليه السلام) في ناحية الدار يبكي، فقلت: يا بنت رسول اللّه، دَبِرَت(16) كفاك وهذه فضة؟! فقالت (عليها السلام): «أوصاني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن تكون الخدمة لها يوماً ولي يوماً، فكان أمس يوم خدمتها».
قال سلمان: إني مولى عتاقة، إما أن أطحن الشعير، أو أسكت لك الحسين (عليه السلام)؟ فقالت: «أنا بتسكيته أرفق، وأنت تطحن الشعير»، فطحنت شيئاً من الشعير، فإذا أنا بالإقامة، فمضيت وصليت مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فلما فرغت، قلت لعلي (عليه السلام) ما رأيت، فبكى وخرج، ثم عاد يتبسم، فسأله عن ذلك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)؟ قال: «دخلت على فاطمة (عليها السلام) وهي مستلقية لقفاها والحسين (عليه السلام) نائم على صدرها وقدامها الرحى تدور من غير يد» فتبسم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وقال: «يا علي، أما علمت أن للّه ملائكة سيارة في الأرض يخدمون محمداً وآل محمد إلى أن تقوم الساعة»(17).
وروي أنه دخل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على علي فوجده هو وفاطمة (عليهما السلام) يطحنان في الجاروش، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «أيكما أعيا؟».
فقال علي (عليه السلام): «فاطمة، يا رسول اللّه».
فقال (صلى الله عليه وآله) لها: «قومي يا بنية»، فقامت وجلس النبي (صلى الله عليه وآله) موضعها مع علي (عليه السلام) فواساه في طحن الحب(18).
وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لرجل من بني سعد: «ألا أحدثك عني وعن فاطمةالزهراء (عليها السلام)؟ إنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضر شديد. فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل؟ فأتت النبي (صلى الله عليه وآله) فوجدت عنده حداثاً فاستحيت فانصرفت. فعلم (صلى الله عليه وآله) أنها قد جاءت لحاجة فغدا علينا... ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟... فقلت: أنا واللّه أخبرك يا رسول اللّه، إنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وجرَّت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت(19) البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت(20) ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل؟
قال (صلى الله عليه وآله): أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم، إذا أخذتما منامكما، فكبّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة، وسبّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، واحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة.
فقالت فاطمة (عليها السلام): رضيتُ عن اللّه وعن رسوله، رضيتُ عن اللّه وعن رسوله»(21).
وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن جابر الأنصاري: «أنه رأى النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وعليها كساء من أجلة الإبل، وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقالت: يا رسول اللّه، الحمد للّه على نعمائه والشكر للّه على آلائه، فأنزل اللّه: (وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ)(22)»(23).
وهكذا يلزم علينا جميعاً التعاون والعمل ومضاعفة الجهود من أجل توثيق روابط الأخوة والوحدة بين المسلمين لكي تتقدم الأمة نحو سعادة الدنيا والآخرة وذلك عن طريق العمل الصالح المثمر المستمر. ولتكن هذه الأهداف العليا فوق المصالح الضيقة والنظرات القاصرة، ولنقتد في عملنا بأهل البيت الأطهار (عليهم السلام).
«اللّهم إنا نرغب إليك في دولةٍ كريمةٍ تُعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة»(24).
من هدي القرآن الحكيم
واعتصموا بحبل اللّه
قال تعالى: (وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ)(25).
وقال عزّ وجلّ: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ)(26).
وقال سبحانه: (إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ)(27).
الوحدة شعار الأنبياء (عليهم السلام)
قال جلّ وعلا: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ * وَإِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ)(28).
وقال تعالى: (إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ)(29).
اليهود أعداء المؤمنين
قال سبحانه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ)(30).
وقال جلّ وعلا: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ)(31).
وقال عزّ وجلّ: (مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ)(32).
من هدي السنّة المطهّرة
تعاونوا على البر والتقوى
قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم اللّه عزّ وجلّ: (رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ)»(33)(34).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «وليعن بعضكم بعضاً فإن أبانا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) كان يقول: إن معاونة المسلم خير وأعظم أجراً من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام»(35).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «أربعة من أخلاق الأنبياء: البر والسخاء والصبر على النائبة والقيام بحق المؤمن»(36).
وعن أبي إسماعيل قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جُعلت فداك، إن الشيعة عندنا كثير، فقال: «فهل يعطف الغني على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسيء؟ ويتواسون؟» فقلت: لا، فقال (عليه السلام): «ليس هؤلاء شيعة؛ الشيعة من يفعل هذا»(37).
ذم الخصومة
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصّر فيها ظلم، ولا يستطيع أن يتقي اللّه من خاصم»(38).
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «لا يخاصم إلّا شاك في دينه أو من لا ورع له»(39). وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «إياك والخصومات، فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم الرجل بالشيء لايُغفر له»(40).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «إياكم والخصومة، فإنها تشغل القلب، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن»(41).
وحدة المجتمع الإسلامي
قال الإمام السجاد (عليه السلام) في رسالة الحقوق: «وأما حق أهل ملتك عامة فإضمار السلامة ونشر جناح الرحمة والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم»(42).
وقال (عليه السلام): «يا زهريُّ! أما عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم بمنزلة ولدك، وتجعل تِرْبَكَ(43) منهم بمنزلة أخيك. فأي هؤلاء تحب أن تظلم؟ وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه؟ وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره؟»(44).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «المؤمنون في تبارّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى تداعى له سائره بالسهر والحمى»(45).
ذم الخلاف والفرقة
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الأمور المنتظمة يفسدها الخلاف»(46).
وقال (عليه السلام): «إلزموا الجماعة واجتنبوا الفرقة»(47).
وقال (عليه السلام): «عرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة»(48).
وقال (عليه السلام): «من نكد الدنيا تنغيص الاجتماع بالفرقة، والسرور بالغصّة»(49). وقال (عليه السلام): «سبب الفرقة الاختلاف»(50).
وقال (عليه السلام): «الخلاف يهدم الآراء»(51).